صدر العدد الجديد {35} من مجلة علامات المغربية، المجلة الثقافية المحكمة التي يديرها السيميائي سعيد بنكراد، وقد ضم العدد الجديد في محوره دراسات في المسرح ومجموعة من البحوث تناولت الأدب الرقمي ومواضيع أخرى تأليفا وترجمة. وتمثل مجلة علامات المغربية اليوم، إحدى أهم المجلات الثقافية التي حافظت على أصعب رهان يتمثل في رهان الاستمرارية والانتظام في الصدور، هذا الى جانب الدراسات الرصينة التي تميز خطها التحريري في النشر. وقد ضم العدد الخامس والثلاثون ملفا يتكون من تسعة مواد بحثية، افتتحه الناقد حسن بحراوي بدراسة حول "الترجمة والمسرح" حالة المسرح العربي، محاولا استقصاء حالات ترجمة المسرح في العالم العربي وقد لاحظ الباحث خفوت العديد من الأسئلة التي ظلت تصاحب ترجمات المترجمين الأوائل بخصوص الطريقة الأفضل لترجمة المسرح. الباحث حسن يوسفي اقترح قراءة في تجارب إخراجية جديدة حتى يتمثل "الصورة أفقا للتجريب في المسرح المغربي" ، وقد بسط الباحث التجريب ودلالاته كي يموقع بعض التجارب المسرحية التجريبية المغربية في إطاره إذ أن المسرح المغربي جعل من الصورة منطلقا واعيا للتجريب المسرحي. ويعود الباحث مصطفى رمضاني الى تجربة مسرحية رائدة راصدا "حضور الصيغ الجمالية الشعبية في مسرح محمد مسكين" هذا المسرحي الذي استطاع أن يوفق بين البحث الميداني في التراث وبين التنظير ليطبق نتائج جهوده في أعماله المسرحية وقد تعامل مع التراث بوعي نقدي جد متقدم مرتكزا على قراءات نظرية عقلانية. الباحث رشيد بناني ترجم مداخلة مهمة لباتريس بافيس حول "النقد المسرحي في مواجهة الإخراج" كان قد قدمها بافيس في ندوة بسيول نظمت في موضوع "المسرحة الحديثة والنقد"، ويحاول الإجابة من خلالها على سؤال كيف يسعفنا النقد المسرحي في تذوق أفضل للإخراج المسرحي؟ مقدما سمات مهمات جديدة للنقد المسرحي. الباحث حليمة البخاري أعادت رسم بورتريه خاص للمسرحي الراحل محمد تيمد {19371991} "مسار حياة فوق الركح"، إذ يمثل تيمد لحظة أساسية في المشهد المسرحي الهاوي بالمغرب، وتعرج الباحثة على علاقته بمسرح اللامعقول لكن، يظل أهم ميزة لهذه التجربة الرائدة هو اختياراتها ممارسة حرية في التفكير والتعبير. الباحثة سعاد درير قاربت مفهوم "العلامة في المسرح: الموقعية الوظيفة"، نظرا لمتانة العلاقة العميقة بينهما مع أن تاريخ العلامة المسرحية يسبق المسرح بل ويسبق اللغة نفسها، المسرح شبكة من العلامات المركبة المتسمة بطبيعة معقدة. الباحث محمد نوالي كتب قراءة نقدية "للفرجة في خطاب النقد المسرحي المغربي" مقدما تصوره بتحليل علاقة النقد المسرحي المغربي والفنون الفرجوية ورهان أنتروبولوجية المسرح، الى جانب حضور الفرجة بين المسرح وأوهام التنظير ومغالطة الماهوية المطلق. الباحثة حياة خطابي قدمت ورقتها حول مسرحية "لحساب تالي" والرحلة الاستباقية من العتبة الى المتن، وهي ورقة تخص أهم أعمال مصطفى رمضاني التي تؤسس كتابة درامية جديدة ومميزة تجمع بين الأصالة والمعاصرة ومن خلالها يبني إنسانا جديدا. الباحث محمد بشير، يختتم ملف العدد، بدراسة حول فلسفة المسرح نحو قراءة الممثل في ضوء التفكيك، محاولا إعادة التفكير في الممثل من خلال أشكلته والتفكير فيه خارج أشكال التشيء، واقترح الباحث استراتيجية تقوم على إعادة إدراج مفاهيم وأدوات إجرائية منها تذكر النص، الممثل، السيميولوجيا، العلامة، الدلالة، القراءة. في باب دراسات، يفتتح الناقد سعيد بنكراد هذا الباب، بدراسة حول "الخلاف والاختلاف: أو الفصل بين الواحد والمتعدد" وإذا كان الخلاف تقابل وتنازع حول الحق في امتلاك لهذا المعنى أو ذاك فالاختلاف هو الذي يجيز كل الخلافات إلا ما يمس إنسانية الإنسان، هو حق لا يعطي للأغلبية ما يعود الى الأقلية بل يساوي بينهما في الحق والواجب. دراسة "الأدب الرقمي" تشكل الفصل الأول من كتاب فيليب بوطز حول الأدب الرقمي وقام بترجمته الباحث محمد اسليم، هذا المفهوم المثير للجدل يسمه الباحث "كل شكل سردي أو شعري يستعمل الجهاز المعلوماتي وسيطا ويوظف واحدة أو أكثر من خصائص هذا الوسيط" ولا يشكل الأدب الرقمي قطيعة أدبية بل هناك استمرارية أجرت نقلا للمسألة الأدبية بشكل تدريجي وبطيء. الناقدة العراقية رسول محمد رسول قاربت رواية "اكتشاف الشهوة" للروائية الجزائرية فضيلة الفاروق من خلال استقصاء لمفهوم "الأنوثة المأزومة" جهات الاستبدال. حيث يكشف النص الروائي عن صورة الأنوثة العربية المأزومة تقدمها الروائية {وهي الصورة القابلة للتأويل القرائي المضاعف}، فالنص يحيل بطاقة دلالية هائلة على مافيه من استبدالات مضاعفة. الباحث ابراهيم حسناوي من المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية قدم ورقة فريدة حول التمثلات البصرية في الورقة النقدية من خلال قراءة في عمارة الجنوب المغربي، وتروم المقاربة قراءة موضوع العمارة في الأوراق النقدية من خلال تحليل آليات اشتغال العلامات الأيقونية والأشكال البصرية والعناصر التشكيلية المنتظمة داخل الأوراق. ويكتب فؤاد بن أحمد عن السياسة بمنطق الملاحة عند ابن رشد الممكن والاستعارة، إذ درج ابن رشد على أن ينظر الى السياسة كأمر شبيه بعلوم وصنائع أخرى يمكن أن نقتبس منها بعض خصائصها وبعض الأحكام المتعلقة بها لتعديتها الى القول السياسي وقد اختار الباحث من هذه الصنائع صناعة الملاحة والذي اغتنت عبر تاريخ الفكر البشري. ويختتم الباحث والفوتوغراف جعفر عاقيل مواد العدد الجديد من علامات بمقال حول صورة المغرب في عين الفوتوغرافي الأجنبي من خلال البطاقات البريدية كموروث بصري مغربي بامتياز، وقراءة بعض الفوتوغرافيات التي اتخذت من المغرب وثقافته موضوعا لها بالكشف عن بعض التصورات والتمثلات التي رسمتها على المغرب.