هلال: السفير الجزائري يترك مسؤولياته العربية في مجلس الأمن لخدمة أجندته حول الصحراء في كاراكاس    لجنة ال24.. امحمد أبا يبرز دينامية التنمية الشاملة في الصحراء المغربية    المغربي محمد وسيل ينجح في تسلق أصعب جبل تقنيا في سلوفينيا    طقس الخميس حار نسبيا مع تشكل سحب وكتل ضبابية    ولاية أمن طنجة تتفاعل مع فيديو لشرطي واجه أحد مستعملي الطريق بسلاحه الوظيفي    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس بالمغرب    "أديداس" تطلق قمصانا جديدة بلمسة مغربية    رسالة اليمامة لقمة المنامة    إصدارات: كتاب" توازن بصري " من سلسلة انتباهات فن التشكيل    العسري يدخل على خط حملة "تزوجني بدون صداق"    وزارة "الحج والعمرة السعودية" توفر 15 دليلًا توعويًا ب16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    كلاب ضالة تفترس حيوانات وتهدد سلامة السكان بتطوان    من أجل خارطة طريق لهندسة الثقافة بالمغرب    أشجار عتيقة تكشف السر الذي جعل العام الماضي هو الأشد حرارة منذ 2000 عام    "إف بي آي" يوقف المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه بالمطار ويحقق معه حول مواقفه من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي    تصفيات المونديال.. طاقم تحكيمي مغربي يقود مباراة موريتانيا والسنغال    هنية: إصرار إسرائيل على عملية رفح يضع المفاوضات في مصير مجهول    مدريد في ورطة بسبب الإمارات والجزائر    نسخة جديدة من برنامج الذكاء الاصطناعي لحل المعادلات الرياضية والتفاعل مع مشاعر البشر    منتدى عربي أوروبي لمكافحة الكراهية    محكي الطفولة يغري روائيين مغاربة    أكاديمية المملكة تُسائل معايير تصنيف الأدباء الأفارقة وتُكرم المؤرخ "هامباتي با"    زيلنسكي يلغي زياراته الخارجية وبوتين يؤكد أن التقدم الروسي يسير كما هو مخطط له    بروكسيل.. معرض متنقل يحتفي بمساهمة الجالية المغربية في المجتمع البلجيكي    فتح بحث قضائي حول تعرض بعض المواطنين المغاربة للاحتجاز من طرف عصابات إجرامية ناشطة بميانمار    زعيم المعارضة في إسرائيل: عودة الرهائن أهم من شن عملية في رفح    "تسريب أسرار".. تفاصيل إقالة وزير الدفاع الروسي    الأمم المتحدة تفتح التحقيق في مقتل أول موظف دولي    المشروع العملاق بالصحراء المغربية يرى النور قريبا    الجيش والمولودية يكملان ركب المتأهلين إلى نصف نهائي كأس العرش    أخنوش يلتقي الرئيس العراقي والارتقاء بعلاقات البلدين في صدارة المباحثات    الحسيمة.. درك النكور ينهي نشاط مروج مخدرات مبحوث عنه وطنيا    النيابة العامة تدخل على خط احتجاز مغاربة بميانمار    وزير الفلاحة يفتتح الدورة الثالثة للمنتدى الدولي للصناعة السمكية بالمغرب    "بلومبيرغ": المغرب يُثبت أسعار الفائدة بينما يُواجه الفاتورة الباهضة لإعادة إعمار الزلزال    جامعة كرة القدم تصدر عقوبات تأديبية    الجيش يتأهل لنصف نهائي كأس العرش    قمصان جديدة ل"أديداس" بلمسة مغربية    قطر تستضيف النسخ الثلاث من بطولة كأس العرب لسنوات 2025 و2029 و 2033    وزير النقل يعلن عن قرب إطلاق طلبات العروض لتوسيع مطارات طنجة ومراكش وأكادير    الجيش الملكي يقتنص تأهلا مثيرا لنصف نهائي كأس العرش على حساب أولمبيك الدشيرة    الأمثال العامية بتطوان... (599)    انتخاب المحامية كريمة سلامة رئيسة للمرصد المغربي لمكافحة التشهير والابتزاز    ما حاجة البشرية للقرآن في عصر التحولات؟    إضراب كتاب الضبط يؤخر محاكمة "مومو" استئنافيا    بعثة المنتخب الوطني المغربي النسوي لأقل من 17 سنة تتوجه إلى الجزائر    تطوان تستضيف الدورة 25 للمهرجان الدولي للعود    إلزامية تحرير الجماعات الترابية من « أشرار السياسة »    النقابة الوطنية للتعليم fdt وضوح وشجاعة لاستشراف المستقبل    وفاة "سيدة فن الأقصوصة المعاصر" الكندية آليس مونرو    دراسة: صيف 2023 الأكثر سخونة منذ 2000 عام    التويمي يخلف بودريقة بمرس السلطان    "الصحة العالمية": أمراض القلب والأوعية الدموية تقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    جمعية علمية تحذر من العواقب الصحية الوخيمة لقلة النوم    دراسة: الحر يؤدي إلى 150 ألف وفاة سنويا على مستوى العالم    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    الأمثال العامية بتطوان... (598)    السعودية: لاحج بلا تصريح وستطبق الأنظمة بحزم في حق المخالفين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"ثقافات"..
