خطاب الملك إلى قمة البحرين    كيف سحب المغرب البساط من إسبانيا اقتصاديا؟    الشعباني: نهضة بركان تتطلب الاحترام    الداخلية تمنع عقد مؤتمر ب "آسا" لقبائل "آيتوسى" كان سيٌعلن رفضها تفويت أراضيها الجماعية    بدء وصول المساعدات إلى غزة عبر الرصيف الأمريكي المؤقت    أخنوش يترأس الوفد المغربي المشارك في المنتدى العالمي العاشر للماء بإندونيسيا    أخنوش يترأس الوفد المغربي المشارك في المنتدى العالمي العاشر للماء بإندونيسيا    فلاحون فرنسيون يهاجمون شاحنات طماطم قادمة من المغرب    الحسيمة.. الوالي دردوري يترأس الاحتفال بالذكرى ال19 لانطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية (صور وفيديو)    بسبب اتحاد طنجة.. الجامعة تُغرّم المغرب التطواني 20 ألف درهم مع إنذار    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    مداهمة مستودع بداخله قنينات خمر ولفافات كوكايين بطنجة    المديرية العامة للأمن الوطني تحدث المنصة الرقمية الجديدة إبلاغ لمحاربة الجرائم الرقمية    طنجة.. توقيف شخص بمحطة القطار بحوزته كمية كبيرة من الأقراص المخدرة    وفاة دركي خلال حادثة سير بطنجة    الاختلاف قيمة تكامل لا قيمة تنابذ    وهبي مُتحسسا رأسه..يقرأ فنجان التعديل الحكومي    غزة.. مقتل 35386 فلسطينيا جراء الغزو الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر    اتحاد جزر القمر يجدد تأكيد دعمه لمخطط الحكم الذاتي    غامبيا تجدد تأكيد "دعمها الثابت" للوحدة الترابية للمملكة    التصدير يرفع أسعار الخضر بالمغرب ومهني يوضح    "حفيدة آلان ديلون" تراهن على نتائج فحوصات إثبات النسب    المعرض الدولي للكتاب يحتفي برائد السرديات العربية "العصامي" سعيد يقطين    تصفيات كأس العالم.. المنتخب المغربي النسوي لأقل من 17 عاما يفوز برباعية نظيفة على الجزائر ويتأهل للدور الرابع    لاعب مغربي "يتوسط" في ملف الشيبي والشحات الذي يصل فصله الأخير    بونعمان :الثانوية التأهيلية ابن خلدون تحتضن ورشات الاستعداد النفسي والمنهجي للإمتحانات الإشهادية ( صور )    أوكرانيا تنفذ عملية إجلاء من خاركيف    "القسام" تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا.. وتدمير 100 آلية عسكرية إسرائيلية خلال عشرة أيام واستعدادها لمعركة استنزاف طويلة    المغربي مهندس مطار غزة يبرز "لقاءات مع التاريخ" في دعم القضية الفلسطينية    البحث عن الهوية في رواية "قناع بلون السماء"    بيان صحفي: ندوة لتسليط الضوء على مختارات من الإنجازات البحثية ضمن برنامج الماجستير في إدارة حفظ التراث الثقافي    مشروع بأزيد من 24 مليون درهم .. هذه تفاصيل الربط السككي بين طنجة وتطوان    بسبب سلوكه.. يوفنتوس يقيل مدربه أليغري بعد يومين من تتويجه بكأس إيطاليا    بعد تعليق دعم تدريس الأطفال المعاقين..أباكريم تجرُّ الوزيرة " عواطف" إلى المساءلة    مدرب مانشستر يونايتد: "سعيد بتألق سفيان أمرابط قبل نهاية الموسم"    الدورة الأكاديمية "الشعري والسردي" فاس، 23-24 ماي 2024    كيف تهدد الجزائر و"البوليساريو" أمن الساحل والصحراء؟    البحث العلمي وبعض الشروط الأساسية من أجل الإقلاع!    