التوقيع بطنجة على اتفاقية شراكة بين المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان ومجلس أوروبا    تسليم دفعة جديدة من "نيو المغربية" .. وبلخياط يخطط لسيارة كهربائية    تشكيلة "الأسود" الرسمية لمواجهة زامبيا    الأمثال العامية بتطوان... (619)    وزير الفلاحة يفتتح الدورة الثالثة لمعرض معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة    المغرب على رأس قائمة موردي الخضر والفواكه إلى ألمانيا    السيد بوريطة : المملكة المغربية تدين بشدة الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى التي "تقوض جهود التهدئة" في غزة    استطلاع رأي: 35 في المائة من المغاربة يفكرون في الهجرة    لأول مرة.. جيش إسرائيل في "قائمة العار"    البرازيل تثمن الريادة الملكية بإفريقيا    الأسود في مواجهة زامبيا للحفاظ على الزعامة ومصالحة الجماهير المغربية    "ريدوان" يكشف حقيقة إنتاجه أغنية جديدة لريال مدريد    المغرب والبرازيل يعززان شراكتهما المتينة بالاتفاق على إرساء حوار استراتيجي    التجارة تحافظ على صدارة الأنشطة الاقتصادية الأكثر استيعابا للنسيج المقاولاتي بجهة طنجة    حمد الله يقترب من مغادرة نادي اتحاد جدة السعودي    السماح للسجناء بتلقي قفة المؤونة ابتداء من ثاني أيام عيد الأضحى لمرة واحدة    توقع انخفاض طفيف في درجات الحرارة    شرطة طنجة توقف شخصاً بتهمة ترويج المخدرات والمؤثرات العقلية    الحكومة تسعى لتنظيم "التروتينيت" والدراجات النارية    تظاهرة "نتلاقاو في وزان" تعود بنسختها الثالثة لتعريف بالتراث المحلي    "الأمم المتحدة": 32.8 مليون شخص بالساحل الإفريقي بحاجة لمساعدات    السعودية تطلق حملة دولية للتوعية بخطورة حملات الحج الوهمية    الآن وقد فاتت الوصلة الإشهارية الحكومية، ها هي الحصيلة التي لم يقلها رئيس الحكومة: شهور من الانقطاع عن الدراسة. والإضرابات، فشل ذريع في النمو وأرقام رهيبة في البطالة..!    مدرب زامبيا: المنتخب المغربي عالمي وعلينا بذل أقصى ما نستطيع للفوز    بنموسى يزور الحاجب لتفقد تكوينات "TaRL"    إبراهيم دياز يراهن على مواجهة زامبيا لتبديد مخاوفه    نورا فتحي تمزج بين الثقافتين الهندية والمغربية في عمل فني جديد    لارام تعيد تشغيل الخط الجوي المباشر بين الدار البيضاء وساو باولو    وفاة أول مصاب بشري بفيروس "اتش 5 ان 2"    دراسة: السكتة القلبية المفاجئة قد تكون مرتبطة بمشروبات الطاقة    افتتاح فعاليات الدورة المائوية لمهرجان حب الملوك    أبحروا من الريف.. وصول 14 مهاجرا سريا إلى جزيرة البوران الخاضعة للسيادة الإسبانية    تصفيات مونديال 6202 : خسارة الجزائر بميدانه و فوز مصر والسودان    جلسة عمومية بمجلس النواب الاثنين    أفلام مغربية داخل وخارج المسابقة بمهرجان «فيدادوك» بأكادير    تكريم مستحق لأحمد سيجلماسي في مهرجان الرشيدية السينمائي    بداية تداولات بورصة البيضاء بارتفاع    فيتامين لا    بحضور نجوم عالمية الناظور تستعد لاحتضان تظاهرة دولية في رياضة الملاكمة    40 قتيلاً في قصف عنيف قرب الخرطوم    الدكتورة العباسي حنان اخصائية المعدة والجهاز الهضمي تفتتح بالجديدة عيادة قرب مدارة طريق مراكش    المغرب يدعو لدعم الاقتصاد الفلسطيني حتى يتجاوز تداعيات الحرب    مُذكِّرات    تنسيق أمني بين المغرب وإسبانيا يطيح بموال ل"داعش"        5 زلازل تضرب دولة عربية في أقل من 24 ساعة    الكوسموبوليتانية وقابلية الثقافة العالمية    بعد تهديدات بايدن للمحكمة الجنائية.. كلوني يتصل بالبيت الأبيض خوفا على زوجته    الحكومة تنفي إبعاد الداخلية عن الاستثمار والجازولي: لا يمكن الاستغناء عن الولاة    السنتيسي يقاضي مجموعة من المنابر الإعلامية    الحرب في غزة تكمل شهرها الثامن وغوتيريس يحذر من اتساع رقعة النزاع    نادي الفنانين يكرم مبدعين في الرباط    اختتام معرض "حلي القصر" بدولة قطر    السعودية تعلن الجمعة غرة شهر دي الحجة والأحد أول أيام عيد الأضحى    إصدار جديد بعنوان: "أبحاث ودراسات في الرسم والتجويد والقراءات"    "غياب الشعور العقدي وآثاره على سلامة الإرادة الإنسانية"    أونسا يكشف أسباب نفوق أغنام نواحي برشيد    الصحة العالمية: تسجيل أول وفاة بفيروس إنفلونزا الطيور من نوع A(H5N2) في المكسيك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يجب أن تكتب الصحافة الإلكترونية المغربية بالأمازيغية والدارجة
نشر في العمق المغربي يوم 14 - 03 - 2018

من الغريب والعجيب حقا أن المغاربة لا يكتبون ولا يقرأون بلغتيهم اليوميتين الشعبيتين:الأمازيغية والدارجة، ويستعملون بدلهما العربية الفصحى والفرنسية اللتين لا يتحدثهما أحد في الحياة اليومية.
وإذا كانت الصحافة الإلكترونية قد قلبت الرأي العام السياسي المغربي رأسا على عقب فإنها مؤهلة أيضا لإحداث ثورة لغوية بالمغرب تتمثل في جعل اللغتين الدارجة والأمازيغية لغتين للكتابة والتدوين والإعلام الإلكتروني.
الدولة بطبيعتها كائن استبدادي كسول وجامد وضعيف الإبداع. ولو كان الأمر بيد الدولة لما كانت هناك "صحافة إلكترونية" ولا حتى "صحافة" أصلا. لذلك فأي تطور حقيقي إنما يأتي من القطاع الخاص التجاري ومن المنظمات المدنية الحرة ومن المبادرين الأحرار.
ولكي تنتقل الحالة اللغوية بالمغرب من وضعها الشاذ الحالي إلى الوضع الطبيعي يجب على المؤسسات الإعلامية المغربية أن تبدأ في نشر موادها المكتوبة والفيديوية باللغتين الشعبيتين الأمازيغية والدارجة كما في كل بلدان العالم الطبيعية. لا يوجد مانع قانوني ولا تقني يمنع المواقع المغربية من نشر أخبارها وموادها باللغتين الشعبيتين: الدارجة والأمازيغية.
1) كيف تنتقل المواقع الصحفية المغربيةإلى الأمازيغية والدارجة من الناحية العملية؟
الانتقال إلى الأمازيغية والدارجة لا يعني التخلي عن العربية الفصحى. فالتكنولوجيا الرقمية تسهل التعدد اللغوي بتكلفة زهيدة أو شبه منعدمة.
ويمكن بالتالي الاختيار بين أساليب متعددة من بينها:
– طريقة الاختلاط اللغوي العربي / الدارجي / الأمازيغي: وهي أن ينشر الموقع المغربي كل مواده مختلطة وتشمل المواد المكتوبة بالدارجة وتلك المكتوبة بالأمازيغية وتلك المكتوبة بالعربية الفصحى حيث يستطيع القارئ المغربي بسهولة التمييز بين اللغات الثلاث دون مساعدة من أحد. كما أن كثيرا من القراء قد يفضلون استعمال اللغات الثلاث والتنويع اللغوي في قراءاتهم وتفاعلاتهم.
– طريقة الأقسام اللغوية المنفصلة المتاحة للقارئ: وهي أن يقوم الموقع الإلكتروني بوضع بوابات أو أزرار أو أقسام في الصفحة الرئيسية تتيح للقارئ أن يختار بين الأمازيغية والدارجة والعربية الفصحى في قراءة المقالات والأخبار ومشاهدة الفيديوهات.
أما بالنسبة للكفاءات القادرة على الكتابة الصحفية بالدارجة والأمازيغية فهي مسألة تعود وتدرب. ويمكن نهج أسلوب التدرج مع قدر صحي من الارتجال والتجريب. فالقارئ المغربي لا يطلب تحفا أدبية رفيعة متقنة بالأمازيغية والدارجة ولا حتى بالعربية الفصحى وإنما يطلب المصداقية والحقائق.
ومثلما يتم نهج عقلية الارتجال والتجريب في إنتاج مقاطع الفيديو من طرف المواقع الإلكترونية المغربية يمكن نهج عقلية الارتجال والتجريب في إدماج الأمازيغية والدارجة في الصحافة بشكل عملي.