حلةٌ جديدة تُراهِنُ على مقاربةِ العالمِ من منظور ثقافي
نشر في طنجة الأدبية يوم 14 - 11 - 2008

صدر العدد الجديد 21 من مجلة " ثقافات" البحرينية في حلةٍ جديدةٍ، مجددةً في محتواها وأبوابها، محتفظةً باسمها "ثقافات" لكونه اسماً يحمل دلالة قوية على انفتاح المجلة على مجال الدراسات الثقافية، فهو بصيغة الجمع يؤكد انفتاح المجلة على قيم التعدد والتنوع الثقافي، ذلك بعد أن أصبحت ثقافات مجلة علمية محكمة تتخصص في نشر البحوث والدراسات العلمية الأصيلة ذات الصلة بمجال الدراسات الثقافية.
وإنَّ المجلةَ إذ تعودُ إلى القراء، فإنها تعود كما أشرنا مجلة علمية محكمة تُعنى عبر أبحاثها المدقّقة والمعمّقة بالدراسات الثقافية، وتنفتح عبر مقارباتها المتنوعة على كشوف المعرفة، والنظرية الثقافية، وتطبيقاتها الميدانية والتجريبية، وتسعى عبر هذه المقاربات بالتحديد للتقاطع مع مختلف العلوم الإنسانية والأجناس الأدبية وعلوم الاتصال، وغيرها في أقصى تجلياتها الجديدة، بل وفي أبعد ما تومئ به نحو المستقبل.
لقد بدأت "ثقافات" منذ أعوام مجلة طليعية في اهتمامها بالإبداع والثقافة، واستطاعت أن تدير حولها نخبة من المثقفين بفضل جهود من عملوا فيها. لكنها اليوم تعود إلى الأصل الأول في تأسيسها، والذي يسبغه اسمها "ثقافات"، ولا تصادر هذه العودة على ريادتها الأولى وجهودها السابقة والمتميزة، وإنما تضيف إليها رصانة علمية أوضح، ورؤية ثقافية أبعد وأشمل، ولعل مصداق ذلك يتجلّى في تخصصها العلمي وهو مجال الدراسات الثقافية، فهو مجال ينسجم تماماً مع فكرة المجلة عند التأسيس.
وليس بخافٍ على أحد اليوم أهمية وحيوية مجال الدراسات الثقافية، فهو مجال قطعت فيه الجامعات ومراكز البحوث في الثقافة العالمية أشواطاً بعيدة، لكنه لا يزال مهمّشاً في الدوائر العربية الأكاديمية والعلمية، وخاصة في الجامعات. ومن أجل ذلك تسعى "ثقافات" لدمج الدراسات الثقافية في الفضاء الأكاديمي المنفتح الذي تتمتع به جامعة البحرين بفضل جهود الإصلاح السياسي والثقافي الكبيرة التي يقودها جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين، حفظه الله.
