تحت اشراف الجامعة الملكية المغربية للملاكمة عصبة جهة سوس ماسة للملاكمة تنظم بطولة الفئات السنية    طقس الجمعة.. توقع أمطار رعدية وهبات رياح قوية بهذه المناطق    الدكتور عبدالله بوصوف: قميص بركان وحدود " المغرب الحقة "    شاهد كيف عرض فيفا خريطة المغرب بمتحفه في زوريخ    وزير دفاع إسرائيل: ما غنوقفوش القتال حتى نرجعو المحتجزين لعند حماس    القبض على مطلوب في بلجيكا أثناء محاولته الفرار إلى المغرب عبر إسبانيا    طنجة تحتضن ندوة حول إزالة الكربون من التدفقات اللوجستية بين المغرب و أوروبا    أخنوش: الحكومة تقوم بإصلاح تدريجي ولن يتم إلغاء صندوق المقاصة    هل دقت طبول الحرب الشاملة بين الجزائر والمغرب؟    أخنوش: تماسك الحكومة وجديتها مكننا من تنزيل الأوراش الاجتماعية الكبرى وبلوغ حصيلة مشرفة    تسليط الضوء بالدار البيضاء على مكانة الأطفال المتخلى عنهم والأيتام    نهضة بركان تطرح تذاكر "كأس الكاف"    البيرو..مشاركة مغربية في "معرض السفارات" بليما لإبراز الإشعاع الثقافي للمملكة    مؤتمر دولي بفاس يوصي بتشجيع الأبحاث المتعلقة بترجمة اللغات المحلية    أخنوش: لا وجود لإلغاء صندوق المقاصة .. والحكومة تنفذ عملية إصلاح تدريجية    أخنوش: نشتغل على 4 ملفات كبرى ونعمل على تحسين دخل المواطنين بالقطاعين العام والخاص    الخريطة على القميص تثير سعار الجزائر من جديد    أخنوش يربط الزيادة في ثمن "البوطا" ب"نجاح نظام الدعم المباشر"    الأمير مولاي رشيد يترأس مأدبة ملكية على شرف المشاركين بمعرض الفلاحة    رئيس الحكومة يجري مباحثات مع وزير الاقتصاد والمالية والسيادة الصناعية والرقمية الفرنسي    3 سنوات سجنا لشقيق مسؤول بتنغير في قضية استغلال النفوذ للحصول على صفقات    المغرب يستنكر بشدة اقتحام متطرفين المسجد الأقصى    ''اتصالات المغرب''.. النتيجة الصافية المعدلة لحصة المجموعة وصلات 1,52 مليار درهم فالفصل اللول من 2024    نمو حركة النقل الجوي بمطار طنجة الدولي خلال بداية سنة 2024    الاتحاد الجزائري يرفض اللعب في المغرب في حالة ارتداء نهضة بركان لقميصه الأصلي    الدفاع المدني في غزة يكشف تفاصيل "مرعبة" عن المقابر الجماعية    التحريض على الفسق يجر إعلامية مشهورة للسجن    مهنيو الإنتاج السمعي البصري يتهيؤون "بالكاد" لاستخدام الذكاء الاصطناعي    السلطات تمنح 2905 ترخيصا لزراعة القنب الهندي منذ مطلع هذا العام    بلاغ القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية    بعد فضائح فساد.. الحكومة الإسبانية تضع اتحاد الكرة "تحت الوصاية"    بشكل رسمي.. تشافي يواصل قيادة برشلونة    الأمثال العامية بتطوان... (582)    منصة "واتساب" تختبر خاصية لنقل الملفات دون الحاجة إلى اتصال بالإنترنت    تشجيعا لجهودهم.. تتويج منتجي أفضل المنتوجات المجالية بمعرض الفلاحة بمكناس    نظام الضمان الاجتماعي.. راتب الشيخوخة للمؤمن لهم اللي عندهومًهاد الشروط    اتساع التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جديدة    عودة أمطار الخير إلى سماء المملكة ابتداء من يوم غد    "مروكية حارة " بالقاعات السينمائية المغربية    الحكومة تراجع نسب احتساب رواتب الشيخوخة للمتقاعدين    في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشار المرض بسبب التغير المناخي    خبراء ومختصون يكشفون تفاصيل استراتيجية مواجهة المغرب للحصبة ولمنع ظهور أمراض أخرى    منصة "تيك توك" تعلق ميزة المكافآت في تطبيقها الجديد    وكالة : "القط الأنمر" من الأصناف المهددة بالانقراض    العلاقة ستظل "استراتيجية ومستقرة" مع المغرب بغض النظر عما تقرره محكمة العدل الأوروبية بشأن اتفاقية الصيد البحري    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    هذا الكتاب أنقذني من الموت!    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    حفل تقديم وتوقيع المجموعة القصصية "لا شيء يعجبني…" للقاصة فاطمة الزهراء المرابط بالقنيطرة    مهرجان فاس للثقافة الصوفية.. الفنان الفرنساوي باسكال سافر بالجمهور فرحلة روحية    أكاديمية المملكة تعمق البحث في تاريخ حضارة اليمن والتقاطعات مع المغرب    ماركس: قلق المعرفة يغذي الآداب المقارنة .. و"الانتظارات الإيديولوجية" خطرة    قميصُ بركان    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملحمة غزة في دوامة التدخلات الخارجية والصراعات العربية: محاولات استغلال الحرب لمواصلة توسيع نطاق الفوضى الخلاقة بالشرق الأوسط.. بقلم // عمر نجيب
نشر في العلم يوم 29 - 07 - 2014

لا يختلف كثيرون في أن معركة رمضان 2014 في قطاع غزة ستفرز واقعا جديدا ليس فقط بالنسبة للفلسطينيين وللمستوطنين الصهاينة سواء في غزة أو الضفة الغربية وكل أراضي فلسطين التاريخية، بل كدلك بالنسبة لكل المنطقة العربية وبعض الدول المجاورة وخاصة تركيا وإيران. المعركة ستحدد كذلك شكل التحالفات وتوازنات القوى السياسية لفترة مقبلة يرتبط أمدها بصراعات أخرى حول النفوذ.
