مؤتمر يبرز مساهمة "مخرجات الحوار" في تدعيم ركائز الدولة الاجتماعية بالمغرب    اكتشاف مقبرة جماعية ثالثة وانتشال 49 جثة من مجمع الشفاء في غزة    الناظور.. توقيف متورطين في صيد والاتجار في أصناف بحرية مهددة بالانقراض    حقيقة انفصال صفاء حبيركو عن زوجها    كأس الكونفدرالية: الزمالك المصري يعترض على تعيين حكام تونسيين في "الفار" خلال مباراته مع بركان    مرصد أوربي ينبه إلى تسجيل درجات حرارة قياسية    المغرب يزيد من طاقة إيواء السجون ب 5212 سريرا في إطار أنسنة ظروف الاعتقال    1.5 مليون شاب مغربي لا يعملون ولا يدرسون.. الشامي: رقم مقلق    العمال المغاربة في سبتة ومليلية يقتربون من الحصول على إعانة البطالة    عمدة البيضاء تعلن موعد الانطلاقة الفعلية لخطوط الترامواي الجديدة    المغرب يحتفي بذكرى ميلاد ولي العهد    أسترازينكا تسحب لقاحاتها من الأسواق    منصة "إفريقيا 50" تشيد بالتزام المغرب تحت قيادة الملك محمد السادس لفائدة التنمية بإفريقيا    الرؤية الملكية في مجال النهوض بالاستثمارات الخارجية مكنت من تحويل التحديات الى فرص    الاتحاد العام للشغالين بالحسيمة يشرف على تأسيس مكتب نقابي لأصحاب سيارات نقل البضائع    إسرائيل تعيد فتح معبر كرم أبو سالم مع غزة    الحرارة تتجاوز المعدل الموسمي بالمغرب    محاضر جرائم الأموال تؤرق مسؤولين ومنتخبين بتطوان    الرياض توافق على مذكرة تفاهم مع الرباط    تتويج إنتاجات تلفزيونية بمهرجان مكناس    برنامج متنوع للنيابة العامة بمعرض الكتاب    توقيع اتفاق تعاون بين الإيسيسكو وليبيا في المجالات التربوية    "زمن الجراح من الريف الى الحوز" اصدار جديد للكاتب خالد مسعودي    بورصة البيضاء تستهل التداول بأداء إيجابي    أسترازينيكا تسحب لقاح كورونا من الأسواق    طنجة.. ربيع جاكاراندا للمسرح المتوسطي يحتفي بتنوع الثقافات    شهر ماي ساخن: تصعيد واسع للجبهة الاجتماعية ضد الحكومة : إضرابات، وقفات واحتجاجات للعديد من القطاعات دفاعا عن مطالبها المشروع    الحكومة تبرر وقف الدعم الاجتماعي المباشر ب"الغش" في المعطيات    الرباط: يوم تواصلي تحسيسي لفائدة مرضى التهاب المفاصل الروماتويدي    السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية    وسط استمرار القلق من الآثار الجانبية للقاح «أسترازينيكا»..    الجيش الملكي يواجه نهضة الزمامرة لتعبيد الطريق نحو ثنائية تاريخية    السعودية تفرض عقوبات على مخالفي أنظمة وتعليمات الحج    مشروع قانون يتعلق بمناطق التسريع الصناعي يحظى بمصادقة مجلس المستشارين    سلا تشهد ولادة عصبة جهوية للألعاب الإلكترونية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    لوحة الجمال والعار    مشاركة البطل الطنجاوي نزار بليل في بطولة العالم للقوة البدنية بهيوستن الأمريكية    ياسمين عبد العزيز تصدم الجميع بحديثها عن طليقها أحمد العوضي (فيديو)    الركراكي مدربا جديدا لسريع واد زم    منتخب الصغار يواجه كرواتيا وإنجلترا وأمريكا    التقنيون يواصلون احتجاجهم ويستنكرون تغييب ملفهم عن جولة أبريل من الحوار الاجتماعي    2026 هو موعد تشغيل محطة تحلية المياه بالدارالبيضاء    تأهيل ملاعب فوق عقار تابع لصوناداك يثير الخلاف داخل مجلس جماعة البيضاء    سحب لقاح "أسترازينيكا" من جميع أنحاء العالم    الصين: انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي في أبريل إلى 3,2 تريليون دولار    نور الدين مفتاح يكتب: ثورة الجامعات    بطولة انجلترا: رفض استئناف نوتنغهام بشأن عقوبة خصم 4 نقاط من رصيده    بطولة انجلترا: ثياغو سيلفا ينضم إلى نادي بداياته فلومينينسي في نهاية الموسم    مجلس جماعة فاس يقرر إقالة العمدة السابق حميد شباط من عضوية مجلسه    "من المهم أن تفهم أن آخر شيء أريد فعله هو وضعك في السجن"    وقفة تضامن في الرباط تحذر من إبادة إسرائيلية جديدة متربصة بمدينة رفح    غلاء دواء سرطان الثدي يجر "السخط" على الحكومة    وفد من حركة "حماس" في "القاهرة"    وزارة الداخلية السعودية تعلن تطبيق عقوبة مخالفة أنظمة وتعليمات الحج    الدورة الثانية عشر لعملية تأطير الحجاج بإقليم الناظور    الأمثال العامية بتطوان... (591)    السفه العقدي بين البواعث النفسية والمؤثرات الشيطانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصيدة الاستثناء
محمد علي الرباوي
نشر في العلم يوم 27 - 01 - 2011


هو .. محمد علي الرباوي
هو .. المغربي الشاعرُ .. الآتي من الأقاصي إلى الأقاصي
هو .. الآتي من أقاصي توحد الذاتِ بالآخر إلى أقاصي فتنةٍ شعريةٍ أخاذةٍ بكل الجميل.
