الطالبي العلمي…الشراكة الإفريقية-الكورية تشكل إضافة أساسية لجهود تقدم القارة    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولات الثلاثاء على وقع الارتفاع    أمريكا تشيد بجهود جلالة الملك وتؤكد على أهمية دعم المغرب لمبادرة بايدن    زوما ‬و ‬رامافوزا ‬يتسببان ‬في ‬نكسة ‬انتخابية ‬قاسية ‬لحزب ‬نيلسون ‬مانديلا‮    منصة "إكس" تسمح رسمياً بنشر محتويات إباحية    "الكاف" يكشف مواعيد تسجيل اللاعبين في دوري الأبطال وكأس الكونفدرالية    لحسم اللقب.. رسميا العصبة الاحترافية تكشف عن البرنامج الكامل للجولة الأخيرة من البطولة    كحول فاسدة تودي بحياة 3 أشخاص وتسمم 18 آخرين بالقنيطرة    تحقيق أمني بعد العثور على ج ثة داخل مستودع لمواد التنظيف بطنجة    الحسيمة.. 6531 مترشحا ومترشحة لامتحانات البكالوريا الجهوية والوطنية    التباس مفهوم العدالة وتحولاتها التاريخية    غواية النساء بين البارابول ومطاردة الشوارع    دراسة: القطط بوابة خلفية لانتقال أنفلونزا الطيور إلى البشر    مندوبية التخطيط تعلن تحسن النمو الاقتصادي الوطني ب3.4%    وليد الركراكي يعقد الخميس ندوة صحفية قبيل مواجهة زامبيا    بطولة إيطاليا.. ماروتا رئيساً جديداً لإنتر    ضجة "القبلة الحميمية".. البام يسند ظهر بنعلي ويتهم جهات خارجية باستهدافها    الدبلوماسية ‬المغربية ‬تتفوق ‬في ‬انفتاحها ‬على ‬آفاق ‬آسيوية ‬واعدة    الحكومة ‬الفرنسية ‬تشدد ‬الخناق ‬على ‬المستفيدين ‬من ‬المعاش ‬خارج ‬فرنسا‮    واشنطن تؤكد أهمية دعم المغرب لمقترح بايدن وتشيد بجهود الملك محمد السادس    في صفقة تاريخية.. المغرب يقترب من تعزيز دفاعه بشراء 131 طائرة جديدة صنف F-16 من الولايات المتحدة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    شرطة سان فرانسيسكو تحتجز 70 محتجا أمام القنصلية الإسرائيلية    حزب الاستقلال يفوز بمقعد "حومة الحمام" بجماعة الساحل إقليم العرائش    النفط يواصل هبوطه بسبب مخاوف وفرة المعروض    توقعات أحوال الطقس اليوم الثلاثاء    رحلة لتركيا مع برنامج رائع وثمن مغري مع وكالة الأسفار والسياحة موركو ترافل بتطوان وطنجة    وزان: استفادة أزيد من 130 شخصا من حملة في طب العيون    كيوسك الثلاثاء | المغرب يدخل عالم تصنيع الأسلحة    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أربع من رهائنه في غزة    أول تعليق لمبابي بعد انضمامه الرسمي إلى ريال مدريد    فضيحة السلامة تلاحق سيارات تويوتا .. والشركة توقف بيع كورولا وياريس    صفقة التدبير المفوض لقطاع النظافة بالجديدة.. حذار من تكرار نفس الأخطاء    بلينكن يهاتف بوريطة بشأن مقترح وقف إطلاق النار في غزة    المغرب يعزز دفاعه بإنشاء مناطق للصناعة العسكرية    مودريتش يتمسك بالبقاء مع ريال مدريد ويرفض عروض خليجية بقيمة خيالية    تنصيب المدير العام الجديد للمكتب الوطني للمطارات    سيارة تدهس شخصا من ذوي الاحتياجات الخاصة ضواحي طنجة    طواف المغرب للدراجات : الفرنسي جيرار داميان يفوز بالمرحلة الرابعة ومواطنه بول كونيي يحافظ على القميص الأصفر    1.1 مليون كتاب بيع في معرض الرباط بينما رقم المعاملات تجاوز 120 مليون درهما وفق وزير الثقافة    رسميا.. كيليان مبابي ينضم إلى صفوف ريال مدريد    الأمثال العامية بتطوان... (615)    نتنياهو: مقترح بايدن بشأن غزة "ناقص"    وصفتها ب"الأجنبية".. تونس تمنع فنانة مغربية من المشاركة في تكريم "ذكرى"    القبايل بين خيار الحكم الذاتي أو الاستقلال !؟    «البوطا» تلهب الجيوب وتحرق القلوب!    وزان تحتضن الدورة الأولى من الأيام السينمائية    "بوحمرون" يستمر في حصد الأرواح نواحي تنغير.. والحصيلة ترتفع إلى 7 وفيات    جمع عام استثنائي بالدار البيضاء للغرفة الوطنية للمنتجين السينمائيين    أهمية صناعة السينما والمحتوى البصري بفعاليات اليوم الأول لمهرجان روتردام للفيلم العربي    أفلام وحكام مهرجان "الرباط كوميدي" الخامس: مسابقة الأفلام الكوميدية القصيرة.    الأمثال العامية بتطوان... (613)    المغرب يسجل 47 إصابة جديدة ب"كوفيد"    جهة الرباط تتصدر إصابات "كورونا" الجديدة    توديع فوج حجاج إقليم تاوريرت المتوجهين إلى بيت الله الحرام    وصول أولى طلائع الحجاج المغاربة إلى المدينة المنورة يتقدمهم حجاج الأقاليم الجنوبية    "العلم" تواكب عمل البعثة الطبية المغربية لتقريب خدماتها من الحجاج في مكة والمدينة    عامل المضيق الفنيدق يستقبل الحجاج المتوجهين للديار المقدسة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرأة بعيون مخرجات "عربيات".. طيارة من ورق.. فيلم لرندة الشهال صباغ (1)
نشر في الأول يوم 05 - 07 - 2018

في هذه السلسلة، نقوم بنشر مجموعة من المقالات التحليلية الفيلمية، للناقد محمد طروس، والتي تستكشف حضور المرأة العربية ومستقبلها في السينما في العالم العربي. ويقوم التحليل على مستويين: تفكيك البنية الفيلمية المغلقة وتفريعها إلى بنية مقطعية وبنية حكائية، ثم إعادة تركيبها. ومستوى الوظيفة الخطابية حيث تتم معالجة الفيلم في علاقته بالذات المبدعة وبالذات المتلقية، وفحص مدى قدرته على التفاعل والتأثير. في هذا المستوى يتم مساءلة الخطاب. ما قضيته؟ ما موقفه من هذه القضية؟ كيف يبني هذا الموقف؟ كيف يهدم المواقف المضادة؟ ما دور البنية الفيلمية في إنجاح الوظيفة الحجاجية؟ وكيف ساهمت الوظيفة في البنية المقطعية والبنية الحكائية؟.
محمد طروس*
المخرجة
رندة الشهال صباغ مخرجة سينمائية لبنانية ولدت في مدينة طرابلس اللبنانية في 11 دجنبر 1953، من عائلة مسلمة سنية ذات توجه شيوعي، وتوفيت 25 غشت 2008. درست الإخراج في جامعة السوربون بباريس، وفي معهد لويس لوميير. أنجزت عددا من الافلام الوثائقية والروائية، نذكر منها ( شاشات الرمل 1991)، (حروبنا الطائشة 1996)، (متحضرات 1999) (طيارة من ورق 2003).
تهتم أفلامها الروائية بالقضايا والأبعاد الأساسية. تميل إبداعاتها بالأساس إلى الفيلم الوثائقي، وقد حاز فيلمها (طيارة من ورق) على جوائز في عدد من المهرجانات، أهمها جائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية السينمائي سنة 2004.