رغم أن المواجهة العسكرية تجري بين طرفين غير متكافئين من حيث القدرة العسكرية والاقتصادية، إلا أنها ستفرض على الطرف الإسرائيلي وضع معادلات جديدة للمواجهة مع المقاومة الفلسطينية. المقاومة الفلسطينية تخوض المواجهة من أجل التوصل إلى تحقيق مطالب معينة، وحجم هذه المطالب مرتبط بحجم قدرتها على تحقيق درجة جديدة من توازن الرعب أو الردع مع الكيان الصهيوني وكذلك تقدير ساسة تل أبيب لما تم أو لم يتم تحقيقه من عملية الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة.
بما أنه لا مجال للحديث أو للتفكير في الوقت الحاضر عن إمكانية الوصول إلى حسم قاطع للمواجهة سواء بسبب الظروف المحلية أو الدولية وموازين القوى، فلا تل أبيب قادرة على تحمل أعباء إعادة احتلال غزة ولا المقاومة قادرة حاليا على إلحاق هزيمة كاملة بالجيش الإسرائيلي، فإن المطلوب في نهاية هذه الجولة الجديدة من المواجهة هو التوصل إلى وقف جديد لإطلاق النار مبني على تفاهمات وإلتزامات متبادلة بين طرفي الصراع وضمانات إقليمية ودولية تؤمن الحد الأدنى من التزام الأطراف المعنية ببنود التسوية المرحلية.
إبرام إتفاق جديد لوقف إطلاق النار صيف سنة 2014 يواجه ظروفا مغايرة للتفاهمات السابقة وذلك بسبب وجود معطيات مختلفة، حيث أن التدخلات الإقليمية والدولية زادت كثافة وإختلطت فيها صراعات القوى الكبرى وخاصة بسبب برامج المحافظين الجدد الخاصة بإقامة الشرق الأوسط الجديد القائم على إعادة رسم الحدود وتقسيم دول المنطقة على أسس عرقية ودينية ومناطقيةٍ.
وسط هذه الدوامة من تقاطع المصالح والأطماع يجد الفلسطينيون أنفسهم ومهما كانت خياراتهم السياسية، في مأزق يدفعون ثمنه غاليا، لأنه يمدد أمد المواجهة إلى ما وراء التوقيت المنطقي لتواصلها ويعرض الكثير من المكاسب التي يمكن تحقيقها لمخاطر الضياعٍ.
معضلة الفلسطينيين أولا وبعدهم كل العرب والمسلمين أن القوى التي حاولت تعديل الخريطة السياسية في منطقة الشرق الأوسط الكبير والتي بدأت بغزو وإحتلال البوابة الشرقية للأمة العربية ثم فوضى ما سمي بالربيع العربي، تسعى لركوب ملحمة نضال الفلسطينيين لمواصلة نشر ما سمى بالفوضى الخلاقة بعد أن تباطأ تقدمها، وفي نفس الوقت حرمان المقاومة الفلسطينية من تحقيق أي إنجازات.
خصم أقوى
جاء في تقرير نشرته وكالة أنباء رويترز يوم 23 يوليو كتبه المحلل نوح براونينغ:
"أوقع مقاتلو حماس الذين يستخدمون الانفاق والألغام والشراك الخداعية والقناصة خسائر قياسية بالقوات الاسرائيلية التي تشن هجوما في قطاع غزة بعدما امضى المقاتلون سنوات في التدريب على حرب المدن مع مهارة تكتيكية جديدة وعزيمة حديدية. ويقول الاسرائيليون إن الأسلحة والدراية التي وفرتها عدة دول وحزب الله اللبناني جعلت حماس خصما أقوى بكثير.
وبدأت اسرائيل هجومها يوم 8 يوليو على أمل تركيع المقاومة الفلسطينية، ولكنها لم تنجح حتى الآن، واستغلت حماس شبكة واسعة من الانفاق السرية لتقنص قوات العدو وتفجر مركباتهم حتى داخل اسرائيل لتنجح في قتل 37 جنديا اسرائيليا حتى مساء يوم 26 يوليو وهو رقم يساوي تقريبا ثلاثة أمثال قتلى الجيش الاسرائيلي في آخر اشتباكات برية كبيرة في حرب 2008-2009.
