المغرب يخلد يوم إفريقيا في نيويورك    النفط يرتفع مع التوقعات بإبقاء كبار المنتجين على تخفيضات الإنتاج    كيوسك الأربعاء | اكتشاف جديد للغاز بمنطقة اللوكوس    قتيل و3 جرحى في حادث تدافع خلال مباراة لكرة القدم بالجزائر    كوريا تدين عمليات الاستهداف بمناطيد بيضاء تحمل "نفايات"    قراءة في تطورات ما بعد حادث وفاة رئيسي و مرافقيه..    المكسيك تطلب الانضمام إلى قضية "الإبادة" ضد إسرائيل أمام محكمة "العدل الدولية"    أولمبياكوس يُعول على الكعبي للتتويج بالمؤتمر الأوروبي    نادي إندهوفن يجدد الثقة في الصيباري    طواف المغرب الدولي للدراجات يشهد مشاركة 18 منتخبا وفريقا    بصدد موقف وزير العدل من "عقود الزواج" في الفنادق    وزارة الداخلية تستنفر مصالحها الترابية لتيسير العطلة الصيفية بالمغرب    دبابات إسرائيلية تصل إلى وسط رفح مع استمرار القصف    ماذا نعرف عن الولاية الهندية التي تحمل مفتاح إعادة انتخاب ناريندرا مودي؟    بوريطة يتباحث مع "وانغ يي" في الصين    الإسراع في بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد بمناسبة انعقاد الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي    اكتشافات جديدة لكميات هائلة من الغاز الطبيعي في منطقة اللوكوس    قراءة في ندوة الركراكي : أنا من يتحمل مسؤولية اختياراتي    صندوق النقد يرفع توقعات النمو في الصين إلى 5 بالمئة    استقالة مسؤولة كبيرة بوزارة الخارجية الأمريكية بسبب الحرب في غزة    توقعات أحوال الطقس ليوم الأربعاء    سلطات سبتة تُعلن قرب استخدام تقنية التعرف على الوجوه بمعبر "تراخال"    29 قتيلا و2760 جريحا حصيلة حوادث السير بالمدن خلال أسبوع    البِطنة تُذهب الفطنة    وزيرة الانتقال الطاقي تقول إن تصاميم مشروع خط الغاز المغربي- النيجيري "قد انتهت"    العربية للطيران تدشن قاعدة جوية جديدة بمطار الرباط-سلا    بايتاس يشيد بالسيادة المالية للمملكة    تزايد عدد حجاج الأمن الوطني وحمُّوشي يخصص دعما استثنائيا    ضجة "القبلة الحميمية"..مسؤول يبرئ بنعلي ويدافع عن "ريادة" الشركة الأسترالية    الجيش والرجاء يحققان الفوز ويبقيان الصراع على اللقب متواصلا    القضاء يدين مختلسي أموال مخالفات السير بالحبس النافذ والغرامة    اعتراف إسبانيا وإيرلندا والنروبج رسمياً بدولة فلسطين    حكم قضائي غير مسبوق لصالح مغربية أصيبت بمضاعفات بسبب لقاح أسترازينيكا    الرباط.. استقبال الأبطال الرياضيين المنعم عليهم من طرف صاحب الجلالة بأداء مناسك الحج    الأمثال العامية بتطوان... (610)    وسط أجواء روحانية.. حجاج الناظور يغادرون إلى الديار المقدسة لأداء مناسك الحج    البطولة الوطنية الاحترافية القسم الأول (الدورة 28).. النتائج والترتيب    عمالة تاونات تودع حجاجها المتوجهين إلى الديار المقدسة لأداء مناسك الحج هذا العام    هل تراجع الرئيس التونسي عن دعم مخطط الجزائر في بناء اتحاد مغاربي جديد؟    ظاهرة "الشركي" ترفع الحرارة بالمغرب بين 37 و42 درجة وسط الأسبوع    الركراكي: منتخب المغرب يمتلك "جيلا ذهبيا" من اللاعبين قادر على إحراز الألقاب    عبد الكريم برشيد: في معرض الكتاب الحكواتي الجديد يحكي الاحتفالية الجديدة    باريس.. حضور قوي للفن المعاصر المغربي ضمن المعرض الطلائعي    تصفيات كأس العالم 2026: الركراكي يكشف لائحة "أسود الأطلس" لمباراتي زامبيا والكونغو برازافيل    مجموعة «رياح كريستالية» تلهب الجمهور بمهرجان فاس للموسيقى العريقة    خط أنابيب الغاز بين المغرب ونيجيريا يبدأ بربط موريتانيا بالسنغال    وزيرة الخارجية المالاوية: المغرب نموذج يقتدى به لما حققه من تقدم في مختلف المجالات    ٱيت الطالب: المغرب يضطلع بدور محوري في تعزيز السيادة اللقاحية بإفريقيا    السيد صديقي يطلع على تقدم المخططات الفلاحية ويطلق مشاريع مهيكلة بالرحامنة وقلعة السراغنة    ملابس النجمات تتضامن مع غزة ضد الرقابة    ايت طالب يناشد من الأمم المتحدة إنقاذ المنظومة الصحية في فلسطين    ارتفاع أسعار النفط في ظل توقعات انتعاش الطلب في الولايات المتحدة    "مستر كريزي" يعلن اعتزال الراب    بعد فوضى سوء التنظيم.. سامي يوسف يوجه رسالة خاصة لجمهوره بمهرجان فاس    خبراء ينصحون بفترات راحة لممارسي رياضة الركض    كيف اكتشف المتحف البريطاني بعد عامين سرقة مجوهرات وبيعها على موقع التسوق "إيباي"؟    انطلاق أولى رحلات مبادرة "طريق مكة" من البيضاء    الغضب يؤذي القلب وقد يقتلك .. كيف؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أربعينية السينمائي والمسرحي والحقوقي الراحل محمد سكري: سكري اختار الحياة وانحاز إليها عبر انحيازه للحرية والتعدد في شتى مظاهر اليومي
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 16 - 04 - 2012

عاش كبيرا ومات كبيرا.. هو الهادئ الهادر، الصامت الصارخ، القريب البعيد، هو السهل الصعب.. كان كثيرا ما يستعين بالموسيقى على نواح داخلي مجهول.. عاش كبيرا ومات كبيرا.. آمن أن «الصورة كالمرأة لا تمنح نفسها إلا لعاشق..» ولفرط ما عاشر السينما والمسرح جسدا وروحا عن حب ووله رفض متعتهما السرية فأعلن جاهرا عشقه الأبدي لهما..
