أصدرت المحكمة الابتدائية بالرباط، بتاريخ 05-12-2018 حكما يقضي “بإبطال القرار التأديبي المؤرخ في 21-10-2017 الصادر عن المكتب التنفيذي لاتحاد كتاب المغرب القاضي بإلغاء عضوية المدعية ليلى الشافعي وتحميل المدعى عليه الصائر. وقضت نفس المحكمة في دعوى القذف والسب التي رفعها ضدي رئيس الاتحاد المنتهية ولايته، بتاريخ 05-02-2019 بعدم قبول الشكاية وتحميل رافعها الصائر مع إرجاع مبلغ الضمانة بعد خصم مبلغ الرسم الجزافي. لم أطلع بعد على تعليل الحكم الثاني، بالنظر إلى لزوم قليل من الوقت لتحرير دوافع هذا الحكم، إذ تم الاطلاع على منطوق الحكم في الموقع الإلكتروني للمحكمة الابتدائية، غير أن من بين أهم تعليلات الحكم الأول كان ما يلي: – صدور قرار إلغاء العضوية من غير ذي صفة، بسبب مخالفته لمقتضيات الفصلين 6 و7 من النظام الأساسي، ذلك أنه عملا بأحكام الفصلين المذكورين فإن المؤتمر العام للاتحاد ينعقد كل ثلاث سنوات، وأن من اختصاصاته انتخاب رئيس اتحاد كتاب المغرب وانتخاب مكتبه التنفيذي، وأن الثلاث سنوات لانعقاد المؤتمر انتهت في شتنبر 2015 وبانتهاء هذا الشهر، لم تعد لأجهزة الاتحاد المنتخبة صلاحية اتخاذ أي قرار بما فيها قرارات إلغاء العضوية. – مخالفة الفصل الرابع من النظام الأساسي لاتحاد كتاب المغرب، لأن المكتب التنفيذي لم يستمع إلى العارضة قبل إصدار قرار إلغاء عضويتها، وأنه رغم قرار الطعن في العضوية المؤرخ في 13-11-2017 فإن المكتب التنفيذي ولجنة العضوية لم يبثا في الطعن المذكور. – ضعف تعليل قرار إلغاء العضوية بسبب الغموض والتعميم، حيث إنه نسب للعارضة الإخلال بأهداف الاتحاد دون تحديد الأهداف التي تم الإخلال بها، ودون تحديد نوع الضرر الذي لحق بالاتحاد ونوع المساس بكرامة أعضائه ونوع التشهير بهم. لقد نقلت حرفيا أهم تعليلات الحكم القاضي بإبطال قرار إلغاء عضويتي الذي اتخذه المكتب التنفيذي، وعلى رأسه “رئيس الاتحاد” في حقي. في كلتا الحالتين، الحكم كان لصالحي. ولو أن رئيس اتحاد كتاب المغرب المنتهية ولايته، قَبِل طلب عدد من الكتاب بسحب الدعوة، رأفة بمؤسسة الاتحاد التي تجرجر لأول مرة في المحاكم، لكان حافظ على ماء الوجه، لكنه تمادى في غيّه فكان أن أعادته المحكمة إلى مكانه الطبيعي. ليست لديّ أية مشكلة مع عبد الرحيم العلام كشخص، وقد سبق لي أن قلت ذلك وأعدته مرارا. فمشكلتي مع رئيس اتحاد كتاب المغرب عندما كان رئيسا وبعد انتهاء ولايته وتشبثه مع ذلك بالكرسي. ومشكلتي معه تتلخص في اختلافي معه حول تدبير مؤسسة الاتحاد. فأنا أرى أنه أساء تدبير هذه المؤسسة، سواء من الناحية الإدارية أو المالية، وسواء أثناء ولايته الأولى، أو أثناء “الولاية” الثانية وبداية الثالثة اللتين اغتصبهما دون حق. بعد هذا “النجاح”، أتصور لو أنني رفعت قضايا على كل قرار فردي اتخذه “رئيس” الاتحاد، لكنت قد حققت إنصافا لا بأس به للاتحاد، رغم قناعتي بأن قضاياه يجب أن تناقش داخل أجهزته وأن لا تصل أبدا إلى ردهات المحاكم. أذكر