نشرة نذارية…موجة حر مرتقبة من اليوم الثلاثاء إلى غاية الجمعة بعدد من مناطق المملكة    مجلس المستشارين يعقد بجلسة عامة لمناقشة حصيلة العمل الحكومي    بوريطة يستقبل وزير خارجية مملكة البحرين    بنموسى: أرجعنا ثلثي الأساتذة الموقوفين لعملهم وليست لنا رغبة للدخول في احتقان جديد    مطار أكادير المسيرة…ارتفاع بنسبة 23 في المائة في حركة النقل الجوي    تداولات الافتتاح في بورصة الدار البيضاء    غوتيريش… يطالب إسرائيل بفتح معبري رفح وكرم أبو سالم    نادي إشبيلية يستضيف وليد الركراكي    "غارديان" تكشف مستجدات زياش وتشيلسي    خمس سنوات نافذة لضابط أمن في ملف وفاة مواطن بمفوضية بن جرير    تفاصيل عقد اجتماعٍ للمجلس الإداري لوكالة الإنعاش وتنمية أقاليم شمال المملكة    وزارة الداخلية السعودية تعلن تطبيق عقوبة مخالفة أنظمة وتعليمات الحج    وزير الصحة يعلن تسجيل أزيد من 32 ألف حالة مرض سل في المغرب    رابطة الأندية الإفريقية لكرة القدم تقرر نقل مقرها إلى المغرب    مراسم تنصيب مهيبة في روسيا بمناسبة بدأ ولاية جديدة ل"بوتين"    الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية يتباحث مع رئيس المجلس الأعلى للقضاء بدولة الكويت    تيزنيت..مفتش شرطة يتخذ إجراءات احترازية لضبط مشتبهين في حالة سكر    شركات نقل دولي تستغل "ثغرات قانونية" لتهريب المخدرات نحو أوروبا    أخنوش يستعرض إصلاحات المغرب أمام مدير منظمة العمل الدولية.. والأخير ينوه بمشاريع الدولة الاجتماعية    البليهي يتسبب لحمد الله في عقوبة قاسية من الاتحاد الآسيوي    تأجيل محاكمة النقيب زيان إلى 20 ماي الجاري    متلازمة رومهيلد .. مشاكل في القلب تحدث بسبب تراكم الغازات    برقية تعزية ومواساة من جلالة الملك إلى خادم الحرمين الشريفين إثر وفاة الأمير بدر بن عبد المحسن بن عبد العزيز آل سعود    بسبب الإمارات.. الجزائر تهدد بوقف تسليم الغاز إلى إسبانيا    تقرير رسمي: عدد حالات ضبط المخدرات والبورطابلات فالحباسات المغربية طلع ف2023    "حماس": 54 شهيدا خلال 24 ساعة في غزة    غلاء ثمن دواء سرطان الثدي يسائل الحكومة    ال PSG حاطين العين على ياسين بونو    احتفاء المهرجان الدولي مسرح وثقافات بسنته ال 20 : كوميديا موسيقية ومسرح أمازيغي وعودة مسرح الحي، لتتويج هذا الاحتفاء    بمشاركة 30 فيلما يمثلون 15 دولة : أيت ملول تحتضن مهرجان سوس الدولي للفيلم القصير    احتضان إسلامي لمبادرات ومواقف الملك    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    نزار بركة واحل فتشكيل اللجنة التنفيذية ولقا صعوبة فالجمع بين مِساج الملك للسياسيين والتوافق الداخلي    تقرير رسمي: معدل الاكتظاظ بالسجون يبلغ 159% والسجناء قدموا 5153 شكاية خلال 2023    نهضة بركان في مواجهة المغرب التطواني وعينه على عدة أهداف!    سان جيرمان يستهدف رقما تاريخيا ضد دورتموند في دوري أبطال أوروبا    تارودانت ربيع المسرح في نسخته الثانية يكرم نزهة الركراكي    بمناسبة شهر التراث: ندوة في موضوع "دور الرواية في تثمين المواقع التراثية بالقصر الكبير"    إحداث أزيد من 16 ألف مقاولة جديدة في المغرب    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    الأمم المتحدة تحذر من أن مخزونها من الوقود يكفي ليوم واحد فقط في غزة    فرقة "أتيز" الكورية تتصدر نجوم مهرجان موازين    ارتفاع عدد ضحايا حوادث السير من مستعملي الدراجات النارية بنسبة 31 في المائة    سلسلة "اولاد إيزا" الكوميدية تثير غضب رجال التعليم وبنسعيد يرد    الطيران الأميركي يعلن التحقيق مع "بوينغ"    سيمانة قبل ما يبدا مهرجان كان.. دعوة ديال الإضراب موجهة لكاع العاملين فهاد الحدث السينمائي الكبير وها علاش    أمازون: سنستثمر 9 مليارات دولار فسنغافورة    صعود أسعار الذهب من جديد    "فريق نجم طرفاية: قصة نجاح وتألق في عالم كرة القدم"    إبراز فرص الاستثمار بالمغرب خلال مائدة مستديرة بالولايات المتحدة    "العرندس" يتوج نفسه وينال جائزة الأفضل في رمضان    زيلينسكي يستعجل استلام أسلحة غربية    الدورة الثانية عشر لعملية تأطير الحجاج بإقليم الناظور    الأمثال العامية بتطوان... (591)    دراسة: السجائر الإلكترونية قد تسبب ضررا في نمو الدماغ    باحثة: الضحك يقدر يكون وسيلة واعرة لعلاج الناس    السفه العقدي بين البواعث النفسية والمؤثرات الشيطانية    الأمثال العامية بتطوان... (589)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذه هي السياسة، وهكذا خلقت...
