مفهوم النيابة الشرعية ودورها ومكانتها في حفظ الحقوق يفرض علينا: أولا إعطاء تعريف لنيابة الشرعية في الفقه والقانون ( المبحث الأول) ثانيا: التحدث عن مكانة النيابة الشرعية ودورها في حفظ الحقوق (المبحث الثاني). المبحث الأول: تعريف النيابة الشرعية في الشرع والقانون. إن عدم قدرة الطفل البدنية والفكرية على العناية بشخصه إدارة أمواله، تجعله يخضع للنيابة الشرعية التي يسندها القانون أو الأب أو القاضي على شخص أخر يتمتع بالأهلية القانونية، فهذه النيابة تهدف أصلا إلى حماية القاصر من نفسه والحفاظ على أمواله على أن يصير قادرا علة إدارتها وتسييرها . فالأب يعتبر وليا على ابنه الشرعي بدون منازع ، ويمارس الولاية منذ ولادة الطفل إلى بلوغه سن الرشد القانوني ( 18 سنة شمسية كاملة) أو إلى أن تنتهي سواء كان ذلك بوفاة القاصر أو بوفاة الأب نفسه أو بتجريد هذا الأخير من ولايته بمقتضى حكم قضائي . فالولاية ملزمة للأب وبالتالي لا يمكن التملص منها. أما الأم، فلا يمكنها أن تمارس الولاية على أبنائها القاصرين مادام الأب على قيد الحياة . والتطرق لمفهوم النيابة الشرعية شرعا وقانونا يفترض علينا أن نخصص (المطلب الأول) لتعريف النيابة الشرعية في الشريعة الإسلامية بينما نخصص (المطلب الثاني) لتعريف النيابة الشرعية في القانون( مدونة الأسرة) المطلب الأول: تعريف النيابة الشرعية في الشريعة الإسلامية اعتنت الشريعة الإسلاميةبالأسرة ورسمت لها الطريق السوي حتى يدوم الصفاء وتستمر الألفة والمحبة بين أفرادها وحتى يعيش كذلك الأولاد في أحضان الآباء بعيدا عن النكد والشحناء .، فقد حضي الزواج بأهمية بالغة في الشريعة الإسلاميةو جعلته من أوثق العرى بين الناس و المتتبع لنصوص التشريع في القرآن و السنة يجد أن هذا العقد ظفر بعدد كبير منها، ووصفه القرآن بأنه ميثاق غليظ في قوله تعالى: ﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً﴾ . و بأنه أكثر النعم التي أنعم الله بها على الإنسان في معرض امتنانه بنعمه فيقول جل شأنه:﴿وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ﴾ . و النيابة في اللغة مصدر ناب عنه نيابة: إذا قام مقامه، أو اسم مصدر من نوب تنويبا، وهي نوع من الولاية، والولاية في اللغة هي النصرة المعنوية و القيام بالأمر أو عليه، وهي إما أن تكون أصلية: بأن يتولى الشخص عقدا أو تصرفا لنفسه إذا كان كامل أهلية الأداء بالغا وعاقلا وراشدا، أو نيابى بأن يتولى شخص أمور غيره . والولاية النيابية هي تنفيذ القول على الغير شاء ذلك الغير أو أبى، وهي النيابة الشرعية عن الغير وهي نوعان: الاختيارية و الإجبارية والنيابة الشرعية ثابتة شرعا لفائدة العاجزين عن التصرف بأنفسهم بسبب الصغر والسفه وما في معناها ؛ فقد أوردت آيات كثيرة تدل عليها؛ منه قوله تعالى:﴿لَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا وَابْتَلُوا الْيَتَامَىٰحَتَّىٰ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ وقولته سبحانه: “﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ . وولاية القصار على العاجز تدخل في باب الإعانة على البر والإحسان في باب كفالة اليتيم وإعانة الضعيف وإغاثة اللهفان، وأجر ذلك عن الله العظيم، والقرآن الكريم ومثله – الحديث الشريف – مليء بالنصوص تحت على ذلك وتدعو إليه. وهي روح التكافل الاجتماعي والتضامن الإنساني والتعاون الإسلامي . والنيابة مصدرها الشرع إذ ينظمها ويرتب درجات أشخاصها وأولويات كل شخص منهم بهذه النيابة، كما قد تكون مصدرها القضاء، حيث أن القاضي هو الذي يختار الشخص المناسب، ويضفي عليه صفة النيابة ليقوم بإجراء تصرفات قانونية في مصلحة شخص أخر يلزم القضاء أن يتهم به ويحمي