وأنا أعبر، رفقة دزينة من الزملاء الصحفيين، المدخل الرئيسي لمدينة إفران الوديعة، حضرني بيت الأخطل الصغير:(نشتاقه والصيف فوق هضابه/ ونحبه والثلج في واديه)... من منا لم يعشق أن تكون كل المدن المغربية: إفران؟! إفران الحالمة والنائمة في أحضان الأرز الأطلسي، تشهد هذه الأيام توسعا عمرانيا هادئا، تؤثثه عشرات الفنادق والمنتجعات السياحية التي تنبت بأسقفها القرميدية الزاهية كالفطر الأحمر وسط الغابات. أهل إفران البسطاء الذين يعيش أغلبهم على ما يجود به السياح الذين يجلبهم جمال المدينة في رحلتي الشتاء والصيف، سيفاجأون بعد أشهر قليلة، بتحول جحافل السياح هؤلاء، نحو البنايات والاقامات الحديثة، التي تكتمل الآن معالمها في ضواحي المدينة، والتي تتوفر على شتى شروط «الراحة والسياحة » ، وسيجد السكان البسطاء الذين اعتادوا على اقتسام منازلهم المتواضعة مع الزوار، أنفسهم مرغمين على استبدال نمط نشاطهم المعيشي هذا، إما بالتأقلم مع هذا الواقع الجديد والرضوخ لمنطق المنافسة (غير المتكافئة)، وإما بالبحث، ضمن هذا التحول السياحي الفارق الذي تشهده مدينتهم ، على فرص لتنمية مداخيلهم عبر إبداع طرق وأساليب جديدة للركوب على هذه الموجة، والظفر منها بفرص شغل متنوعة في الأنشطة الموازية التي ستترتب لامحالة عن نمو النشاط السياحي بالمدينة. سيكون على سكان إفران الهادئة، الذين ألفوا البساطة، ومعارك الحياة الصغيرة في بحثهم المضني عن موارد متواضعة يسدون بها تكاليف حطب التدفئة، أن يبتكروا أساليب خلاقة للارتقاء بمعيشهم اليومي، وأن يستثمروا في مشاريع، صغيرة كانت أم كبيرة، لامتصاص رحيق النمو السياحي الزاحف على مدينتهم، ودون ذلك سيقعدون متفرجين على الأغراب المستعدين للقيام بهذه الأدوار.. وإلى أن نعود إليها زاهية، تحية لإفران ولأهلها وللساهرين على جمالها.