اختار مجلس الأمن التوازن في تناوله للأزمة بين المغرب والأمين العام الأممي بان كي مون، والتي نتجت عن انزلاقات هذا الأخير خلال زيارته إلى مخيمات تندوف. وتعتبر هذه المرة الثالثة التي يفشل فيها بان كي مون في استخراج قرار من مجلس الأمن يؤيد انزلاقاته على حساب المغرب. ففي اجتماع لمجلس الأمن عقده أول أمس الخميس، أعرب المجلس عن أمله في أن تتمكن بعثة الأممالمتحدة في الصحراء ، المينورسو،»من العمل مجددا بشكل كامل» داعيا إلى حل هذا الخلاف «بطريقة بناءة وكاملة وعبر التعاون». وصدر هذا الموقف في ختام مشاورات مغلقة أجراها أعضاء مجلس الأمن على مدى ثلاث ساعات بشأن هذا الخلاف، وقد أعلن عنه الرئيس الدوري للمجلس السفير الانغولي اسماعيل غاسبار مارتنز. وقال السفير الانغولي إن أعضاء المجلس «أعربوا عن قلقهم العميق» إزاء الوضع الراهن، مذكرين بأن بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة حول العالم والبالغ عددها 16 بعثة تعمل بموجب تفويض من مجلس الأمن «لتنفيذ مهام حاسمة». وإذ أكد أن الاتصالات بين الأممالمتحدةوالرباط ستستمر، أضاف «نحن قلقون وهذه مشكلة يجب أن تحل». وتعليقا على موقف مجلس الامن، قال السفير الفرنسي في الأممالمتحدة فرنسوا ديلاتر لوكالة فرانس برس ان «بيان مجلس الامن بناء بالكامل. انه يهدف الى تخفيف التوترات وإيجاد الظروف الملائمة لقيام حوار يتحلى بالثقة بين المغرب والأممالمتحدة». من جهته قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون صلاح الدين مزوار إن ثمة تفاعلا مستمرا للدبلوماسية الرسمية مع الأحزاب السياسية، والدبلوماسية الموازية ممثلة في البرلمان والنقابات الوطنية والمجتمع المدني. وأوضح صلاح الدين مزوار ، في لقاء صحفي عقب اجتماع مع الأمناء العامين للأحزاب السياسية والنقابات الوطنية، عقد مساء الخميس بمقر الوزارة، لتقديم آخر التطورات المتعلقة بقضية الوحدة الترابية للمملكة، أن الاحزاب السياسية والنقابات الوطنية وفعاليات المجتمع المدني المغربية يمكنها أن تنخرط في دعم الديبلوماسية الرسمية وتلعب دورا أساسيا من خلال مبادرات ديبلوماسية حزبية وبرلمانية فاعلة. ودعا وزير الشؤون الخارجية والتعاون، في جواب عن سؤال لجريدة الاتحاد الاشتراكي» إلى ضرورة خلق خلية مشتركة بين مكونات الاحزاب السياسية والنقابات الوطنية والمجتمع المدني ووزارة الشؤون الخارجية والتعاون من أجل تحسين التنسيق، وتطوير طريقة العمل المشترك، مشيرا إلى أهمية العلاقات الممتدة للأحزاب المغربية ضمن أمميات يمكن استثمارها بشكل أوسع لدى نظيرتها في بلدان أجنبية لما لأهمية القرارات البرلمانية من تأثير على القرارات السياسية للدول». وفي هذا السياق أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون أن الاجتماع بين مكونات الاحزاب السياسية والنقابات الوطنية والمجتمع المدني ووزارة الشؤون الخارجية والتعاون شكل محطة تأكيدية لمواقف المغرب «الذي سيظل معبأ بكل مكوناته لكي لا يتم تحريف المسار السياسي الذي انخرط فيه، من قبل من خلقوا هذا الوضع في محاولة لفرض واقع جديد على الأرض». وبالموازاة، سجل مزوار المواقف الإيجابية لأعضاء مجلس الأمن «في عدم الرضوخ للضغوطات التي مورست عليهم لإقحامهم في أمر لم يكونوا وراءه»، مبرزا أن مواقف الدول الصديقة للمغرب، في إشارة الى كل من روسيا وفرنسا والولايات المتحدةالامريكية، «تأكيدية ولا تراجع فيها» بخصوص مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب كأساس للحل، الذي وصف من قبل مجلس الأمن بالجدي وذي المصداقية. وقال وزير الشؤون الخارجية والتعاون إن القوى