نور الدين الطويليع / يوسف الإدريسي كانت الساعة تشير إلى التاسعة والنصف من ليلة أمس الخميس 13 يونيو 2014 حينما توقفت أمام قسم المستعجلات بمستشفى للا حسناء سيارة تابعة للوقاية المدنية، ترجل منها بداية شاب بالكاد يحرك رجليه، يضع يده على بطنه ويضغط بقوة على شفتيه فيما يبدو أنه يغالب صرخة مدوية من أثر ألم يكاد يقطع أوصاله، في حين تكفل رجال الوقاية المدنية بحمل شيخ سبعيني ممدد على سرير، وتوجهوا به على جناح السرعة إلى غرفة مخصصة لتقديم الإسعافات الأولية للمرضى بقسم المستعجلات، بيد أنهم فوجئوا باعتذار الممرضة عن غياب طبيب المداومة، تسمر الابن الذي يعمل بدوره في سلك الوقاية المدنية في مكانه، وأصيب بالذهول وعيناه مسلطتان على وجه والده الذي كسته الصفرة، وجسده الممدد على السرير في غيبوبة سببتها له مضاعفات داء السكري وارتفاع الضغط الدموي، قبل أن يخرج عن صمته ويصيح مستنكرا منددا باستهتار لم يعد مقبولا بصحة المواطنين، تساءل إلى أين يمكن أن يذهب بأبيه، هل يحمله إلى البيت ويرميه في إحدى زواياه ليقضي نحبه في صمت، ويكتفي هو وأفراد عائلته بالتفرج عليه وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، أم يستجدي سيارة إسعاف من إحدى الجماعات ويتوجه به إلى إحدى المدن المجاورة، مع ما يتطلب ذلك من وقت يمكن أن يكون له دور في تطور حالته إلى الأسوإ، وأمام حالة الانهيار التي أصيب بها الابن تطوع زملاؤه وحملوا الشيخ السبعيني إلى السيارة، ثم أقفلوا راجعين. بدوره ظل الشاب يتدور من شدة الألم، ويده لا تفارق بطنه، فيما جعلت والدته تولول وتصيح بأعلى صوتها مستفسرة عن دواعي إنشاء مستشفى يعجز حتى عن توفير طبيب مداومة لمرضاه، ثم التفتت إلى ابنها وهي تتساءل عن الوجهة التي يمكن أن تقصدها وإياه، وهي لا يجدان حتى وسيلة نقل تقلهما إلى مسكنهما، كان صدى صوتها يتردد وهي تدعو بأعلى صوتها: "هذا عيب، هذا عار، الله ياخذ فيكم الحق، غير يأسونا، وخليونا نعرفوا راه معندناش مستشفى". هاتان حالتان عاينهما طاقم الجريدة خلال أقل من عشر دقائق، حيث يواجه المريض وأهله وهم أمام قسم المستعجلات بالمستشفى الإقليمي بعبارة نعتذر عن وجود الطبيب، يؤدي ثمنها أولا الممرضون والممرضات الذين يتلقون في كثير من الأحيان وابلا من السب والشتم جزاء نطقهم بها، ويؤدي ثمنها ثانيا المريض الذي يفرض عليه أن يتعايش مع ألمه ليلة كاملة قبل أن يطلع فجر يوم جديد، أو أن يسلم روحه إلى خالقها إن لم تكن له طاقة على التحمل. الصورة للشيخ السبعيني الذي لم يجد طبيبا يعالجه، و برفقته ابنه داخل سيارة الوقاية المدني