طقس حار نسبيا مرتقب اليوم الثلاثاء    صفقة التدبير المفوض لقطاع النظافة بالجديدة.. حذار من تكرار نفس الأخطاء    بلينكن يهاتف بوريطة بشأن مقترح وقف إطلاق النار في غزة    افتتاح القمة الكورية الإفريقية الأولى بسيول بمشاركة المغرب    زيلينسكي يحذر من فوز ترامب بالرئاسة وتخليه عن أوكرانيا- الغارديان    المغرب يعزز دفاعه بإنشاء مناطق للصناعة العسكرية    العثور على جثة شخص في بداية التحلل داخل "كراج" بطنجة    الخمور القاتلة تحصد أرواحا جديدة بسيدي علال التازي    تنصيب المدير العام الجديد للمكتب الوطني للمطارات    مودريتش يتمسك بالبقاء مع ريال مدريد ويرفض عروض خليجية بقيمة خيالية    المملكة المغربية تدعم مقترحات الرئيس الأمريكي لوقف إطلاق النار في غزة    سيارة تدهس شخصا من ذوي الاحتياجات الخاصة ضواحي طنجة    فتح اعتمادات إضافية لفائدة الميزانية العامة يرتبط بدعم مؤسسات عمومية وتغطية النفقات الناتجة عن الحوار الاجتماعي    طواف المغرب للدراجات : الفرنسي جيرار داميان يفوز بالمرحلة الرابعة ومواطنه بول كونيي يحافظ على القميص الأصفر    نايف أكرد يقترب من أتلتيكو مدريد.. فرصة للتألق المحلي والأوروبي    رحيمي يبهر الركراكي.. ويهدد أسماء بارزة في منتخب المغرب    الرجاء تتسبب في اجتماع طارئ الجيش الملكي مع مدرب الفريق    أمطار منتظرة يوم غد الثلاثاء بعدد من مناطق المملكة        1.1 مليون كتاب بيع في معرض الرباط بينما رقم المعاملات تجاوز 120 مليون درهما وفق وزير الثقافة    حموشي يستقبل نظيره الإيطالي    رسميا.. كيليان مبابي ينضم إلى صفوف ريال مدريد    من هي كلوديا شينباوم العالمة الخجولة التي أصبحت أول رئيسة للمكسيك؟    العلمي يشارك بالقمة الكورية الإفريقية    أزيد من 493 ألف مترشح لاجتياز امتحانات نيل شهادة البكالوريا    أداء متباين في تداولات إغلاق البورصة    إحباط عملية كبرى للتهريب الدولي للمخدرات وحجز أزيد من 18 طنا من الحشيش    الأمثال العامية بتطوان... (615)    رسميا .. ريال مدريد يعلن عن التعاقد مع مبابي    تتويج مغربي بالجائزة الكبرى للاتحاد الدولي للكراطي    بنك المغرب يصدر دليلا حول منصة مقارنة الأسعار وتواريخ القيمة    استقالة الحكومة المصرية والسيسي يكلف مدبولي بتشكيل أخرى    الطرق السيارة تسجل رقم معاملات تجاوز مليار درهم    عاجل .. كليات الطب والصيدلة تقرر تأجيل امتحانات الدورة الربيعية    المغرب يجني قرابة 32 مليار درهم من عائدات السياحة بالعملة الصعبة    الأنثربولوجيا التاريخية    نتنياهو: مقترح بايدن بشأن غزة "ناقص"    موسم طانطان.. 20 عاما من الصون والتنمية البشرية    كاتالونيا تستكشف الاستثمار في المغرب    وصفتها ب"الأجنبية".. تونس تمنع فنانة مغربية من المشاركة في تكريم "ذكرى"    الصناعة العسكرية بالمغرب.. خطوات متقدمة نحو الاستقلالية الاستراتيجية لتلبية مُتطلبات الأمن القومي    «البوطا» تلهب الجيوب وتحرق القلوب!    القبايل بين خيار الحكم الذاتي أو الاستقلال !؟    وزان تحتضن الدورة الأولى من الأيام السينمائية    الحزب الحاكم في جنوب إفريقيا يمنى بهزيمة في الانتخابات    "بوحمرون" يستمر في حصد الأرواح نواحي تنغير.. والحصيلة ترتفع إلى 7 وفيات    أهمية صناعة السينما والمحتوى البصري بفعاليات اليوم الأول لمهرجان روتردام للفيلم العربي    جمع عام استثنائي بالدار البيضاء للغرفة الوطنية للمنتجين السينمائيين    زلزال بقوة 5,9 درجات يضرب اليابان    أفلام وحكام مهرجان "الرباط كوميدي" الخامس: مسابقة الأفلام الكوميدية القصيرة.    