تتجه الأنظار نهاية الأسبوع الجاري، إلى مدينة بوزنيقة التي ستحتضن أشغال المؤتمر الاستثنائي لحزب العدالة والتنمية، الذي يعيش على صفيح ساخن منذ زلزال 8 شتنبر الذي خسف بالحزب من قمة المشهد السياسي إلى منحدر سحيق، ستكون مهمة القيادة الجديدة شاقة في الخروج منه. فلا حديث داخل بيت الحزب الإسلامي إلا عن العودة المرتقبة لأمينه العام السابق، عبد الاله بن كيران، لتسلم دفة القيادة ومحاولة إعادة ترتيب الأوراق والصفوف للخروج من الوضع الصعب الذي أصبح يعيشه بعد الهزيمة الساحقة في الانتخابات الأخيرة.
وتسابق قيادات في الحزب الزمن من أجل التوصل إلى اتفاق قبلي بين الإخوة "الأعداء" لإنهاء الانقسام الحاد الذي يعيشه، في محاولة لتجنيبه أي تداعيات غير محسوبة يمكن أن يسفر عنها المؤتمر الاستثنائي، الذي يمثل أصعب محطة في تاريخ الحزب الممتد لربع قرن من الزمن.
ويبدو أن لجوء ابن كيران أمس الأربعاء، لبث فيديو مباشر في صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، جدد فيه التمسك بشرطه إسقاط قرار المجلس الوطني بتنظيم المؤتمر العادي في ظرف سنة، لقبول ترشيحه لمنصب الأمين العام، يفيد أن الفرقاء داخل "البيجيدي" ليسوا على قلب رجل واحد، وأن بن كيران رفض أي تفاوض مع القيادة الحالية حول مخرجات المؤتمر الاستثنائي.
وأمام إصرار بن كيران على موقفه، فإن المؤتمر الوطني الاستثنائي لحزب العدالة والتنمية ستحدد معالمه انطلاقا من المصادقة على مشروع القرار بشأن تأجيل المؤتمر الوطني التاسع لمدة سنة، الذي تتمسك به الأمانة العامة المستقيلة بقيادة سعد الدين العثماني، ويرفضه بن كيران وأنصاره.
وتفيد المعطيات التي حصلت عليها "الأيام 24″ أن التوجه داخل الحزب يسير باتجاه عرض مشروع القرار المثير للجدل للتصويت، والذي سيسهل على أنصار ابن كيران إسقاطه، لأن تمريره داخل المجلس الوطني كان بنسبة تجاوزت النصف بقليل، وبالتالي تفادي سيناريو الاستغناء عن بن كيران بصفة نهائية في الحزب في حال المصادقة عليه.
ورغم ذلك، يبقى سيناريو المصادقة على مقترح الأمانة العامة وإبعاد بن كيران وارد الحدوث في نظر البعض، بحيث أن هناك آراء داخل الحزب تدفع باتجاه تولي أحد قيادات الصف الثاني القيادة، وتكون لها قدرة أكبر على التجميع ورص صفوف الحزب أكثر من ابن كيران، ويتردد بقوة اسم جامع المعتصم رئيس المؤتمر، الذي نجح في الحفاظ على علاقة قوية مع بن كيران وفي نفس الآن مع العثماني وفريق أمانته العامة.
ووفق مصادر من داخل حزب العدالة والتنمية، فإن اسم عبد العزيز العمري، الوزير السابق وعمدة الدارالبيضاء السابق، يبقى من بين الأسماء المرشحة للمنافسة على تولي الأمانة العامة للحزب في حال عدم رضوخ المؤتمر الاستثنائي لشروط ابن كيران، الذي يحظى بدعم واسع لخلافة العثماني.
ووفق مصدر من الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، تحدث ل"الأيام 24" فإن التحدي الذي يواجه الحزب في هذه المرحلة "الصعبة" ليس هو من سيكون الأمين العام، والذي لا نرى شخصا أجدر من ابن كيران لتوليه، وإنما "برنامج العمل وأطروحة المستقبل للنهوض والنضال وفق رؤية واضحة من أجل إقرار الديمقراطية والإنهاء مع التردد الذي لازم الحزب في السنوات الماضية".
وأيا كانت مخرجات المؤتمر الاستثنائي لحزب العدالة والتنمية، فإن الحقيقة الوحيدة هي أن الحزب الإسلامي يحتاج إلى الكثير من الوقت لرأب الصدع وإصلاح ذات البين بين الإخوة الأعداء، الذين أضحى ابن كيران، الأمين العام المرتقب للحزب، لا يتحمل حتى سماع كلام بعضهم كما ورد على لسانه في "لايف" البارحة، فهل ينجح الحزب في اجتياز المؤتمر بأخف الأضرار أم أن المحطة ستزيد من تعميق الانقسام وتقريب الانشقاق الذي طال حزب الاتحاد الاشتراكي بعد قيادة تجربة التناوب التوافقي؟