نشر في أخبارنا يوم 30 - 12 - 2015

السياسة، تظل في الأحزاب والمؤسسات المنتخبة والحكومات والأنظمة، وفي كل الأجواء والمناخات والمفاهيم، تظل كلمة ذات إشعاع براق ومخيف في نفس الآن، فهي الوسيلة التي يصل بواسطتها ممارسوها إما إلى الأعلى أو إلى الأسفل، إلى السلطة والحكم، أو إلى السجون والمنافي والمعتقلات... وعلى أنها بهذا الحجم من الخطورة والاتساع، فهي تسكن العقول والاهتمامات والتطلعات في كل شبر من الأرض.
وخارج هذا المفهوم الواسع والشامل، تبقى السياسة، في مناطق عديدة من العالم، على صلة وتقى بالتسلط والاستبداد والقمع وفرض الإرادة على العدل والمساواة والحقوق، وفي مناطق أخرى تصبح هي القدرة على الفعل سلبا وإيجابا، هي القدرة على الريادة والسيادة، وهي الغاية التي تبرز الوسيلة في كل وقت وحين، وهي نضالات ومراوغات وحروب، وهي المحصلة التفاعلية لكل التيارات المذهبية أو الإيديولوجية، وبالتالي هي فن الممكن في كل زمان ومكان.
يرى الفقه الدستوري في السياسة، عكس ما يراه فيها فقه القانون، فهي في نظر هذا الأخير، كل نشاط سلطوي محوره الدولة، وهي كل نشاط إنساني محوره الإنسان، وأن العلاقة بين الإنسان والدولة/ بين الحاكمين والمحكومين، هي الصفة المميزة للنشاط السياسي عن غيره، ذلك لأن الدولة لا تتكون من الخشب أو الحجر، وإنما من الإنسان، والدولة في نظر السياسيين، ليست المجتمع الوحيد الذي ينطوي تحت لوائه المواطنين، إذ يوجد بالمجتمع أحزاب ونقابات وجمعيات تتم داخلها ظواهر التأكيد على الفرد وقيادة الناس، وكلها ظواهر ذات طابع سياسي.
يعني ذلك، أن السياسة تمتد في كل الأزمنة وفي مختلف الأمكنة إلى العقول والمصالح والإرادات، لكنها لا تهدف دائما إلى تحقيق المصالح العامة، قد تكون المصالح الخاصة هي ما يتحكم في سلوكيات وتصرفات الفاعلين السياسيين الذين يحركون الأدوات السياسية، فكثيرا ما يتم عند بعض السياسيين، الركوب على المصالح العامة لتحقيق المصالح الخاصة، لأن النخبة السياسية، تشكل باستمرار موقع القرار في دواليب الدولة، كما في الأحزاب والمنظمات والمؤسسات المنتخبة، وغالبا ما تكون هذه النخبة في الدول المتخلفة والدول المستضعفة، هي منبع الفساد السياسي(1) ومرجعيته الأساسية، لما تملكه من حق القرار والمبادرة.
في نظر العديد من الكتاب والمحللين المعاصرين، أن السياسة، كانت باستمرار هي منبع الأزمات التي ضربت/ تضرب القطاعات المالية والإدارية والاجتماعية والاقتصادية في البلدان السائرة في طريق النمو، إنها أزمات تعود بالأساس إلى الضعف الذي أظهرته الفاعلية السياسية، أمام الإغراءات المالية وإغراءات الامتيازات، التي منحتها هذه الدول للفاعلين السياسيين، من أجل لعب الدور الذي عليهم أن يلعبوه في الزمان والمكان.
