سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
خبير في قضايا التعليم يقترح ضريبة أو رسما لجمع ميزانية خاصة بالتعليم: مبارك ربيع: المدرسة المغربية في حاجة إلى مثل ما قام به المغاربة إبان الاستقلال أو كما تم في تشييد مسجد الحسن الثاني
أكد مبارك ربيع الأستاذ الجامعي في مداخلة ألقاها في ندوة نظمتها مؤسسة علال الفاسي يوم الجمعة 2 أكتوبر الجاري بالرباط في موضوع «المدرسة المغربية والديمقراطية» والتي سير أشغالها سعيد بنسعيد العلوي عضو اللجنة الثقافية للمؤسسة، أنه بقدر ما تقدم الأسرة استقالتها الحقيقية والفعلية من مهمتها التربوية، بقدر ما تنعكس أو يسقط ثقل هذه المهمة على المدرسة التي يجب أن تكون مؤهلة للقيام بذلك. وأوضح ربيع أن الديمقراطية تعايش على أسس من الاختيار الحر والإرادة، وتعتبر أفضل طريقة لتنظيم هذا التعايش في المجتمعات البشرية في جميع النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وليست هي كل شيء ولكن هي أفضل ما هو موجود الآن وعلى الخصوص هي تقوم بتنظيم المجتمع على أسس معقولة ومقبولة للجميع، على المساواة والحرية والقوانين ضد الاستغلال والاستبداد والاستعباد، وهذا لا يمنع أبدا من وجود تفاوتات في المجتمع الديمقراطي بين الأفراد ولكن تلك التفاوتات تكون راجعة للجهود ضمن الفرص المتاحة للجميع عبر تكافؤ الفرص للجميع. وذكر أن الديمقراطية تفهم في شقها السياسي فقط، ولكنها تفهم أيضا اجتماعيا بالنسبة لما يكون في المجتمع من تفاوتات طبقية هائلة اجتماعيا وأيضا اقتصاديا وتربويا كذلك وليس الديمقراطية هي فقط الجانب السياسي، أي التدبير السياسي للموضوع، لكن هي تدبير للحياة بشكل عام، ولذلك تعتبر الديمقراطية نمط عيش المجتمع وليس فقط شيئا آليا، أو بروتوكولا يجب أن يطبق بل هي نوع من الأسلوب في التعايش بين الناس. وقال إنه لا يعني ذلك أن المجتمعات الديمقراطية تتشابه وبل تختلف ، ولكن هذا الاختلاف يكون عن طريق الاجتهاد في تطبيق النموذج الديمقواطي وليس عكس ذلك، وهناك علاقة تكاملية بين المدرسة والديمقراطية لأن المدرسة كمؤسسة تنشئ وتكون لمجتمع متفق على نمط من العيش هو النمط الديمقراطي الأمر الذي يتيح تكافؤ الفرص ويقوم على الاختيار الحر وعلى إرادة الأفراد والتقدم التكنولوجي وعلاقته بالديمقراطية، وبكل اختصار يمكن القول إنه كلما تقدمت الانسانية في العلوم كلما تقدم المجتمع في التكنولوجيا وفي المعرفة التجريبية بقدر ما يقترب من الديمقراطية لأن الآلة والاختراعات والابتكارات لها مساهمة أساسية في تحريك العلاقات الانسانية وفي تحرير الإنسان وبالتالي التقدم التكنولوجي والعلمي يحرر الإنسان. وأوضح أيضا في وضع عالمي وإقليمي خاص له بعض الميزات، مشيرا إلى أن هناك وثائق تحدثت على أن المغرب لن يحقق أهداف الألفية في 2015 وأنه سيحقق فقط 70% بين أهداف الألفية أو سقفها حسب الأممالمتحدة هو 80% والمغرب متأخر ب 10 فقط لتحقيق الهدف، وهذا الوضع ليس سيئا على الإطلاق لأن الجارة الجزائر تحقق 79%، ومنذ يومين ذكر الاستاذ ربيع انه سمع المندوب السامي للتخطيط في اجتماع المكتب الاقتصادي والاجتماعي والبيئي يقول إن المغرب قد حقق اهداف الألفية كلها واعتبر ذلك مكسبا للمغرب. وأفاد أنه في عالم اليوم لاشيء يحدث معزولا وكل شيء تحت المراقبة الدولية، سواء عن طريق الاحصائيات والمؤشرات والسلالم والتنقيط أو من حيث الفقر والأمية والتعليم ومن حيث التشغيل ومن حيث السياسة العامة، وهذا مهم على أساس أن ما يشتغل عليه محليا ينظر إليه بمنظار عالمي.. وأكد أنه بالنسبة للوضع الدولي الإقليمي فإن المجتمع يعيش في مرحلة حراك مجتمعي مترتب عما يسمى بالحراك الديمقراطي أو بالحراك