آلاف الأمريكيين بدون كهرباء بسبب سوء الأحوال الجوية    رسميا.. اعتراف النرويج بدولة فلسطين يدخل حيز التنفيذ    أكثر من 40 ألف زائر لمعرض العقار المغربي في باريس    طقس الثلاثاء: الحرارة في تصاعد مع أمطار متفرقة    تحقيق لبي بي سي يكشف ارتباط صناعة العطور الفاخرة بعمالة الأطفال    الخنوس يتوج بجائزة أفضل لاعب ببلجيكا    الراحل عبد الصادق بن عيسى .. فارس الأثير وسيد أصوات إذاعة "ميدي 1"    اختيار بلال الخنوس موهبة الموسم في الدوري البلجيكي لكرة القدم    حادثة سير وسط مدينة الحسيمة تخلف مصابين    لفتيت يعد بتأهيل المجازر في أسواق المملكة    خبراء يقاربون تأثيرات الذكاء الاصطناعي    حكومة أخنوش في فوهة البركان بسبب "القطيع المستورد"    تنظيم محكم لجناح المغرب بالمنتدى العالمي للماء بإندونيسيا يُبرز الأصالة المغربية    النصيري يختار وجهته وإشبيلية تحدد سعر بيع عقده    اتحاد تواركة يتغلب على ضيفه المغرب التطواني    فيديو.. زياش يفاجئ الجميع برفع العلم الفلسطيني في احتفالات فريقه    حكومة سانشيز تدق اخر المسامير في نعش "البوليساريو"    طقس الثلاثاء..جو حار يفوق 40 درجة بعدد من مناطق المملكة    المغرب يوجه تحذيرا للرئيس السنغالي السابق    عناصر الشرطة بولاية أمن طنجة توقف شخصاً بتهمة حيازة وترويج المخدرات    هذه أفضل 5 تمارين لصحة القلب    الاستعدادات لمونديال 2030 تجمع آيت الطالب بوزيرة الصحة الإسبانية بجنيف    الحسيمة تحتفي بالمتقدمين لحج لبيت الله لهده السنة لحظات قبل رحيلهم    الحكومة تكشف مستوى تقدم مشروع أنبوب الغاز نيجيريا- المغرب    منتخب مبتوري الأطراف وصيف بطل "الكان"    أجواء احتفالية تطبع انطلاقة جائزة التبوريدة    المغرب يضاعف جهوده للبحث عن الغاز الطبيعي وربطه بالأسواق العالمية    المغرب يعرب عن إدانته واستنكاره الشديدين لإقدام الجيش الإسرائيلي على قصف مخيم فلسطيني    خبراء: منطقة الشمال نشيطة زلزاليا .. والهزات تعيد ترتيب باطن الأرض    سامي يوسف يطلق النار على إدارة مهرجان فاس بسبب حرمان أصحاب التذاكر من الدخول    الأمثال العامية بتطوان... (609)    الداكي يدعو إلى رفع نسب الإفراج المشروط على السجناء    "التجاري وفا بنك" يفتتح "دار المقاول" ال21 بمدينة تطوان    الهيمنة الأجنبية على النقل الحضري تقلق الداخلية.. ولفتيت يعلن اقتناء 3500 حافلة    ابتكار "غرسة عصبية دماغية" تمكّن المكفوفين من التعرف على الأجسام والنصوص    مصدر مسؤول بوزارة الخارجية.. المغرب يعرب عن إدانته واستنكاره الشديدين لإقدام الجيش الإسرائيلي على قصف مخيم فلسطيني قرب مدينة رفح    مقتل جندي مصري وإصابة آخر في اشتباك مع قوات إسرائيلية عند معبر رفح    في«العلمنة الإسلاموية» والعلمنة في مجتمع مسلم؟    الصحافي في زمن اللايقين    منظمة الصحة العالمية تسعى لجمع 7 مليارات دولار من خلال آلية تمويل جديدة    إغلاق معبري رفح وكرم أبو سالم وتحذيرات من كارثة إنسانية    انطلاق أولى رحلات مبادرة "طريق مكة" من البيضاء    عبد السلام أحيزون يتجاهل مطالب إلغاء مهرجان موازين تضامنا مع الشعب الفلسطيني    الدار البيضاء.. اختتام الدورة العاشرة للمهرجان الوطني للمسرح بالحي المحمدي    قيادة الجزائر تفتري على المغرب.. ولو في أندونيسيا    "البيجيدي": رفع الدعم عن غاز البوتان لا يخدم سوى مصالح رئيس الحكومة وشركته المحتكرة للسوق    زاكورة على طريق تمبوكتو القديمة: الخزانة والتجارة والرقصات..    