إن ما حدث خلال العقود الأخيرة في الباكستان وأندونسيا والفلبين، وفي المغرب ومصر وتونس وليبيا وسوريا والبحرين وفي جهات عديدة من إفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا، من انهيارات مالية وسياسية، يؤكد "مسؤولية" النخب السياسية في تكريس الفساد والتخلف. فسوهارتو، وموبوتو، واسترادا ومبارك وبنعلي والقذافي وصالح نماذج تنتمي إلى هذه النخب، احترفت السياسة، وجعلت منها وسيلة للاغتناء اللامشروع والتسلط ونشر ثقافة الفساد بين الأجهزة والمؤسسات والأنظمة، وتحول عندها الفعل السياسي إلى مس من الشيطان، وهو ما جعل هذا لفعل يتجه بها إلى التكليف بشكل خادع وبراق وفارغ، مع التحولات العالمية ومتطلباتها السياسية والاقتصادية، مما أذى بها إلى السقوط والانهيار في اللحظات الأخيرة من حياتها.
في هذا الباب يرى فقهاء القانون أن السياسة هي فن الممكن، وامتيازها الوحيد، أنها ترتبط بالحكم والسلطة، فهي القدرة على الفعل، حسب المعايير المتخذة كمقياس لاعتماد الأحكام القيمة على الناس والأشياء والعلاقات والتنظيمات المؤسساتية لشكل الدولة.
والسياسة فن يتكيف مع الزمان والمكان ولا يتأثر بهما، هي فن يرمي للريادة أو السيادة أو الحكم، وذلك بهدف إحكام دفتي السلطة والحكم إغلاقا أو فتحا حسب الأحوال، وحيثما هبت ريح السياسة تجد رجل السياسة كالمزارع يعمل بالمرصاد لاستغلالها أحسن استغلال لفائدته الشخصية والذاتية، أو لفائدة الحكم والسلطة والتسلط.
والسياسة، حسب المحللين والخبراء والسياسيين أنفسهم، لا تروم الأخلاق إلا التي تخدم الحكم والسلطة، فهي فن ممكن البقاء السياسي رائد في السياسة، إذ أن الغاية تبرر الوسيلة، (كما جاء عند "ميكافيلي") فهي عكس "العدل" الذي تشكل الأخلاق كنهه وعموده الفقري، وشرط من شروطه الأساسية، وهو ما يجعله في الأنظمة الديمقراطية مستقلا، مفصولا عن السياسة والسلطة.
نعم إن السياسة هي فن الممكن، كما أقرت بذلك أطروحات المختصين، ولكنها على يد النخب الفاسدة، تتحول إلى "فن المستحيل" تفعل بها ما تريد على أرض الواقع، تغتني وتحكم وتتسلط، وتحول الأوطان إلى جحيم.
يجب الاعتراف، أن أفلاطون، وأن لم يحقق المدنية الفاضلة من خلال مفاهيمه السياسية، "في جمهوريته"، فإنه استطاع أن يجعل من السياسة مقودا طيعا لقيادة العالم والسيطرة على دواليبته.
فالانسان اليوم... وبعد عشرات المئات من السنين، سواء كان داخل الملعب السياسي أو خارجه. سواء كان فاعلا، أو متفرجا عليه، فإنه أصبح بإرادته أو بدونها، يمارس "اللعبة السياسية" سلبا أو إيجابا. إن العالم اليوم يحيا ويتنفس من هواء السياسة يتغذى من ثقافتها، ويحتكم إلى قوانينها ومواثيقها ومفاهيمها وإيديولوجياتها... وأحيانا يتلون بألوانها وأصباغها. لذلك، فإن الإنسان في عالم اليوم، في الدول المتقدمة والمختلفة لا يشكل أكثر من بيدق من بيادقها، أو فارسا من فرسانها، يلعب بإرادته أو ضد إرادته على رقعتها الشاسعة والواسعة ما دام موجودا على قيد الحياة.

*****
- يعرف الفساد السياسي بمعناه الأوسع بانه إساءة استخدام السلطة العامة (الحكومية) لأهداف غير مشروعة وعادة ما تكون سرية لتحقيق مكاسب شخصية. كل أنواع الأنظمة السياسية معرضة للفساد السياسي التي تتنوع أشكاله إلا أن أكثرها شيوعاً هي المحسوبية والرشوة والابتزاز وممارسة النفوذ والاحتيال ومحاباة الأقارب. ورغم أن الفساد السياسي يسهل النشاطات الإجرامية من قبيل الاتجار بالمخدرات وغسيل الأموال والدعارة إلا أنه لا يقتصر على هذه النشاطات ولا يدعم أو يحمي بالضرورة الجرائم الأخرى/ من أجل التوسع في هذا المفهوم، راجع كتابنا "عند ما يأتي الفساد". دار الحدث (الرباط) سنة 2000.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.