بعيدا عن لغط المكان / قريبا من نُقط المكان كانَ يتوضأ بالشعر إلى اللامكان
يحملُ محمد علي نهرَ الكلماتِ تاريخا من الأصوات تشتعلُ في البراري بيعةً للمعنى.
يُجملُ مقالةً حين يُرسلُ إطالةً وإجالةً في ضمير الكون والفجرُ لما يغتسلْ، بعدُ، من عتمةٍ ترى
كالولدِ المرِّ ينسلُّ، من ربقةِ العادةِ إلى رقةِ العبادةِ في بُلهنيَّةٍ صوفية الملمح والمطمح.
كما هوَ .. محمد علي الرباوي .. حديقة العطش الأبدي الذي يروي فهلا يرتوي ؟
مديدا، كالأفق الشعريِّ المغربيِّ، يجلسُ على شرفةٍ بينَ الماء والنداء.
كأنِّي بالقصيدةِ تتركُ حرسا بالباب لتدلفَ إليه. لا أحد يدخلُ. كيف أقولُ شعرا أنا ؟
يقبضُ على الجمر ثلجا نادفا قطن الأعالي وناسجا لأول الغيث شالَ الكلام.
ترفَضُّ الغمامة الخضراء رؤيا لعصافير الصباح كأنَّ عصافير الصباح عمامة بيضاءُ.
لكنْ كما هوَ .. محمد علي الرباوي .. مكابداتٌ لسندباد مغربيٍّ .. ومشاهداتٌ.
عميقا، كابتسامة الأحبةِ، يلبسُ قامةً من كبرياء وضياء في تجلياتِ الحدوس.
أنيقا، مثلَ الكهفِ والظلِّ، يمدُّ الصَّوتَ، خارجَ الوقتِ .. وبالآخرينَ الصَّدى يجوس.
ليسَ يأتي إلا مواويلَ على شفةِ المنتهى والأعشابُ البريةُ تصطفُّ كما فوضى الرائعين.
أدسُّ يدي. مزهرية النور تُحدقُ بي شعرا. بريقا، كما الرباوي، تندلقُ الجهاتُ على الجهاتِ.
إنَّما هو .. محمد علي الرباوي .. رمانةٌ حجريةٌ .. بللوريةٌ .. إذا انفرطتْ كانتْ جُمانَ أغنياتٍ
شفيفا، بخطو لا يُجَسُّ، يرقى المسافةَ بينَ الخراب كتابا و البحر اقترابا.
ماذا قالَ للبحر ؟ يا الحسن الأمراني ألا فاشهدْ ماذا قال للبحر: أطاعنُ بحرا وأهتفُ بشرى ..
وماذا بعد يا الحسن الأمراني ؟ توضأ قفري فما عاد قفرا. تملَّكني الخوفُ في وحدتي ..
وربِّكَ قالَ هذا يا الحسن الأمراني ؟ ألم يُضفْ: فداهمني العشقُ سرا وجهرا ؟
هو ذا .. محمد علي الرباوي .. في بُرديه جسمٌ ناحلُ لو توكأتَ عليه لانهدم. قالَ بشار بن برد
عِفًّا شريفا أبيا نديا شذيا شاديا يمرقُ محمد علي الرباوي منْ سَمِّ القصيدة المغربيةِ المعاصرة.
هيَ قلةٌ من الشعراء تتسنَّمُ مرقى الاكتفاء بالشعر مسكنا هولدرلينيا لا تندُّ عنه رحيلا.
كان قدرا على القصيدة المغربية أن تكون هامشا معرفيا وجماليا منذ بدأ المغربيُّ يقولُ شعرا.
قدرٌ عليها أن يُنظرَ إليها خارج المعيش الوجودي وأن تُخْبرَ بعين لا تقرأ شعرا إلا استئناسا.
وكان قدرا عليها أن يَمتدَّ التليد إلى الطريف بتحوير صوغي وبتدبير صِبغي متشاكلين.