توقعات أحوال الطقس غدا الثلاثاء    جمعية الصحة العالمية تبدأ أشغالها اليوم بجنيف بمشاركة المغرب    تداولات الافتتاح في بورصة الدار البيضاء    وفاة الإعلامي المغربي عبد الصادق بنعيسى    هولندا توقف ضيفة "موزاين" نيكي ميناج بسبب الحشيش    متحف تيم لاب بلا حدود في موقع التراث العالمي في جدة التاريخية يحدد موعد افتتاحه    مهرجان الجونة السينمائي يعلن عن "سيني جونة في O West": ملتقى جديد لصناع الأفلام    المغني الأمريكي بروس سبرينغستين "يفقد الصوت" في أوروبا    هذه أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    الغضب يؤذي القلب وقد يقتلك .. كيف؟    مسجد المتقين بالعاصمة البلجيكية بروكسل ينظم لقاء تواصليا مع أبناء الجالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفى الطوسة يكتب: الحرب على الإرهاب ومنطق المزايدة بين اليمين واليسار
نشر في الأحداث المغربية يوم 22 - 09 - 2016

كما كان ذلك متوقعا، يحتل موضوع الحرب على الإرهاب في فرنسا صدارة الاهتمامات السياسية لكل المرشحين للانتخابات التمهيدية التي ستنظمها أحزاب اليمين واليسار استعدادا للانتخابات الرئاسية. فبعد سنة عسيرة عاش فيها المجتمع الفرنسي محنة أمنية غير مسبوقة، حيث تعرض لهجمات إرهابية مؤلمة أصبح هوس التهديد الإرهابي هو الذي يؤطر الجدل السياسي، ويفرض على الطبقة السياسية الفرنسية ضرورة أن تقدم مقاربتها وحلولها لحماية أمن الفرنسيين.
وعلى خلفية هذه الوضعية دخلت المعارضة اليمينية في مزايدات مع اليسار الحاكم في إطار لعبة انتخابية محمومة. وقد كان الرئيس هولاند من بين من أنعش هذه المنافسة ومنحها زخما سياسيا، عندما اختار عنوانا لمداخلته تحت ما سمي إعلاميا بخطاب فاكرام (نسبة إلى القاعة التي ألقي فيها الخطاب) بالديموقراطية في مواجهة الإرهاب. وقد حاول هولاند تقديم مقاربة تميزه عن اقتراحات اليمين المتشددة. هولاند نصب نفسه كمدافع عن دولة القانون التي تحارب الإرهاب مع احترام قيم و مبادئ الجمهورية في حين وجه انتقادات لاذعة لليمين واليمين المتطرف الذي يقترح اللجوء إلى إجراءات تتناقض مع القيم المؤسسة والملهمة للنظام الجمهوري الفرنسي.
جواب اليمين الفرنسي جاء على لسان نيكولا ساركوزي الذي تحدث عن معطيات جديدة تفرض على فرنسا مقاربات جديدة. وبما أن البلد، يقول ساركوزي يعيش حقبة استثنائية فهو في حاجة إلى إجراءات استثنائية. ودافع نيكولا ساركوزي عن فكرة لاقت رواجا إعلاميا، مفادها الدولة الفرنسية وقوانينها يجب أن تتأقلم مع نوعية التهديد الإرهابي وليس العكس. ومن تم اقتراحاته بوضع رهن الاحتجاز كل من تحوم حوله شبهات أنه متعاطف مع الفكر المتطرف أو المشاريع الإرهابية. وقد ركز ساركوزي نيرانه على المصنفين تحت بطاقة (س) أي الأشخاص الذين تشكل أنشطتهم وتصرفاتهم خطرا على أمن الدولة. وقد استغل نيكولا ساركوزي ظاهرة فريدة من نوعها لمحاولة تكسير تحفظات اليسار في الموضوع. ظاهرة تؤكد أن معظم الذين تورطوا في اعتداءات إرهابية ضد فرنسا كانوا معروفين من طرف أجهزتها الأمنية التي كانت تلاحق بعضهم. ومن تم هذا الاقتراح الذي يتبناه اليمين بمختلف أطيافه بتطبيق نظام الاعتقال الإداري اتجاه هذه العناصر المشتبه في تطرفها.