إن الدراسات الثقافية مجال معرفي جديد وصاعد في عالم المعرفة المعاصرة. ومن هذا المنطلق تركّز مجلة "ثقافات" على دراسة وتحليل مختلف أشكال الثقافة ومؤسساتها وممارستها وأنماط إنتاجها وتلقيها. وتشجّع "ثقافات" تداخل المعارف، وهي بهذا تستفيد من منجزات الحقول المعرفية المتداخلة مثل: الأنثروبولوجيا الثقافية ومختلف العلوم الاجتماعية، وسوسيولوجيا الحياة اليومية، والاقتصاد السياسي، ودراسات الإعلام والاتصال، والدراسات السينمائية، والدرس الفلسفي والتاريخي الجديد، والنظريات النقدية بمختلف توجهاتها، ودراسات المجتمعات الإسلامية، ودراسات الجنوسة والنسوية، والتعددية الثقافية وسياسات الهوية، ودراسات ما بعد الاستعمار وما بعد الحداثة، ودراسات الآخر والأقليات وثقافة الهامشيين وغيرها. على أن تستثمر هذه المجالات المعرفية في دراسة الظواهر والممارسات والمؤسسات الثقافية المتنوعة في علاقتها بسياقات القوة، والأيديولوجيا، والعرق، والجندر، والطبقة.
وتقوم مجلة "ثقافات" على استيعاب قيم التعدد والتنوع والتسامح الثقافي، التي ينطوي عليها مصطلح "ثقافات" بدلالته الجمعية، بحيث تكون المجلة ملتقى للثقافات بالمعنى الحضاري والفكري والأنثروبولوجي. وتشجّع المجلة الحوار بين الثقافات، وتحتفي بالتعددية الثقافية، وتسعى لتجاوز الهرمية وحدود التفاضل القائمة بين الثقافات. وتحاول المجلة أن تضع مقولات "التفوق والنقاء والاصطفائية" موضع التساؤل النقدي بوصفها مقولات إشكالية بالدرجة الأولى.
هذه هي الرؤية الفكرية التي تتأسس عليها مجلة "ثقافات"، وهي رؤية تنسجم مع رسالة جامعة البحرين، ومع التوجهات الجديدة في كلية الآداب من خلال المواءمة بين اتجاه العلوم الإنسانية الذي تمثّله "مجلة العلوم الإنسانية" بالكلية، وبين اتجاه الدراسات الثقافية الذي تمثّله مجلة "ثقافات" وجملة من البرامج الأكاديمية الجديدة التي شرعت الكلية في تدشينها في السنوات الأخيرة.
وعليه فقد جاء العدد الجديد من المجلة مرآةً عاكسة لهذا التوجه الجديد، ففي باب الأبحاث: استهل على بن تميم من الإمارات قسم الدراسات النسوية بدراسته الموسومة " بنت الماجدي بن ظاهر.. قراءة ثقافية نسوية "، وفيها يقارب بن تميم العالم الإبداعي لدى بنت الماجدي من منظور النقد الثقافي وكيف يتجلى الظاهر السوسيولوجي داخل الخطاب الإبداعي ويشكل تكوينه، ثمَّ جاءت دراسة خالد زغريت من سوريا موسومةً "جسد المرأة: قراءة أنثروبولوجية جمالية في نصوص الشعراء السود". وفي تلك الدراسة يفتح زغريت النصَّ الشعري الغزلي القديم لدى أغربة العرب ليستكنه البعد الاجتماعي الموجه لرؤية النصِّ الشعري لدى هؤلاء الشعراء لجمالية الجسد الأنثوي العربي . وفي قسم الدراسات التاريخية جاءت دراسة لؤي حمزة عباس من العراق موسومة "استراتيجيات الخبر وصياغة التاريخ: دراسة في كتاب الأصنام"، لتقرأ في فاعلية طرائق الخبر في صياغة التاريخ ، من مقاربة دور الثقافة الإسلامية في توجيه البنية الخبرية لكتاب الأصنام لمؤلفه أبي المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي ( ت204ه ).. ثمَّ جاءت دراسة " صفحات من ثقافة التدوين التاريخي في البحرين لبشير زين العابدين من سوريا لتقرأ في أهم ملامح التدوين التاريخي