المغرب يحتفي بالذكرى ال 68 لتأسيس القوات المسلحة الملكية    تحليل آليات التأثير الثقافي في عصر الرقمنة    إضراب يشل المؤسسات العمومية يوم غد الثلاثاء    صرف الدرهم يتقلب أمام الدولار واليورو    طقس الثلاثاء.. عودة التساقطات المطرية بعدد من الأقاليم    طنجة.. إحباط محاولة للتهريب الدولي ل4750 قرص طبي مخدر    مباراة توظيف 139 منصب بوزارة التربية الوطنية 2024    الدورة ال23 لجائزة الحسن الثاني لفنون الفروسية التقليدية "التبوريدة" من 27 ماي إلى 2 يونيو المقبل بدار السلام بالرباط    هذه تفاصيل العقوبات الصادرة في حق الأساتذة الموقوفين : مولاي امحمد الشهيبات: خروقات قانونية شابت المجالس التأديبية من حيث الشكل كما انعدمت فيها الضمانات التأديبية    رشيد الطالبي العلمي في زيارة عمل برلمانية لجمهورية الصين الشعبية    ماركا: إبراهيم دياز قطعة أساسية في تشيكلة ريال مدريد    لجنة تفتيش تنفي "سيطرة" بارونات المخدرات على سجن تولال بمكناس    توقيف شاب في أكادير بتهمة السكر العلني والإيذاء العمدي    مبيعات الاسمنت تتجاوز 4,10 مليون طن نهاية شهر أبريل    الطلب والدولار يخفضان أسعار النفط    الزمالك يشهر ورقة المعاملة بالمثل في وجه بركان    شح الوقود يهدد خدمات الصحة بغزة    هام لتلاميذ البكالوريا بالناظور.. هذه هي تواريخ الامتحانات والإعلان عن نتائجها    المهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة يحتفي بالسينما المالية    محامو المغرب يدخلون على خطّ اعتقال محامية في تونس.. "اعتقال الدهماني عمل سلطوي وقمعي مرفوض"    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    من البحر إلى المحيط.. لماذا يتحول مسار الهجرة من المغرب إلى أوروبا؟    إضراب وطني يفرغ المستشفيات من الأطباء والممرضين.. والنقابات تدعو لإنزال وطني    سي مهدي يثور في وجه بنسعيد    حماقات النظام العسكري الجزائري تصل للبطولة الوطنية    الارتفاع يطبع تداولات بورصة الدار البيضاء    الدار البيضاء تحتفي باليوم الوطني للمسرح    تليسكوب "ليزا"...    كأس الكونفدرالية الإفريقية: نهضة بركان يفوز على الزمالك المصري في ذهاب النهائي (2-1)    شطيرة نقانق عملاقة تزين ساحة "تايمز سكوير" بنيويورك    قنصلية متنقلة لفائدة مغاربة إسبانيا    من يجبر بخاطر المتقاعدين المغاربة؟!    تحقيق السيادة في مجال الذكاء الاصطناعي    مصر تُهدد بإنهاء "كامب ديفيد" إذا لم تنسحب إسرائيل من رفح    الأساطير التي نحيا بها    الدرس الكبير    السينما في الهوامش والقرى تشغل النقاد والأكاديميين بالمعرض الدولي للكتاب    هل انفصلت فاطمة الزهراء لحرش عن زوجها؟    الاشتراكيون يفوزون في انتخابات إقليم كتالونيا الإسباني    "المراهنة على فوضى المناخ".. تقرير يفضح تورط المصارف العالمية الكبرى في تمويل شركات الوقود الأحفوري    ليلة ثالثة من الأضواء القطبية مع استمرار عاصفة شمسية "تاريخية"    تراجع صرف الدولار واليورو بموسكو    فيلم الحساب يتوج بالجائزة الكبرى في برنامج Ciné Café    نقابة تُطالب بفتح تحقيق بعد مصرع عامل في مصنع لتصبير السمك بآسفي وتُندد بظروف العمل المأساوية    لماذا قرر حزب بهاراتيا جاناتا الهندي الحاكم أن لا يخوض الانتخابات في إقليم كشمير؟    ما الذي قاله مدرب نهضة بركان بعد الانتصار على الزمالك المصري؟    "إغلاق المعبر يعني أن أفقد قدمي الثانية" شهادات لبي بي سي من مرضى ومصابين في رفح    كرة اليد.. اتحاد طنجة يتأهل لربع نهائي كأس العرش    إبراهيم صلاح ينقذ "رين" من خسارة    وفاة أول مريض يخضع لزرع كلية خنزير معدل وراثيا    مركز متخصص في التغذية يحذر من تتناول البطاطس في هذه الحالات    العنف الغضبي وتأجيجه بين العوامل النفسية والشيطانية!!!    الأمثال العامية بتطوان... (596)    القضاء المغربي يصدر اول حكم لصالح مواطنة اصيبت بمضاعفات صحية بسبب لقاح كورونا    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    الأمثال العامية بتطوان... (595)    بتعليمات ملكية.. تنظيم حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية لحج موسم 1445 ه    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نص المدينة و أبوابها الأربعة
نشر في طنجة الأدبية يوم 26 - 03 - 2009


الباب الأول :
وحيدةً كالفارس المارد تدخن المدينةُ أضلع صدرها الواسع سعة البحر . . وحيدةً كالغريب تتيه العيون الجافة تبحث زاحفة في بيداء شوارع ضيقة .. كانت في الأمس القريب مرتعا لأرجوحتي .. مدينتي الآن ليست مدينتي .. و لا تعرفني .. و لها أكثر من وجه .. حيث أنا تعلمت فن السباحة داخل أقفاص ماء السواقي كانت قبلتي الأولى إلى عوالم لعب الكبار قبل الصغار .. أرصفة مشروخة الوشم تعلوها التجاعيد .. أشجار صفصاف سامقة حبيسة شحوب المعاني القديمة .. كبلتها غيمات السجائر اللعينة .. أين بريق شعلة الدروب .. و رائحة الفوانيس العائمة في بياض البيوت الحجرية .. لماذا اعتقلتها دوريات الشرطة الوافدة ..؟ متى اختفت و صارت العبرة مجرد ذكرى .. و قد قيل سافرت على متن صهوة شوق الأهالي الجليل في ليلة ظلماء عبوسة الوجه إلى أمكنة بعيدة داخل أعماق الروح الهائلة .. حيث تم نفي مدينتي الواقفة هناك كجبل مارد .. لا ينتظر السقوط الآخر لجدار من قيم سوف يعود من سفر بعيد ..جميل هذا التهجير المعمد لحروف مدينة تقاوم الرمل .. رملهم و ليس رمل بحرنا الواعد ..
الباب الثاني :
قبل هذا السقوط الجذاب لألوان شمس تحرسني و أعرفها .. لمع نجم في يسار المدينة .. لكنه نجم كباقي النجوم التي مرت من هنا .. لم يقو هو الآخر على هدم تماثيل القرية .. فخان العهد القديم .. حين صدق القمر و أفرط في مدح بحور الخليل .. و صعد إلى أسفل الجحيم .. فوق جسر هرِم معلق بخيوط من حرير في قمة هذا الهَرم .. هي الآن حروف تمضي في حماية وضع حافل بمجاهل كوابيس الأمس .. قلت و قالت معي فراشات البحر القادم : لا فرق بين ألوان شمس أخمد لهيبها فيضان الثلج ..
لكِ مدينتي الفاتنة العينين جلالة المساء .. و لك صفاء هذا السكوت المحمل بغيمات حبلى بأمطار الحجر .. عني الآن تزدادين ابتعادا و أحيانا تتواري عن أنظاري إلى حد لا يطاق .. حيث وجدت نفسي اليوم أتيه بين أدغال ركض أزرق لأجسام هذي الطريق الطويلة المزروعة بأنفاسي . هي ذي الآن تبدو لي المقاهي مكعبات ثلج مصقولة الكراسي بنظرات روادها المدعوين لمداعبة مدخنات يبس أزمنة عنيدة . أكره تحديقات صديق مستلب الذراع .. و بالحروف المتنازعة و المتقاطعة كأحلام جيران المدينة في جريدة حزبية مكبلة بترديد إملاءات الأقمار الخائنة العارية إلا من غصن توت تدمع عيناه .. من أكون سوى هذا التراب الممتد عبر أفق اختار الوقوف على تل من رماد صخر يستعد هازئا بالرياح لركوب شراع حرف من نار البحار .. داخل لعبة الأسماء الفارغة من أفعال الشمس المحتملة يولد الطفل الحزين . قلت سأتابع سيري الحذر إلى أمكنة عزيزة ترسم الفراشات حروفا تخترق و لا تنوي الوصول إلى شط دلالة نصوص تكتبني و لا أعرفها . الوقت يشربني في كأس يلعب بالأرجوحة .. و مدينتي المنكسرة الخطوات يرتديها الليل مخمورا ككل الليالي ..