وفي رده على هذه الاقتراحات اتهم اليسار نيكولا ساركوزي بأنه يريد إنشاء غوانتنامو فرنسي في إشارة إلى السياسة الأمريكية في هذا المجال. وقد اعتبرت أصوات يسارية أن تبني الإدارة الأمريكية لما سمي (بالباترييوت اكت) الذي يحلم به اليمين الفرنسي لم يحميها من الاعتداءات الاٍرهابية. ساركوزي يرد على اليسار بالقول إن الاعتقالات الوقائية في فرنسا للمشتبه في تعاطفهم أو دعمهم للعمليات الإرهابية ستجري تحت تأطير قانوني وأن هذه الإجراءات لن تخلف فضاءات خارج القانون وأن بعبع غوانتنامو الذي يستعمله اليسار لتخويف الرأي العام لا أساس له من الصحة.
وفى محاولة لوضع إطار لظاهرة الاٍرهاب في فرنسا والتركيز على معطيات ملموسة استغل رئيس الحكومة مانويل فالس إحدى خرجاته الإعلامية لإعطاء الرأي العام الفرنسي والدولي إحصائيات قد تقشعر لها الأبدان. قال إن حوالي سبعمائة فرنسي أو مقيم في فرنسا يحاربون في صفوف داعش في سوريا والعراق من بينهم 275 امرأة وعشرات القاصرين. قال إنه على التراب الفرنسي هناك، يوجد 1350 شخصا ملاحقا من بينهم 293 لهم علاقة مباشرة بالقنوات الإرهابية الجهادية. واعتبر مجموع الأشخاص المتورطين في التطرّف الإرهابي يصل في فرنسا إلى 15000. وقد تسببت هذه الأرقام في صدمة قوية داخل المجتمع الفرنسي الذي اكتشف حجم الخطر الذي أصبح يهدده. وتراجع فرنسا كباقي الدول الأروبية والمغاربية ظاهرة عودة هؤلاء الأشخاص الذين يحاربون في صفوف داعش إلى أوطانهم الأصلية. وقد تحدث مؤخراً المدعي العام الفرنسي المكلف قضايا الإرهاب فرانسوا مولينس عما أسماه (خطر العودة) مطالبا المجتمع الفرنسي الاستعداد لمواجهة هذا الخطر عبر سن قوانين جديدة ورفع آليات العقاب الذي يطبق على المتورطين أو المتعاطفين مع المشاريع الإرهابية والاستثمار في مراكز محاربة الفكر والتصرف المتطرف.
الحرب على الإرهاب ستكون إذن في صلب الصراع الرئاسي المقبل. ويقول مراقبون إن سخرية القدر وعجائب السياسة تريد أن يكون لزعيمي المشهد السياسي الفرنسي فوانسوا هولاند ونيكولا ساركوزي مصلحة في التركيز عَلى الإشكالية الأمنية. ففرانسوا هولاند قد يجنبه هذا التركيز على القضايا الأمنية الحديث عن فشل حكومته في تقديم حلول اقتصادية لأزمة البطالة التي تعصف بالفرنسيين. هولاند كان تعهد علنا أن لن يتقدم إلى ولاية ثانية إن لم يستطع خلق فرص عمل جديدة تقضي تدريجيا على ظاهرة البطالة. أما نيكولا ساركوزي فمن مصلحته أيضا التركيز في حملته على المعالجة الأمنية لأنها الموضوع الوحيد الذي يتميز فيه عن باقي منافسيه سواء داخل عائلة حزب الجمهوريين أو بالمقارنة مع اليمين المتطرف بزعامة ماريان لوبين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.