وزير الخارجية الإسباني: رفضنا السماح لسفينة أسلحة متجهة لإسرائيل بالرسو بموانئنا    قرار جديد من الفيفا يهم كأس العالم 2030 بالمغرب    الصين: مصرع 3 أشخاص اثر انهيار مصنع للشاي جنوب غرب البلد    شفشاون.. الطبخ المغربي فسيفساء أطباق تعكس ثقافة غنية وهوية متعددة    الساكنة تستنكر لامبالاة المسؤولين تجاه حادث انفجار أنبوب للماء الصالح للشرب وسط الناظور    فرق كبيرة تطارد نجم المنتخب المغربي    ملتقى الأعمال للهيئة المغربية للمقاولات يبرز فرص التنمية التي يتيحها تنظيم كأس العالم 2030    افتتاح الدورة الثانية عشرة لمهرجان ماطا الذي يحتفي بالفروسية الشعبية بإقليم العرائش    مقاولات جهة طنجة-تطوان-الحسيمة توفر أكثر من 450 ألف منصب شغل سنة 2022    هدى صدقي تكشف عن جديد حالتها الصحية    المغرب يسجل 35 إصابة جديدة ب"كوفيد"    كيف يتم تحميص القهوة؟    الخزينة تكتتب ما يعادل 3,4 مليار درهم في سوق السندات ما بين 8 و 15 ماي    دراسة: توقعات بزيادة متوسط الأعمار بنحو خمس سنوات بحلول 2050    رقاقة بطاطا حارة تقتل مراهقاً أميركياً في إطار تحدٍّ مثير للجدل    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (12)    الأمثال العامية بتطوان... (600)    السعودية تطلق هوية رقمية للقادمين بتأشيرة الحج    وزارة "الحج والعمرة السعودية" توفر 15 دليلًا توعويًا ب16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    العسري يدخل على خط حملة "تزوجني بدون صداق"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القائد عيسى بن عمر قائد «عبدة» 1914/1879 18
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 11 - 08 - 2015

تضاربت الأقوال ورويت حكايات حول حقبة زمنية من تاريخ منطقة »عبدة« طغت فيها الرواية الشفوية وتكاد تنعدم فيها الرواية المكتوبة الموثقة، مما يعسر على المؤرخ أن يستخرج منها صورة واضحة المعالم والملامح، خاصة في زمن ظهر فيه القائد الذي نقش اسمه ليس فقط في منطقة عبدة وآسفي، ولكن عبر امتداد التراب الوطني.
مع الأسف الشديد، هناك من روج حكايات وروايات أقر العديد من الباحثين والمؤرخين وأحفاد هذا القائد أنها بعيدة كل البعد عن الوقائع والحقيقة، بل هناك من استغلها فنياً وأساء لهذه الشخصية أو للمنطقة ولهذه الحقبة الزمنية من تاريخ المغرب، حيث تأكد أن كل من مسلسل »جنان الكرمة أو فيلم خربوشة« بعيد كل البعد عن حقيقة الموضوع، فقد تم استغلاله فنياً لأغراض ربحية لا أقل ولا أكثر. إنه القائد: عيسى بن عمر العبدي، الذي يمثل نموذج القائد المخزني. استمرت قيادته وسلطته على عبدة مدة تزيد عن ربع قرن "1914/1879" وعاصر خلال هذه الفترة مرحلتين:
مرحلة استقرار وثبات البنية المخزنية المغربية وتشبع القائد بروح المؤسسة المخزنية وتقاليدها في التسيير وممارسة السلطة القيادية.
مرحلة الدخول الاستعماري وما صاحب ذلك من تقلبات أدت إلى خلخلة البنية المخزنية وتهميش دور مؤسساتها وتدجين أطرها من طرف السلطات الاستعمارية.
من خلال صفحات فسحة رمضان، ارتأينا أن نقرب القراء من هذه الحقبة التاريخية، واعتمدنا على رسالة جامعية نوقشت منذ أكثر من عقد من الزمن، وتم تقديمها مشكوراً الأستاذ ابراهيم بوطالب. كما أن الفضل في ذلك يرجع أولا إلى جمعية البحث والتوثيق لآسفي التي تعتني بكل ما يتصل بتراث إقليم عبدة. ويرجع ثانياً إلى منجزه الأستاذ مصطفى فنيتير الذي جد واجتهد ليزيح الستار عن لحظة من لحظات تاريخ المنطقة تميزت على العموم بالتوجس والارتباك.