وقالت الحركة إن جناحها العسكري كتائب القسام يواصل احداث المفاجآت وان "المجاهدين" سينهضون كل يوم من حيث لا يحتسب الاحتلال. واضافت انهم يواجهون العدو ثأرا لدماء "الشهداء" التي يريقها العدو يوميا. وصدقت الافعال الكلمات المتقدة.
وفاقت حماس نشطاء الجماعات الاخرى مثل الجهاد الاسلامي وغيرها في ارسال طائرات بدون طيار وغواصين من أفراد الكوماندوس ومهاجمين عبر الانفاق لنقل المعركة الى داخل اسرائيل.
وفي عملية تسلل من تلك العمليات برز مقاتلو حماس يرتدون زيا عسكريا اسرائيليا كاملا لكن كشفتهم نقطة صغيرة مهمة إذ كانوا يحملون بنادق كلاشنيكوف وليس النسخة الأمريكية من بنادق إم16 أو بنادق تافور الهجومية.
وفي أكثر الحوادث دموية بالنسبة لاسرائيل حتى الآن والذي وقع في اليوم الأول من توغلها لبدء تدمير الانفاق يوم الاحد تقول حماس إن مقاتليها تابعوا ناقلة جند مدرعة للعدو تترنح وسط شبكة من الشراك الخداعية التي نصبوها.
وقالت الحركة إن "مجاهدينا" فجروا حقل الألغام بقوة دمرت تلك الناقلة. واضافت أنهم تقدموا وفتحوا ابوابها وأجهزوا على من تبقى بداخلها، وقدر عددهم بحوالي 12 عسكريا.
وقدمت اسرائيل رواية مختلفة قائلة إن المركبة كانت جزءا من قافلة اصابتها عدة قذائف مضادة للدبابات، وذكرت إن ستة من جنودها قتلوا فورا في حين فقد جندي آخر يعتقد أنه كان في العربة ومن المعتقد أنه مات. وقالت حماس إنها اسرته لكنها لم تنشر صورته.
ويعترف الجيش الاسرائيلي بزيادة مهارات حماس.
وقال المتحدث العسكري الاسرائيلي الليفتنانت كولونيل بيتر ليرنر "مروا بتدريب مكثف.. حصلوا على امدادات جيدة.. ولديهم دافع جيد وانضباط. واجهنا عدوا أقوى بكثير في ميدان المعركة." وتقول اسرائيل إنها قتلت حتى الآن أكثر من 200 مقاتل فلسطيني. وأضاف ليرنر "لست مندهشا من ذلك لأننا نعرف أنهم كانوا يعدون لهذه المعركة. لم يستثمروا فقط في الانفاق على مدى العامين او الاعوام الثلاثة الماضية".
وذكر مسؤول عسكري آخر طالبا عدم نشر اسمه "استخدموا كل شيء ضدنا. الصواريخ والكمائن وحتى الحمير والكلاب "المحملة بالقنابل". انه يثبت مدى جدية التحدي. يجب ان نكسر حافزهم وان نظهر لهم أن الامر غير مجد".
وأضاف "نأمل إذا تمكنا من كسر الشجاعية أن نظهر لهم عندها مدى تصميمنا. هذا مركز قيادة حقيقي لهم... الملحوظ أنهم في السنوات الثماني الماضية بنوا فعليا غزة تحت الارض. انه أمر مذهل."
ويعيش 1.8 مليون فلسطيني محاصرين في الجيب الساحلي الرملي المزدحم حيث تدور نسبة الفقر والبطالة حول 40 في المئة. ويقول ابناء غزة القلقون انهم يأملون أن تنهي المعركة الحصار الذي تفرضه اسرائيل بالاضافة للقيود التي تفرضها مصر على معبر رفح. وليس لديهم ما يخسرونه.
ويأمل زعماء حماس أن يمكنهم تحقيق ذلك الهدف من خلال شجاعة رجالهم على الجبهة والذين دربوا على ايقاع خسائر بشرية وخطف جنود لكسب ثقل سياسي.
وكانت المعنويات عالية ومقاتلو حماس يعدون لمعركة أثناء زيارة لرويترز في ابريل 2014 إلى معسكر تدريبي لجناحها العسكري على مساحة رملية واسعة في شمال غزة.
وكان المتدربون الشبان يجلسون في فصول الدرس بملابس عسكرية قتالية اسرائيلية كاملة يدونون ملاحظات اثناء دروس في تكتيكات القتال.
واستعرضوا مناورات تضمنت محاكاة لامطار قذائف مورتر على نماذج دبابات انقضت عليها مجموعتان من المقاتلين من انفاق قريبة وحمل أحد المقاتلين على كتفه متطوعا مترنحا مثل دور جندي اسرائيلي.
