المتتبع لبرامج قناة «الرياضية»، لابد أن يقف مشدوها ومستغربا أمام بعض القرارات التي تتخدها الإدارة، وهي تستحضر «الهم التجاري» مسقطة كل ما هو مهني وإعلامي.. وحتى ذلك الهم التجاري والبحث عن «الربح» يظل محاطا بأسئلة عديدة من المفروض أن تبادر الإدارة و «بروح رياضية» لتفرج لها عن أجوبة شافية. القناة أعدت وأنتجت برامج لايجادل اثنان أنها حققت نجاحات على مستوى المتابعة، مثل برنامج «هواة»، برنامج «كلوب تيفي» وبدرجة أقل برنامج «بلانيت تنس». مثل تلك البرامج، وكما تؤكد مصادر من داخل القناة، أفادت القناة على عدة مستويات، مهنيا وصحافيا، إشعاعا وتوهجا، كما منحتها قوة إضافية في عملية التعاقدات الاستشهارية، مما انعكس إيجابيا على رقم معاملاتها المالية. كل ذلك، والقناة لم تكن مجبرة على صرف اعتمادات مالية كبيرة أو مرهقة لإنتاج تلك البرامج، علما أن الإعداد داخلي، والأطقم المشتغلة تنتمي لموارد القناة البشرية، وآليات وأدوات العمل في ملكيتها أيضا. ورغم كل ذلك، لم تترد إدارة القناة في تفويت تلك البرامج لشركات إنتاج خاصة، وأصبح بالتالي، بث نفس البرامج يفرض توقيع عقود بين القناة وبين الشركات الخاصة المنتجة، وبمبالغ مالية كبيرة من خزينة القناة! كيف حدث ذلك؟ وكيف «تخلصت» القناة من برامج ناجحة كان إنتاجها داخليا يتم «فابور»، لتجد نفسه بعد ذلك تجري خلفها لشراءها بالملايين لدى شركات الإنتاج الخاصة؟ كيف تتم عملية التفويت، ومن يقرر في الأمر؟ هل هي إدارة القناة بمفردها؟ أم يتم ذلك بموافقة وتزكية من الإدارة العامة بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة؟ وهل هناك لجنة خاصة تتكفل بقراءة العروض والطلبات، وتناقش المبررات والدواعي؟ أم أن التفويت يعتمد فقط على المزاجية إن لم نقل على المحسوبية وعلى منطق تقديم الخدمات ضدا على المصلحة العليا للقناة؟ برامج أخرى كبرنامج « مستودع» مثلا، يعتبر إنتاجا خارجيا، أي أن هناك عقد يربط القناة بالشركة المنتجة له، يقضي ببيع البرنامج للقناة مقابل تكلفة مالية مرتفعة، الأمر ليس بغريب، ويوجد في كل قنوات العالم، لكن الغريب في حالة «مستودع» «الرياضية» هو أنه يعد وينتج داخل القناة، تسخر له كل إمكانيات القناة، من أطر صحفية وتقنية، ومن آليات وكاميرات ووسائل تقنية وبلاطو، وكل أدوات الإخراج اللوجيستيكية، ويستفيد بالرغم من كل ذلك من صفته كبرنامج من إنتاج خارجي!! ثم هل يحق لأي برنامج يحمل صفة «إنتاج خارجي» أن يمرر أي شيء، ويقدم أي مضمون حتى لو صاحبته كل الانتقادات وكل الاستفهامات؟ هل لبرنامج مثل «مستودع» أن يفرض «محتوياته» كيفما كانت، ويفرض بعض «ضيوفه» على المشاهدين دون أن يخلف ذلك أدنى رد فعل لدى مسؤولي القناة؟ إن كان الزملاء الصحافيون ومعهم المشتغلون في «الرياضية» قد نظموا وقفة احتجاجية يوم الخميس الماضي، مطالبين بتسوية عدة قضايا، وبتوضيح بعض الأمور الغامضة ومن ضمنها عمليات «بيع وشراء» البرامج المعروضة بالقناة، فإن المطلوب والمفروض أن تتحرك إدارة الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة للبحث في الأمر، وإلا فيصدق عليها ما تشير إليه بعض الأصابع من كونها منخرطة بدورها في ذلك الغموض! كفى عبثا.. وكفى تبليدا.. وكفى غموضا! إشارة لابد منها: في الوقفة الاحتجاجية التي نظمها مهنيو قناة «الرياضية» يوم الخميس الماضي، طالبت كل الأصوات بتدخل مباشر للرئيس المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة.. كما طالبت بفتح تحقيق جدي حول ما يحدث داخل القناة.. أصوات كثيرة صرخت: «نتوفر على ملفات ومعطيات تؤكد سوء التسيير داخل القناة وصرف أموال طائلة دون داع منطقي.. نطالب فيصل لعرايشي بالحضور شخصيا، وسنسلمه كل الوثائق التي تؤكد وجود تلاعبات بالمال العام.. ننتظر قدوم الرئيس المدير العام.. فالوضع لم يعد يحتمل أي تأخير..»!!