جثة إطار بنكي تستنفر السلطات بطنحة والامن يتحرى أسباب الوفاة    كأس العرش (نصف النهائي) .. تأجيل مباراة الرجاء الرياضي أمام مولودية وجدة إلى 25 يونيو الجاري    وليد الركراكي : "هدفنا هو البقاء على رأس مجموعتنا والاقتراب من التأهل"    اللجنة المؤقتة تُراضي أبرون وتنجح في مهمة معقدة    جمهورية إفريقيا الوسطى تعرب عن تشبثها بالوحدة الترابية للمملكة المغربية وتعتبر    أطعمة تخفض خطر الإصابة بقصور القلب    مجلس الأمن يتبنى قرارا أمريكيا بوقف إطلاق النار بغزة وحماس ترحب    الصغيري يكتب: مأزق الديمقراطية الداخلية للأحزاب المغربية    محطة تحلية مياه البحر للدار البيضاء .. منشأة على المستوى العالمي وأكبرها على مستوى إفريقيا    الركراكي: هدفنا هو البقاء على رأس مجموعتنا والاقتراب من التأهل لكأس العالم 2026    طقس الإثنين.. أمطار رعدية ورياح قوية بهذه المناطق    تفتيش سيارة قادمة من تاونات يسفر عن مفاجأة    رقم قياسي لزوار معرض الاقتصاد التضامني والاجتماعي بتطوان    مالاوي تعلن اختفاء طائرة كانت تقل نائب رئيس الجمهورية    المعارضة تشتكي "التضييق" عليها وتنتقد الاعتماد على برامج "ظرفية وهشة" للتشغيل    الأغلبية تحمل الحكومات السابقة مسؤولية أزمة التشغيل وتربط حل البطالة بتحفيز الاستثمار    أخنوش: نمتلك الشجاعة لمواجهة معضلة التشغيل ولن يمنعنا أحد من التواصل مع المغاربة    هل تخدم الجزائر مخططات التقسيم الاستعمارية؟    تلميذة تنهي حياتها بعد ضبطها متلبسة بالغش    السجن المحلي عين السبع 1 : 129 مترشحة ومترشحا من النزلاء يجتازون امتحانات البكالوريا    رسميا.. ريال مدريد يعلن المشاركة في كأس العالم للأندية    بعثة الكونغو برازافيل تحط الرحال بأكادير استعدادا لمواجهة المنتخب المغربي    بعد إغلاق باب الترشيحات.. 3 أسماء تتنافس على رئاسة نادي الوداد الرياضي    الحكومة تدرس حل العصبة الوطنية لمحاربة أمراض القلب    الأمثال العامية بتطوان... (621)    عناد نتنياهو.. هل هو ضعف أم استبعاد لنهاية المشوار السياسي؟    الحصيلة العددية لانتخابات البرلمان الأوروبي تضع القارة وسط "زلزال سياسي"    الأحمر يُغلق تداولات بورصة الدار البيضاء    بوانو: أخنوش قام بتخفيض رسوم الاستيراد لشركات أقربائه ورفع من نسبة تضريب المقاولات الصغرى    بوابة رقمية لتعزيز الخدمات الاجتماعية للأمن    أطباء يستعرضون معطيات مقلقة حول مرضى السكري بطنجة    "البيجيدي": لا ثقة في إسرائيل وندين مجزرة النصيرات    الناظور.. لقاء تشاوري حول مستقبل الأمازيغية بالمغرب    «شهادة أداء مناسك الحج» ثانية للحجاج المغاربة، وحواجز ومداهمات وعقوبات على المخالفين    تهرب ضريبي واستغلال مفرط وغير قانوني.. تقرير يرسم صورة قاتمة عن "التسيب" في مقالع الرمال    وزير الخارجية اللبناني يشدد على موقف بلاده الدائم الداعم لسيادة المملكة ووحدة ترابها    واشنطن تدعو مجلس الأمن للتصويت على مشروع قرار بشأن غزة    مجلس الحكومة يدرس إعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي    لارام تستعد لاقتناء 200 طائرة جديدة    الوفد الرسمي المغربي للحج يحط بجدة    الصندوق المغربي للتقاعد يعلن صرف معاشات المتقاعدين قبل عيد الأضحى    طيب حمضي ل"رسالة24″: احتمال إنتشار فيروس انفلونزا الطيور ضعيف جدا    يوسف القيدي مبادرة فردية