قال رئيس الحكومة، السيد عبد الإله ابن كيران، اليوم الخميس بالرباط، إن سياسة الحكومة الموجهة لفائدة مغاربة العالم تروم تعزيز وتحصين الهوية الوطنية في أبعادها الروحية واللغوية والثقافية. وأبرز السيد ابن كيران، خلال ترؤسه الاجتماع الأول للجنة الوزارية لشؤون المغاربة المقيمين في الخارج، أن من بين معالم هذه السياسة "الحفاظ على الحقوق والمصالح الاقتصادية والاجتماعية التي تحاول بعض الدول التراجع عنها بداعي الأزمة الاقتصادية، ضدا على الاتفاقيات الثنائية والمواثيق الدولية"، و"الحرص على التفعيل الكامل لمقتضيات الدستور التي تكفل لمغاربة الخارج الحضور الفاعل في الهيئات والمؤسسات الدستورية، وكذا "تطوير وتحسين علاقات الجالية بالإدارة المغربية، سواء بالداخل أو من خلال السفارات والقنصليات". واعتبر رئيس الحكومة، في هذا الصدد، أن الغاية من عقد هذا الاجتماع، تتمثل أساسا في القيام بتتبع مجموعة من القضايا المتعلقة بمدى تطوير الأداء العمومي خدمة لشؤون مغاربة الخارج، وبمدى إعمال التنسيق والانسجام بين مختلف المتدخلين، وتسخير الوسائل والطاقات لتحقيق الالتزامات ، فضلا عن ماهية الصعوبات والإكراهات، الداخلية منها والخارجية، التي قد تكون حالت دون تنفيذ بعض من هذه الالتزامات. وذكر باتخاذ عدة إجراءات ومبادرات في ميادين همت ما هو اجتماعي وثقافي وتربوي وديني وقانوني وقنصلي واقتصادي، مشيرا إلى التزام الحكومة بمجموعة من التدابير التي يتعين إنجازها، من ضمنها على المستوى الاجتماعي، إحداث صندوق وطني للتضامن والحماية الاجتماعية لمواطني المهجر المعوزين والذين لا يتوفرون على حماية اجتماعية بدول إقامتهم أو أثناء مقامهم بأرض الوطن، وكذا توسيع نطاق نظام المساعدة الطبية "راميد" ليشمل المغاربة المعوزين الذين لا يستفيدون من نظام التغطية الصحية ببلدان إقامتهم. وفي ما يتعلق بمجال تشجيع الاستثمارات، أكد رئيس الحكومة على تحسين آليات ومساطر صندوق تمويل استثمارات مغاربة العالم، وعلى المستوى الإداري، تطوير البوابة الإلكترونية لتشمل نظام المواعيد وخدمات إدارية أخرى وتحسين الاستقبال وتطوير الخدمات الإدارية خلال المقام الصيفي بالمغرب. كما ذكر بالالتزامات الواردة في البرنامج الحكومي، التي يجب تحقيقها بالمستوى المطلوب، والتي تحظى بالأولوية في مطالب المواطنين المغاربة بالخارج، وتهم على الخصوص بلورة سياسة ثقافية ملائمة ومتناسقة تستجيب لحاجيات مغاربة العالم وإحداث العديد من المراكز الثقافية بدول المهجر. وتهم هذه الالتزامات أيضا تطوير وتنويع وتوسيع برامج تعليم اللغات العربية والأمازيغية للأطفال المغاربة بالخارج، وتعزيز توسيع شبكة المراكز القنصلية وعصرنة بنياتها وتحديث أدائها وتقريب خدماتها. وعبر السيد ابن كيران عن قناعته بأن ما تم تحقيقه لحد الآن، رغم أهميته، يظل غير كاف نظرا للتحديات التي تطرحها سياسات الهجرة والاندماج في عدد من دول الإقامة، ولتعدد الرهانات المتعلقة بتوطيد الصلة بين الأجيال الجديدة لمغاربة العالم وبلدهم الأصلي. ومن هذا المنطلق، يضيف رئيس الحكومة، فإن دور هذه اللجنة، التي أحدثت تفاعلا مع الخطاب الملكي السامي بتاريخ 20 غشت 2012 الذي رسم فيه صاحب الجلالة الملك محمد السادس معالم ومرتكزات السياسة العمومية لتدبير شؤون مغاربة العالم، حيوي وأساسي، في مجال التنسيق بين مختلف المتدخلين في هذا المجال، وفي السهر على تحقيق الالتقائية بين السياسات العامة من أجل تدبير أفضل لشؤون المغاربة المقيمين بالخارج. ودعا السيد ابن كيران الجميع للمضي قدما في إتمام ما تم الشروع في إنجازه، معبرا عن الأمل في أن يتحقق الهدف المنشود من مأسسة هذه اللجنة وتنظيم مهامها وأعمالها حتى تكون الأداة الأمثل لتطوير الأداء الحكومي في مجال تدبير شؤون وقضايا مغاربة العالم بالداخل والخارج. من جهته، أكد الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، السيد أنيس بيرو، في تصريح للصحافة، أن الهدف من هذا اللقاء هو بسط الرؤية المتعلقة بالمغاربة المقيمين بالخارج، باعتبار أن هناك جاليات متعددة وانتظارات تتطور وتتغير، مشيرا إلى من بين هذه الانتظارات تقوية الهوية والارتباط. وأبرز السيد بيرو أن الاجتماع يروم معرفة الإجابات على كل تطلعات وآمال وطموحات المغاربة المقيمين في الخارج، معتبرا أن العديد من المرافق والوزارات معنية بموضوع هذه الفئة خاصة أن اجتماعات اللجنة ستعقد بشكل دوري مما سيمكن من معالجة العديد من المشاكل التي تعاني منها الجالية المغربية المقيمة بالخارج. وشدد الوزير على ضرورة الاهتمام بفئة الشباب خاصة على المستوى الثقافي الذي يعتبر أساسيا بالنسبة للرؤية الخاصة بالمغاربة المقيمين بالخارج، مؤكدا على أنه ينبغي التركيز على نجاح مغاربة العالم في بلدان الإقامة ليكونوا فاعلين ومؤثرين في الجانب الاقتصادي والسياسي والثقافي.