حقوقه ومصالحه، وكذلك كتعيين مقدم على اليتيم الذي لا ولي له ولا وصي له وهو في أمس الحاجة إلى الرعاية والحماية. ولقد سميت هذه النيابة التي مصدرها الشرع والقضاء لأن الشرع هو الذي يفرضها. وذلك بتحديد الوالي وتعيين مهمته، وتنظيم القواعد التي يسير عليها الوالي، مما يعني أن هذه لقواعد جعلية، لا حق لا للوالي ولا للمولي عليه في أن يقوم بتعديلها ولا بالاتفاق على ما يخالفها . وبهذا تختلف هذه النيابة عن النيابة العقدية التي تسمى الوكالة، لأن الموكل هو الذي ينشئها بإرادته ويتفق مع نائبه على مداها ومدتها وغير ذلك مما يلزم لتنظيمها. فالنيابة الشرعية إذن حسب الفقه الإسلامي هي سلطة شرعية تجعل امن تثبت له القدرة على إنشاء العقود والتصرفات وتنفيذها، بحيث تترتب أثارها الشرعية عليها بمجرد صدورها. كما عرفت بأنها حقوق ممنوحة للأب أو لوصيه أو للحاكم محددة في التشريع الإسلامي علة شخصية الولد وعلى أملاكه لمعاونته وحماسته حتى يصل إلى سن معينة يسر بنفسه في الحياة. والولاية تعرف بأنها: ” تدبير رجل كبير راشد لشؤون القاصر الشخصية والمالية”. فالولاية إذن سلطة شرعية تمكن الشخص من التصرف في شؤون نفسه. المطلب الثاني: تعريف النيابة الشرعية في القانون( مدونة الأسرة) الولاية لغة بفسخ الواو وكسرها، النصرة، وقيام الشخص بأمر غيره، والوالي والي اليتيم الذي يري أمره ويقوم بكفايته، ولي المرأة الذي يلي عقد النكاح عليها لا يدعها تستبد بعقد النكاح دونه، كما يطلق الوالي على الصديق والنصير. ونظام النيابة الشرعية يقصد به النظم القانونية الموصدة لحماية القاصر الذي إما أن يكون ولاية أو وصاية أو تقديم. والنيابة الشرعية هي سلطة قانونية تخول لمن تحقق له الإشراف على شؤون المولي عليه في هندامه وصحته وسكنه وتغذيته، بما يضمن استمرار حياته مع السهر على تربيته وإعداده لمواجهة أعباء الحياة بإتمام تعليمه أو مساعدته على احتراف حرفة أو امتهان مهنة حتى يستطيع القيام بشؤون نفسه، مع الإشراف على شؤونه المالية والحلول محله في تصرفاته بما يضمن مصلحته، ويغطي حاجياته أي أن النيابة الشرعية عن القاصر في شؤونه الشخصية والمالية تكون إما ولاية أو وصاية أو تقديما. ويقصد بالنائب الشرعي وفق مدونة الأسرة: الولاية (الوالي): هي النيابة التي يمارسها الأب أو الأم الراشدة عند عدم وجود الأب أو فقد أهليته عن أبناءه القاصرين. الوصاية (الوصي): هي النيابة التي يمارسها وصي الأب أو وصي الأم بموافقة قاضي القاصرين أثناء حياته للمحافظة على أموال أبنائه القاصرين والنظر في مصالحهم وتدبير شؤونهم وذلك بعد مماته التقديم (المقدم): النيابة التي يمارسها الشخص الذي يعينه القاضي لإدارة وتسيير أحوال القاصر الذي لا أب له ولا أم تتوفر فيها شروط الولاية ولا وصي له ومما يشترط في المقدم أو الوصي أن يكون ذا أهلية كاملة حازما و أمينا . إلى جانب ولاية الأب و الأم الراشدة عند عدم وجود الأب أو فقده أهليته فإن هناك ولاية عامة يمارسها القاضي تخوله سلطة المراقبة والإشراف على النيابات القانونية ضمن دائرة نفوذه، بالإضافة إلى الأشخاص السابق ذكرهم كنواب شرعيين فإنه وطبقا للمادة 232 من المدونة يمكن للمؤسسة التي يوجد القاصر تحت رعايتها الفعلية أن تعتبر نائبا شرعيا ريثما يعين له القاضي مقدما. ويقصد بالولاية تدبير شؤون القاصر الشخصية والمالية وهي نوعان ولاية على النفس وتشمل الإشراف على شؤون القاصر الشخصية من تأديب وتعليم وتطبيب وتزويج وتطبيب، وتزويج، وتشغيل ونحو ذلك وولاية على المال وهي الإشراف على شؤون القاصر المالية من حفظ واستثمار، وتصرفات في ماله كالرهن والبيع وغيره . وقد حصرت مدونة النيابة الشرعية عن القاصر في ستة أشخاص وهم: الأب الذي