ليست خسارة كبيرة
زادت حماس مدى وحمولة أكثر من ألف صاروخ محلي الصنع في الأغلب اطلقتها على اسرائيل خلال اسبوعين وعلاوة على ذلك كثفت مشتريات الأسلحة. وقال عدنان ابو عامر وهو محلل مقره غزة إن زعماء حماس حاولوا أن يقولوا عبر تصريحاتهم إن كل ما ضربت به اسرائيل حتى الآن صنع بالكامل في غزة لكن حماس لم تنكر استفادتها من واردات اجنبية. ومن المستبعد أن ترتدع حركة حماس بسبب الخسائر التي لحقت بها على أيدي عدو أقوى.
وقال أبو عامر إنه توجد تقارير متضاربة عن خسائر حماس فيما يتعلق بالمقاتلين. وأضاف ان اسرائيل تزعم أن الجناح العسكري لحماس يضم 20 ألف رجل ولذلك فان "استشهاد" 60 او 70 لا يمكن وصفه بأنه خسارة فادحة.
وتظهر شرائط فيديو يوزعها الجهاز الاعلامي لكتائب القسام قوة ترسانة الحركة.
وقال تشارلز ليستر وهو زميل زائر في مركز بروكينغز في الدوحة متحدثا لرويترز "الاستخدام المؤكد لصواريخ موجهة مضادة للدبابات ضد وحدات صغيرة راجلة من جيش الدفاع الاسرائيلي بدلا من استخدامها ضد عربات مدرعة يظهر عزما واضحا على ايقاع خسائر وادراكا لتفوق الدفاع المدرع للجيش الاسرائيلي.
وذكر مسؤول رفيع بالمخابرات الاسرائيلية متحدثا للصحفيين يوم الخميس 24 يوليو إن دول "المحور المتطرف".. ايران أو سوريا أو جماعة حزب الله في لبنان.. أمدت حماس بجيل جديد من الأسلحة البرية. واشار الى صواريخ كورنيت الموجهة المضادة للدبابات والقذائف الصاروخية ار.بي.جي-29 التي تطلق من الكتف وهي "صاروخ اكثر من كونها قذيفة. يمكنك استخدامها في منطقة حضرية حين تضطر لقتال قوات قريبة جدا. هذا شيء لا تصنعه بنفسك."
ويضيف المحلل نوح براونينغ أنه على مدى 22 يوما من القتال في حرب 2008-2009 قلصت حماس وجماعات النشطاء الآخرين الى حد كبير من المواجهات المباشرة مما سمح للدبابات الاسرائيلية بالاقتراب من مشارف مدينة غزة.
وقتل النشطاء حينئذ ستة جنود فقط ثم اثنين آخرين في جولة قتال استمرت ثمانية أيام في 2012 لم تتصاعد الى توغل بري اسرائيلي.
وخسارة اسرائيل 12 جنديا يوم الأحد 20 يوليو 2014 تمثل أكبر عدد من القتلى في يوم واحد منذ توغلت قواتها في جنوب لبنان في محاولة لابعاد مقاتلي حزب الله هناك في سنة 2006.
وقال محلل الشؤون العسكرية الاسرائيلي ايهود ياعري لرويترز إنه لم يتوقع أحد من الجانب الاسرائيلي توغلا سهلا في غزة لكن الهدف المعلن لاسرائيل المتمثل في تدمير الانفاق يبقى صعبا.
وأضاف "انه مؤلم جدا لكن لا أعتقد أن أي أحد افترض انها ستكون عملية بدون خسائر بشرية... يبدو انهم قادرون على كشف المزيد والمزيد من الانفاق بصورة منتظمة مع التنبه إلى أنني لست متأكدا من أن الاسرائيليين مستعدون لتحمل المزيد من الضرر في سبيل كشف انفاق كثيرة أخرى".
والحرب تحت الارض ربما تكون أكثر ابتكارات حماس فعالية. وبعدما امضت سنوات وانفقت ربما مئات الملايين من الدولارات لبناء الشبكة يبدو أن حماس حريصة على الحفاظ على بعض انفاقها بوقف القتال سريعا.
وذكر ياعري "إنهم يبرزون مرات ومرات من تحت الارض لمحاولة أن يضربوا شيئا على أمل أن يمكن التوصل لوقف لاطلاق النار بأسرع ما يمكن."
ويعتقد المحلل الغزاوي ابو عامر أن الجانبين يعانيان وقد تشجع المكاسب العسكرية حماس باتجاه وقف لاطلاق النار.
وأضاف أن حماس تدرك ان عامل الوقت مؤلم للجانبين. وقال إن حماس حققت إنجازات وأعرب عن اعتقاده بأنه لا حماس ولا اسرائيل مستعدة اليوم لاطالة امد المواجهة".
إخفاء الخسائر
إذا كان َالاسرائيليون يحاولون إخفاء جزء من إخفاقاتهم في معركة رمضان ضد غزة، فإن مصادر تعتبر موضوعيا حليفة لهم تكشف الكثير من الحقائق. يوم الأربعاء 23 يوليو ذكرت وكالة رويترز أن الجيش الإسرائيلي إعترف أنه اعتقل عدة جنود ومدنيا للاشتباه في انهم سربوا أعداد القتلى والمصابين في صفوف الجيش الصهيوني بمواجهات غزة على وسائل التواصل الاجتماعي قبل ابلاغ اسر القتلى أو الجرحى رسميا. وبعد اسبوع من القتال البري مع حماس قتل فيه 32 جنديا على الاقل يشكو بعض الاسرائيليين من انهم علموا أولا بمقتل أقاربهم عن طريق موقع "واتس اب" أو انهم ضللوا برسائل خاطئة قادتهم الى الاعتقاد بأنهم ضمن القتلى.