شديدة التميز في مجال الفن التشكيلي    الدورة ال 12 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة.. الفيلم الكونغولي «متى يحل عهد أفريقيا» لدافيد بيير فيلا يتوج بالجائزة الكبرى    العشرات يشاركون في كاستينغ المهرجان الوطني للمسرح والكوميديا ببنسليمان    ديشامب يكشف عن حالة مبابي قبل اليورو    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    "الحياة حلوة" عن معاناة فلسطيني من غزة في الغربة…فيلم مشاركة في مهرجان "فيدادوك"    أسعار النفط ترتفع بدعم من آمال زيادة الطلب على الوقود خلال الصيف    موريتانيا تكشف اقتناء أسلحة متطورة    جسور التدين في المهجر.. لقاء مع الدكتور عبد النبي صبري أستاذ جامعي في العلاقات الدولية والجيوسياسية    استعمالات فلسفية معاصرة بين الهواية والاحتراف    «نقدية» الخطاب النقدي الأدبي    رابع أجزاء "باد بويز" يتصدر الإيرادات السينمائية الأميركية    أعراض داء السكري ترفع خطر الإصابة بالكسور العظمية    أزيد من 300 حاج مغربي استفادوا من مبادرة "طريق مكة" إلى غاية 9 يونيو الجاري    بنحمزة يوضح موقف الشرع من الاشتراك في أضحية واحدة    المغرب يسجل حالة وفاة جديدة بفيروس كورونا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانتخابات في المغرب بين حتمية العزوف وبؤس خطاب المقاطعة
نشر في العمق المغربي يوم 31 - 08 - 2016

لا يكاد يمر اي موسم انتخابي بالمغرب دون ان يثار النقاش القديم المستحدث حول امكانية المشاركة او المقاطعة، جدل متواصل أراد له المشرفون على اللعبة السياسية بالمغرب ان يعمر دون ان نجني منه اية ثمار، استقرت بموجبه مواقف الاطراف المتصارعة خارج دائرة المطلوب والممكن وتحجرت عقول البعض تحث تأثير كلمة الثبات على الموقف.
تناوبت الحكومات في تسيير الشأن العام، وظل المقاطع مقاطعا للعملية الانتخابية ومتمسكا بصلابة مواقفه وقوة راديكاليته، وتناسوا ان مساهماتهم في نشر الوعي قليلة وابداعاتهم في رسم معالم الحداثة منعدمة وقوة اقتراحاتهم غائبة. فكيف اذن سيبنى هذا الوطن؟ وهم لم يتمكنوا حتى من اصدار بيانات موحدة حول اهدافهم المشتركة، بل منهم من يهاب الوحدة والحوار كأن الوطن يتسع له و لوحده، يزكون الانشقاق والمقاطعة السياسية في ذواتهم وهم يعلمون ان التشرذم لا يخدم لا مصلحة الوطن ولا اهدافهم المسطرة.
يجتمع الكل حول نقطة مفادها ان كل الاستحقاقات الانتخابية التي عرفها المغرب ،عرفت عزوفا واضحا وصلت نسب المشاركة في بعضها الى نسب مئوية جد ضئيلة ،وتعتبر الانتخابات التشريعية لسنة 2007 خير مثال يمكن ان نقدمه اذ لم تتجاوز فيها نسبة المشاركة سقف %37.ما يدفعنا الى التساؤل و اياكم هل فعلا نسبة %63 المتبقية كانت تعكس خطاب المقاطعة كما يدعي البعض ؟
ان انخفاض نسبة المشاركة لا تعكس اي خطاب مادام خطاب المقاطعين مستقر لا يتأرجح بين المقاطعة و المشاركة في حين نسبة المشاركة في الانتخابات المحلية و التشريعية تتأرجح بين الارتفاع و الانخفاض .هذا ما يثير حفيظة شكوكنا و نتساءل. يا ترى لماذا ترتفع نسبة المشاركة في الانتخابات المحلية مقارنة بالانتخابات التشريعية؟
لا يختلف المحللون لنتائج الاستحقاقات الانتخابية بالمغرب ان هناك اسباب معينة قد تكون وراء ارتفاع نسبة المشاركة في الانتخابات المحلية، ويمكن اجمالها في الاتي:
1- اثارة حماس عموم المشاركين.
