تؤشر معطيات متعددة أن المفتشية العامة للشؤون العامة بوزارة التربية الوطنية تمكنت أخيرا من إحكام قبضتها على أحد أهم الملفات وأكثرها إثارة للشكوك والشبهات، ويتعلق الأمر بملف السكن الإداري، وطبعا تفيد مصادر أن إحكام القبضة لا يتوقف على المراقبة الموكول لهذه المفتشية القيام بها، بل يتجاوز الأمر ذلك إلى مستويات أخرى. ويمكن القول إن اليوم الدراسي الذي دعا إليه المسؤولون في هذه المفتشية مسؤولي السكنيات الإدارية والوظيفية بجميع الأكاديميات والذي قيل إنه خصص لتحيين اللوائح الخاصة بالسكنيات الإدارية القابلة للتفويت المفتاح الذي سيساعد على فهم ملابسات هذه القضية التي حرصت بعض الجهات على إثارتها من جديد، حيث سبق لمصالح الوزارة أن أثارت هذه القضية وتحمست لفتح هذا الملف الضخم إلا أنها سرعان ما أغلقت هذا الملف بعدما واجهت صعوبة كبيرة تصل حد الاستحالة فيما يتعلق بعدم القدرة على إدراج فيلات وظيفية ضخمة التي يستفيد منها مسؤولون كبار بالوزارة. هذه المرة يبدو أن المفتشية العامة تقترب من إعمال مقاربة جديدة جدا لتناول هذا الملف الساخن، ويتعلق الأمر بتفويت هذه المساكن الفيلات لساكنيها ببيع قد يكون ثمنه رمزيا، وحتى نوضح طبيعة الملف فإن الأمر لا يتعلق بمساكن وظيفية عادية من التي نعرفها، بل الأمر يخص فيلات ضخمة يقطنها إن لم نقل يحتلها مسؤولون حاليون وسابقون بوزارة التربية الوطنية، وهذا كاف وحده لإثارة الشكوك في هذه القضية. المثير حقا أن هذه الفيلات توجد كلها بالرباط وتحت سلطة مديرة الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الرباطسلا زمور زعير وقد سبق لهذه المسؤولة أن راسلت الوزارة في هذا الصدد وأكدت أن الأكاديمية في حاجة ماسة إلى هذه المساكن وأنها لا توافق على بيعها. وحينما ندخل إلى تفاصيل هذه القضية الحارقة نفهم وندرك لماذا تطرح ورقة البيع الآن، ذلك أن أحد المسؤولين بالمفتشية العامة لوزارة التربية الوطنية يقطن بفيلا محترمة بجوار إعدادية للاعائشة بالرباط، ويتعلق الأمر بسكن كان مخصصا في بداية الأمر لمدير إعدادية حسب محضر التخصيص بإدارة الأملاك المخزنية، وبجواره توجد فيلا أخرى محترمة يقطنها أحد مديري الأكاديميات الجهوية البعيدة عن الرباط ولم يعد يفصله عن التقاعد إلا سنة واحدة. ثم هناك ثلاث فيلات محترمة جدا هذه المرة توجد جميعها بداخل المركز الجهوي للتخطيط بحي الرياضبالرباط يقطنها موظفون سامون سابقون بالوزارة أحيلوا جميعهم على التقاعد ولم تعد تربطهم أي صلة بما يخول لهم الحق في السكن الوظيفي أو ألحق أحدهم بالبرلمان والذي غير السكن باسم زوجته التي استفادت بدورها من المغادرة الطوعية ولم تعد لها صلة بالوزارة. ويستحضر العالمون بخبايا الأمور حادثة أحد نواب الوزارة بالجهة الشرقية المحال على التقاعد منذ سنة 2005 يشغل فيلا هي بطبيعة الأمور مخصصة لخلفه، وحين رفعت الأكاديمية دعوى قضائية ضده تنقل إلى الرباط وحصل على شهادة غريبة جدا مفادها أن المعني بالأمر تقدم بطلب اقتناء السكن المذكور وأن طلبه يوجد قيد الدرس فما كان من القضاء إلا أن رفع يده عن القضية، وغريب حقا أن تتقدم الأكاديمية بدعوى وتنصفها مصالح نفس الوزارة التابعة لها نفس الأكاديمية.. إنها فعلا حرب غريبة جدا. فهل ينتبه المسؤولون الأولون في هذه الوزارة إلى ما يتم التحضير له في هذه القضية... سؤال يردده رجال ونساء التعليم بحرقة كبيرة.