2) بأي حرف ستكتب الأمازيغية والدارجة في الصحافة المغربية الحرة؟
بالنسبة للأمازيغية فالحرف المنطقي لجعلها لغة إعلامية ناجحة ومقروءة بكثافة هو الحرف اللاتيني بدون أدنى شك. والمقصود بالحرف اللاتيني هو 35 حرفا لاتينيا مستخدما في الأمازيغية وهي:
ABCČDḌEƐFGǦƔHḤIJKLMNOQRŘṚSṢTṬUWXYZẒ
أما حرف ثيفيناغ (ⵣⴰⵝⵉⴺⵂⴸⴳⴾⵔⵓⵙⵈⵟⵏⵀⵌⵗⵍⵆⵢⵛ) فرغم قيمته الرمزية فإنه يجعل فرص انتشارية ومقروئية الأمازيغية تقترب من الصفر لأنه باختصار لا أحد تقريبا في المغرب يقرأ أي شيء بحرف ثيفيناغ. وتوجد في المغرب تجربة موقع إخباري تابع للدولة بحرف ثيفيناغ وهو موقع الوكالة الرسمية للأنباء MAP، وهذا الموقع في نسخته الأمازيغية بحرف ثيفيناغ موقع مجهول بالمغرب لا يقرأه أحد ولا ينقل عنه أحد.
أما الحرف العربي فرغم انتشاريته فهو يكتب الأمازيغية بشكل سيء جدا وناقص جدا وسيضر الأمازيغية أكثر مما سينفعها لأنه مثقل بمشاكل حركات التشكيل والهمزات وعادة الكتابة الأبجدية القزمية وغيرها. ولكن لا أحد يمنع الكتاب الأحرار والصحفيين المستقلين في المغرب من كتابة الأمازيغية بالحرف العربي أو بحرف ثيفيناغ أو بالحرف اللاتيني.
وبالنسبة للدارجة فإن الحرف الأرجح لكتابتها هو الحرف العربي لأن الدارجة مرتبطة بالعربية بجانب ارتباطها بالأمازيغية. ونلاحظ أن معظم من يكتبون بالدارجة يستعملون الحرف العربي. وكتابة الدارجة ممكنة بالحرف اللاتيني وبحرف ثيفيناغ وبكل حروف العالم ولكن الأرجح على ما يبدو هو أن الكاتبين بالدارجة يفضلون الحرف العربي.
وتعاني اللغة الدارجة (بكل لهجاتها) من مشكل الشرعية والتشكيك في الوجود. فالتعريبيون والإسلاميون يتراوحون في أقوالهم بين: "الدارجة لا وجود لها وهي فقط عربية" و"الدارجة مستوى متدن للعربية" و"الدارجة غير قادرة على التعبير الكتابي المعقد ومآلها الفشل".
ويفشل التعريبيون والإسلاميون في تفسير سر عدم فهم العرب للدارجة، ولكنهم جميعا يتفقون على ضرورة منع الدارجة من الكتابة والإعلام. وجوهر تناقض مواقف التعريبيين والإسلاميين تجاه اللغة الدارجة هو أنهم يعتبرونها عربية قحة ولكنهم يرفضون إدماجها في الكتابة العربية ويرفضون معاملتها ك"لغة عربية شقيقة للعربية الفصحى".
ويقترح التعريبيون والإسلاميون عموما أن تترك الدارجة كما هي دون كتابة ولا تدريس ولا تدوين ولا شيء. كخلاصة، يريدون ترك الأمور على ما هي عليه ويعارضون أي تغيير أو تطوير.
والحقيقة أن مزاعم التعريبيين والإسلاميين حول ضعف الدارجة وعدم قدرتها على الكتابة مزاعم ساقطة مدحوضة لأنه توجد عدة إبداعات أدبية بالدارجة، كما توجد على الإنترنيت نسخ عديدة من الإنجيل المسيحي مترجمة كتابيا وصوتيا إلى الدارجة المغربية بالحرف العربي، علما أن الإنجيل كتاب أدبي معقد المعاني والتعابير ككل الكتب الدينية الأخرى.
3) الازدواجية اللغوية الزائفة: العربية والفرنسية بدلالأمازيغية والدارجة
الازدواجية اللغوية موجودة في مؤسسات الدولة المغربية وفي الصحافة المغربية منذ أول العهد الاستعماري في 1912، ولكن أية ازدواجية؟ إنها ازدواجية العربية الفصحى والفرنسية.
واستمرت هذه الازدواجية بعد 1956 إلى حد هذه اللحظة.