ولأنه ظل في مخيلة كل الذين عرفوه الناقد السينمائي الذكي المختلف، اللبق المتواضع، الأنيق والعميق، الطريف والإنساني، العاشق للفنون و المساهم بجدية وعمق في كل القضايا التي تطرح أمامه، الديمقراطي والحداثي والمنصت للجميع، لهذه الأسباب جاء رحيله فجيعة مفاجئة..
أمسية خالدة منفردة دافئة وافرة ذكرى وذاكرة، تلك التي جمعت أحبة وعشاقا أتوا من كل جهة من تراب المغرب الجميل، حاملين على أكتافهم سلاح الذكرى وسحر الكلمات ورمزية الوفاء لفعاليات ضحت بالغالي لتكرس حياتها فداء الثقافة والفن.. إنها أمسية أربعينية الراحل الحاضر الغائب الجميل الروح محمد سكري. كانت لمة عائلية حميمية بامتياز، لمة جمعت مساء يوم السبت 14 أبريل 2012 بالدار البيضاء كل من أحب روح محمد سكري المرحة، قوة أفكاره، عمق رؤاه، صدق تعبيراته، حياته وتجواله الدائم بين الممرات والأشخاص والدروب والكلمات والأجناس، تجواله الدائم بدون أقنعة.
بمبادرة من عدد من منظمات المجتمع المدني، منها بالأخص: الإتلاف المغربي للثقافة والفنون، جمعية نقاد السينما بالمغرب، ومنتدى المواطنة، تحلق عدد من السينمائيين والحقوقيين والمسرحيين وفعاليات وطنية تنتمي لحقول الأدب والصحافة والفكر والتربية، لاستحضار بعض من شمائل هذا الرجل النادر في كل شيء، خصال أضحى بفضلها صديقا لعديد من الفعاليات الوطنية.
افتتح اللقاء خليل الدامون واصفا محمد سكري بالنجم الكبير في سماء النقد السينمائي المغربي والعربي.. وتحدث عنه الحقوقي والجامعي المحجوب الهيبة بإسهاب، معتبرا أن الراحل محمد شكري من طينة المغاربة الذين جمعوا ما يصعب جمعه، و نبه إلى أن مسار 30 سنة من الصداقة والقرب منه في العمل بكلية الحقوق بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء جعلته يدرك أشياء كثيرة عن هذا المغربي الذي حمل قيما الشجاعة وحب الوطن والعلم والبحث والعمق والحرية وتعدد مجالات الكتابة والجموح نحو التمرد على المحافظة، داخل وسط جامعي أكاديمي يميل إلى الانضباط والتشبث والمحافظة. وبالمناسبة ذكر بمجالات التعامل بينهما علميا سواء في الحياة السياسية (ندوات مناقشة الدستور الجديد..) أو مساهمته في ندوة السينما والبيئة، ضمن أيام دراسية حول القانون والبيئة والسينما، عبر مداخلة من خمس محاور، منها: البيئة عالم ما بعد الحرب، العالم المخفي، كون الأضواء، البحر والرؤية، مستحضرا أفلام: «يلان» س سيسي، وفيلم«يرقص مع الذئاب» ك كوستنر، «عالج يمناك» ج ل كودار، الزرقة الكبرى« ل بوسون، فيلم »أبيس» ج كامرون. ونبه الهيبة أن م سكري ظل يحيل في معالجاته على رؤية فلسفية للبيئة تمتح من رؤية ميشيل سيير صاحب مؤلف»العقد الطبيعي«. وأنهى المحجوب الهيبة كلمته بالاعتراف للكاتب بقدراته في التحليل والمنهجية الأصيلة، وتعدد الاختصاصات: مسرح سينما سياسة. بينما توقف سعيد منتسب، الأديب والناقد والصحفي، في كلمته عن جمعية «منتدى المواطنة» على روح الراحل محمد شكري، التي جمعت عددا مهما الفعاليات في هذه الأمسية، واصفا تلك الروح بالقامة الشامخة والنهر الذي لازال يجري يمد أهله بعطاء لا ينضب. واعتبر أن جميع أصدقائه في حاجة لاستعادة ملامحه قطعة قطعة.. وفي إشارة جميلة إلى الأصول، قال سعيد منتسب أن «محمد سكري لم ينبث من أرض خلاء بل جاء من بلاد ملئ بالمسرح والسينما وقيم الثقافة والفن النبيلة، لتخليص الإنسان من الزيف والرداءة..» وبالمناسبة تساءل س منتسب : هل مات محمد سكري؟ واعتبر منتسب أنه لم يمت بل عبر إلى مكان آخر، يبادلنا بحب المشترك والجميل ويحاورنا في تفاصيل رحلة الحياة..