المتن الحكائي
تدور أحداث الفيلم في قرية (دير ميماس) الدرزية في الجنوب اللبناني، والتي قسمها الاحتلال الإسرائيلي إلى قسمين: قسم لبناني وقسم ضمته إسرائيل؛ بينهما حزام أمني من أسلاك شائكة وألغام وجنود.
لمياء طفلة يافعة تعيش وأمها وعائلتها في القسم اللبناني. تقضي نهارها في اللعب مع الأطفال بطيارات ورقية بجانب الشريط الشائك، وتتأمل من أعلى الهضبة نصف القرية الآخر في الضفة المقابلة المحتلة. يتحدى سكان القرية الحصار، يتواصلون من خلال مكبرات الصوت، وأشرطة الفيديو. يتبادلون أخبار الضفتين وتفصيل حياتهم اليومية.
تقرر العشيرة تزويج لمياء من الشاب سامي (ابن خالتها) من القرية المقابلة في شمال إسرائيل بدون موافقتها. تذهب لمياء إلى بيت زوجها. تعبر الحدود وحيدة في ثياب العروس. تواجه زوجها. تصارحه بعدم حبها له. يبادلها نفس الشعور. يقرر مساعدتها في العودة إلى أسرتها.
عند النقطة الحدودية يوجد جندي إسرائيلي شاب (يوسف)، من أصل درزي. يراقب الحدود. يكتب التقارير، يدون الملاحظات. يعجب بلمياء. تتعلق به لمياء. تتغلب على الخوف. تقرر زيارته. تلقى حتفها إثر انفجار لغم داخل الحزام الأمني. تستمر الحكاية عبر الحلم، في مقطع حميمي بين يوسف ولمياء ينتهي إلى تحرير يوسف من ملابس الجيش الإسرائيلي.
البنية المقطعية
قاربت الخمسين مقطعا، أغلبها مقاطع كثيرة اللقطات، انسجاما مع الغاية الحكائية، واتسمت بالخصائص التالية:
تنوع التركيب التأطيري – حسب الموضوع المرئي – إذ زاوج بين التأطير الكلي لتعميق الإحساس بحضور الفضاء الحكائي ( النقطة الحدودية) وبين التأطير الجزئي المرتبط بالشخصيات المحورية ( لمياء/ يوسف). واعتمد الالتحام المقطعي والترابط بين اللقطات على القطع الحاد (cut)، وعلى استمرار الموسيقى والمقاطع الحوارية. واتسم التركيب الفيلمي بالتسلسل الخطي في مجمل الفيلم، واللجوء أحيانا إلى التركيب التناوبي. وقد تعززت هذه الانسيابية الخطية بخفة الإيقاع الناجم عن سيادة المقاطع كثيرة اللقطات.
تنوعت حركة الكاميرا بين لقطات ماسحة وسائرة ( الفضاء وحركة الشخصيات) وبين لقطات ثابتة مرتبطة أساسا بالحوارات والتناظر الحقلي. أي أن الكاميرا تتقيد بالشخوص وتصبح أكثر حرية حين تركز على حركة الأشخاص والأشياء ( طيارة الورق). نفس المنطق تحكم في موقع الكاميرا الذي يتسم في الغالب بهيمنة الموقع الأفقي.
سادت زاوية النظر الخارجية على العملية السردية، مع اسنثناءات قليلة، خاصة عبر المنظار، مما جعل الراوي الضمني مهيمنا على العلاقة القولية، وجعلت المتلقي أبعد ما يكون عن شخوص الحكاية.
تم اعتماد الحوارات في التواصل بين الضفتين، والتعبير عن بعض الحالات السوريالية، وتبادل الأخبار. بينما ساد الصمت في علاقة لمياء بزوجها وبالجندي. فضلا عن الموسيقى التي تؤثث فضاء الجندي.
نستنتج أن البينية المقطعية للفيلم بنية سردية خطية، وظيفتها الأساس بناء الحكاية الفيلمية، ووضع المتلقي في موقع المتلقي السلبي الذي يتلقى الحكاية دون قدرة على التفاعل والاندماج في عالم الشخوص.