وأدت هذه الظاهرة الى نداءات في الصفحات الاولى من معلقين اسرائيليين بالتوقف عن ارسال تحديث غير رسمي للمعلومات المتعلقة بالاصابات. وعلى امل السيطرة على المعلومات صادر الجيش الهواتف الخلوية من الجنود الذين يرسلون الى القتال.
وقال الجيش في بيان وهو يعلن عن اعتقالات بعد تحقيق وصفه بأنه شمل "مصادر علنية ووسائل سرية" ان "ابلاغ اسرة جندي أو ضابط قتل في العمليات هو من أكثر الاجراءات حساسية وتخطيطا في الجيش لتتناسب مع مثل هذه اللحظة الخطيرة."
وجاء في البيان في اشارة الى تطبيق واتس اب على الهواتف المحمولة ان "الرسائل غير الرسمية التي ترد عبر واتس اب غير مسؤولة وانتشرت بسرعة في أنحاء الشبكة الاجتماعية".
وقام الجيش بتعديل معلوماته الرسمية فيما يتعلق بجندي قال في البداية انه قتل في غزة يوم الاحد لكنه اشار في وقت لاحق الى انه فقد في العمليات. وقالت حماس انها أسرت الجندي.
يوم الأربعاء 23 يوليو أفادت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن أكثر من 50 جنديا إسرائيليا سابقا رفضوا الخدمة في قوات الاحتياط الإسرائيلية بسبب خجلهم من دورهم في الجيش الذي قالوا إنه يلعب دورا رئيسيا في قمع الفلسطينيين.
وكتب جنود في عريضة وضعت على الإنترنت ونشرتها الصحيفة "وجدنا أن القوات التي تعمل في المناطق المحتلة ليست الوحيدة التي تفرض آليات التحكم في حياة الفلسطينيين. في الواقع.. الجيش بأكمله ضالع في هذا. ولهذا السبب نرفض الآن المشاركة في واجب الاحتياط ونؤيد كل الذين يقاومون الاستدعاء لأداء الخدمة".
وأضافوا في عريضتهم "يلعب الجيش دورا مركزيا في كل خطة تحرك واقتراح يبحث في الحوار الوطني.. وهو ما يفسر غياب أي نقاش حقيقي بشأن الحلول غير العسكرية للصراعات التي تخوضها إسرائيل مع جيرانها.
"بالنسبة لنا.. لا يمكن فصل العملية العسكرية الحالية والطريقة التي تؤثر بها العسكرة على المجتمع الإسرائيلي".
وقالوا إنهم يعارضون قانون الجيش الإسرائيلي والتجنيد بسبب قصر رتب النساء على الرتب الصغيرة ومواقع السكرتارية وبسبب نظام التدقيق الذي يميز ضد اليهود الذين تنتمي أسرهم أساسا إلى دول عربية.
ويتعين على معظم من بلغوا 18 عاما أن يخدموا في الجيش الإسرائيلي لمدة تصل إلى ثلاثة أعوام.
وبينما رفض بعض الإسرائيليين الخدمة في الضفة الغربية قال الجنود إن بنية الجيش تقضي بأن الخدمة في أي قوات هي لعب لدور في الصراع. ومعظم الممتنعين من النساء اللاتي جرى استثناؤهن من المهام القتالية.
وأضافوا "كثير منا خدموا في أدوار لوجستية وبيروقراطية.. هناك وجدنا أن الجيش بأكمله يساعد في تنفيذ قمع الفلسطينيين."
وفي وقت سابق شهر يوليو قالت إسرائيل إنها استدعت المزيد من جنود الاحتياط تحسبا لتصاعد القتال.
الخلافات والتدخلات
بينما تدور ملحمة المقاومة في غزة اختلطت على الساحة مناورات سياسية متعددة بأهداف بعضها متضارب. الولايات المتحدة التي ساندت العدوان الإسرائيلي على غزة عملت أما مباشرة أو عبر وسطائها في المنطقة على إستغلال الصراع من أجل الوصول إلى أهداف بعضها استعصى إنجازه عندما تعثر مشروعها لركوب حركة التحول الطبيعية في المنطقة وتحويلها إلى فوضى خلاقة ضمن ما سمي "الربيع العربي". من تلك الأهداف زيادة الإنقسام العربي ونسف المصالحة الفلسطينية وتوطيد الخلافات بين حماس والقاهرة والإسائة إلى أقطار عربية وإتهامها بدعم العدوان الصهيوني وضرب القوى السياسية التي عطلت مواصلة تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يستهدف تقسيم دول المنطقة إلى ما بين 54 و 56 دولة على أسس عرقية ودينية وطائفية ومناطقية.