الأمثال العامية بتطوان... (613)    المغرب يسجل 47 إصابة جديدة ب"كوفيد"    جهة الرباط تتصدر إصابات "كورونا" الجديدة    توديع فوج حجاج إقليم تاوريرت المتوجهين إلى بيت الله الحرام    وصول أولى طلائع الحجاج المغاربة إلى المدينة المنورة يتقدمهم حجاج الأقاليم الجنوبية    4 فوائد صحية محتملة للقهوة "رغم أضرارها"    "العلم" تواكب عمل البعثة الطبية المغربية لتقريب خدماتها من الحجاج في مكة والمدينة    عامل المضيق الفنيدق يستقبل الحجاج المتوجهين للديار المقدسة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«إِيهِ كنز.. والأحاديث شتَّى» : إلى المصور الصحافي أحمد كنز في رقدة المرض

أستعيرها من الشاعر الكبير أحمد السقاف، قالها لبغداد منذ ما يزيد عن 40 سنة مضت، ونشرها ذات يوم من يونيو 1969: »إِيهِ بغدادُ والأحاديث شتَّى« لم أجد أبلَغ منها لمخاطبة الصحافي المصور الكبير، شيخ المصورين بالمغرب أحمد كنز وهو طريح الفراش مريضاً. لم يعد يستطيع ركوب دراجته والتجوال بين الملاعب، رقد كنز مريضاً ليُقلِّب علينا المواجع، عايشناه بتعارف ثم تعامل ثم صداقة منذ مطلع عام 1975، بدأ التصوير الرياضي في أربعينيات القرن الماضي.. ولم يتوقف إلى أن أوقفه المرض، وقبل لزوم الفراش، كان قد أصيب بعياء عام، وكنت كلما لقيته في عيائه، أستسمح الشاعر السقاف وبغداد وأردد: »إِيهِ كنز.. والأحاديث شتى« وأرفع بها الصوت اليوم بعد أن خرَّ هذا الطود، ورقد سقيماً.. إِيهِ كنزُ لا تحزن، فإن الله لا ينسى.
أحمد كنز اليوم عليل، طريح، جريح القلب مما يعيش من تناسي ولامبالاة. بعد أن بلغ من الكبر عتياً. 73 سنة عمره اليوم، ازداد في بوطويل بالمدينة القديمة بالدار البيضاء عام 1937، في بيت ضيق عتيق لا تزوره الشمس، ومازال يقيم به إلى اليوم يعيش الفاقة بين غيبوبة واستفاقة، لم يمتلك داراً أو عمارة ولا حتى سيارة.. عاش يتنقل على دراجة نارية يحمل آلة التصوير بين الملاعب ومحل له »استوديو« في بوركوني وبين مقرات الجرائد الوطنية، يحمل لوحات فنية التقطتها عينه المحترفة قبل آلة التصوير، وظل يعمل بالاستوديو بشارع المكناسي إلى أن عجز وتهاوى، كنت أمر أمام »تصوير كنز« فأقتحم عليه الجزء الخلفي من الاستوديو الذي أعده للاستراحة يتمدد فيه من العياء. وفي الجزء الأمامي متحف صغير لصور تحكي تاريخ الرجل مع الصورة الرياضية هو هنا مع الدراجين في طواف المغرب، (كان ممارساً لهذه الرياضة)، وهو هنا مع قدماء الوداد في أكثر من صورة، هو ودادي حتى النخاع.. كلما أسعفه النَّفَس للكلام يتحدث باعتزاز عن أمجاد الوداد ونجومها من القدماء: الشتوكي، ادريس، عبد السلام وكبور وغيرهم، ويحكي عن زيارات للمغفور له الحسن الثاني أيام كان ولياً للعهد لهؤلاء اللاعبين في درب الطليان ودرب المعيزي بالدار البيضاء لتشجيعهم، ولأنه كنز الجميع، يتحدث عن نجوم الرجاء البيضاوي ويعتز بصور تاريخية له مع بعضهم، ومع نجوم المنتخب الوطني لكرة القدم سنوات أمجاده، كل هؤلاء أوقفهم كنز لحظة ليسجل لهم لقطات تذكارية تاريخية أو يسجلها له معهم زميل آخر، كان مصور الجميع وصديق الجميع يوم كان عدد المصورين الصحافيين الرياضيين لا يزيد عن عدد أصابع اليد الواحدة.. هو هنا مع النتيفي مع بيتشو مع باموس... وفي هذه مع بيلي يوم زار المغرب، وفي تلك مع محمد علي كلاي.
