خرجت عائلة القيادي اليساري المهدي بن بركة، ببيان ترد فيه على اتهامات صحيفة "الغارديان" البريطانية للمهدي بالجاسوسية. وعبرت العائلة عن صدمتها وغضبها مما وصفته ب"الاكتشافات الزائفة" الملفقة دون أي تحليل للسياق التاريخي والسياسي لتلك الفترة.
وجاء رد عائلة بن بركة بعد تقرير نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية، الأحد الماضي، قالت فيه إن "القيادي اليساري المهدي بن بركة والذي اغتيل عام 1965، فور وصوله إلى أحد المطاعم الواقعة في الضفة اليسرى لباريس كان جاسوسا".
وزعم صاحب التقرير جان كورا، وهو أستاذ مساعد بجامعة شارلز ببراغ، أن "عكس بن بركة الذي يقدم عادة بوصفه مناهضا للمصالح الاستعمارية لصالح العالم الثالث، فالوثائق تظهر صورة مختلفة كثيرا عنه، إذ أنه رجل يلعب مع أطراف متعددة، ويعرف الكثير، ويعرف أيضا أن المعلومات ثمينة جدا خلال الحرب الباردة، وباحث عن الفرص، إذ كان يلعب لعبة خطيرة جدا".
وأشارت عائلة بن بركة إلى أن ما نشر في صحيفة "الغارديان" هدفه الاعتداء على ذاكرة المهدي وتشويه عمله السياسي وفكره لصالح نضالات الشعوب ضد الاستعمار والإمبريالية والصهيونية من أجل تحررهم سياسيا واجتماعيا ومن أجل الديمقراطية".
وحذر البيان مما وصفها ب"الاعتداءات المتكررة في السنوات الأخيرة بشكل كبير على ذاكرة أحد أهم قادة العالم الثالث ورمز مقاومة الكولونيالية والصهيونية والإمبريالية من خلال التضليل والافتراء".
وأوضحت عائلة بن بركة أنها "ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها ذكرى فقيدهم للهجوم، فبدل مهاجمة أفكاره وسيرته النضالية، يحاول أعداؤه وخصومه ومنتقدوه تصويره على أنه مجرد جاسوس لدى جهاز مخابرات".
وقالت عائلة بن بركة إن "جان كورا استند إلى وثائق رفعت عنها السرية ويدعي دون عين ناقدة أن المهدي كانت له علاقة بالاستخبارات التشيكوسلوفاكية وتلقى أموالا مقابل ذلك، كما أنه أغفل أن الأمر يتعلق بمادة خام أنتجها جهاز استخبارات ربما لم يتم تنقيحها أو غير مكتملة وتبقى مشكوكا فيها".
وأوضحت عائلة بن بركة، أن صاحب التحقيق "جان كورا" أهمل بشكل مطلق السياق الجيو-سياسي للفترة المعنية، حيث كانت براغ مقرا للمنظمات الدولية التقدمية مثل الاتحاد العالمي لنقابات العمال والاتحاد الدولي للطلبة، وهو ما جعلها ممرا للقادة السياسيين للمنظمات الدولية مثل منظمة التضامن مع الشعوب الأفرو-آسيوية للوصول إلى عواصم إفريقية وآسيوية معينة إلى جانب كوبا.
في تلك الفترة كانت براغ عاصمة للقيادات الثورية، وكان المهدي يسافر بانتظام إليها، ولن يكون من الغريب أن ينتهز المسؤولون التشيكيون الفرصة للقائه بكونه سياسيا بارزا ومناضلا من العالم الثالث.
وذكرت عائلة القيادي اليساري على أن "المهدي كان عضوا في سكرتارية منظمة التضامن مع الشعوب الأفرو-آسيوية، ونائب رئيس لجنة صندوق التضامن المكلف بجمع المساعدات المالية لحركات التحرر الوطني في دول العالم الثالثة، والرئيس المقبل للجنة التحضيرية لمؤتمر التضامن لشعوب آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية، وبهذه الصفات كان يسافر بانتظام إلى آسيا وإفريقيا وكوبا وأوروبا، كما تم تقديم المساعدة من خلال تشيكوسلوفاكيا من أجل دعم العمل السياسي للقوات التقدمية عبر المعدات وتدريب المناضلين والمنح الدراسية".
وجددت عائلة بن بركة توضيحها في البيان ذاته أن "ثمن تذاكر الزعماء وإقاماتهم يتم دفعها إما بشكل مباشر من خزائن هذه المنظمات أو من طرف لجان التضامن المحلية (مثل اللجنة التشيكوسلوفاكية) التي كانت بمثابة حلقة للدعم المالي الدولي للمعسكر الاشتراكي".