طفت من جديد على سطح مدينة الحاجب ، ظاهرة اعتراض سبيل المارة ، وتهديدهم بالأسلحة البيضاء ، و سلبهم أمتعتهم وحليهم ، وحتى أبسط مبالغ للنقود، وزد على ذلك اقتحام الدكاكين في واضحة النهار، لم تستثن منها حتى الأحياء التي كانت في منأى عن ذلك، كالعمران1 وعين سيحند والياسمين و النهضة ... هذه الاعتداءات بدأت تتكاثر و لا تميز بين الصغير والكبير ، الذكر والأنثى ، فآخر واقعة كانت اعتداء على امرأة تناهز التسعين سنة، حلت ضيفة على المدينة لزيارة ابنها يعمل أستاذا بثانوية الثلوج ، إذ تمت سرقتها بالقوة ،حيث سلب منها هاتفها النقال ونقودها حوالي العاشرة صباحا. هذا الاعتداء الذي كاد يصيبها بأزمة نفسية ،واضطرت إلى مغادرة المدينة طالبة النجدة والأمان في موطنها الأصلي هاربة من مدينة الحاجب التي أضحت مصدرا للخوف. وللإشارة فقط فإن هذا الفعل الشنيع وقع خلال الشهر المنصرم الذي عرف عدة اعتداءات من نفس النوع وما زال مستمرا، كما حصل لممرضات يعملن بمستشفى ولي العهد الأمير مولاي الحسن وامرأة جاءت لزيارة أحد المرضى بنفس المستشفى وسلبت منها سلسلة ذهبية وأخرى تم الاعتداء عليها داخل متجرها ولقيت نفس المصير وصباح يوم الاثنين قبل الماضي في الساعة التاسعة صباحا ، تم إسقاط امرأة أرضا من طرف مجهول بعد مقاومتها له بشجاعة نادرة رغم تهديده لها بسيف ،لكنه تمكن من سلبها حليها والهروب مهددا كل من حاول التدخل لإلقاء القبض عليه . وخلال اليوم الموالي فشلت المحاولة مع أستاذة وهي عائدة إلى منزلها. والمثير للجدل أن هذه الظاهرة الغريبة على ساكنة الحاجب ، لم تعرفها حتى خلال غياهب الماضي السحيق قبل انعتاقها وكسر قيود حقبة طويلة ومؤلمة من الذل والهوان نتيجة زرع مواخير الاستعمار ، حيث تمكنت مدينة الحاجب من لفظ الدعارة وما يدور في فلكها من مآس إنسانية وبيع للخمور ، والمخدرات بفضل انخراط الفعاليات السياسية والمجتمع المدني ، واستجابة السلطات الإقليمية و الأمنية ، ، وتنفست الساكنة الصعداء،إلا أنه في هذه الآونة الأخيرة ، بدأ يتسرب نوع من الإحباط واليأس إلى قلوب الناس ، بعد أن لاحظوا العدد المتصاعد للاعتداءات على المواطنين ،واستعمال السيوف و السكاكين في جل المشاجرات و تفشي ظاهرة التعاطي للمخدرات والأقراص المهلوسة والشيشا في بعض المقاهي يكاد يكون علنا، مما دفع المواطنين المجاورين لها لرفع شكايات متكررة مباشرة إلى مختلف المسؤولين المعنيين أو غير مباشرة بتوقيع عرائض متعددة أو تدخلات وداديات الأحياء أو عبر منتخبيهم الذين تناولوا هذه القضية في جلسة خاصة بمقر البلدية ، حيث صرح رئيس المجلس البلدي للمدينة أنه منشغل بالوضع الأمني ، وأنه راسل والي الأمن مطالبا إياه بتوفير ما يتطلبه الوضع من موارد بشرية ومادية ،إذ لا يمكن أن تقدم خدمات أمنية في المستوى المطلوب بسيارة « اصطافيط « يتيمة فقط لما يناهز أكثر من ثلاثين ألف نسمة ، كما