بدعم من وكالة الجنوب للإنعاش والتنمية الاجتماعية والاقتصادية بالأقاليم الجنوبية،وعن دار أبي رقراق بالرباط،صدر للباحث والناقد التشكيلي ابراهيم الحَيْسن كتاب جديد بعنوان «ثقافة الصحراء/ الحياة وطقوس العبور عند مجتمع البيضان»، وهو من القطع المتوسط يقع في 318 صفحة مُذَيَّل بملزمة ملوَّنة تجسِّد جوانب من مظاهر العيش في الصحراء. يروم الكتاب رَصْدَ أهمّ السمات والخصائص الأنتروبولوجية المميِّزة للمجتمع البيضاني، من خلال مقاربة مجموعة من المواريث والرواسب الثقافية Survivances culturelles التي وقَّرَت وترسَّخت كثيراً في أذهان النَّاس وأغنت مسار تشكُّل هذا المجتمع البدوي العشائري، منها عناصر الثقافة المادية والرمزية كالمعتقدات الشعبية والعادات والتقاليد والشعائر وطقوس الانفصال والاتصال والاندماج والتحوُّل وعلاقتها بالعديد من الاحتفاليات الدينية والاجتماعية.. الكتاب مُقَسَّمٌ إلى أربعة فصول ذات مضامين: - تَتَطَرَّقُ إلى البداوة كنظامٍ معيشي بالصحراء يعتمد بالأساس على الإنتاج المُعَدِّ للاستهلاك اليومي ويقوم على التِّرحال -بمستوياته المتعدِّدة- ويجعل من الطبيعة مصدراً وحيداً للعيش والإنتاج.. - تُبْرِزُ جوانب من خصائص بدو الصحراء كالتنقل والبساطة في المسكن والملبس والمأكل والمشرب والزينة والتزيُّن والمُداواة، إلى جانب قيم العقيدة والدين والكرم وطقوسه والجوار والثأر والتناصر.. - تتناولُ القبيلة كَكِيَّانٍ اجتماعي وكقوَّة بشرية قائمة بذاتها، متنقِّلة أو مُقيمة على أرضٍ محدَّدة، لها لهجتها الخاصة والمشتركة وتجمع أفرادها علاقات نسبية وقرابية خاصة وعصبة دموية،إلى جانب المصاهرة والتفاعل الاجتماعي والتناصر وتوزيع السلطة والثروة والممتلكات العامة والمشتركة. - تبحثُ في الجذور العميقة المؤسِّسة للنسقِ الثقافي بالصحراء، من خلال تدوين وتحليل ومقارنة ما جاء على ألسنة الرُّواة والأهالي والإخباريين (العرَّاف)، إلى جانب محاولة الإجابة عن جملة من الأسئلة التي تقود إلى فهم المعاني الحقيقية والجوهرية لهذه الثقافة. - تتناولُ مجموعة من التقاليد وطقوس العبور التي تَنْبَنِي عليها دورة الحياة لدى المجتمع البيضاني كطقوس الولادة والختان والزواج والطلاق وشعائر الموت والدَّفن، فضلاً عن طقوس اللعب والهول والغناء والرقص الاحتفالي والتفكُّه والفرجة الشعبية..إلخ. مع ما يُرافق ذلك من ممارسات خرافية نابعة من فكر ميثولوجي معقَّد. - ترصدُ التطوُّر التاريخي لثقافة المجتمع البيضاني باعتماد منهج علمي (إثنو- أنتروبولوجي) يأخذ بعين الاعتبار التغيُّر الاجتماعي ومسار التحوُّل والنقل الثقافي Transfert culturel وأسبابه ودوافعه لدى أبناء هذا المجتمع وهذه الثقافة. ومن ذلك: تأثير القيم الوافدة والبرَّانية، التمدُّن والانخراط في حياة عصرية جديدة، تزايد فرص الاتصال والاحتكاك بعوالم ما وراء الصحارى، الاستجابة لمطالب التغيُّر الثقافي ولمشروعات الاستقرار، ظهور تغيُّرات إيكولوجية حتمية تواءمت معها ظروف التغيير، حدوث تفكُّك وانشطار وانقسام S?gmentation وغياب الوعي بمسألة الهوية الثقافية: إشكالية بيداغوجية، التقصير في التلقين والتوارث التعليمي.. «ثقافة الصحراء/ الحياة وطقوس العبور عند مجتمع البيضان» هو الإصدار الثاني عشر في رصيد الناقد الحَيْسن ينضاف إلى مجموعة من الأبحاث والدراسات حول التراث الشعبي الحسَّاني والفن التشكيلي، وتوجد له دراسة جديدة أخرى سيتم توزيعها بعد أسابيع معدودة صادرة ضمن منشورات مجلة عالم التربية في موضوع «الفن والتكنولوجيا/ مستقبل الدرس التشكيلي في عصر الميلتي ميديا». فضلاً عن ذلك، للناقد الحَيْسن دراسة سوسيوسيوثقافية تحت الطبع حول «طابو الجنس..واللذة المحظورة في الصحراء»، إلى جانب أخرى مقترحة للنشر تحمل عنوان «السلطة البيداغوجية/ الهرميات المدرسية وإعادة إنتاج الهيمنة».