لم يبغ سن الرشد، والذي لم يثبت سببا من أسباب نقصان أهليته أو انعدامها؛ الأم البالغة سن الرشد، وبلم يثبت سببا من أسباب نقصان أهليتها أو إنعدامها، وتمارس هذه النيابة عند عدم وجود الأب، إما بسبب وفاته، أو غيبته في مكان مجهول، أو كونه مجهولا أصلا و عدم ثبوت نسب الولد القاصر إليه قضاء أو فقد أهليته. وصيب الأب المتوفر على الشروط القانونية، وذلك لانعدام وجود الأب والأم؛ وصي الأم المتوفر على الشروط القانونية، وذلك في حالة عدم وجود الأب والأم ووصي الأب؛ القاضي؛ مقدم القاضي لتوفره على الشروط القانونية في حالة عدم وجود الأب والأم ووصي الأب ووصي الأم؛ غير أن هناك حالات كثيرة لوجود قاصرين تحت الرعاية الفعلية لأشخاص على وجه البر والإحسان أو تحت الرعاية الفعلية لمؤسسات اجتماعية، وفي هذه الحالة يكون هؤلاء القاصرين في حاجة لمن ينوب عنهم بصفة قانونية في شؤونهم الشخصية، ولأجل ذلك تضمنت هذه المادة أن الشخص الراعي للقاصر، أو المؤسسة الراعية له يعبر نائبا شرعيا بخصوص شؤونه الشخصية من تعليم وتطبيب وتشغيل وغيرها، ريثما تعين لع المحكمة مقدما طبقا لأحكام المادة 244 وما بعدها، وتبرز هذه الحالة بوضوح عندما يأمر وكيل الملك بإيداع الطفل موضوع طلب التصريح بالإهمال أو المصرح بإهماله مؤقتا بإحدى المؤسسات … أو لدى أسرة أو امرأة ترغب في كفالته أو في الرعاية فقط… وذلك إلى أن يصدر الأمر بشأن الكفالة، طبقا للمادة 8 من القانون رقم 15.01 المتعلق بكفالة الأطفال المهملين الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.02.172 بتاريخ فاتح ربيع الأخر 1423 (13 يونيو 2002). ثم إن أهم المقتضيات التي نصت عليها مدونة الأسرة في موضوع النيابة الشرعية، التأكيد في المادة 231، على أن صاحب النيابة الشرعية هو الأب الراشد ثم الأم الراشدة عند عدم وجود الأب أو فقد أهليته، فوصي الأب، ووصي الأم، فالقاضي، ومقدم القاضي. فأصبحت بذلك الأم نائبا شرعيا بقوة القانون عند عدم وجود الأب أو فقد أهليته. كما أنه في حالة وجود قاصر تحت الرعاية الفعلية لشخص أو مؤسسة فإن هذا الشخص أو المؤسسة يعتبر نائبا شرعيا للقاصر في شؤونه الشخصية ريثما يعين له القاضي مقدما . ويقوم النائب الشرعي بالعناية بشؤون المحجور الشخصية من توجيه ديني وتكويني وإعداد للحياة، كما يقوم بكل ما يتعلق بأعمال الإدارة العادية لأموال المحجور، كما أن للأم أن تقوم بالمصالح المستعجلة لأولادها في حالة حصول مانع للأب . كما أنه حتى في حالة وجود وصي للأب على الولد المحجور بالإضافة إلى الأم، فإن مهمة الوصي تقتصر على تتبع تسيير الأم لشؤون الموصى عليه ورفع الأمر إلى القضاء عند الضرورة أو الحاجة . هذا وإنه لا يخضع الولي (سواء كان الأب أو الأم) لرقابة القضاء القبلية في إدارته لأموال المحجور، كما لا يفتح ملف النيابة الشرعية له، إلا إذا تعدت قيمة أموال المحجور مائتي ألف درهم. إلا أنه للقاضي المكلف بشؤون القاصرين النزول عن هذا الحد والأمر بفتح ملف النيابة الشرعية إذا ثبت أن ذلك في مصلحة المحجوز . ولعل هذا التجديد فيه رفع للمشقة على الأم حينما تكون قيمة أموال المحجور بسيطة، كما أن فيه حماية لأموال المحجور عندما تكون ذات قيمة كبيرة (أي تزيد عن مائتي ألف درهم)، بحيث أن المشرع أوجب في هذه الحالة فتح ملف النيابة الشرعية حتى ولو كان الولي هو الأب، وذلك لكي يكون تحت رقابة القضاء. ثم إن قسمة مال المحجور المشترك مع الغير هي من اختصاص محكمة الموضوع، التي يقدم إليها مشروع القسمة لكي تصادق عليه بعدما تتأكد من عدم وجود حيف أو غبن على المحجور، عن طريق إنجاز خبرة في الموضوع، وذلك حتى ولو كان هناك اتفاق وتوافق بين جميع الشركاء لوجود محجور بينهم . المبحث الثاني: مكانة النيابة الشرعيةودورها في حفظ الحقوق. أهم ما يطمح إليه الإنسان في دنياه، ومن أعز الأمنيات على قلبه، وأجمل الرغبات في نفسه: أن يرزقه الله ذرية طيبة وولداً صالحاً؛ وقد وصف الله عزَّ وجلَّ عباده بأنهم يدعونه أن يهب لهم ذرية نقية صالحة تسعدهم، يقول الله تعالى:﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ ، فالأطفال نعمة كبرى على الناس؛ تملأ حياتهم بهجة وسرورا،وتزيدها أنسا وحبورا، وتمنحهم راحة واستقرارا، ويعيشون سعادة وأمانا. وهم مصابيح البيوت، وقرة العيون، وفلذات الأكباد، وبهجة الأعياد، ونبض المجتمعات، وهم أحباب الرحمن، وهم زهرة اليوم وثمرة الغد وأمل المستقبل، ويقاس بنضجهم وتقدمهم ونجاحهم تقدم الأمم ونجاحها، قال الله تعالى: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا﴾ . والعالم بأسره اليوم يعيش مرحلة تاريخية حافلة بالاهتمام العالمي على صعيد الدول والشعوب بالطفل والطفولة؛ حيث عقدت عدة مؤتمرات دولية، وصدرت إعلانات وصُدقِّت عهود ووُقِّعت اتفاقيات تتعلق بالأطفال وحقوقهم والعناية بهم. وإذا كان العالم اليوم يسعى إلى رفع مستوى الطفولة وعلاج مشكلاتها بالأقوال؛ فإن الشريعة الإسلامية قد عنيت بالطفولة أيما اعتناء، وعملت على حمايتها وحل مشكلاتها بالأفعال والأعمال التي ستظل خالدة على مر الزمان. ومما نفخر ونعتز به أن الإسلام له أياديه البيضاء على الأطفال والطفولة، حيث حفلت آيات الكتاب العزيز، وسيرة النبي وأحاديثه الشريفة بالاهتمام البالغبالأطفال والعناية بهم وهنا يظهر مكانة النسابة الشرعية في الشريعة الإسلامية ومدونة الأسرة باعتبار أن هذه الأخيرة الشريعة الإسلامية أهم مصادرها كذلك النيابة الشرعية تلعب دورا هاما في حفظ الحقوق وللتفصيل في ذلك. وللتفصيل أكتر في ذلك سنخصص (المطلب الأول) لمكانة النيابة الشرعية بين الشريعة والقانون. بينما سنتطرق في ( المطلب الثاني) لدور النيابة الشرعية في حفظ الحقوق. المطلب الأول: مكانة النيابة الشرعية بين الشريعة والقانون: لقد وضعت الشرعية الإسلامية نظاما خاصا للحفاظ على مال الصبي لعجزه عن الحفاظ عليها بنفسه ويتمثل هذا النظام في الولاية على مال القاصر. الولاية على المال نيابة شرعية يتولى بموجبها الولي الشرعي حفظ وتنمية أموال من تحت ولايته لعجزه عن النظر فيها تحقيقا لمصلحة المولي عليه. وتعرف الولاية على المال أيضا بأنها إشراف الوالي على المال الصغير والمحافظة عليه وتتمينه واستثماره وإجراء التصرفات القانونية التي تقتضيها مصلحة الصغير من الناحية المالية، وهذه الولاية هي سلطة يمنحها الشرع لشخص على شخص أخر تجعل تصرفاته نافذة في حقه دون رضاه. فمكانة النيابة الشرعية في الفقه الإسلامي إذن لا تقل أهمية عن مكانة النيابة الشرعية في القانون الوضعي المغربي بل أن هذا الأخير تأثر أساسا بما ورد في الفقه المذكور الذي يعتبر المصدر الأساسي لما سنه المشرع وخاصة في مجال الأسرة والتطرق لمكانة النيابة الشرعية يفرض علينا أولا التطرق لمكانتها في الشريعة الإسلامية ( الفقرة الأولى) ثم مكانتها في مدونة الأسرة ( القفرة الثانية). الفقرة الأولى: مكانة النيابة الشرعة في الشريعة الإسلامية لقدجاءالإسلامديناًشاملاًيُصلحوضعاًبشرياًمشوباًبمظاهرمنالظلمفيالتعاملمعالخلق،والتعاملمعالخالق. ومنذلكالإصلاحالذيجاءبهالإسلام: إصلاحالتعاملمعالطفولة،فلقدكانالطفلفيالمجتمعالجاهلييتعرضلجملةمنالانتهاكاتمنأبرزها،فقدانهلوجودهجراءجنسه،وهذاماأثبتهالقرآنحيننعىعلىالجاهلينقتلهمووأدهمالإناثحيثقالتعالى: ﴿وَإِذَا الْمَوْءودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَت﴾ قالالطبريرحمهاللهالموءودة: (المدفونةحية،وكذلككانتتفعلالعربببناتها) فهذاالانتهاكالصارخلوجودالطفلتهونمعهبقيةالانتهاكاتالتيكانيتعرضلهاالطفل. فقدكانالتعاملمعالأطفاليتسمبالقسوةوالشدةبشكلعام . لقد جاء الإسلام إذاً ليؤسس نظاماً متكاملاً للحقوق يضبط التعاملات بين الناس، ويؤسسها على أساس رشيد. وقد أولى الإسلام عناية خاصة بالنيابة الشرعية وخصوصا من الناحية المالية حيث أن النظام المالي في الإسلام واضح المعالم، محدد الأبعاد، ومبيَّن المصادر، فطرق الكسب المشروع: العمل، والتبادل، والتوارث، والهبات، ونحوها، وحق التملك ليس حكراً على الكبار المكلفين، بل يمكن للصغير قبل البلوغ، بل حتى للجنين في بطن أمه أن يتملك. فقد أثبتت الشريعة الإسلامية للجنين أهليةً لاكتساب الحقوق؛ فله الحق في الإرث والوصية والوقف، وللحفاظ عليه كَلَّف الإسلام مَن يقوم برعاية مال غير المكلف وحفظه، وصيانته واستثماره؛ سواء كان الطفل يتيماً أو حاضر الأبوين، ويسمى مَن يتولى ذلك ب (الولي الشرعي) على الطفل، ومعلوم في أحكام الشريعة الإسلامية أن الأب مُقَدَّم في هذه الولاية على غيره باتفاق ما لم يكن الأب سفيهاً أو ضعيفاً أو غيرَ عدل. وقد أمرت الشريعة الإسلامية بحفظ الأموال وعدم أكلها بالباطل حتى بين الكبار والراشدين قال الله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل﴾ وهذا حكم عام في مال الطفل الصغير والإنسان الكبير، وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾ .وهذا حكم خاص في مال الطفل اليتيم. ولقد اتفق علماء المسلمين على أحقية الطفل في الميراث ممن يستحق الإرث منهم، وإن كان جنيناً في بطن أمه، فإذا مات رجل وترك امرأته حاملاً، فإنه يُحْجَز للجنين أوفرُ نصيب من التركة، على أنه ذكر فيكون له سهمان، أو ربما أنه خنثى فيكون له ثلاثة أسهم وهناك تفصيل أكبر لهذه المسألة فيما لو كان الحمل لأكثر من جنين؛ توأمٍ أو أكثر. وما يخص البحث هو بيان دقة الشريعة الإسلامية في حفظ الحقوق الاقتصادية والمالية للطفل قبل ميلاده، وبعد ولادته حتى رشده. ومن الواجب الشرعي أن تستثمر أموال اليتيم وتحفظ له حتى يبلغ الرشد ثم تدفع إليه كما جاء في الأثر: “اتجروا في أموال اليتامى؛ لا تأكلها الزكاة . ومن الملاحظ في أحكام الشريعة الإسلامية أنها تبدى اهتماماً متميزاً باليتيم ذكراً أو أنثى، فقد أوجبت الإحسانَ في رعايته ومعاملته، وفرضت الحماية لأمواله المنقولة، وَفَصَّلَت الأحكام التي تكفل كامل الصون لكل حقوقه الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية. فليس لليتيم غير المميز (والحد الأقصى للتمييز: السابعة من عمره) حق التصرف في أمواله، وتكون جميع تصرفاته باطلة، لأن الطفل في هذه السن قاصر المقدرة على ترشيد قراراته، أو اتخاذ القراراتالمناسبة التي بها منفعة له. وأما تصرفات الصغير المميِّز (الذي تتراوح سنه ما بين سبع سنين وثمان عشرة سنة) فإنها صحيحة متى كانت نافعة له نفعاً محضاً، وباطلة متى كانتضارة له ضرراً محضاً؛ أما التصرفات التي تدور بين النفع والضرر؛ فإن لولي هذا القاصر أن يجيزها في الحدود التي يجوز فيها له التصرف ابتداء أو إجازة القاصر بعد بلوغه سنالرشد. وقد انقسمت المذاهب الفقهية الإسلامية حول من يتولى النيابة الشرعية فقد اعتبرت الحنفية أن والي المال بعد الأب هو وصيه المختار وذلك بسبب انتقال الولاية إليه بعد وفاته ثم للجد أو وصيه ثم للقاضي ومقدمه، ولا ولاية للزوج على مال الزوجة ولا للأم لعدم خبرتها بشؤون المال. أما الشافعية فقد اعتبرت أن الوالي بعد الأب هو الجد الصحيح وهذه الولاية مستمدة من الشارع الحكيم فهو في المواريث ينزل منزلة الأب ومنه فحتى وإن أوصى الأب من بعده غلا تصح وصايته مع وجود الجد المستوفي لشروط الولاية على