يتضح من خلال جدول المقارنة أن نسبة الفرق كانت مرتفة جدا، وصلت بالنسبة للقمح إلى ضعف ما قدمته قبائل عبدة إلى المخزن في سنة الجفاف، وكذلك بالنسبة للشعير، وهو ما يؤكد حجم الخصاص الذي عانت منه عبدة خلال سنوات الجفاف.
ويبدو من خلال ذلك أن قبائل عبدة، في عهد السلطان المولى الحسن، كانت تقدم واجباتها من الحبوب عينا لا نقدا، وكان تقدير هذه الواجبات يعتمد حجم الإنتاج، وقد اتخذ السلطان أحد أعوانه وهو ابراهيم بن احمد بن الأحمر الغانمي الدكالي «... مراقبا على عمال بلده من عبدة وأمينا على خرص المنتوجات». أما فيما يخص الزكاة على المواشي... فكان السلطان يحث القائد عيسى بن عمر على جمع ما ينوب إيالته ويؤكد في رسائل فيقول : «... وعليه فنأمرك أن نستوفى من إيالتك ما أوجب الله عليهم من الزكاة التي هي معلومة بالضرورة من الدين، وجاحدها لم يدخل ربقة الإسلام...وإن تقوموا على ساق الجد في حملهم على أدائها فورا وأن لا تقبل من أحد في التعجيل عذرا، لأنها من حقوق الله». ولم تكن زكاة المواشي خاضعة لقاعدة واحدة فكانت تقدم عينا، خصوصا من الإبل، وكان ما قدمته إيالة القائد عيسى بن عمر هو «واحد وعشرون جملا... التي نابتك وسط عمال عبدة». كما كانت تقدم نقدا، خصوصا على الغنم، كما هو الحال بالنسبة لفخدة آل غياث من قبيلة البحاثرة، فقد انتدب القائد ابن عمه الطاهر بن القائد أحمد للوقوف على جمع ما ينوب هذه الفخدة من واجبات، وبعد قيامه بهذه المهمة، كتب للقائد عيسى بن عمر يخبره، بقوله : «...فقد وصلنا آل غياث... والأشياخ واقفين ومتشددين في متاع الفخدة ودفعوا لنا الزمامات على الغنم ومحصل في مجموع الجميع هذا ب 12215... وكذلك الزكوات...»
ب- المشاركة في الحركات المخزنية :
كانت إيالة القائد عيسى بن عمر تقدم ما ينوبها من الحراك للمساهمة في الحركات المخزنية. وفي سنة 13307ه/1889م ساهمت قبيلة البحاثرة في الحركة التي قام بها السلطان من فاس إلى مراكش ونعثر على رسالة يستنفر فيها السلطان القائد عيسى بن عمر بالنهوض للحركة، فيقول: «... فنأمرك أن تكون على أهبة واستعداد بالحركة المعتادة، ولتكن منتخبة من أنجد الرجال وأجود الخيل وحسن الحال بحيث تكون بها على جناح السفر متى نأمرك بالنهوض بها للمحل الذي نعينه لك وإن هذه المشاركة، كانت تكلف القبيلة أعباء اختيار وانتقاء أجود الفرسان، وتوفير الخيل والعدة، فهي بذلك تدخل ضمن الواجبات المفروضة على القبيلة، والتي لها طابع «إلزامي». كما شاركت إيالة القائد في الحركة التي قام بها السلطان من الرباط إلى فاس سنة 1310ه/1893م بحيث صدر الأمر للقائد: نأمرك أن تفرض عدد حركة إخوانك على العادة منتخبين من وجوه الرجال الأقوياء، والخيل الجياد المسومة الصحاح الجيدة... ذوي عدة واستعداد، يعتد بهم حال الكفاح والطراح، ولتكن بهم على بساط الأهبة بحيث إذا ورد عليك أمرنا الشريف في شأنها تجدك الحال ناهضا». وإذا كانت العادة في مثل هذه الحركات أن ينتقي القائد أحسن الفرسان وأقواهم، فإن الرسائل التي بين أيدينا، لم تفدنا في معرفة العدد الذي ساهمت به قبيلة البحاثر في الحركتين المذكورتين، ولعل نصيب قبيلة البحاترة كان يساوي مجموع ما تقدمه قبيلتا الربيعة والعامر، وذلك ما سيظهر واضحا في المراسلات الخاصة بالفترة العزيزية.