الباب الثالث
هذا الحرف سفينة تبحر بي إلى المزيد من جزر ملح المدينة .. أقيم داخل زنزانة شوق .. يكتبني مدنا تنفث صمتا مقيتا .. أرى جسرا يشرده يبس الوقت .. رجالا و نساء و أطفالا تحت سقف مطر أشتهيه .. يصارعهم السؤال عن لون المحال .. أرى كرسيا من حجر ينقش اسم ولده الجنين .. بين أزقة تحترق وردا في الجبين .. لكَ الجلالة أيها الحرف المغسول الوجه بماء البحر و الريحان ... و على رصيف المدينة يمد الضجرُ ذراعه المقوس إلى الأشجار المارة أمامه .. يطلب منهم قراءة مدن المنشور الوهّاجة .. فيردّون أنهم لا يحسنون العوم في مياه مستنقع لعين .. و كالطفل البحري أسأل حارس المدينة عن رائحة هذه الخريطة الممتدة عبر رمال من جحيم .. مَن يكون هذا السائل الأزرق في ليلنا البهيم ..؟؟
هو من فئة الكراسي المبتورة العين .. و هذه الجسور الوارفة الظل تصول صبورة في الدم .. و الحصون الشاهقة في العيون المعطلة .. ترسم أجمل الشروخ في وطن .. بالمزيد من خطب المواسم يؤسس حرمة الزنازن .. و أعمدة صهاريج الثلج .. يوشّحها بأوسمة من قصب ..
هي أفواه واسعة .. إلينا صدّرها زمن القحط .. حين انقلبت الأمكنةُ على وحشة الزمان .. فساد الظلام .. و تلاه ظلم البشر ..
من قبور جليد الصمت اللعين .. نهارا ستقفز النار باسمة في وجه حجر سرقته الرياح .. و كلما ارتفع حجمُ أرصدتهم في صدورهم .. اتسعت سماء الشوق في عيون هذي الجسور الجريحة .. و ازداد جمالا رشقُنا لهم .. بالمزيد من أوسمة حارقة كتبتها المدينة بأوجاع تسكن في الشمس .. و بين اندفاع موج السواعد في المدن السفلى .. و المهجورة المعنى .. على أرصفة محطاتنا الجريحة إلا من جليد قاماتنا المحشوة قسرا برائحة كأس تكاد تقتلها الوحدة .. و صرخات السيارات المدجّجة بلعنة صخب الوحشة .. تكنّسني حروفا أخرى خارج أسوار المدينة .. و زفيرُ صمت البحر يصلني ورداً أسود اللون .. من أعلى مسارح لغة عارية .. ترسم نجمات الزّيفِ قبل مَحْوِ أكوان الأمسِ .. فطوبى لكل الكلمات المفروشة ببساتين ورد مشدود إلى سلاسل من سجيل
مضيت أمتطي وحدتي .. و اخترقت .. بعد حين .. أهازيج هذه المدينة المكبلة بصمت شجر سجين ، و على رصيفها الفوّاح برصيد أجساد متعبة أعرفها .. حفرتُ اسم الجدار بين حروف أنهكها انتظار حارق .. و بفأس من زبد البحر .. كسرت تابوت الجسر اللعين .. و ألقيت بمعاني الصمت إلى قيامة حروف مدينة أخرى تقيم في مدن بلا ملح ...
الباب الرابع
سلاما يا زمن الأبواب الموصدة ، في وجه غيمات محملة بالثمار .. سلاما أيها الحرف الأحمر الموشوم برائحة مدينة عذراء سلمتني لمسافات جسور كلمة .. موعدنا الأغر مع كائن جميل .. بالحجر الحارق يحسن التحليق داخل علبة كبريت حتى الثمالة .. هي الشمس الشقيقة لأصغر بحور مدينتي المشدودة بشباك أحزاب قبيلة سليبة .. دربتها الحيتان الخبيرة بحالي .. كيف توقِع ليلا بالمزيد من ضحايا موسم الخطاب ..
الموت للكلام .. و الموت للظلام ..لا وقت بعد الآن .. لكلام يزيد أرض المعنى خرابا .. و لا مكان لسلام .. مشروخ الوجه تغذيه خفافيش ليالي الأنس الطويلة .. إنه نص المدينة المغسولة الوجه بما تبقى للحرف من جلالة تقدير المطر المحشو برائحة محار البحار.
الموت للكلام .. و السلام لرائح البحر القادمة من سفر يستعد للخروج من مغارة السؤال . لا كلام و لا سلام مع مَن يعبثون بالتراب في مدينتي ليل نهار . هم بارعون في الحفر .. في كل صيف .. و في طريق تعميق الشرخ في وجه الشجر سائرون .. و نحن بارعون في تركيب الكلام ، و تأجيل كتابة المحو بالمعاول بدل الأقلام .. طوبى للحرف المجرور ببريق السراب .....
هي ذي المدينة الآن تصرخ .. و أفواه عليلة تغني .. و أجساد الغرباء ترقص و ترقص و ترقص ....
مدينتي تكبر الآن داخل سماء مزهرية ..
مدينتي الآن تقاوم الرمل الجارف ..
مدينتي الآن بحر
يستند إلى جدار أشواق منكسرة ..
بأرصفة الملح الجديدة ..
يكتب سيرته الخالدة ..
ترسم ريشته مدنا أخرى لحروف قادمة ..
لن تسرقه الرياح ..
لن تسرقه الرياح اللعينة ...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.