أولاد إبنه بعد إبنه. أما المالكية والحنابلة فلا يقرون بولاية الجدة على مال الابن وذلك لأنه أبعد منه درجة فهو أقل شفقة منه. والأب درى بمصالح أولاده فبعد الأب يوكل للقاضي لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” السلطان ولي من لا ولي له”، مع العلم أنه لا يلي أمور القصر بنفسه بل يوكل أمورهم إلى من يعينهم من أوصياء. وحرمت أحكام الشريعة الإسلامية على الأوصياء والأولياء وغيرهم أن تمتد أيديهم إلى أموال اليتيم إلا بما ينميها ويحفظها ويرعاها، قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ﴾ . وحذرت تحذيراً شديداً من أكل أموالهم دون حق، ولا تُسَلَّم أموال اليتيم إليه إلا بعد أن يتجاوز سن الطفولة إلى التكليف إلى الرُشد، وبعد أن يصدر قرار أو حكم من القاضي بثبوت رشده وقدرته على تدبير شؤون أمواله وسلامة تصرفاته المالية، يقول الله تعالى: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا﴾ . هذا، ومن الملاحظ أن الشريعة الإسلامية قد انفردت بهذه التفصيلات في الأحكام دون سائر القوانين والنظم الوضعية، وهي الحقوق الاقتصادية للطفل والإنسان في الإرث والتملك . الفقرة الثانية: مكانة النيابة الشرعة في مدونة الأسرة لقد تطرقت مدونة الأسرة للنيابة الشرعية في الكتاب الخامس حيث اعتبرت أن النيابة الشرعيةعن القاصر تكون إما ولاية أو وصاية أو تقديم . وقد حددت المقصود بالنيابة الشرعية ومن يتولى هذه النيابة كذلك تطرق لصلاحيات ومسؤوليات النائب الشرعي معتمدة على ما أورده الفقه الإسلامي في هذا المجال بوجه عام والمذهب المالكي بوجه خاص. وقد شكلت مدونة الأسرة طفرة نوعية في مجال ضمان حقوق الأسرة بصفة عامة، وحقوق القاصر بصفة خاصة إذ جاءت بمقتضيات هامة في مجال الأهلية والنيابة الشرعية على القاصر باعتبار أن القاصر كان ولا يزال ذو أهمية قصوى مرتبطة بضرورة ضمان حقوقه لأن رعاية الطفولة على أسس سليمة أساس كل مجتمع يستهدف المحافظة على طاقته البشرية ويطمح إلى حياة أفضل. فالعناية بالكفل القاصر تمثل ضرورة اجتماعية ملحة، بهدف خلف الإنسان القادر على المساهمة الإيجابية الفاعلة في تنمية المجتمع والنهوض به . فمدونة الأسرة تضمنت نصوصا قانونية تحمي القاصر نظرا لنقص أهليته وعدم اكتمال رشده إذ أنه ليس له الحق التصرف في أمواله كيف يشاء لعدم قدرته على التمييز ما في مصلحته من غيره، مما يجعله عرضة لضعاف المجتمع، فكان لابد من ضوابط تحد من تصرفاته المالية من خلال تنظيم وتقييد تصرفاته وكذا من خلال فرض نظام النيابة الشرعية عليه حتى يقوم النائب الشرعي بحفظ أمواله وصيانة حقوقه ، وذلك عبر مجموعة من الصلاحيات منحها المشرع إلى النائب الشرعي تحت مراقبة القضاء. والملاحظ أن صلاحيات النائب الشرعي بخصوص بيع أموال القاصر تختلف بحسب ما إذا كان الحاجز وليا أو وصيا أو مقدما، حيث تعتبر تصرفات الوالي إزاء محجوزه بكونها محمولة على السداد بحسب الأصل إلى حيت بتوت العكس، لكون الوالي سواء كان أبا أو أما موفور الحنان على أبائه، ومن ثم فلا يتصور منه الإضرار بمصالح المجوز سواء كانت شخصية أو مالية، لإ إذا وقع ما من شأنه التأثير سلبا على مصلحة المولي عليه. غير أن تصرفات الوصي أو المقدم بخصوص بيع أموال القاصر لا ترقى إلى المستوى الثقة التي وضعها المشرع في الوالي حيث تحمل تصرفاتهما على الريبة والشك، وقد أفرد القانون لذلك مسطرة خاصة منظمة تنظيما دقيقا ومحكما. المطلب الثاني: دور النيابة الشرعية في حفظ الحقوق إن المشرع المغربي قد جعل النيابة الشرعية على القاصر إما ولاية أو وصاية أو تقديم ، ونص علة المقصود بالنائب الشرعي وهو الوالي _ وهو الأب والأم والقاضي _ والوصي _ وهو وصي الأب، ووصي الأم _ والمقدم وهو الذي يعينه القضاء فإنه حدد كيفية تسير نظام النيابة الشرعية بما فيه مصلحة للقاصر محددا مسؤولية وصلاحيات الأشخاص القائمين بالولاية أو بالوصاية أو بالتقديم، كما أخضع هؤلاء لمراقبة القاضي المكلف بشؤون القاصرين . والنائب الشرعي يتولى مهمة السهر على رعاية شؤون القاصر وصيانة حقوقه الشخصية والمالية. وإذا كانت هذه المهمة التي تلقى على عاتق النائب الشرعي ليست بالهينة، لتعلقها بحقوق طفل قاصر حرص الشرع الإسلامي على الحث على صيانة حقوقه، إذ يقول تعالى:﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ . كما يقول سبحانه: ﴿ولْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًاإِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾ . فقد بين الله جزاء الظالمين الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما وعدوانا نار جهنم المستعرة، لذا عليهم ألا يبذروها ولا يفرطوا في إنفاقها ومنه تظهير أهمية النيابة الشرعية في حفظ حقوق الأطفال. وعليه فالإنسان قبل استكمال كلها يسمى قاصرا، سواء كان فاقدا هذه الأهلية كلها كالصغير الغير مميز، أو كان ناقصا في المرحلة التي بين بين بدء سن التمييز والرشد على ما سلف بيانه. والقاصر في جميع الأحوال محتاج إلى ما يقيم حياته كحاجة الكبير الراشد نفسه، ولكنه لا يستطيع أن يتدارك بنفسه هذه الحاجات لعجزه بتاتا في دور الطفولة، والضعيف جسما وعقلا في طور التمييز، مما أوجب نقصان أهلية الأداء المندية فيه، لذلك، اتفقت الشرائع السماوية والوضعية على طريقة وحيدة يمكن أن تتكفل بذلك، سميت باسم الولاية أو النيابة الشرعية . فبسبب انعدام أو نقص الأهلية عند القاصر يكون عاجز عن ممارسة التصرفات القانونية بنفسه، ففي هذه المرحلة لا يستطيع القاصر تمييز ما فيه مصلحته، نظر لعدم اكتمال عقله و رشده. و ليس من العدل تركه يتصرف في أمواله، بما يجعله عرضة لخسارتها وهدفاً لضعاف النفوس من أفراد المجتمع، و من هنا كان البد من ضوابط تحد من تصرفاته المالية، و من هذه الضوابط فرض النيابة الشرعية عليه؛ حتى يقوم النائب بحفظ أمواله و دارتها ا ، و صيانة حقوقه و حمايتها. تعتبرالنيابة الشرعية من أولى و أهم الوسائل التي شرعها القانون للمحافظة على أموال القصر، من أي تصرف يضر بهم و يفوت مصالحهم، فهي تعتبر ضمانة من ضمانات حماية حقوق القاصر يخضع لها وجوباً وفقاً ألحكام القانون. والولاية تتضمن سلطة ذات فرعين: أحدهما: سلطة على شؤون القاصر المتعلقة بشخصيته ونفسه كالتزويج والتعليم والتطبيب والتشغيل وثانيهما: سلطة على شؤونه المالية من عقود وتصرفات وحفظ وإنفاق. ومن ثمة تنقسم الولاية إلى قسمين: ولاية على النفس وولاية على المال. وبما أن الولاية ذات ارتباط وثيق بنظام الأسرة ومصالحها وأن عمادتها حرص الوالي وقدرته على رعاية القاصر وصيانة حقوقه، كان الأصل في الولاية شرعا أن يتولاها من الأسرة أقرب الناس نسبا إلى القاصر كأب الصغير وأمه وابن المجنون . ومنه تظهر مدى أهمية النيابة الشرعية فيحفظ حقوق الأطفال القاصرين فمن حيث المال اعتنى الشرع بهذه الفئة وأقام من يتولى عليها في شؤونها المالية لذلك فليس في مقدروه إجراء تصرف مالي في مصلحته دون إشراف وتوجيه من قبل نائبه الشرعي، الذي أناطه القانون المغربي بمسؤوليات جسام اتجاه من يتولى تدبير أموره المالية والشخصية. خلاصة القول: يتبين من خلال ما سبق أنلحماية هؤلاء الضعفاء ورعاية مصالحهم الشخصية والمالية كان من الضروري إيجاد وسائل الشرعية تحقق هذا الغرض، وهذه الوسائل تتجلى في إقامة الولاية. على أمولهم وأنفسهم، فلو لم تشرع الولاية لتضرر هؤلاء من جراء سوء تصرفهم وعدم خبرتهم، لذلك كان على الصبي بحكم ضعفه