لانجد تفسيرا واحدا لحالة الهستيريا التي أصابت بعضا من زملائنا الصحافيين والإعلاميين في مصر، الذين تعمدوا أن ينسلخوا عن هويتهم المهنية قبل الحديث عن الهوية الأخرى وتحولوا إلى محرضين متشددين ضد حماس وضد غزة، ولم يتوان بعض منهم (وهم قلة قليلة على كل حال) عن توجيه التحية والتقدير لقادة العدو. أنا لست من المقتنعين بالرأي الذي يقول بأن الصحافي المهني يجب أن يبقى محايدا أثناء ممارسته لمهنته، لأن الصحافي ليس حمالا للأثقال، بل بالعكس الصحافي حمال للقيم ومبادئ يجب أن يدافع عنها، لذلك لا أفهم كيف يمكن أن أكون كصحافي حامل لقيم العدل ونصرة المظلوم ومناهضة الاستعمار أن أكون محايدا إزاء الجرائم الفظيعة التي يقترفها العدو الصهيوني في غزة الصامدة.بعض من الصحافيين المصريين لم يتوقفوا عند حد الحياد، بل تجاوزوه إلى مابعد ذلك بمسافة كبيرة وطويلة. وهم بذلك إما يجتهدون في إرضاء المسؤولين لعلهم ينالون الرضى، أو أنهم يقومون بدور ما لحساب ما..؟؟ ليس هذا الإعلام المصري الذي مثل دوما متراسا مهنيا عربيا شامخا، تخرجت من مدرسته العريقة أفواج من فطاحل الإعلام، وكانت ولاتزال به مؤسسات إعلامية مثلت معالم المشهد الإعلامي العربي. إن هذه القلة من الخوارج يسيئون إلى مصر وإلى إعلام مصر الذي مثل متراسا حقيقيا أمام زحف إعلام العدو، يسيئون إلى تاريخ مصر العظيم، أما أن يعتقدوا لحظة واحدة أنهم قادرون على إطفاء شمعة توهج المقاومة وإضعاف السند الشعبي لها، فإنهم بذلك حالمون؟؟