الوازنة في المنتظم الدولي تعي بأن مقترح الحكم الذاتي هو الحل لهذا النزاع المفتعل «لأنه سيسهم في المحافظة على أمن واستقرار المنطقة»، مشددا على أن «إقامة دولة بدون مقومات هو بمثابة مغامرة لزرع الفتنة واللاإستقرار». وأكد مزوار أن القرارات التي اتخذها المغرب بخصوص التطورات التي تعرفها قضية الصحراء المغربية «هي قرارات سيادية ولا رجعة فيها، وتستند على دعم وإجماع مختلف مكونات الشعب المغربي»، موضحا أن «هذه القرارات مسؤولة ومتناسبة مع خطورة الانزلاقات الصادرة عن الأمين العام للأمم المتحدة خلال زيارته الأخيرة للمنطقة». وقال، في هذا الصدد، إن كل الدول الصديقة للمغرب ثمنت تعامله مع الاستفزازات التي أقدمت عليها الأمانة العامة للأمم المتحدة في كل خرجاتها الإعلامية والتي تنم، يضيف مزوار، عن «نية مبيتة» لتغيير المنحى السياسي والقفز على مقترح الحكم الذاتي. وذكر في هذا السياق، بأن القرارات التي اتخذها المغرب بشأن سحب المكون المدني لبعثة المينورسو، وخاصة في شقه السياسي، «هي قرارات مسؤولة ومتناسبة مع خطورة الانزلاقات التي صدرت عن الأمين العام للأمم المتحدة، بان كيمون، خلال زيارته لتندوف والجزائر». وقال مزوار إن قرار المغرب بخفض بعثة الأممالمتحدة في الصحراء المغربية «لا رجعة فيه» لكن الحكومة ملتزمة بالتعاون العسكري مع المنظمة الدولية لضمان وقف إطلاق النار هناك، مشددا على أن المغرب ملتزم بالتعامل والتعاون مع المكون العسكري لبعثة المينورسو، «في إطار المهام المحددة له». وقال الوزير «إن الاتصالات بين القوات المسلحة الملكية وقيادة هذا المكون مستمرة ولم تسجل أي انقطاع يذكر»، مضيفا أن «التعاون مستمر على أرض الميدان بين القوات المسلحة الملكية والمكون العسكري للمينورسو، بما يمكن من الحفاظ على وقف إطلاق النار في ظروف طبيعية» مبرزا، في هذا السياق، أن المغرب عبر غير ما مرة عن استعداده لتقديم الدعم والمساعدة اللوجيستيكية الكافية «لحسن سير مهمة المكون العسكري للمينورسو، وقيامه بالمهام الموكولة إليه في ظروف ملائمة». وأكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون أن المغرب «لن يسمح لأي كان بالتطاول على سيادته الترابية»، محذرا من خطورة التصرفات الرامية إلى الخروج عن الإطار السياسي لحل النزاع حول الصحراء والذي حدده مجلس الأمن الدولي، وقال مزوار «إن دور الأمين العام للأمم المتحدة ليس صب الزيت على النار، بل التحلي بالحياد والحفاظ على الأمن، لا أن يجعل من القضية خلافا يهدد الأمن بالمنطقة». واعتبر وزير الشؤون الخارجية والتعاون أن الزيارة الأخيرة للأمين العام للأمم المتحدة «انطوت على نية مبيتة لفرض واقع جديد والقفز على مقترح الحكم الذاتي الذي كان محط إشادة من المنتظم الدولي كحل جدي وذي مصداقية لحل النزاع الإقليمي حول الصحراء»، مؤكدا على الدعم القوي الذي يحظى به المغرب من قبل أصدقائه الكثر والمؤثرين والذي يعضده الإجماع الشعبي. وسجل مزوار أن الرد القوي والحازم للمغرب «أربك الأمانة العامة للأمم المتحدة التي تحاول، بكل الوسائل، التأثير على مجلس الأمن، وتشن حربا إعلامية يومية على المغرب لصرف الأنظار عن الانزلاقات الخطيرة التي اقترفتها». وأكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون أن الخلاف «ليس مع مجلس الأمن كما تحاول الأمانة العامة أن توهم به الرأي العام الدولي، بل مع تصرفات وتصريحات خطيرة جدا تهدد الأمن والاستقرار الإقليميين، وتخرج عن الإطار والضوابط المحددة للأمانة العامة للأمم المتحدة»، مسجلا، في هذا السياق، «التعامل الرصين والمسؤول لمجلس الأمن مع هذا الموضوع».