خاضعا لنظام الولاية، وهذه الاخيرة قد يكون مصدرها الشرع مباشرة ، كولاية الأب والقاضي، أو عن طرق الوصاية ، وصي الأب ، أو عن طريق التقديم، كما في مقدم القاضي. كما أن المشرع الأسري المغربي نظم أحكام الولاية في مدونة الاسرة، المستمدة من الفقه الاسلامي بوجه عام والفقه المالكي بوجه خاص تحت عنوان النيابة الشرعية، حيث حظيت هذه الأخيرة اهتمام المشرع المغربي سواء في مدونة الأسرة الحالية أو في مدونة الأحوال الشخصية الملغاة. حيث تناولها في القسم الثاني من الكتاب الرابع، مخصصا لها المواد من 229 إلى 276، محددا الأشخاص المكلفون بها وصلاحياتهم ، وكذا الهيئات التي تتولى الرقابة عليها. ويقصد بالنيابة الشرعية مختلف التصرفات القانونية التي يجريها شخص بالنيابة عن شخص أخر انعدام أهليته أو لنقصانها بسبب صغر في السن أو الجنون أو سفه ،فهي بهذا المفهوم نظام مرتبط اشد الارتباط بأحكام الأهلية المدنية للفرد، وقد وصفت هذه النيابة بالشرعية لأنه من تنظيم المشرع أولا ومن الفرد ثانيا. وما دام لنائب الشرعي الوصاية على شخص المحجور وأمواله، فإنه يتعين عليه القيام بالصلاحيات المخولة له قانونا على الوجه المطلوب، لذلك أحاطات مدونة الأسرة إدارة وتسير شؤون القاصر بعناية خاصة، واعتبرت كل تقصير في هذا التسيير يستوجب التدخل القضائي لرفع هذا الحيف وتصحيح الوضع، بل جعلت سوء إدارة شؤون القاصر ضررا يستوجب ترتيب مسؤولية. وما يلاحظ في هذا الإطار أن المشرع الأسري المغربي احتفظ للولي بمكانة متميزة على غرار الفقه الإسلامي في إدارته لمصالح أبنائه القاصرين، من خلال إعفائه من المسؤولية، وإن كان المشرع فرض عليه نوع من الرقابة البعدية كمستجد جاءت به مدونة الأسرة، من خلالها يتمكن القضاء تتبع كيفية إدارته لتلك المصالح، على خلاف الأمر الذي الوصي والمقدم الذي أخضعهم الشرع والقانون للمحاسبة في إدارتهم لشؤون القاصر. لائحة المراجع: القرآن الكريم. السنة النبوية. مدونة الأسرة قانون الالتزامات والعقود مدونة الأحوال الشخصية عبدالله السنوسي التناني، شرح مدونة الأسرة في إطار المذهب المالكي وأدلته، دراسة تأصيلية مقارنة على ضوء المذاهب الأربعة، الجزء الرابع الأهلية والنيابة الشرعية. محمد ابن محجوز، أحكام الأسرة في الشريعة الإسلامية وفق مدونة الأحوال الشخصية عبد الكريم شهبون، الشافي في شرح مدونة الأسرة الجزء الثاني، مكتبة الرشاد سطات 2006 وزارة العدل، دليل علمي لمدونة الأسرة قوادري وسام، حماية أموال القاصر على ضوء التقنين المدني وتقنين الأسرة، دراسة نقدية تحليلية مقارنة، مذكرة تخرج لنيل دبلوم الماستر في القانون، جامعة أكلي محمد أولحاج- البويرة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، أسية بنعلي، مركز القاصر في مدونة الأسرة من خلال كتابي الأهلية والنيابة الشرعية ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، كلية الحقوق طنجة، عبد الكريم شهبون، شرح مدونة الأحوال الشخصية الجزء الثاني. محمد الشافعي، الزواج وانحلاله في مدونة الأسرة مقال تحت عنوان الأهلية والنيابة الشرعية على ضوء الفقه ومدونة الأسرة، منشور في موقع http://www.droitetentreprise.com مقال تحت عنوان: ” حقوق الطفل في الشريعة الإسلامية وتطبيقاتها في أنظمة المملكة العربية السعودية”، منشور في موقع. محمد قاسمي، مسطرة بيع أموال القاصر المنقولة في التشريع المغربي، مقال منشور في مجلة الباحث للدراسات القانونية والقضائية العدد الأول، غشت 2017 محمد قاسمي، مسطرة بيع أموال القاصر المنقولة في التشريع المغربي، مقال منشور في مجلة الباحث للدراسات القانونية والقضائية العدد الأول، غشت 2017 . * باحث في سلك الماستر المغرب ؛ تطوان.