ظل وزير الصحة، الحسين الوردي، طيلة فترة تقلده للمسؤولية الوزارية من عمر الحكومة المنتهية ولايتها، حريصا على أن يطالعنا بين الفينة والأخرى بقانون يهم جانبا من الجوانب المرتبطة بالصحة، مقدما على هذه الخطوات التشريعية تحت شعار» الإصلاح والمأسسة»، و هما غاية مرجوة، لكن شريطة ألا تكون خطوات محسوبة، تقف وقتما تشاء، وتتفادى بعض المجالات، وتهرول في حالات. وللتوضيح يمكن لنا أن نسوق محورا في هذا الصدد، تطرح بشأن تأطيره القانوني جملة من الأسئلة، ويتعلّق الأمر بسوق الأدوية وبالمستلزمات الطبية، حيث يبقى السؤال العريض الذي يشغل بال المهنيين والمتتبعين هو ما الذي حال ويحول دون أن يتوفر المغرب على «دستور للدواء»؟ لقد ظل موضوع الدواء مستأثرا باهتمام المهنيين من صيادلة ومصنعين، وكذا المواطنين الذين يكتوون بنار الأسعار والغلاء، ويتحسسون جيوبهم للوقوف على مدى قدرتهم على اقتناء الأدوية من أجل العلاج من عدمها، وكان الجميع يتتبع بين الفينة والأخرى البلاغات التي تتحدث عن تخفيض أسعار الدواء، والتي تتكلم عن الأدوية الجنيسة، وإن ظل الموضوع حبرا على ورق عمليا، إلا انه وفي خضم كل هذا وذاك، يجب أن نعلم بأن المغرب اليوم في 2016، هو لا يتوفر على كتاب يضم جميع الأدوية المسموح باستخدامها، بالإضافة إلى صفاتها وخصائصها، وطرق تحضيرها، والذي يجب أن يكون مرجعا معتمدا لكل ما يتعلق بالأدوية و التحضيرات الصيدلانية، والذي يجب اعتماده من اجل إعطاء التراخيص التي تهم تسويق وبيع الأدوية المصنّعة في المغرب، وهنا يُطرح السؤال بشأن الأساس الذي تعتمده وزارة الصحة في هذا الباب، خاصة إذا ما استحضرنا ظهير 1967، وبالتالي فهل الوزارة التي يرأسها البروفسور الحسين الوردي، هي تعتمد على «دستور الأدوية الفرنسي»، الذي أصبح أوربيا، والذي لا يتطرق إليه القانون 04/17، أم يتم اعتماد ظهير 1960، علما بأنه في كل الحالات ليس هناك قانون واضح وجلي يرفع الغموض ويضبط حدود المنطلقات والمآلات، مما يفتح الباب عريضا من اجل التشكيك الذي يصبح ممكنا في علاقة بالأدوية التي يقبل عليها المغاربة يوميا في الصيدليات! إنه أحد أعطاب المنظومة الصحية التي تعاني من جملة من الاختلالات، والذي ليس من المقبول أن يبقى قائما لحدّ الساعة، وبالتالي فالمواطنون وكذا المهنون المعنيون هم اليوم في حاجة إلى جواب صريح عن الجهة التي تحول دون إخراج «دستور للأدوية»، يشمل المستلزمات الطبية المعقّمة، سيما وأن اللجنة المعنية بهذا الموضوع هي قد اجتمعت في وقت سابق، معتمدة «الدستور الأوربي»، ونظيره الياباني والأمريكي، وعوض أن تترجم عملها بإخراج قانون إلى حيز الوجود، ضمانا للسلامة والجودة والمسلك الصحيح، ويحدد مسارات المستلزمات الطبية المعقمة التي يجب أن تكون في الصيدليات وليس في أماكن أخرى، قد تصل إلى حدود «الفرّاشات»، قد استسلمت ورفعت الراية البيضاء، أمام «الجهات»التي تحول في كل مرة دون أن يتم المساس بمصالحها وتعمل بمنطق الأجندات.