العربي، ترتبت عنه كوارث ولكن هناك كوارث أخرى نراها في المجتمع حيث نسمع بجرائم الأسر وفي المدرسة نسمع بالاعتداءات الجسدية ما بين الطرفين تصل إلى حد القتل وهذه الأمور كلها تجعلنا نتساءل بالاضافة إلى أن هناك من ينتسب إلى الدواعش. وتساءل ربيع عن أسباب ذلك وأوضح أن ذلك مرتبط بصناعة المجتمع وصناعة المدرسة والأسرة وصناعة ممارستنا الدينية والاجتماعية والاقتصادية. وأكد على ضرورة توجه البرنامج التعليمي والمادة التعليمية والطريقة التعليمية إلى الكائن البشري في كليته وأن نتعامل مع كل هذه الأنماط من الذكاء، وتقوم مهمة المدرسة من جهة بالتعامل مع كافة أنماط الذكاء وأن تعمل بطريقة تربوية مدروسة لتحويل ما يمكن تعلمه بذكاء معين إلى ذكاء آخر وهذا ما يجب التحدث عنه بديمقراطية التعلم، وحتى نصل إلى الحق في الذكاء، والمواطن المتعلم له الحق في أن يصبح ذكيا من المدرسة وبكافة السبل التي تؤدي إلى هذه النتيجة. وذكر أن أهداف المدرسة يمكن تلخيصها في أنها إتاحة النمو الطبيعي للمتعلم في الجو المدرسي وأن يكون هناك تكيفا ما بين المدرسة وبين إمكانية الطالب مع نوع الذكاء المرغوب. وقال إن الديمقراطية الكيفية هي الأهم لأنها تكون أحسن تكوين ونخرج أصحاب القيم الذين يترجمون هذه الديمقراطية إلى قيم في المجتمع وأوضح أن هذه هي التربية الكيفية التي يجب أن نسعى إليها بالاضافة إلى التأكيد على تربية المستقبل وقيم التسامح والتعايش وقبول الاختلاف. وتحدث عن صناعة الذكاء المرتبط بالمحيط الاجتماعي وبقدر ما يكون الوسط الاجتماعي غنيا فهو غني بالإمكانات التي يطرحها للناشئ لكي يبادر، والمجتمع فيه تفاوتات. وقال إن المدرسة مخولة بأن تتاح فيها مثيرات الذكاء على جميع المستويات، وهنا نتحدث عن أهمية التجهيز العلمي والبيداغوجي في المدرسة لتعويض النقص الموجود في الأوساط الاجتماعية ، وأن التجهيزات البيداغوجية لا تكفي لوحدها ولكن يجب استحضار التنظيمات أي أن المدرسة لابد وأن تلعب دور تنظيم الأعمال الاجتماعية التي تغني ذكاء المتعلم وبالتالي تجعله يمارس الحياة الاجتماعية في مجتمعه. وتحدث عن صناعة القابلية للتعلم لجعل المتعلم من ذاته ينمي الرغبة في التعلم وهذا عنصر أساسي من عناصر الديمقراطية المدرسية. ووقف عند بعض المظاهر الخاصة في مدرستنا وخاصة من ناحية الوضع العام فإنه لا خلاف في أن مدارسنا على عمومها كلها تفتقر إلى أشياء كثيرة وبالخصوص النقص الكيفي في الأساتذة المؤطرة، ونقص في اللوجستيك البيداغوجي، وعدم ملاءمة البرامج مع ميول المتعلمين والعلاج، لذا فهي تحتاج إلى نهضة جمعية واجتماعية ونوع من الالتحام المجتمعي بكامله حول المدرسة لإصلاحها، والنهوض بها، واختار مبارك ربيع في محاضرته نموذجين: التعليم القروي وذكر في هذا الصدد النقل في العالم القروي، وانعدام الإمكانات في هذا النموذج من التعليم ويبقى أن هناك شرخا مجتمعيا فيما بين التعليم في العالم القروي وبين التعليم في العالم الحضري. ومن المحاذر التي نبه إليها المحاضر التنوع في البرامج ما بين تعليم يبدو عصريا وما بين تعليم عتيق أو ديني أو قرآني وما بين تعليم لا هذا ولا ذاك، وأن هناك العديد من المؤسسات لا تعدو أن تكون مجرد فضاء لحشر الأطفال في غيبة أوليائهم، وهنا لا يمكن أن نتحدث عن ديمقراطية ذكائية وعن الحق في الذكاء ولا عن تأهيل اجتماعي. واقترح إلزامية أداء رسم معين أو ضريبة معينة أو مساهمة معينة من جميع فئات المجتمع كل حسب طاقاته لتكوين ميزانية خاصة للتعليم في المغرب لأهميته. والتعليم مسؤولية الجميع ويحتاج إلى تجنيد مثل ما قام به المغاربة إبان الاستقلال أو ما قاموا به خلال المسيرة أو ما قاموا به خلال تشييد مسجد الحسن الثاني.