أثار الكاتب الإقليمي عبد الله الغيوان مسألة توفير الأمن مع مختلف المسؤولين عن تدبيره ، وفي هذا الإطار واستجابة لإرسالية رئيس المنطقة الإقليمية للأمن بتاريخ 31 مارس 2011 ، انعقد بمقر باشوية الحاجب اجتماع للجنة مشتركة تتضمن السلطة المحلية ، الأمن الوطني ، ورئيس المجلس البلدي للنظر في الإجراءات المطلوب اتخاذها في مقهى (...) بعد التأكد من ظاهرة ترويج المخدرات بها ،مما يهدد أمن وسلامة الساكنة وخاصة وأنها قريبة من إعدادية ابن خلدون. فكانت النتيجة سحب رخصة المقهى لمدة شهرين وذلك طبقا لقرار بتاريخ 19-09-2011 .ونظرا لتفاقم الوضع فقد واصلت الدوريات الأمنية محاولاتها لتطهير بعض المقاهي من خلال مداهمتها ، حيث تمكنت فرق الشرطة القضائية يوم 05 أكتوبر الماضي من إيقاف شخص بمقهى (ي ) إذ ضبطت بحوزته كمية من مخدر الشيرا قدرت بحوالي 130 غراما حسب بعض المصادر ،وبعد تفتيش منزله تم العثور على نفس النوع من المخدر قدره 890 غراما ، وتشير نفس المصادر إلى أنه بعد مواجهة المعني بالمنسوب إليه اعترف بتعاطيه للإتجار في هذه المادة المسمومة والهدامة، وقد تم تقديمه إلى العدالة لتقول كلمتها في الموضوع. فهل ستجتمع اللجنة من جديد لتخرج بقرار مماثل لمقهى (ب) أم أنها ستتحمل هذه المرة مسؤوليتها لوضع حد لهذا الخطر الذي تكون نهايته مأساوية بالحمق أو السجن أو الانتحار ، والحيلولة دون تفشيه... لما تستلزمه هذه اللحظة العصيبة التي تمر منها المدينة وما تعرفه من سرقات وتعاطي المخدرات .لا بد من وقفة حاسمة وحازمة ضد هذه المظاهر السلبية من سكر علني ،وتعاطي للمخدرات و الشيشا وما يتبع ذلك من بغاء الذي صار ينتشر من جديد ببعض الأحياء.ولم يعد السكوت عن هذا كله مقبولا. إن نهج سياسة النعامة من طرف بعض المسؤولين، كل حسب اختصاصاته، بما في ذلك فعاليات المجتمع المدني و مختلف الهيآت السياسية و المؤسسات الثقافية والتربوية والرياضية والصحية سيؤدي إلى ما لا تحمد عقباه....... إن معالجة هذه المظاهر لا يمكن الجزم بكون السبب الوحيد هوضعف التدبير الأمني فقط ،ومعالجتها لن تتحقق بمقاربة أمنية صرفة ،بل أضحى من المستعجل تشخيص مكامن الداء، والبحث عن حلول ناجعة، ومنها توفير الشغل،و التنشيط الرياضي والثقافي ،.الآحزاب السياسية بدورها مطالبة بالتصدي لهذه الظواهر من خلال تأطير الشباب ومحاربة كل أشكال التهميش والإقصاء لهم وما يؤثر سلبا على حياتهم ومستقبلهم..فقوة الأداء الحزبي وتوفير الثقافة والرياضة يكون سدا منيعا في وجه ما يحاك ضد ثروة المستقبل وعماده ، فعلى جميع المسؤولين عن توفير الأمن والسكينة من سلطات محلية وقضاء وأمن.. الضرب بقوة على أيدي كل من سولت له نفسه إلحاق الضرر بمستقبل البلاد والعباد... والمطلوب عاجلا تمكين الأمن الوطني من إمكانيات تتماشى وحجم المدينة ، لوضع حد لهذه السرقات المرتبطة لا محالة بتعاطي كل أشكال المخدرات.