جزء من هذه المحاولات التخريبية سقط بسرعة. رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، صرح يوم الأربعاء 23 يوليو خلال مؤتمر صحفي في العاصمة القطرية، الدوحة، إلى أن ما يجري في غزة يعتبر "عدوانا، وليست حرباً بين طرفين متكافئين"، مضيفاً بأن "مقاومة المستوطن والجندي واجب وطني".
وأضاف مشعل: "من يتألم صدقاً أو ادعاءً فيطرح تهدئة إنسانية دون التفاف على مطالب المقاومة والشعب، نحن أحرص الناس عليها، ولن نوصد بابها، لكن لن ننخدع بتوظيف غيرها"، وذكر مشعل في جوابه على سؤال حول العلاقة مع السلطات المصرية بقوله: "ليس هناك أي حساسية من التعامل مع أي دور بما في ذلك الدور المصري".
وأشار مشعل إلى أنه لم يعارض زيارة وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري لرام الله، لكنه دعاه للتوجه إلى غزة، لأن "القرار الميداني هناك" وفقاً لأقواله، وأشار مشعل في نقطة أخرى إلى أنه يأمل بأن تعمل أمريكا على تغيير سياستها، وأضاف بأنه "الأمة ستفرض على أمريكا تغيير سياستها".
يوم الاثنين 21 يوليو نفى فوزي برهوم الناطق الرسمي باسم حركة حماس صحة الشائعات التي تم تداولها خلال الأيام الماضية حول تمويل دولة الإمارات للعملية العسكرية الإسرائيلية على غزة. وقال برهوم: "للأسف دأبت بعض وسائل الإعلام على الترويج لما تبثه وسائل الإعلام الإسرائيلية من أخبار كاذبة ومفبركة ومحبوكة جيدا والتي كان آخرها ما بثته القناة الثانية الاستخباراتية الصهيونية زاعمة أن دولة الإمارات الشقيقة أبدت استعدادها لتمويل أي عملية عسكرية إسرائيلية على غزة". مؤكداً أن هذه الحملة تهدف إلى تشويه سمعة الإمارات والدول العربية وشعوبها الداعمة للقضية الفلسطينية والمعززة لصمود الشعب، ومن أجل إحداث بلبلة وتوتر فلسطيني عربي، وزيادة الضغط على الفلسطينيين وأهل غزة تحديدا.
الأزمة التي برزت في العلاقات بين حماس وعدة أطراف عربية وغير عربية بسبب ميل الحركة الفلسطينية لتأييد القوى التي تحاول بالقوة والحرب الشاملة إسقاط النظام الحاكم في دمشق، أخذت تتبدد حيث جرت اتصالات ومشاورات بين زعماء حماس وحسن نصر الله زعيم حزب الله. مصادر رصد أوروبية أفادت أن مبعوثا من حماس توجه إلى دمشق فيما توثقت الاتصالات مع طهران، نفس المصادر ذكرت أن حزب الله يقدم دعما ماديا لغزة عبر قنوات عدة مشيرة إلى أن حماس تخشى من أن يؤدي تحسن علاقاتها مع الأطراف السابق ذكرها إلى إنقلاب الموقف القطري منها وإلى تجميد معونات ودعم دول أخرى في الخليج العربي خاصة تلك التي تساند بالمال والسلاح الأطراف التي تخوض حربا على الأرض السورية.
مصادر قيادية واسعة الاطلاع في العاصمة اللبنانية أكدت ان ملحمة غزة لها فضل كبير في اعادة ترتيب أوضاع قوى المقاومة في لبنان وفلسطين والمنطقة، إذ إنها فرضت نمطا جديدا من التعاطي، أول تجلياته ازالة معظم التباسات المرحلة الماضية، وإعادة توحيد جبهة المقاومة على قاعدة أن فلسطين هي القضية المركزية التي لا تتقدم عليها قضية أخرى، وان اسرائيل هي التي تشكل التهديد الاكبر لكل شعوب المنطقة العربية والاسلامية.
وفي إتصال هاتفي أكد نصرالله لمشعل وقوف "حزب الله" والمقاومة اللبنانية إلى جانب انتفاضة ومقاومة الشعب الفلسطيني قلباً وقالبا وارادة وأملاً ومصيراً، وتأييدها حول رؤيتها للموقف وشروطها المحقة لإنهاء المعركة القائمة.
وقال بيان ل"حزب الله" إن ما سمعه نصرالله من مشعل "يبعث على الثقة المطلقة بقدرة المقاومة على الثبات والصمود وصنع الانتصار الثاني في يوليو".
من جانبه صرح مصدر قيادي في "حماس" لصحيفة "السفير" اللبنانبة ان الاتصال خطوة مهمة جدا في سياق اعادة ترميم جبهة المقاومة العربية والاسلامية في مواجهة العدو الصهيوني.
صراع النفوذ
الصراعات العربية التي تغذيها القوى الأجنبية وخاصة أصحاب مخطط الشرق الأوسط الجديد تعقد جهود استثمار ما هو إيجابي في مواجهة رمضان بغزة لصالح الشعب الفلسطيني.