2- الاحساس بقيمة الصوت وقدرته على احداث التغيير
3- علاقة القرابة والنسب : فالمرشح اما ان يكون قريبا لك او جار.
4- شراء الاصوات.
في حين ترتفع احتمالية العزوف في الانتخابات التشريعية مقارنة بنظيرتها المحلية لأسباب عدة يمكن حصرها ،اولا في انتشار جو الاحباط و اللامبالاة و اليأس على نطاق واسع خصوصا داخل اوساط الشباب اذ لا ينتظر من الانتخابات التشريعية ان تحمل معها اي تغيير فاغلب المرشحين اشخاص ذوي سوابق في نهب المال العام و اختلاس الميزانيات وإبرام الصفقات المشبوهة ،ثانيا بعد المرشح عن المواطنين اذ لا يحدث بينهم اي تماس و احتكاك بل علاقتهم مبنية على قطيعة تامة يوصف فيها المرشح "بشفار" ،ثالثا ارتفاع احتمالية التحكم في نتائج العملية الانتخابية فتحيز الدولة لبعض الاحزاب ظاهر للعيان.
هناك اسباب موضوعية اخرى تؤثر بشكل مباشر في ارتفاع نسبة العزوف و يمكن اجمالها في عدم توفر الاحزاب المغربية على برامج انتخابية او على الاقل على لون ايديولوجي او خط فكري واضح.
ان اسباب العزوف كثيرة و يمكن ادراجها في ثلاث خانات:
1- الاسباب النفسية :الاحباط و اليأس و اللامبالاة.
2- الاسباب الطبيعية :كالمرض و السفر و العمل والمناسبات العائلية.
3- الاسباب السياسية :المقاطعة السياسية و الايديولوجية.
يمكن لأي ملاحظ للعملية الانتخابية بالمغرب ان يستخلص على ضوء نتائجها ان نسبة المقاطعة السياسية منخفضة جدا رغم تعدد التيارات المقاطعة، وهذا راجع بالأساس الى عدم توفرها على نافدة اعلامية تسمح لها بالترويج لخطابها والتواصل مع المواطنين، ما يدفعنا الى القول ما سبب دعوة هؤلاء الى المقاطعة غير النشطة؟ ولماذا لا يبحثون عن سبل اخرى لتعبئة الجماهير؟ وما الجدوى من التشبث بخطاب المقاطعة غير المجدي والعاجز عن التعريف بنفسه؟
لقد اختبرت شعوب العالم عدة طرق للتطرق الى إشكالية السلطة و طبيعة نظام الحكم في بلادها ،و بالتالي المساهمة في دمقرطة المجتمع ورفع الوعي السياسي والمساهمة في تحديث دواليب الحكم ،ما دفعها الى اقتناص فترة الانتخابات و ما توفره من غطاء للتحرك وإبداء اراءها في مسألة السلطة.
إذا كان الهدف من المقاطعة هو حث انظمة الحكم المستبدة على توسيع هامش الحرية و دحرجة عجلة الاصلاح ،ونزع لحاف الشرعية عن النظام المستمدة من صناديق الاقتراع و إجباره على ضوء نتائجها بالتعجيل بمسلسل الاصلاح ،و فتح قنوات الحوار الجماهيري للتواصل مع المواطنين على اساس تعبئتهم و التعريف بخط المقاطعين ؛للرفع من منسوب الوعي لدى عموم المواطنين وإشراكهم في عملية المساهمة المباشرة في عملية الاصلاح و التغيير،فان شعوب العالم ابتكرت آليات جديدة وأساليب متنوعة قصد فتح النقاش حول طبيعة الحكم في بلدانها و تفننوا في طرق طرح الاشكاليات. فأين خطاب المقاطعة من كل هذا؟
ان المقاطعين للعملية الانتخابية في المغرب غير قادرين على تفعيل المقاطعة النشيطة ،فجل التنظيمات المقاطعة تضع امام اعينها إكراهات المقاطعة السياسية الفاعلة ؛ما دفعهم الى ابتكار الية جديدة تقيهم من شر النظام و في نفس الوقت يكونون اوفياء لخطهم ،هذه التركيبة العجيبة يدور فلكها حول الدعوة الى المقاطعة في بياناتها دون تنزيلها على ارض الواقع ،كأنها تعلن التطبيع مع النظام و في نفس الوقت تعلن الحرب عليه ،ما يضعهم في مرتبة الغير المشارك و الغير المقاطع و يدرج خطابهم داخل خانة العازفين.