من بين القارارات التي استفرد الرئيس المنتهية ولايته في اتخاذها، بيع سيارة الاتحاد للعون إبراهيم بقرار فردي وعدم شراء سيارة أخرى كما كان يدعي، (إفقار الاتحاد)، كثرة الاتفاقيات التي دفع المكتب التنفيذي إلى التوقيع عليها دون متابعتها أو تحويلها لبرامج ملموسة، إيقاف نشاط كبير بعد تقدم عضوة في المكتب في الاشتغال عليه بسبب عدم اتفاقه مع بعض الأسماء المرشحة، والتي يحقد عليها بسبب مواقفها منه، مساندته لفاسد على حساب عضو في المكتب التنفيذي دفعه رفضه لذلك إلى تقديم استقالته من هذا المكتب؛ إضاعة المال العام في تنظيم مناظرتين عوض واحدة، الأولى بمدينة إفران، والثانية بطنجة، ولم تتم الاستفادة قيد أنملة من مناظرة إفران نظرا لصراع العلام مع عبد الدين حمروش منظم المناظرة الأولى التي اعتبرت “تحضيرية”، كما أنه لم يتتبع ما اقترحه عامل إفران من وضع إقامة في ضواحي هذه المدينة لتفرغ الكتاب، فضلا عن تعيينه لسعيد كوبريت، “الكاتب العام السابق” المنتهية ولايته، كممثل للاتحاد في المجلس الوطني للصحافة، وأخيرا وليس آخرا، حصوله على منصب نائب الرئيس لاتحاد كتاب أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية الذي نظم مؤتمره مؤخرا بالرباط، رغم مقاطعة اتحادات الكتاب العربية له. إن تاريخ انعقاد مؤتمر اتحاد كتاب إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية كان هو نفس التاريخ الذي حدده مؤتمر طنجة لعقد المؤتمر الاستثنائي (من يونيو إلى يناير، يعني ستة أشهر)، وكان حريا بالرئيس المنتهية ولايته أن يستعمل الأموال المرصودة في تنظيم مؤتمر أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية في تنظيم المؤتمر الاستثنائي لاتحاد كتاب المغرب. غير أن هذا “الرئيس” الذي يتعامل مع هذا الأخير كبقرة حلوب، بحيث يولي أهمية أكبر لما سيحققه من مصالح، كالحصول على نيابة رئاسة اتحاد كتاب أفريقيا وآسيا وتكريمه رفقة الأمين العام السابق لهذا الاتحاد محمد سلماوي. يستخلص من هذه القرارات وغيرها كثير، أن الرئيس المنتهية ولايته منذ أكثر من أربع سنوات، ترشح لرئاسة الاتحاد وليس في نيته أدنى هاجس لخدمته وخدمة تاريخه المشرف. لقد كان يفكر منذ البداية في إرضاء مصالحه الخاصة ولو على حساب إقبار هذا الاتحاد. لقد نهج سياسة أنا وبعدي الطوفان؛ إذ ما زال يتخذ القرارات في اغتصاب مشين للرئاسة ضدا على جل الكتاب المغاربة، وهو حاليا يعتبر اللجنة الصادرة عن “المؤتمر” الأخير بطنجة، والتي أوكل لها تحضير شروط انعقاد مؤتمر استثنائي في تاريخ أقصاه ستة أشهر، هذا التاريخ الذي انطلق عَدُّه ابتداء من 22 يونيو الماضي. وها قد مر أكثر من سبعة أشهر على ذلك، دون أن يعلم أحد بما يحاك في الخفاء. كما أن الرئيس المنتهية ولايته منذ 2015، يصر على اعتبار اللجنة مجرد “لجنة مساعدة له وللمكتب التنفيذي في التحضير لمؤتمر “وطني” وليس استثنائي، وقد اقترح تنظيم لجينة مصغرة تهتم باللوجستيك. وهو في هذه المرة، سيماطل