يقول محللون وبعض المسؤولين إن المساعي الرامية للتوصل لوقف لإطلاق النار في غزة قد تتعثر بسبب الصراع على النفوذ الإقليمي بين الدول العربية المحافظة والحكومات المويدة لما يسمى حركات الإسلام السياسي إذ تتنافس هذه القوى على لعب الدور الرئيسي في الوصول للهدنة.
ومصر وهي قوة رئيسية ذات ثقل بالمنطقة وقطر الدولة الخليجية الصغيرة هما طرفا المواجهة الإقليمية المتعلقة بحركة المقاومة الفلسطينية حماس التي تسيطر على قطاع غزة وجماعة الإخوان المرتبطة بها أيديولوجيا.
ويقول كل طرف إن الآخر تدفعه رغبة في تحقيق نفوذ دبلوماسي وسحق الخصوم السياسيين من خلال هدف إنساني وهو حماية أرواح الفلسطينيين من الجيش الإسرائيلي.
المحلل غانم نسيبة الذي يقيم في بريطانيا ذكر "لقد تحولت غزة بشكل مفاجئ جدا إلى المسرح الذي يجري التعبير فيه عن هذه المواءمات الجديدة في الوطن العربي". وأضاف "غزة هي أول اختبار لهذه التحالفات الجديدة وأثر ذلك على إمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار هناك".
وكان يشير إلى قطر وتركيا والسودان وإيران وهي الدول الرئيسية في تجمع فضفاض من الدول التي تعتقد إن حركات الإسلام السياسي تمثل مستقبل السياسة في الشرق الأوسط. ويتنافس هذا المعسكر بشكل علني آخذ في التزايد مع مجموعة من الدول المحافظة بقيادة مصر والأردن والإمارات والسعودية ومعظمها عازم على سحق جماعة الإخوان ويعتبرونها تهديدا وآداة في يد واشنطن لصنع الفوضى الخلاقة وتقسيم المنطقة مما يتيح للغرب السيطرة بشكل كامل على ثروات المنطقة وخاصة النفطية.
وهذا الانقسام واضح حاليا في الجهود الدبلوماسية بشأن غزة.
فقد دعمت قطر حكومة الرئيس المصري السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان عندما قدمت مشروع وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل سنة 2012، ولكنها عارضت مشروعا مماثلا ومطابقا قدمته القاهرة في يوليو 2014، وتقول مصادر عديدة أن الدوحة هددت حماس بعقوبات إذا هي قبلت المشروع المصري.
وبعد رفض حماس للمبادرة المصرية اتجهت كل العيون صوب الدوحة وقال مصدر قطري رفيع لرويترز إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس التقى هناك يوم الاثنين 21 يوليو زعيم حركة حماس خالد مشعل الذي يعيش في العاصمة القطرية، القيادة الفلسطينية خيبت توقعات بعض الأطراف وأكدت تأييدها لمطالب حماس مع دعم المبادرة المصرية خاصة إذا أمكن تعديل بعض فصولها الأمر الذي أغضب ساسة الدوحة ولكنه لم يولد القطيعة العلنية التي ترجوها بعض الأطراف بين حماس وفتح..
دبلوماسي في القاهرة أكد إن معركة وقف قتال غزة "جزء من صراع إقليمي بين قطر ومصر وتركيا". وأضاف "حماس.. ركضت إلى قطر التي تكرهها مصر كثيرا لتطلب منها التدخل. وفي النهاية نحن واثقون من أن حماس ستصل لتسوية بشأن اتفاق يتشابه جدا مع المبادرة التي طرحتها مصر لكن بتوقيع الدوحة". دبلوماسي آخر ذكر "المعضلة الآن هي التوصل لاتفاق بين مصر وقطر. ومن الواضح أن حماس فوضت قطر لتكون الناطق باسمها في المحادثات".
وأضاف وزير خارجية أمريكا كيري زار القاهرة في محاولة للتوسط بين قطر ومصر للاتفاق على صفقة". وذكر مصدر آخر "سيطلب كيري من مصر إضافة بعض شروط حماس ثم سيذهب إلى قطر ويطلب منها أن تطلب من حماس الموافقة على الاتفاق المعدل".
الملاحظون سجلوا أن العلاقات المصرية الأمريكية تبقى متوترة ومشوبة بالكثير من الشكوك خاصة لتأييد واشنطن لحركة الإخوان في مصر ولثقة القاهرة أن مواقف قطر تتم بناء على رغبات البيت الأبيض، ويسجل أن كيري لقي استقبالا مستفزا حسب مصادر أمريكية حيث تم تفتيشه والوفد المرافق له بأجهزة كشف المعادن قبل لقائه بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وهو أمر غير مسبوق.
المحلل السياسي الإماراتي عبد الخالق عبد الله قال إن الوساطة بشأن غزة شهدت "الكثير من التدخل السياسي". وأضاف "قطر كانت غير راضية عن خطة وقف إطلاق النار المصرية. وهم غير مرتاحين جدا لأنها جاءت من مصر ويحاول القطريون تقويض مصر سياسيا والضحية هو وقف إطلاق النار الذي اقترحته مصر". وتابع "المشكلة هي من سيقدم وقف إطلاق النار؟ من سيفوز في المباراة الأولى بين المعسكرين السياسيين الجديدين في العالم العربي"؟
وأصل الخلاف يعود إلى المواقف المتناقضة من جماعة الإخوان التي تمت الإطاحة بها من السلطة عام 2013.