في البحرين خلال السنوات الأولى من القرن العشرين باعتبار التدوين جزءاً من المنظومة الثقافية التي كانت تعمل في البحرين خلال تلك الحقبة الزمنية، وتأتي تلك الدراسة مرتكزةً على تحليل الكتابات التاريخية التي أنتجتها تلك الفترة. وفي قسم النظرية النقدية كتب إدريس الخضراوي من المغرب دراسته " السرديات او تحول الوعي بالخطاب الأدبي"، والتي تناول فيها التطور الذي مرت بِهِ عملية قراءةِ النَّص الأدبي وطرائق تلقيه، وذلك في ضوء التركيز على التطور الذي مرت به السرديات بوصفها نظريةً لتحليل الخطاب السردي. ومن الدراسات بالإنجليزية كتب بيرس سميث دراسته بالإنجليزية حول "الفواق في الهتروتوبيا". والتي تناول فيها الهتروتوبيا بوصفها مدخلاً لكشف ما يحدث في أماكن أخرى في الفضاء الاجتماعي. أمَّا في قسم الدراسات الاجتماعية فقد كتبت وسيلة بروقي من الجزائر دراستها الموسومة " الزواج الداخلي من خلال الأمثلة الشعبية الجزائرية". وتناولت فيها الزواج من خلال الموروث الثقافي الشعبي الجزائري وذلك عبر مقاربة الأمثال الشعبية الجزائرية التي تناولت موضوعة الزواج.
وفي باب المقاربات: كتب عبد السلام بنعبد العالي من المغرب حول الترجمة الذاتية.. عندما يترجم الكاتب مؤلفاته، حيث تناول عدداً من إشكاليات الترجمة الذاتية و خصائصها في ضوء التطرق لترجمة الأستاذ عبد الله العروي لكتابه الموسوم
"الأيديولوجية العربية المعاصرة" وفي الخطاب السياسي كتب عبد السلام المسدي من تونس حول اللغة والسياسة، حيث تطرق إلى لغة الخطاب السياسي وكيف ينتج هذا الخطاب لغته واستعاراته وكيف يتم استقباله. أمَّا في قسم النَّظرية النقدية فقد كتب سعيد بن كراد من المغرب دراسته الموسومة "التيارات النقدية الجديدة: الأصول النظرية وشروط الاستنبات" التي تناول فيها بالتحليل عدداً من مناهج وتيارات النقد الأدبي الحديث من حيث جذورها وطرائق مقاربتها للمنتج الأدبي.
و حول الاستشراق الجديد كتب السيد الأسود من مصر دراسته الموسومة: "الاستشراق الجديد: جدلية الثنائية الثقافية..." وقد تناول فيها ثنائية الغرب / الشرق، والغرب/ الإسلام وكيف تتحرك تلك الثنائية في الخطاب الثقافي في ضوء مقاربة نشوءها وإلى أي مدى تتحكم الأيديولوجيا في انبعاثها . وكتب فخري صالح من الأردن حول "أكذوبة الصدام بين الإسلام والحداثة" مفنداً موضوعة الصدام أو الصراع الحضاري بين قيم الإسلام وقيم التحديث.
أمَّا خاتمة أقسام المجلة فقد كانت رحلة في عقل الناقد والمفكر تزفتان تودوروف جاءت موسومةً "حول الذاكرة" وقد استهلها منذر عياشي من سوريا بترجمته مقالاً لتودوروف معنوناً ب "نظرة على تاريخ الفكر" تناول فيه تدوروف نظرة الفكر الفلسفي للإنسان، وللإنسانية والإنساني في ضوء مناقشة الفكر الفلسفي الأوروبي وتطوره فيما يتعلق بتلك الموضوعة، واختتم الرحلة أحمد الويزي من خلال ترجمته حواراً بعنوان" الأدب والذاكرة والآخر مع تودوروف أجراه الثنائي اميلي نوف ايكليز، وسعد كمالي. وركزا فيه على نظرة تودوروف للآخر، وما يجب أن تكون عليه العلاقة معه في ضوء قراءته لعلاقة الغرب بإيران، حيث اجري الحوار على هامش زيارة تودوروف مؤخراً لطهران.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.