خرج اعضاء الحكومة والنواب البرلمانيون والمتتبعون أول أمس وهم مختلفون في تقييم اول مرور لرئيس الحكومة في مجلس النواب في إطار المساءلة الشهرية التي أقرها دستور البلاد الجديد. شيء واحد اتفق حوله الكل معارضة وأغلبية وحكومة ووسائل إعلام، هو أن الجلسة العمومية ليوم الإثنين الماضي، كانت بحق استثناء في مجلس كان مشهودا له بالرتابة والجلسات المملة والغياب المتكرر، والنقاشات المفتوحة على الهامش. فرق المعارضة كما حال فرق الأغلبية وصفت الجلسة ب «اللحظة الديمقراطية التي تؤسس لمرحلة جديدة بين المؤسسة التشريعية والتنفيذية». 186 دقيقة، هي المدة الزمنية التي اقتسمت بين الفرق البرلمانية ورئيس الحكومة. انصت الكل للكل وانتقد النواب بعضهم البعض كل بحسب الموقع الموجود فيه، وانتقد رئيس الحكومة من قبل المعارضة في غالب الأحيان ومن قبل الأغلبية نفسها في أحيان أخرى وأجاب ابن كيران بحدة في مرات عديدة وبهدوء في مرات. في الخلاصة كانت الجلسة العمومية فرصة لتكريس قطيعة دستورية بين ماض كانت فيه قاعة الجلسات العامة بمجلس النواب تبعث على عدم الاكتراث بما يجري داخلها وبين يوم وجد فيه المتتبعون من أطر المجلس والإعلاميين صعوبة بالغة في إيجاد مكان يصلح للوقوف فيه فبالأحرى الجلوس. التوظيف المباشر: ابن كيران يعلن الحرب.. بين محضر يوليوز الذي وقعته الحكومة السابقة على عهد عباس الفاسي والذي قضى بالتزام الحكومة بتوظيف حوالي 4000 خريج جامعي حاصل على الماستر أو الدكتوراه بشكل مباشر في قطاع الوظيفة العمومية بدون مباراة، وبين التزام ابن كيران بالمضي في تنفيذ تعهدات الحكومة السابقة، وبين قانون يرفض التوظيف المباشر كان هو الآخر من تركات الحكومة السابقة وجد ابن كيران نفسه في مواجهة مدفعية فرق الأغلبية البرلمانية قبل فرق المعارضة. وصل الأمر لحد مواجهة عمر احجيرة النائب عن الفريق الاستقلالي لابن كيران بالتفاصيل الدقيقة التي جعلت الحكومة السابقة تلتزم بتوقيع محضر التوظيف المباشر مع هؤلاء العاطلين، نبرة الحدة لم تكن خافية على عمر احجيرة وهو يواجه ابن كيران بتلك المعطيات. في الختام خرج النواب البرلمانيون مقتنعين بأن حكومة عبد الإله ابن كيران لن تخضع لضغط الاحتجاجات اليومية في شوارع العاصمة. لا توظيف مباشر بعد اليوم، وعلى من يريد الالتحاق بالوظيفة العمومية عليه أن يمر من المباراة. ابن كيران قال إن التوظيف المباشر مرفوض حتى في حالة المجموعات التي سبق للحكومة السابقة أن وقعت معها محضر يوليوز «لأنه سيفتح الباب لتوظيف آخرين لا نعرف من أين جاؤوا، وكيف نوظف من يحتج في الرباط ونترك من يوجد في القصر الكبير أو في زاكورة لأنه لم يحتج». رئيس الحكومة تذرع بالقانون والدستور وقال إنه دعا الخريجين العاطلين الذين يطالبون بالتوظيف المباشر أن يقترحوا عليه حلولا أخرى تتناسب مع القانون والدستور الذي يمنع التوظيف المباشر. في مرات قليلة أيضا قال عبد الإله ابن كيران إنه لن يتراجع عن موقفه القاطع مع التوظيف المباشر لهؤلاء الخريجين إلا إذا كان هناك حكم من المحكمة الإدارية يأمره بذلك. ابن كيران خاطب رئيس فريق الأصالة والمعاصرة عبد اللطيف وهبي الذي عقب على جواب رئيس الحكومة بكون المحضر الموقع من طرف الحكومة السابقة هو مرسوم وعلى الحكومة الحالية أن تطبقه في إطار التعهد الذي سبق وأن التزمت به، ابن كيران خاطب وهبي بصفة شخصية «أنت محام استصدر قرارا من المحكمة الإدارية يجبرني على فعل ذلك وأنا من سيتكلف بمصاريف الملف من ميزانية رئاسة الحكومة». رئيس الحكومة وجد نفسه في مواجهة حلفائه في الفريق الاستقلالي عندما اتهم بشكل غير مباشر الحكومة السابقة بتوقيع محضر ينص على توظيف 3000 خريج بشكل مباشر في الوظيفة العمومية بالرغم من أنها هي من شرعت قانونا يمنع التوظيف المباشر. عمر احجيرة تكلف بالرد بغضب على رئيس الحكومة قائلا إن الظرف الذي وقع فيه المحضر كان بعد احتلال مقر حزب الاستقلال من طرف العاطلين صيف السنة الماضية، وكان التوقيع بعد تدخل محمد الصبار الامين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، في الملف وتحرير المركز العام للحزب من احتلال جحافل العاطلين. ابن كيران أجاب أنه لن يخالف القانون، وأنه مستعد حتى للتضحية بشعبيته لكنه لن يخالف القانون. اقتصاد الريع: ابن كيران يعترف بالصعوبات تأكد فعليا في جلسة يوم الإثنين العمومية أن الحكومة تتراجع يوما عن يوم في نشر لوائح المستفيدين من مقالع الرمال (كانت الأحداث المغربية سباقة لنشر مقال في هذا الصدد). ابن كيران قال إن المشاكل التي اعترضت الحكومة عندما نشرت لوائح المستفيدين من مأذونيات النقل هي التي جعلت الحكومة تتريث في نشر لوائح المستفيدين من مقالع الرمال، كما أنه لم يعترف فقط بعدم تحمل الحكومة لتكاليف جديدة في نشر لوائح للمستفيدين من رخص الامتيازات بل اعترف أيضا، بوجود صعوبات تعترض محاربة اقتصاد الريع. اقتصاد الريع، يقول ابن كيران «إرث ثقيل». رئيس الحكومة علل صعوبة محاربة اقتصاد الريع بوجود أسباب اقتصادية وسياسية. إذ قال في معرض حديثه عن مأذونيات النقل التي سبق للحكومة أن نشرتها بأنه هو من أوصى وزير النقل والتجهيز بنشر تلك اللوائح. حيث قال إن الاقتصاد تأسس على مدار 50 سنة الماضية، «وكان بمثابة طريقة في الحكم»، موضحا بأن «الريع ولا يدافع عن راسو». في مقابل ذلك دافع ابن كيران على أصحاب المأذونيات «لاكريمات» من فنانين ورياضيين وعلماء.