البنية الحكائية
تقوم الحكاية الفيلمية على حدث خارجي سابق على الفيلم، حدث تقسيم القرية الدرزية. هذا الحدث المولد ينتج أحداثا جزئية: ( تجاوز لمياء للأسلاك الشائكة لاسترجاع طائرتها الورقية، بناء المركز الحدودي، قرار الزواج، عبور الحدود، التواصل مع الجندي، مواجهة العريس، العودة إلى القرية) تحكم الأحداث علاقة منطقية سببية.
تمتد الحكاية الفيلمية في حكاية القرية المقسمة، وتتجسد في حكاية "لمياء" الأساس (اللعب، الزواج، الحب، الموت) وحكايات النساء اللواتي يتحاورن على الحدود. وحكاية الجندي الإسرائيلى الذي يحاول فهم الأشياء، ومعرفة اسم رفيقته… تقوم العلاقة بين الحكايات على التجاور مع سيادة الحكاية الأساس.
يعتبر الفضاء الحكائي هو الشخصية المحورية الأساس في الفيلم ( أسلاك شائكة، ألغام، مركز حدودي، حرس إسرائليون). أما الشخصيات الحقيقية فلا تقوم إلى بالاستجابة لتحديات الفضاء ( المنظار، مكبرات الصوت، أشرطة الفيديو، جواز العبور..)، وإذن فالدينامية الحكائية تتم من خلال التفاعل بين الفضاء وبين الشخصيات. وباحتصار فهناك حكاية سطحية ( حكاية لمياء..) وحكاية عميقة مولدة لكل الحكايات، ومتحكمة في سلوك الشخصيات وسير الأحداث ( حكاية الاحتلال).
الخطاب الفيلمي
يستمد الخطاب الفيلمي قضيته من الصراع العربي الإسرائيلي، وينظر إليها من خلال قضية صغرى تثير إشكالية المرأة اللبنانية في ظل الاحتلال. يركز في هذه الإشكالية على مناقشة الثقافة القبلية التي ترغم فتاة على الزواج.
تخضع لمياء الفتاة المراهقة إلى رغبة القبيلة، غير أنها تتمرد على الزوج، وتعلن حبها لجندي إسرائيلي. لكن يلاحظ أن التحول في شخصية لمياء غير مبرر كفاية، وأن حب لمياء ليوسف، ليس إلا محاولة لعبور الحدود ودعوة إلى ربط الجسور مع المحتل عن طريق الحب والقيم الإنسانية النبيلة. هل يكفي أن نزيل عن الجندي ملابسه الإسرائيلية لنحل إشكالية الاحتلال؟ ماذا يعني اختيار الجندي من أصل درزي؟ لماذا ركزت قائلة الفيلم على الجوانب النبيلة في شخصية الجندي الشاب (تكوين علمي، موسيقى)؟ لماذا ركزت على سلبية الجندي الكهل؟ هل ترسم مستقبل الجندي الشاب، وتحاكم المحتل الذي يشغله؟. ثم ما الذي جعل قائلة الفيلمى تنهي حياة شخصيتها المحورية، بعد أن منعتها من الزواج، وأفشلت حبها مع يوسف، وجردتها من طفولتها ومن جرأتها وإقبالها على الحياة؟. هل يتعلق الأمر بأدرمة الأحداث لإدانة الحصار وبشاعة الاحتلال؟.هل يكفي أن ننزع، ولو في الحلم، ملابس الجندية عن الجندي الدرزي ليتم تحريره من الهوية الإسرائيليلية؟ وماذا نفعل إزاء العلم الإسرائيلي، والأسلاك الشائكة والألغام، أي الجانب المادي للاحتلال؟.. قد تتعدد الأسئلة، لكن السؤال العميق الذي يحكم تصور قائلة الفيلم ويترجم موقفها المجسد في في الحكاية الفيلمية هو هل يمكن عبور الحدود؟ ممكن، لكن عبر مكبرات الصوت والمنظارات أو الأحلام، وعبر الطيارات الورقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.