لقد تشبثت القوى المقاطعة للعملية الانتخابية بأرائها وانزوت في دائرة الماضوية و حسمت مع خطاب التجديد والإحياء ،وأسقطت من جدول اعمالها مشروع تقييم خطواتها وتبيان مكامن الخلل في برامجها و تحديث آليات بناء تجربتها ،هذا الوضع افقدها البوصلة و رمى بهم خارج دائرة المنافسة ،و اصبحوا بوصف الكل مجرد معلقين موسميين اصاب العقم تفكيرهم و تجمدت عقولهم في حقب تاريخية نحن غير معنيون بوقائع احداثها.
سنوات مضت ووقائع حدثت لو استثمرت بالشكل المطلوب لأسست لتجربة ديمقراطية مغربية ستقطع مع اواصر التقليدانية و نظم الحكم البدائي ،نجاحها كان من الممكن ان يفتح لنا ابواب التحضر والحداثة عوضا عن الجمود والتحجر الذي اصاب الكل دون استثناء ،عشرات من الفرص الضائعة صنعت من رحم معاناة هذا الشعب ؛لم تفضي الى انتقال ديمقراطي او اصلاح جدري ،او على الاقل ،الى بناء وطن يتسع للكل مبني على الحوار والوحدة.
نقاش لا يرقى الى وضع الضمادة على الجروح بل المراد منه ادخال الاوطان الى قاعة الإنعاش سجال لا يخرج من دائرة الشخصنة ؛كل طرف ينعت الاخر بالانعزالية و الفاسد كأنه من يملك حق توزيع صكوك الطهرانية ،مفاهيم انهزمت فيها روح السياسة وانتحرت كبرياء القيادة و ادخلتنا الى زمن الجمود والثبات ،لم يصنعوا لنا لا معالم ديمقراطية قادمة في الافق ، ولم يتركوا لنا خريطة طريق محددة التصور.
اننا اليوم في مرحلة تاريخية مهمة تفرض على الكتلة الداعمة لطرح المقاطعة تقييم ادائها ،وان تضع لنفسها خريطة طريق جديدة تكون فيها مساهمة في البناء ؛عن طريق النقد البناء بعيدا عن بروباغندا الخطاب العاطفي، تنخرط بموجبه في نسق الاصلاح و اعداد مشروع مجتمعي محدد المعالم والاسس، عوض خطاب اليأس والإحباط المتفشي في داخلها ،هذه التركيبة هي الكفيلة بحل لغز ازمة الانتقال الديمقراطي العاجزة عن تجاوز رواسب الماضي.
فالظرفية الراهنة و ما تحمله من مؤشر ارتفاع الوعي السياسي الملاحظ من خلال التفاعل الفوري للمواطنين مع كل الوقائع التي يمر بها مغربنا ،يدفعنا الى تجديد الخطاب قبل ان تتجاوز تطلعات شعبنا خطاب الاحزاب و الاطارات ، ويضعنا امام خيار الانخراط في نسق البناء بهدف الخروج من نفق الركود ويعطي لنا امكانية كسب المزيد من المكتسبات.
أولا :عن طريق التعريف بذواتنا والعمل على تأسيس حركة سياسية مجتمعية تعمل على دمقرطة المجتمع ،ولن يتأتى لنا ذلك إلا عن طريق تجديد خطابنا و الانفتاح عن تجارب شعوب العالم ،وفتح معركة النقاش الفكري لتجاوز الخلافات الضيقة.
ثانيا :استغلال هامش الحرية الذي يسمح به القانون المغربي للسعي الى فتح نقاش اوسع عن طبيعة النظام خصوصا في الظرفية الانتخابية.
ثالثا: صياغة ارضية تشاركية بين المقاطعين يوضحون فيها الحد الادنى المطلوب اقراره من اجل الانخراط في العملية السياسية.
رابعا: الدعوة الى ادراج خانة ارفض كل الاختيارات المطروحة في لائحة التصويت، اذ لا يعقل حصر اختيارات المواطنين في التصويت على حزب ما او اعتبار صوته ، فالأصوات الملغاة قد تحمل خطابا سياسيا معين يجب تحليل مغزاه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.