دعا عدد من الأكادميين ورؤساء المقاولات والمؤسسات الخاصة الدول الإفريقية إلى الانخراط أكثر في التحول الرقمي الذي يشهده العالم حاليا، وذلك بهدف تضييق الهوة التكنتولوجية بينها وبين الدول المتقدمة، للسير قدما من أجل تحقيق التنمية المستدامة المنشودة. وأجمع المشاركون في ندوة حول موضوع "الوازع الإنساني في قلب التحول الرقمي"، والتي تندرج في إطار فعاليات المعرض الدولي للابتكار والتحول الرقمي، الذي افتتح أمس الأربعاء في الدارالبيضاء، و المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، على ضرورة أن تصبح الدول الإفريقية منتجة للتكنولوجيا الرقمية وأن لا تظل مستهلكة لها. وفي هذا السياق، أكد أحمد رحو، الرئيس المدير العام لمجموعة القرض العقاري والسياحي، أن تحقيق الدول الإفريقية لنسب مهمة في معدلات النمو رهين بمدى انخراط دول القارة في التحول الرقمي، على اعتبار أن التكنولوجيا الرقمية تساعد في الولوج إلى المعلومة وللخدمات عن بعد ويستفيد منها المواطن الذي يشكل حجر الزاوية في كل تنمية مستدامة. إلا أنه سجل، بالمقابل، أن التعاطي مع هذه التكنولوجيا يتعين أن يكون بحذر بالنظر للآثار السلبية التي يحبل بهذا التحول الرقمي، إذ من شأنه تقليص فرص الشغل وتهديد مستقبل مجموعات من الخدمات ذات الطابع الاجتماعي الصرف، مشددا على ضرورة أن تكون التكنولوجيا الرقمية تحترم خصوصيات دول القارة السمراء وتستجيب لمتطلبات التنمية. بدوره دعا أحمد بوفور، الأستاذ الجامعي في كلية (باريسجنوب)، إلى تطوير المنظومة التربوية في إفريقيا من خلال إدماج التكنولوجيا الرقمية في مناهج التدريس لمواكبة التحول المتسارع الذي يشهده العام في هذا المجال. وأكد على أهمية بلورة استراتيجية إفريقية موحدة لرفع التحديات التي تواجهها القارة في مجالات التكنولوجيا الرقمية والتي تساهم فعليا في الدفع بعجلة التنمية وتحسين ظروف عيش الساكنة، خاصة وأن المجال الرقمي أضحى يغطي كل المجالات الحيوية من سكن وصحة وتعليم وصناعة وسياسة وغيرها. من جهته، شدد منير أزيرار، مدير مقاولة فرنسية، على حتمية "دمقرطة استغلال التكنولوجيا الرقمية من أجل الولوج الى الخدمات الاجتماعية"، مبرزا أن الشركالت العالمية الكبرى الناشطة في مجال التكنولوجيا الرقمية مطالبة بمراجعة سياستها تجاه الدول الإفريقية والأخذ بعين الاعتبار التكاليف الباهظة التي تتحملها دول القارة للاستفادة من هذه التكنولوجيا. وشدد أزيرار على أن تضييق الهوة الرقمية رهين بتوفير التكوين والتكوين المستمر للموارد البشرية الافريقية العاملة في الحقل الرقمي ومساعدتها على تطوير مهارتها. وسجل هيبير رينيي، وهو رئيس مؤسسة فرنسية، انعدام المساواة في الاستفادة من التكنولوجيا الرقمية بين البلدان المتقدمة والبلدان السائرة في طريق النمو وخاصة في إفريقيا، داعيا، في هذا السياق، دول القارة السمراء إلى مواجهة تمركز التكنولوجيا الرقمية في دول الشمال من خلال تشكيل تكتل للشركات والمؤسسات الإفريقية لمقاومة المد الجارف للشركات متعددة الجنسيات التي تنشط في مجال التكنولوجية الرقمية. واعتبر رينيي أنه في الوقت الراهن يبقى تدخل الدولة أساسيا لدعم التحول الرقمي للمقاولات الإفريقية من خلال مؤازرتها ماديا عبر ضخ رساميل تساعد هذه المقاومة على تجاوز الهوة الرقمية وتكون بالتالي قادرة على المنافسة في الفضاء الرقمي. ويعد هذا المعرض، الذي تنظمه الفيدرالية المغربية لتكنولوجيا الإعلام والاتصال والأوفشورينغ، بشراكة مع مكتب معارض الدارالبيضاء، ومغرب تصدير، تحت شعار "التحول الرقمي .. رافعة للتنمية بإفريقيا"، واجهة لتبادل الخبرات والممارسات الدولية الفضلى في مجال الابتكار والتحول الرقمي. ويشارك في هذه التظاهرة، التي تتواصل إلى غاية يوم الجمعة المقبل، والمنظمة تحت إشراف وزارة الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي، 150 عارضا و100 من المانحين الدوليين، علاوة على موزعين وموردين للتكنولوجيا وناشرين وفاعلين في مجال الاتصالات.