والفرنسية لغة رسمية للدولة المغربية بموافقة صامتة من الجميع وبدون ترسيم دستوري ولا قانون تنظيمي ولا معهد ملكي.
في الصبيطارات وفي المقاطعات الحضرية وفي الشركات والأوطيلات والوثائق الإدارية والإعلام المكتوب والمرئي نجد دائما تلك الازدواجية العربية الفرنسية في المجال المكتوب.
أين اللغتان الأمازيغية والدارجة يا ترى؟ أين لغتا البلد؟أين لغتا الشعب؟ لن تجد لهما أثرا ولا خبرا في المجال المكتوب بالمغرب إلا نادرا جدا.
لو زار كائن من كوكب المريخ المغرب فسيجزم هذا الكائنبأن المغاربة ناطقون بالعربية الفصحى والفرنسية وسينكر إنكارا شديدا أن المغاربة يتحدثون الأمازيغية والدارجة كلغتين أمّين، على أساس ما يراه مكتوبا أمامه في كل مكان بالمغرب.
هذه الوضعية اللغويةشاذة جدا وغير طبيعية إطلاقا وهي أحد أهم أسباب التخلف المغربي.
فالطفل المغربي يعامَل كأجنبي أمي في المدرسة منذ اليوم الأول لأنه يجد أمامه العربية الفصحى والفرنسية. وبدل أن يتلقى العلوم مشروحة ومكتوبة بلغته الأم (الأمازيغية/الدارجة) يتلقى تلك العلوم بلغتين أجنبيتين عنه فينفق التلميذ سنين طويلة في محاولة التغلب على مصاعب اللغة الجديدة (العربية الفصحى/الفرنسية) بدل إنفاق مجهوده في تعلم العلوم والمهارات.
هل المغرب عاجز حقا عن إنجاز كتاب "النشاط العلمي" أو "الرياضيات" أو "الاجتماعيات" بالدارجة وبالأمازيغية؟!
لا تضحكوا علينا.
لماذا في الدانمارك يدرّسون كل شيء للتلاميذ باللغة الدانماركية المحلية الشعبية؟! النشاط العلمي، الرياضيات، التاريخ، الجغرافيا، الموسيقى. كل شيء.
هل اللغة الدانماركية متفوقة جينيا أو سحريا على الأمازيغية والدارجة؟!
لو توفر لي الوقت فأنا أستطيع مثلا أن أنجز ترجمة كاملة لأي كتاب مدرسي مغربي إلى الأمازيغية، مثلما أنجزت ترجمتي الكاملة للدستور المغربي إلى الأمازيغية وكنت قد قدمتها للقراء سابقا.
وعندما يكبر الطفل المغربي يجد أمامه على التلفزة كائنات عجيبة تقرأ إنشاءات طويلة بالعربية الفصحى والفرنسية في نشرات الأخبار والخطابات وجلسات البرلمان والبرامج الحوارية المتفصحة والمتفرنسة في مشهد سوريالي عجيب. ولا يفهم ذلك المواطن إلا إشهارات مسحوق الغسيل والقهوة وأتاي والتعبئات التي تحرص الشركات بدهاء وذكاء على بثها بالدارجة (ومؤخرا بالأمازيغية) لأن خبراء التواصل في تلك الشركات يعرفون أن اللغة الأم تنفذ إلى أعماق العقل البشري.
وكذلك الدولة تحرص كلما دقت ساعة الحقيقة على مخاطبة المواطن بالدارجة والأمازيغية في كل بروباغانداتها الحاسمة كالدعوة إلى الاستفتاءات والانتخابات والإحصاءات السكانية والتوعية الصحية.
أما إنشائيات نشرة الأخبارالعربية والفرنسية فلا يفهمها المواطنون إلا جزئيا وبشق الأنفس. ثم يأتي ويشتكي المثقفون والسياسيون من عزوف المواطنين عن السياسة والجمود السياسي القاتل بالمغرب!
4) الشعب المغربي الأبكم:
الشعب الأبكم (الممنوع من الكلام والكتابة وممارسة السياسة بلغته الأم) لن تتوقع منه أي تقدم، وسيكون دائما عبدا للدولة لا يستطيع مواجهة أكاذيبها البلاغية الإنشائية ولا يعرف كيف يدافع عن حريته،وسيكون مقلدا للأجانب يتماهى مع السعوديين واللبنانيين والفرنسيين والإسبان ويتذلل إليهم بلغاتهم ولهجاتهم ويتبنى بالتالي عقلياتهم وقضاياهم وحروبهم ويصبح خادما لهم بشكل مباشر أو غير مباشر.