ضربة للإقتصاد
تتهم قطر باستخدام تحالفها مع حماس لشق طريقها إلى موقع أكثر تأثيرا في المنطقة خاصة بعد أن تعرضت للنبذ من طرق دول مجلس التعاون الخليجي. ويؤكد منتقدون لسياسة الدوحة أنها ترغب في تحسين صورتها دوليا والتي شابتها إتهامات حول هضم حقوق العمال الفقراء والفساد المستشري والرشاوي المتعلقة بتنظيم نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2022 والتوترات السياسية مع جيرانها العرب في الخليج.
لكن الحكومات الغربية وخاصة الولايات المتحدة ترى قطر كوسيط إقليمي كبير محتمل بسبب روابطها مع الحركات الإسلامية في مصر وسوريا وغيرها. وتقول قطر أن واشنطن طلبت منها صراحة اجراء محادثات مع حماس.
السلطة الفلسطينية تحاول من جانبها إمساك العصا من الوسط حتى لا تخاطر بنسف المصالحة مع حماس، المفاوض الفلسطيني صائب عريقات وهو عضو في حكومة الوحدة الوطنية التي تشكلت مؤخرا بهدف انهاء الخلاف بين حماس وحركة فتح صرح لرويترز انه لا يرى أي تنازع بين الدول العربية. وقال "هذا ليس هو الحال وليست هناك منافسة بين الدول العربية. أنهم جميعا يريدون وقف إراقة الدماء."
وأضاف "جميع الدول العربية تريد أن تضع حدا لنافورة الدم هذه في غزة. وتركيا وقطر ومصر كلهم متفقون. ولقد نحى قادة هذه البلاد خلافاتهم جانبا ونتفق جميعا على أن سفك الدماء يجب أن يتوقف".
يقدر بعض المراقبين أنه إذا كان الفلسطينيون يدفعون ثمن الصراع السياسي والعربي دما، فإن الكيان الصهيوني يراكم بالاضافة إلى الخسائر البشرية خسائر أخرى. كشفت أرقام صادرة عن مؤسسات رسمية إحصائية، تراجعاً حاداً في أرقام القطاعات الاقتصادية خلال شهر يوليو، تزامناً مع العدوان العسكري الإسرائيلي.
وتراجعت نسبة حجوزات الطيران إلى إسرائيل بنسبة 40 في المئة عما كانت عليه خلال نفس الفترة من العام الماضي، بينما ارتفعت الرحلات من إسرائيل إلى العالم بنسبة 35 في المئة مقارنة مع الفترة المناظرة من العام الماضي، وهو ما يعنى حركة نزوح ولو مؤقتة فرارا من ضربات المقاومة.
وأقرت هيئة طيران إسرائيل، بتسجيل تراجع على حركة الطائرات القادمة، بسبب تعليق نحو 30 شركة طيران عالمية رحلاتها باتجاهها بسبب الحرب الدائرة في غزة.
وأدى "تحليق" صاروخ انطلق من غزة باتجاه إسرائيل، في أحد خطوط الملاحة الجوية المعتمدة، وسقوطه على بعد 1.6 كم من مطار اللد، إلى تعليق أبرز شركات الطيران العالمية رحلاتها خلال الأسبوع الماضي، بينما يواصل بعضها تعليق رحلاته حتى إشعار آخر، واللافت أن تركيا قررت إستئناف الرحلات إلى تل أبيب.
تجارياً، أظهر تقرير أوردته الإذاعة العبرية مساء يوم الجمعة 25 يوليو، إن خسائر تتجاوز 250 مليون دولار أصابت القطاع الصناعي في إسرئيل وخاصة المصانع الواقعة في مناطق الوسط والجنوب التي أصبحت هدفاً سهلاً لصواريخ المقاومة.
بينما تعرضت الأسواق الإسرائيلية، إلى تراجع في مبيعاتها بنسبة وصلت في بعض المناطق 60 في المئة، بسبب تراجع القوة الشرائية للمستهليكن من جهة، وعدم وجود مستهلكين جدد، كالسياح الأجانب على سبيل المثال.
وذكر صندوق النقد الدولي، إن خسائر الاقتصاد الإسرائيلي جراء عدوانه على قطاع غزة، تبلغ 0.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، أي نحو 546 مليون دولار أمريكي، لكن مؤسسات رسمية إسرائيلية قالت إن الخسائر المباشرة وغير المباشرة، وعسكرية، تتجاوز 5500 مليون دولار.
ولم يكن حال بورصة تل أبيب أفضل حالاً، بل انسحب التراجع على تعاملاته خلال الأسبوعين الماضيين، ليهبط المؤشر الرئيسي بنحو 120 نقطة خلال تعاملات العشرة أيام الماضية، حيث قادت القطاع السياحي والصناعي الخسائر والهبوط.
عمر نجيب
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.