هلْ قالَ المغربُ شعرا ؟ قيلَ إن المشرقَ مركز وما عداه محيط. كتبَ ذلك مشارقةٌ ومغاربةٌ.
هلْ يكون المغربيُّ شاعرا ؟ يكونُ إذا رغب الصوتُ المشرقيُّ باعتبار الصَّدى بعضَ إبداع.
هلْ هاجرَ الصوتُ الشعريٌّ المغربيٌّ إلى المشرق طلابا لسيرورةِ نشر وذيوع أمر ؟ حدثَ.
لماذا حدثَ ؟ ولماذا غُلِّقتِ الأبوابُ ولم يُقلْ للشعر: هيت لك منذ ثلاثة عقود قبل النت ؟
ما الذي شكله النت لاختراق عتمة التواصل بين الشاعر والمتلقي ؟ هوَ هذا التكريمُ الجميلُ
لمْ يبحث محمد علي الرباوي عن صدقيةٍ شعريةٍ خلف الحدود. نشرَ قصائد هنا وهناك.
.. لكنَّه نشرَ ثلاثة أعمال في عام 1975، ولم يكن يسيرا، حينَها، نشرُ عمل واحد فقط.
.. لكنَّ إيقاعَ النشر ظلَّ، عنده، مسترسلا بمعدل ديوان كل سنتين كما حال عبد الكريم الطبال.
.. ثمَّ بقيَ مسكونا بعين الشعر فلم يتنكبها إلى كتابة ثانية لعلها كانتْ تأخذ به إلى وجهةٍ أخرى.
.. هوَ الأستاذ الجامعي المحنك ذو الخبرة القوية في إيقاع الشعر تركَ التوغل البحثيَّ للغير..
.. تركَ الانكبابَ على التأليف في النقد ليضم إليه أجنَّة القصيد أكنَّةً لا يَصدرُ عنها إلا الضَّوء.
.. تركَ ما أُجهدُ العمرَ في عدم السكون إليه لأجهدَ العمرَ في اقتفاء الشعر طلابا لجذوةِ سحر.
.. للمشهد الثقافيِّ جلةٌ من الباحثين ذات اقتدار غير مشوبٍ ويحقُّ لنا الفخارُ بها ..
.. لكن المشهد الثقافيَّ يشرئبُّ إلى حلةٍ شعريةٍ يتعاورها الشعراءُ حتَّى إذا قالوا كانوا شعرا ..
.. هيَ حُلةٌ لا تشبه حلة امرئ القيس وخُلَّةٌ لا يدَ لها في موعظةٍ نظميةٍ لا تُقرأ ..
هما معا: الحلة والخلة في يد محمد علي الرباوي، وهما معا أمارةٌ وإمارةٌ جميلتان ..
لم يبحث محمد علي الرباوي عنْ كرسيِّ الإمارة وما همَّه، يوما، أنْ يتوهَّمَ حدوثا له ..
.. همَّه أن يكون شعره أمارةً على تفاعل الذات والمعنى، بلغة هايدغر، تفاعلَ الإنسان ..
.. هنا الفرقُ بينَ شاعر يكتبُ وشاعر يُرتبُ كلاما أكان خليليا أم تفعيليا أم قصيدةَ نثر ..
كتب محمد علي الرباوي العَموديَّ وبُرِّزَ فيه فكأنه مَأرزٌ له، وله الرِّياسةُ في التفعيليِّ.
لعله رائد القصيدةِ المُدورة في فضاء الشعر المغربي مُجاوَرًا بمحمد الطوبي رحمه الله.
لا أريد أن اشتغلَ، اللحظةَ، ناقدا متأملا ولا باحثا متسائلا محللا فمؤولا .. لا أريدُ.
أريدُ فقط أنْ أقولَ: محمد علي الرباوي.. يا صاحبي .. لكَ مَحبتي التي تعرف.
كانَ يَطوي .. فقلتُ: ما أنتَ طاوي
فيمَ تنأى شعرا كأنَّكَ غاوي ؟
.
أيهذا البعيدُ .. أفقا وخلقا
ما الكلامُ المديدُ .. ليسَ بهاوي ؟
.
مسكنٌ للعُمر مُطمئنٌ سفارا
بين جمر شاكي الجَنان وذاوي
.
ربَّما قالَ آخرٌ: هُوَ منفى
لالتفاتِ الأنا إلى كلِّ راوي
.
ربَّما قلتُ: شاعرٌ يَتملَّى
شاعرا لمَ يرَ الزَّمان بطاوي
.
كانَ يَطوي بجانحيه قصيدا
قلتُ: هذا مُحمَّد الربَّاوي ..
* كتبَ، ما فويقه، بمناسبة الندوة التكريمية التي أقيمت للأستاذ الشاعر محمد علي الرباوي يومي 8 و9 يناير2011 بالدار البيضاء من قبل الجمعية المغربية للغويين والمبدعين ومنتدى مطر الرقمي وجمعية شهود


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.