إلى أن تنتهي الأشغال بدار الفكر ليستولي عليها. عندما عدت إلى المادة المنشورة لم أعثر على ما يفيد السب والقذف خارج السياق، فقد كنت أعبر عن مشاعري بطريقة أدبية في مواجهة بعض مواقف “الرئيس” التي كانت تثير فيّ الاشمئزاز. كما أن ما كان يهمني من المقال هو الاختلالات المالية والتدبير السيئ للاتحاد، وفي هذا الإطار كنت أتحدث. ولم أتوجه إليه أبدا بعبارات مثل “أنت حقير، أو وضيع أو خسيس”، لم أنزل إلى هذا المستوى رغم نزوله هو عندما قال “حتى هاذيك العرجة تحلّ ليها الفم” ووصمني في إحدى مقالاته الهستيرية في سخرية جارفة وبعض الإيحاءات المثيرة ب”الطاهرة” (واضعا المردوجتين)، وبأنه يعرف المقهى الذي أملى علي فيه الكاتب حسن نجمي ما كتبته، رغم أن نجمي لم يكن حاضرا معنا في المكتب التنفيذي ليطلع على دواخل الاتحاد. لكنني أعذر “سعادة الرئيس”، لأن ذكوريته المستفحلة لا تسمح له بتصور امرأة قادرة على كتابة ما كتبت، وأخشى لو عبرت بصراحة عن موقفي منه حاليا أن يرفع ضدي دعوى ثانية بالقذف والشتم، لذلك سأبتلع اشمئزازي. إنني أعرف جيدا إلى أين يتجه “رئيس” الاتحاد بنفسه وبهذا الأخير. إنه يتوشح بكل هذا الصبر في انتظار انتهاء أشغال المقر للاستيلاء عليه. وهو لذلك أصبح عصبيا ويملك حساسية مفرطة إزاء كل من أشار إليه ببنان، ويطلق لسانه في شتائم اتجاه كل من انتقده أو أسدى له نصيحة ما. لذلك كثرت الدعاوي التي رفعت ضده من بعض المثقفين والكتاب، كما أن اتحاد الأدباء العرب اتخذ في حقه قرارا بتجميد العضوية. لقد ازدادت قناعتي بأن رئيس الاتحاد المنتهية ولايته شخص مريض، وعليه أن يراجع طبيبا نفسيا، إذ من غير الممكن أن يفتح شخص سوي، يوجد في الوضعية التي يوجد فيها “الرئيس”، على نفسه كل هذه الجبهات. عله يعتبر أن وسام الكفاءة الفكرية الذي سلمه له الملك محمد السادس بمثابة حصانة تمكنه من فعل أي شيء خارج العقاب والمحاسبة. إذ أنه لم يتوقف عن الإشارة إليه كأنه خشبة النجاة. ففي الجلسة الأخيرة، قال للقاضي بالحرف وفي مسكنة لا مثيل لها “أنا حاصل على وسام الكفاءة الفكرية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله”، وأُخْبِرت أنه دافع عن نفسه مشيرا إلى حصوله على ذات الوسام، يوم وقف في المحكمة في مواجهة طليقته التي رفعت عليه دعوى بالنفقة. كما أنه أخرج هاتفه لِيُوري أعضاء اتحاد كتاب الصين في بكين صوره وهو يتسلم الوسام الملكي، هذا فضلا عن إثارته لجائزة مانهاي التي اغتصبها بدون موجب حق، إذ أنه نالها على مشروع كان للمكتب التنفيذي سمي بمشروع “قطار القراءة”، وهو يقضي بوضع منشورات الاتحاد في محطات القطار يتسلمها المسافرون مجانا ليقرؤوها أثناء سفرهم. وهو مشروع ظل حبرا على ورق. لا أعرف إلى متى سيستمر الرئيس المنتهية ولايته في غيه، ولا أعرف ما مصير اتحاد كتاب المغرب في هذا التلاطم الذي لا يريد أن ينتهي، لكن ما أعرفه هو أنه، رغم إنصاف المحكمة لي، فإن الخاسر الأول والأخير في القضية، هو اتحاد كتاب المغرب.