ج- تكفل القائد برعاية وتربية مواشي السلطان :
من بين الكلف التي كان يقوم بها القائد، الإشراف على رعاية وتربية المواشي المودعة لديه من طرف المخزن المركزي، وبالأخص منها، الخيول والبغال، حيث كان القائد يسهر على توفير الكلأ لها، ورعايتها وهذا ما كان يتطلب منه توفير المراعي الكافية أو البحث عنها. لذلك كان القائد بدوره يلجأ إلى فرض نوع من السخرة على أفراد القبيلة فيوزع عليهم الماشية قصد رعايتها. وكثيرا ما كان السلطان يفاجئ القائد بطلب إرسال عدد منها، مما يدفع بالقائد إلى البحث عن أجودها، ولو من ماشيته الخاصة. وتتعدد الرسائل المخزنية في هذا الصدد وكلها أوامر صادرة عن السلطان بتوجيه عدد منها يقول:
«نأمرك أن توجه لوصيفنا الحاج احمد أمالك ثلاث بغال من بغال جنابنا العالي بالله التي تحت يدك عزما». «نأمرك أن تنتخب خمس عشر بغلة من بغال هويرنا السعيد الذي عندك وادفعها لحملته الحمارة يتوجهون بها لمراكش صحبة من يوثق به من إخوانك وعجل». وإذا تأملنا العدد الذي كان يكلف القائد برعايته من ماشية السلطان، نستطيع أن تتصور مقدار التكاليف التي كان يتحملها القائد فقد تفوق أحيانا المائتي بغلة : «وصل جوابك عما أمرناك به من توجيه مائتي بغلة وسبع بغال عما لجنابنا العالي بالله عندك والاحتفاظ بالباقي إلى وقت الاحتياج إليه». وكثيرا ما كان القائد يعوض الأعداد التي تتعرض إلى الضياع بسبب الموت أو غيره» ... وعلمنا ما ذكرت وما ضاع من هوير أحمد العبدي من تسع بغال وما ضاع في وراء العسكري ثلاث بغال، وصار بالبال». كما كان السلطان يتشدد في انتقاء واختيار أجود أنواع المواشي وبالأخص منها الخيول، وكثيرا ما كان يرفض المعيب منها: «... وصل جوابك بتوجيهك ثمانية وثلاثين فرسا تحت يدك لجنابنا العالي بالله، وصار بالبال فالواصل منها، اثنان وثلاثون، وجد منها معيبا تسعة، ها هي ردت إليك فنأمرك أن تستبدلها بصحيحة سالمة وتعجل بتوجيهها مع الستة الباقية كما أمرناك».
د- هدايا الأعياد :
عادة ما كان القائد، أو بعض «إخوانه» من أعيان القبيلة، أو خليفته، يفدون إلى حضرة السلطان بالعاصمة وذلك بمناسبة الأعياد الدينية الثلاثة لتقديم هدايا العيد، أو ما يطلق عليه أحيانا في المراسلات المخزنية اسم «عيادة». وبمناسبة عيد الفطر، أرسل القائد عيسى بن عمر وفدا من أعيان إيالته، لتقديم الهدية، وبعد تأدية واجب الولاء، أخبر القائد بوصول: «عيادة إخوانك وشهدوا معنا عيد الفطر... وأدوا الهدية التي وجهت وفق ما ذكرت، فعوضكم الله خلفا وبارك لكم أمين» وإن كنا لا نعرف مقدار الهدية التي قدمها القائد للسلطان، إلا أننا نعثر على بعض الإشارات التي تعطينا تقديرا تقريبيا لمبلغ هذه الهدية، بمناسبة قدوم السلطان المولى الحسن من إحدى حركاته إلى حضرة مراكش، فقدم عليه قواد عبدة، وأدوا الهدية، فكان مقدار ما قدمه القائد عيسى بن عمر بمناسبة التهنئة بالقدوم، هو أربعمائة ريال، وبمناسبة تعزيته في أخت السلطان قدم مائتي ريال، أيما مجموعه ستمائة ريال. وهو نفس المبلغ الذي قدمه كذلك قائد إيالة الربيعة، الشافعي بن الحافظي، حيث قدم ثلاثمائة ريال للتهنئة وثلاثمائة للتعزية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.