وبسبب حالة البكم التي فُرِضَتْ على الإنسان المغربي منذ 1912 فإن هذا الإنسان أصبح ضعيف الثقة بلغتيه الأمازيغية والدارجة،فتجده يخجل منهماويتخلى عنهما في أقرب فرصة أمام الكاميرا أو وراءها وأمام كل من هب ودب من سياح ولاجئين، ويتبنى لهجات ولغات الأجانب ولو كانوا من بلدان أقل شأنا من المغرب مثل بلدان الشرق الأدنى (أو ما يسمى خطأ بالشرق الأوسط).
لكي يسترجع الشعب المغربي قدرته على الكلام الطبيعي يجب عليه أن يقرأ ويكتب ويناقش ويمارس السياسة والإعلام والتعليم بلغتيه الشعبيتين ألا وهما الأمازيغية والدارجة، وليس أن يسند لهاتين اللغتين الشعبيتين وظيفة التهريج و"التفلية" و"الشطيح والرديح".
وهذا لا يعني منع العربية الفصحى أو محاصرتها. فإذا أرادها قسم من الشعب المغربي فستستمر طبعا. والجميع في النهاية حر في أن يكتب ويقرأ باللغة التي تعجبه أو التي تنفعه أو أن يتبنى عدة لغات.
5) الأمازيغية ماشي ديال الفولكلور والدارجة ماشي ديال التمسخير والتفلية والطنز:
بسبب الترويض والتدجين الذي تعرض له العقل المغربي خصوصا (والأمازيغي عموما) من طرف الاستعمار ومن طرف الدولة الاستبدادية فقد ترسخت في ذلك العقل صور نمطية عن اللغتين الأمازيغية والدارجة. فالأولى يضعونها في قوالب أحيدوس و"الشطيح والرديح" والفولكلور الأمازيغي الجامد والثانية يضعونها في قوالب "التمسخير" و"التفلية" و"حشيان الهضرة" و"الطنز" والعدمية.
وهناك مواقع مغربيةتنشر من حين لآخر مقالات (أو عناوين مقالات) بالدارجة وأحيانا بالأمازيغية ولكنها مشبعة دائمة ب"التمسخير" والكوميديا السوداء والعدمية وهذا يشير إلى أن هؤلاء الكتاب الصحفيين لا يعاملون الأمازيغية والدارجة كلغتين حقيقيتين وإنما كأداتين ل"التمسخير" و"التقشاب".
لم أقرأ في حياتي مقالا بالدارجة خاليا من "التمسخير" و"التفلية" و"الطنز" إلا مقالات أو تدوينات الطبخ المغربي المكتوبة (بالدارجة) من طرف بعض المدونات كهواية. أما القلائل الذين يكتبون باللغة الأمازيغية فلا تخرج مقالاتهم غالبا عن مواضيع الأمازيغية نفسها وفولكلورها (بدل الكتابة عن السياسة والعلوم والرياضة مثلا) وبالتالي يدورون في نفس الحلقة المفرغة.
6) الأمازيغية ليست ماركة مسجلة باسم الإيركام أو الدولة وكذلك الدارجة ملك لجميع المغاربة:
يردد التعريبيون والإسلاميون (وحتى المخزن) عبارة "الأمازيغية ملك لجميع المغاربة" وهي عبارة صحيحة طبعا. ولكنهم ينسون أن اللغة الدارجة (بلهجاتها) هي أيضا ملك لجميع المغاربة رغم أن ليس كل المغاربة ناطقين بالدارجة، وإنما 73.3% من المغاربة ناطقون بالدارجة كلغة أمّ بينما 26.7% من المغاربة ناطقون بالأمازيغية كلغة أمّ إذا صدقنا إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط (HCP).
الحقيقة الواقعية هي أن اللغة ملك لمن يستخدمها ويهتم بها وتسقط ملكيتها عن من يهملها ويتجاهلها.
وبما أن الصحف والمواقع الصحفية المغربية تزعم أنها موجهة لكل المغاربة فعليها أن تبدأ في مخاطبة المغاربة بلغتهم الأم: الأمازيغية والدارجة.
لهذا يجب على كل المواقع الصحفية المغربية المسؤولة أن تبدأ على الأقل في تخصيص قسم (حتى لا أقول "ركن") للمقالات والأخبار السياسية والاقتصادية والرياضية المكتوبة بالأمازيغية والدارجة بجانب مقالات الرأي بالأمازيغية والدارجة.
فالشعب لا تنطلق قوته الإبداعية والتغييرية إلا حين يفجرها بلغته الأم التي بها يفكر وينطق كل يوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.