وفي صورة غالية عنده يقبل يد المغفور له الحسن الثاني. إنه كنز الملاعب، كنز القاعات الرياضية، كنز المضامير، كنز الطريق مع الدراجة، كنز المسابح، كنز الحلبة والبساط، مر من كل هذه المجالات وبصم على أرضيتها وعشبها بقدمه وسجل في فضاءاتها أجمل الذكريات واللقطات لو فرشها على الطريق كما يقول لوصلت بين أقصى شمال البلاد وأقصى جنوبها.
كنز اليوم يرقد مريضاً، لا يقوى حتى على سرد وقائع ذكرى أو تعليق على صورة.. ينظر بعينين بهما دمع يُغالِبُه الإباء، دمع ليس على الحياة ومرارتها ولا على الدنيا ومتاعها، بل على قسوة الإنسان الذي ما أسرع ما ينسى، فلا أقسى من أن يجد المرء نفسه، وقد تقدم به العمر وهَدَّهُ المرض وحيداً، وقد هان على الناس، قليل الحيلة أو عديمها.. ألا تذكرون كنز؟ ألا تذكرون صوره؟ ألا تذكرون وقفته وحركته في الملاعب والفضاءات الرياضية؟ أذكره شخصياً ولم أنسه، لكنني لست أكثر منه
حيلة، ولا أملك إلا هذا القلم الذي أحمد الله على أنني مازلت قادراً على حمله لأكتب عن هذا الوجه الرياضي، خديم الرياضة والرياضيين، خديم بلاده ومنتخباتها، خديم الجماهير، خديم ملكه، خديم بكل قدراته، وبكل أحاسيسه، وليس فقط بالصورة. الصورة التي كان ينقلها إلى كل الصحف الوطنية، وكنا نتلقاها منه حية ساخنة في جريدة »المحرر« ثم في جريدة »الهدف الرياضي« ثم في جريدة »الاتحاد الاشتراكي«، كان مصوراً لهذه الجرائد كلها ومصوراً لجرائد وطنية أخرى، فلم نكن أنانيين لنحتكر صوره، ولم يكن كنز منغلقاً ولا بخيلاً، كان كنز الجميع... إِيهِ كنزُ.. لن يُضَيِّعَكَ الله أبداً، لم تنل حقك ولا حظك فعسى أن تلقاه غداً، إِيهِ كنز.. والأيام مضت، إِيهِ كنز.. والصوت خَفَت، ما أغلظ هذا الزمان، ما أجبل الناس على النسيان، إِيهِ كنز.. وإن جنَّ الظلام فشعاعُ الرجاء ينيرُ المكان، إِيهِ كنز براءة، ولن أمل، أكتب وهذا جهد المُقِلّ، عسى أن يأتيك المدد بمشيئة العلي المقتدر، فيا كنزُ اصْطَبِرْ.
إشارة: عندما طلبت من كنز في رقدة مرضه بمسكنه في بوطويل صورة وتاريخ ميلاد، حملني أمانة: أن أقرأ السلام إلى الإخوة الزملاء: أحمد صبري، حميد الصبار، عبد الرزاق مصباح وكل الصحافيين والرياضيين. وها قد بَلَّغت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.