الحركة الخبيثة الموجّهة ضد بلد إسلامي وعربي كالمغرب في اجتماع الدورة ال 17 لاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، المنعقدة حاليا في الجزائر، لا يمكن أن تزيدنا في المغرب إلا يقينا بأننا نجاور عصابة حقيقية لا تفوّت فرصة ولا مناسبة إلا وتسعى من خلالها إلى الإساءة إلى المغرب وإلى وحدته الترابية. دعوة رئيسة البرلمان الأنديني إلى المشاركة في قمة إسلامية يلتئم فيها الأشقاء لا يمكن إلا أن يمثّل خبثا وحقارة سياسية وتاريخية لا تليق إلا بالكابرانات. وحدهم جنرالات الشؤم والدّم والعار يمكن أن يفكروا حتى في لقاء يفترض أنه لتعزيز أواصر التعاون في الطعن في وحدة المغرب الترابية. لا أحد يعرف البرلمان الأنديني ولا الدول الأعضاء فيه، ولا يهمّنا أصلا أن نعرف ذلك، ولسنا هنا بصدد الإعراب عن احتجاجنا على التضرر من تلك العبارات المستفزة التي أطلقتها رئيسته، فالمغرب في صحرائه والصحراء في مغربها، لكننا هنا بصدد التذكير من جديد بأن الله حشرنا في هذا الركن من شمال إفريقيا إلى جانب طغمة عسكرية حاقدة تبيت وتستفيق على شعورها الأزلي بالنقص والدونية من هذا المغرب الذي يحمل وراءه تاريخا عريقا ودولة لا تغيب عنها الشمس منذ قرون. لقد ضاعت بوصلة الدبلوماسية الكابرانية إلى درجة أنها أضحت تبحث عن الأفاقيين وتموّلهم وترشيهم بما يحلمون به من فوائض البترودولار فقط لكي ينطقوا ببعض الكلمات عن جمهورية الوهم وعن الدولة الكرتونية. هكذا فعلوا عندما استقدموا حفيد مانديلا المُتاجر بإرث جدّه بمناسبة افتتاح بطولة كأس إفريقيا للاعبين المحليين، وهكذا أعادوا الفعل ذاته عندما استدعوا إلى مؤتمر قمة إسلامية مسؤولة من أمريكا اللاتينية لا علاقة لها ولا لبلدانها بهذا المؤتمر، فقط من أجل أن يسمعوا بعضا من ضجيج الحرب الباردة الذي لم يعد يسمع له أحد رِكزا منذ أن حسمت الدول العظمى موقفها المؤيد لمغربية الصحراء، وقضت على آمال جنرالات المرادية في تقسيم المغرب واجتزاء أراضيه في الأقاليم الجنوبية العزيزة. لن نستغرب عندما سنرى في مهرجان فني قريبا بالجزائر مغنيا مغمورا تدفع له السلطات الجزائرية مقابل أن يرفع علم جمهورية الوهم أو ينطق باسمها. لن نستغرب عندما ستستضيف الجزائر على أراضيها معرضا اقتصاديا لمنتجي التمور ثم تخصص لأحد المرتزقة نصيبا من الكعكة حتى يتحدث عن صفقات مع الدويلة الوهمية. هذا ما تبقّى لهم. مجرد أحاديث وأذكار وإشارات متناثرة في خُطب مسؤولين أو مغمورين أو مرتزقة وافدين من آفاق الدنيا طامعين في أموال الجزائريين التي لا تزال توزّع يمنة ويسرة ينتفع بها من هبّ ودبّ بينما يبقى المواطن الجزائري المسكين حبيس أزماته التي لا تنتهي مع الغاز والحليب والزيت. محاولات يائسة بائسة لا يخجل عواجيز العكسر حتى من المناسبة التي يقحمونها فيها. حتى اجتماع التعاون الإسلامي "يا حسرة" لم يسلم من مكائد وخبث الكابرانات ومن رهاناتهم الفاشلة في الإبقاء على نزاع مفتعل مات سريريا منذ زمن وينتظر الأفارقة والعالم الإعلان الرسمي عن وفاته. ولعلّ الفضيحة التي حدثت خلال هذا المؤتمر الإسلامي كانت فرصة حتى تكون على الأشهاد. حتّى يدرك أخوة الإسلام من مختلف أصقاع الأرض أن البلد الذي استقبلهم من أجل اجتماع في إطار تعزيز أواصر التعاون هو نفسه الذي يكيد لجاره ويبحث عن تقسيم أراضيه وإثارة الفتن الداخلية فيه. هذا النظام الذي يدّعى الدفاع عن وحدة الأمة الإسلامية وتضافر لُحمتها هو نفسه الذي يروج لأطروحة الانفصال الميتة ويغذيها ويحاول أن ينفخ فيها روح النزاع والفرقة والخلافات التي لا تنتهي بنهايات سلمية. هذه هي الرسالة الواضحة التي سيخرج بها المشاركون في هذا المؤتمر الذين لن يجدوا منطقا كهذا إلا في بلاد الكابرانات.