أما الناقد عمر بلخمار، فقد شدد في كلمة عن جمعية نقاد السينما، أن الراحل محمد سكري ظل من مؤسسي جمعية نقاد السينما بالمغرب الأساسيين، وأن رحيله فجأة صعب التعويض، وأن رحلة النقد عبر 20 سنة تجعل جميع النقاد مستحضرين دوما روحه كناقد ذكي، عميق، نشيط، حريص على استمرار النقد والجمعية في مزاولة مهامها الوطنية. من أعماله التي تشهد على تميزه «قمح» كممثل، «موشومة» كسيناريست، «هاملت» كمخرج مسرحي، وعدد كثير من الكتابات الفنية كناقد. بينما اعتبر الناقد والمسرحي والصحفي محمد بهجاجي في شهادة مؤثرة عن الراحل محمد سكري، أنه عجز لمدة طويلة عن الكتابة عن غيابه المفاجئ، مشددا أن علينا جميع التمرن على الكتابة بدون م سكري.. واستعاد مع يوسف فاضل وآخرين سؤال هل سيأتي محمد سكري الآن؟؟ وعاد محمد بهجاجي إلى عقود مضت حيث كان التعارف واللقاء الأول سنة 1982، واستحضر أيضا مصاحبته رحلة الحزن والمرض بالرباط برفقة حسن نجمي وادريس البعقيلي وزملاء آخرين.. مستحضرا شوقه لإتمام مشروع السيناريو الثاني، الذي بدأه ويستحضر فيه مشاهد من فيلم La dolce vita الصادر سنة 1960 للمخرج الإيطالي Federico Fellin . واعتبر محمد بهجاجي أن سكري اختار الحياة وانحاز إليها عبر انحيازه للحرية والتعدد في شتى مظاهر اليومي، حيث أخرج مسرحية «الفيل يا مالك الزمن»، ثم «هاملت» ثم مثل في «قمح» و«دولار»، وكتب مقالات كثيرة في مجالات السينما والمسرح والسياسة. واعتبر م بهجاجي م سكري صديق نادر لا يخون الصداقة والأصدقاء، كما لا يخون الحياة.. وأنهى كلمته بالقول: «نم قرير العين سنتذكرك إلى الأبد لأننا محتاجون لأن نحب الحياة مثل محمد سكري.»
وبدوره تحدث المخرج لحسن زينون في شهادة متميزة، عن شجاعة الراحل، وموسوعيته، وإنسانيته، وقدرته الكبيرة على تحمل المعاناة، بالقدر المماثل لتذوقه للجميل. واستحضر المخرج لحسن زينون حوارات من مشاهد مبثوثة في سيناريو فيلم «موشومة»: «ذاتي انطفأت.. لا حب قد يشفيني مما أعاني..»
الصحفي بوجمعة أشفري بدوره، اعتبر في كلمة بالمناسبة «كيف لا نرتعد بذكر اسمه.. كيف نقبض ذكراه وذاكرته؟»، وتابع أن « الضوء يسطو علي من مجرات محمد سكري، الضوء يرعشه ولا يخيفه..» وقال: «أنه عند غياب صديق ينتهي شيء ما.. ويبدأ شيء ما.. كما عند انتهاء فيلم سينمائي.» حيث تنطلق حكايتان، حلم وحلم. محمد سكري كان حالما كما لو أنه يخفي شيء ما..
وانتهت أمسية أربعينية الراحل محمد سكري بالإنصات إلى شهادة رفيقه الشاعر شفيق بوهو والناقد خالد الخضري، اختتمتها كلمة قصيرة من أسرة الراحل، خاصة شقيقته خديجة، وأفراد من عائلته رجاء وإلهام ومصطفى، مذكرين بمكانة الراحل داخل الأسرة كأب وكأخ وكصديق، دائم المساندة، ثم شاكرين هذا الحب الكبير لشخص شمل عطفه وحبه أطفال الأسرة والعائلة بالكامل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.