رافقت عملية تغيير اللباس الرسمي لرجال ونساء الأمن كثير من الأسئلة المثيرة، وكان ذلك طبيعيا لأن الأمر يتعلق بصفقة عمومية مولت من المال العام. وعادة ما يكتسي النقاش في مثل هذه القضايا حساسية بالغة بالنظر إلى ارتباط الصفقة بجهاز هام من أجهزة الدولة، وأن الإقتراب من مثل هذه المناطق كان ولا يزال يعني الإقتراب من مخاطر حقيقية. لأن مناقشة هذه القضية بما قد يطرح ذلك النقاش من تشكيك في طبيعة الصفقة يعني ما يعنيه في بلد لا يحتمل نقاشا من هذا النوع. المهم و الإيجابي في كل ما حدث، هو التغيير السلوكي الجديد الذي تعاملت به المديرية العامة للأمن الوطني مع هذا النقاش، فلقد عودتنا هذه الإدارة في أزمنة غابرة وقريبة أن تتعامل بعنف مع مثل هذا النقاش بأن تحرك المتابعات القضائية ضد من تجرأ على أن يقترب من منطقة تدبير شؤون الأمن والأمنيين في البلاد. وكانت بذلك تتيح مساحات شاسعة للنقاش العام الذي كان غالبا ما يستغرب من ردة الفعل العنيفة للإدارة العامة للأمن الوطني. لسنا في حاجة إلى التذكير بأن هذه الإدارة كانت قد رفعت عشرات القضايا قبل سنوات خلت أمام المحاكم ضد صحافيين و مواقع إخبارية، ولم يكن ذلك ليحل المشكلة بقدر ما كان يزيدها تعقيدا ويظهر إدارة الأمن في عداوة دائمة مع وسائل الإعلام، حتى وإن كان مديرها العام آنذاك لا يرى أي حرج في التقدم بطلب الحصول على بطاقة الصحافة المهنية. السلوك الإيجابي الذي كرست به الإدارة العامة للأمن الوطني توجهها الجديد تمثل هذه المرة في أنها أصدرت بلاغا توضيحيا في شأن صفقة الزي الرسمي الجديد لرجال ونساء الأمن وضحت فيه بالأرقام والنسب جميع الحقائق المرتبطة بهذه الصفقة، ونجح هذا السلوك المهم في وضع حد لهذا النقاش و أغلق نهائيا ملف هذه القضية. واتضح أن وسائل الإعلام ونشطاء شبكات التواصل الاجتماعي اقتنعوا بما نشرته هذه المؤسسة الأمنية الهامة. هكذا يكون النقاش العام حول قضية من القضايا العامة، إذ يكون من حق الرأي العام أن يطرح أسئلة معينة وأن يعبر عن قلقه تجاه قضية ما، ويكون من واجب السلطات العمومية توضيح الأمور بما يقنع، وينتهي الموضوع بما يفيد البلاد. نقطة إيجابية نسجلها للإدارة العامة للأمن الوطني، والتي أكد مسؤولوها بأن النقاش العام ولا الشائعات تخيفهم، وأن سياستهم في مجال التواصل مع الرأي العام ناجحة لحد الآن. *** بقلم // عبد الله البقالي *** للتواصل مع الكاتب: