مؤتمر دولي بفاس يوصي بتشجيع الأبحاث المتعلقة بترجمة اللغات المحلية    أخنوش: لا وجود لإلغاء صندوق المقاصة .. والحكومة تنفذ عملية إصلاح تدريجية    أخنوش يربط الزيادة في ثمن "البوطا" ب"نجاح نظام الدعم المباشر"    الخريطة على القميص تثير سعار الجزائر من جديد    بطولة انجلترا لكرة القدم.. مانشستر سيتي يفوز على مضيفه برايتون برباعية    أخنوش: نشتغل على 4 ملفات كبرى ونعمل على تحسين دخل المواطنين بالقطاعين العام والخاص    رئيس الحكومة يجري مباحثات مع وزير الاقتصاد والمالية والسيادة الصناعية والرقمية الفرنسي    الأمير مولاي رشيد يترأس مأدبة ملكية على شرف المشاركين بمعرض الفلاحة    3 سنوات سجنا لشقيق مسؤول بتنغير في قضية استغلال النفوذ للحصول على صفقات    المغرب يستنكر بشدة اقتحام متطرفين المسجد الأقصى    نمو حركة النقل الجوي بمطار طنجة الدولي خلال بداية سنة 2024    ''اتصالات المغرب''.. النتيجة الصافية المعدلة لحصة المجموعة وصلات 1,52 مليار درهم فالفصل اللول من 2024    بطولة مدريد لكرة المضرب.. الاسباني نادال يبلغ الدور الثاني بفوزه على الأمريكي بلانش    الدفاع المدني في غزة يكشف تفاصيل "مرعبة" عن المقابر الجماعية    الاتحاد الجزائري يرفض اللعب في المغرب في حالة ارتداء نهضة بركان لقميصه الأصلي    التحريض على الفسق يجر إعلامية مشهورة للسجن    البطولة الوطنية (الدورة ال27)..الجيش الملكي من أجل توسيع الفارق في الصدارة ونقاط ثمينة في صراع البقاء    مهنيو الإنتاج السمعي البصري يتهيؤون "بالكاد" لاستخدام الذكاء الاصطناعي    السلطات تمنح 2905 ترخيصا لزراعة القنب الهندي منذ مطلع هذا العام    بلاغ القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية    زنا المحارم... "طفلة" حامل بعد اغتصاب من طرف أبيها وخالها ضواحي الفنيدق    بعد فضائح فساد.. الحكومة الإسبانية تضع اتحاد الكرة "تحت الوصاية"    بشكل رسمي.. تشافي يواصل قيادة برشلونة    الأمثال العامية بتطوان... (582)    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولات الخميس على وقع الأخضر    تشجيعا لجهودهم.. تتويج منتجي أفضل المنتوجات المجالية بمعرض الفلاحة بمكناس    منصة "واتساب" تختبر خاصية لنقل الملفات دون الحاجة إلى اتصال بالإنترنت    نظام الضمان الاجتماعي.. راتب الشيخوخة للمؤمن لهم اللي عندهومًهاد الشروط    مضامين "التربية الجنسية" في تدريب مؤطري المخيمات تثير الجدل بالمغرب    المعارضة: تهديد سانشيز بالاستقالة "مسرحية"    القمة الإسلامية للطفولة بالمغرب: سننقل معاناة أطفال فلسطين إلى العالم    حاول الهجرة إلى إسبانيا.. أمواج البحر تلفظ جثة جديدة    اتساع التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جديدة    عودة أمطار الخير إلى سماء المملكة ابتداء من يوم غد    ألباريس يبرز تميز علاقات اسبانيا مع المغرب    الحكومة تراجع نسب احتساب رواتب الشيخوخة للمتقاعدين    "مروكية حارة " بالقاعات السينمائية المغربية    3 مقترحات أمام المغرب بخصوص موعد كأس إفريقيا 2025    في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشار المرض بسبب التغير المناخي    خبراء ومختصون يكشفون تفاصيل استراتيجية مواجهة المغرب للحصبة ولمنع ظهور أمراض أخرى    وفينكم يا الاسلاميين اللي طلعتو شعارات سياسية فالشارع وحرضتو المغاربة باش تحرجو الملكية بسباب التطبيع.. هاهي حماس بدات تعترف بالهزيمة وتنازلت على مبادئها: مستعدين نحطو السلاح بشرط تقبل اسرائيل بحل الدولتين    وكالة : "القط الأنمر" من الأصناف المهددة بالانقراض    "فدرالية اليسار" تنتقد "الإرهاب الفكري" المصاحب لنقاش تعديل مدونة الأسرة    منصة "تيك توك" تعلق ميزة المكافآت في تطبيقها الجديد    العلاقة ستظل "استراتيجية ومستقرة" مع المغرب بغض النظر عما تقرره محكمة العدل الأوروبية بشأن اتفاقية الصيد البحري    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    هذا الكتاب أنقذني من الموت!    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    حفل تقديم وتوقيع المجموعة القصصية "لا شيء يعجبني…" للقاصة فاطمة الزهراء المرابط بالقنيطرة    مهرجان فاس للثقافة الصوفية.. الفنان الفرنساوي باسكال سافر بالجمهور فرحلة روحية    أكاديمية المملكة تعمق البحث في تاريخ حضارة اليمن والتقاطعات مع المغرب    ماركس: قلق المعرفة يغذي الآداب المقارنة .. و"الانتظارات الإيديولوجية" خطرة    قميصُ بركان    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطيب الصدِّيقي: الحنين إلى المستقبل
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 11 - 02 - 2016

الاحتفاء بالطيب الصديقي هو احتفاء بمبدع بصم التجربة المسرحية في المغرب بعطائه و ريادته و إضافته و تأسيسه و فرادته و قبوله أن يحتفى به هو رهان في حد ذاته لأنه ممن يكرهون التكريم و ينفرون منه. ولكننا نحتفي بالإبداع. و هذا يشفع لنا في أن يحيه «مهرجان ربيع المسرح العربي» تحية خاصة لأنه تجاوز قيود الجغرافية لينخرط في شساعة التاريخ الذي لا يقبل الانتساب إليه بالصدفة أو التسلل أو التدليس. لأن الطيب نحت اسمه وئيدا بتواتر و تجدد مستمرين.
هل نقول إنه جزء من الذاكرة أم هو ذاكرة في حد ذاته؟ فلا يمكن أن يتم الحديث عن التجربة المسرحية في المغرب في الداخل أو الخارج دون أن تنتصب إبداعات الطيب الصديقي أمامه. إنه من الرواد الذين أثْروا بفنيتهم و تفانيهم الحقلَ المسرحيَّ و رووه بمخيلتهم و خصَّبوا أفانينه بأنفاسهم مثل عبد الصمد الكنفاوي و أحمد الطيب العلج و فريد بنمبارك. لقد كان وفيا لنصيحة أستاذه بأن يتحرر مما تعلمه في الغرب و صار يمتح من ينابيع تربته و يتنفس في فضائه المحلي. لقد انفلت من فخاخ الذاكرة ليصبح ذاكرة و علامة مميزة و بارزة في المسرح العربي.
و عندما نتفحص مسار الطيب الصديقي الفني، نجده زاخرا و ترّاً و غنيا . فقد تكوَّنَ داخل و خارج المغرب تحت إشراف أندري فوزان و شارل نوك و أوبير جينيو Hubert Gignoux و Jean Vilar و تدرب بمدينة رين و باريس و ستراسبورغ و بمدن ألمانية. و مارس مهام أساسية كتأسيس المسرح العمالي و مسرح المقهى و عدة فرق مسرحية آخرها المسرح الجوال كما تكلف بالإدارة الفنية بمسرح محمد الخامس (1964) و إدارة المسرح البلدي بالدار البيضاء. وحاز على عضوية المعهد الدولي للمسرح التابع للجنة التنفيذية لليونسكو وهو حاصل على و سام فارس للفنون و الآداب من فرنسا.
ترجم واقتبس عشرين عملا د راميا و ألف خمسة عشرة مسرحية بالعربية و الفرنسية وشارك في تأليف كتاب عن الفنون التقليدية في المعمار الإسلامي، كما أنجز عدة نصوص مسرحية مشتركة.
ومثل في عدد من الأفلام المغربية والعربية والدولية وأنجز للسينما الفيلم الروائي الطويل "الزفت" وعدداً من الأفلام القصيرة، وهنا لا بد من الوقوف على فيلمين أنجزا عنه " Un homme , un pays « من إنتاج القناة الثانية الألمانية، و «الطيب الصديقي» وهو فيلم مغربي جزائري مشترك، وله أعمال تلفزيونية كثيرة.
و من خلال التأمل في مسيرته الفنية نخلص إلى أنه:
* فنان متعدد المواهب: تشكيلي، شاعر، مؤلف، مترجم، مقتبس، دراماتولوج، ممثل، مخرج، سينوغراف.
* ذو ثقافة واسعة و عميقة بقدر اطلاعه الذوَّاق للتراث الإنساني بقدر معرفته العميقة بالتراث المحلي والعربي.
* مؤمن بالحوار الثقافي و التعدد المخصب، و هذا يتجلى في تعامله مع تجارب مختلفة و متعددة مثل (شكسبير- موليير- بريخت- يونسكو كوكول- بيكيت- المعري- المجدوب- بديع الزمان الهمداني- العلج- الخ).
* تعامل مع مختلف الأجيال.
* مقتنع بتعدد الرؤى و تعدد الأذواق. فهو يؤكد باستمرار بأنه ليس هناك جمهور واحد، و لكن هناك أصناف من الجمهور، حتى داخل القاعة الواحدة في الوقت الواحد أثناء مشاهدة نفس العرض.
* مدرسة تخرج منها مبدعون، وهم كثر، أغنوا الفن المغربي (الغناء: ناس الغيوان وجيل جيلالة، المسرح، التيلفزيون، السينما، إلخ).
* عندما يصرح بتحد و ثقة إنه قادر على إخراج أي نص، فإنه يريد أن يحطم أسطورة النص. فالنص عنده وسيلة و ليس «المقدس الفني» الذي تتجمع كل البراعات المسرحية لتخدمه تابعة طيعة. و يؤكد على أن المخرج هو الذي يخفف بإبداعه بعض العيوب في النصوص الأدبية و التنقيب على الإشراقات المسرحية في ثناياها.
* يصر على تقديم الفرجة من خلال الخلخلة و الإدهاش و استفزاز مخيلة المتلقي و إمتاع العين و الحواس و تبادل الغواية مع الجمهور العاشق و المتحفظ.
* يعادل في إخراجه بين الإخراج التشكيلي الخارجي و تفجير الداخلي مع الإصرار على استقلال الممثل على الشخصية، و يعتمد في رسالته أثناء العرض على المحسوس و تجاوز سلطة الألفاظ.
* يتعامل مع العرض على أساس أنه طقس و يدلف الخشبة كأنه داخل محراب.
* يوظف ببراعة شاعرية الصمت – و ليس البياض- حتى لكأنه اقتصاد في الحوار و لكنه من أجل تشكيل الشخصية و تجسيد الموقف من خلال الإيحاء و ليس الإفصاح الذي يبدو أحيانا – في أعمال البعض – و كأنه شرح ليس إلا.
* يعتنق السخرية حياة ًوإبداعاً، ارتجالا و تفكيراً، فعلاً و تخيلاً.
* أبدع نموذجه المتميز في المسرح و يتجلى شاملا في اختيار النصوص و اللباس و الغناء و الحركات و تأثيت الفضاء و إدارة الممثلين...الخ. و الصعب في هذا الرهان هو أن يصبح المرء «علامة مسجلة» و يتجاوز الذات حتى لا يستنسخ نفسه أو يقلد ماضيه.
إننا عندما نحتفي بالفنان الطيب الصديقي فإننا نحتفي بتجربة نصف قرن من الإبداع و التميز و التجريب و التجدد و ما زال في جرابه زاد كثير.
شهادة كتبت في مارس 2003


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.