التحمت الإيقاعات الموحدة مع دقات قلوب المتفرجين، ليضفي لهيب خطوات راقصي وراقصات فرقة «نيران الأناضول» على برودة ليل «السويسي» بالرباط نوعا من الحميمية والدفء 2وينجح في تحريك الحواس. فقد اصطحبت فرقة «نيران الأناضول»، التي اسماها مصمم الرقصات التركي مصطفى أردوغان في البداية «سلاطين الرقص»، أول أمس الثلاثاء الآلاف من رواد منصة «السويسي» في رحلة عبر التاريخ التركي، وأشاد العديد من الحضور الذي كان من بينهم أبناء الجالية التركية بالحرفية الفنية العالية والأداء الرائع للعارضين الذين أدوا رقصاتهم بمنتهى التناغم. وقد استعان مصمم الرقصات مصطفى أردوغان بشاشة عرض في خلفية المسرح تمتزج بأجساد الراقصين خلال تقديم لوحاتهم. تعلن بداية أو نهاية مرحلة أو مشهد من هذا الابداع المستمد من التقاليد الثقافية المختلفة لكن تظل الجذور التركية هي العنصر الغالب عليه. وتأتي أهمية العرض بوصفه أحد أهم العروض الفنية العالمية لفرقة «نيران الأناضول»، التي تعتبر واحدة من أشهر وأهم الفرق الاستعراضية الراقصة في العالم، حيث تم عرضه في أكثر من 85 دولة و275 مدينة، وتم تقديم 3500 عرض حول العالم، وشاهده أكثر من 20 مليون متفرج. وتروي أحداث، عرض فرقة «نيران الأناضول»، المنقسمة إلى فصلين، مزيج الحب والتاريخ والحضارة والسلام في الأناضول. كما يمزج بين الرقص الحديث والرقص الشرقي ورقصة الدبكة ورقصات أخرى مختلفة من أنحاء العالم. وقد ساعد أردوغان في ترتيب وتسلسل الأحداث المؤرخ التركي نزيه باسجيلين، وفي تصميم اللوحات الراقصة ألبير أكسوي وأوكتايكيرستيكي الذين استوحوا أفكارهم من الرقصات الفولكلورية التي تملأ أرض الأناضول، الممتدة من بحر إيجا. ويحكي هذا العرض الموسيقي تاريخ شبه جزيرة الأناضول، ويعود بالمتفرج لسبر أغوار تاريخ ممتد عبر ثلاثة آلاف سنة، ويسرد قصة تصاعد النيران فوق جبل نمرود، ليصافح لهيبها سماء مدينة الأناضول التركية، فتبدأ كافة المخلوقات في الالتفاف حول النيران، ليشاركوا بأجسادهم في الرقصة المباركة في نفس مكان النصب التذكاري للسلام. ويظهر «بروميثيوس» رمز الخير ممسكا بيده جذور النار للبشرية، قادما من أرض الأناضول، لتبدأ النيران في الانتشار في مختلف انحاء الأرض، ويبدأ الاحتفال بها وينحت التاريخ اللحظات الأولى لاندلاع شرارة الصراع بين الخير والشر وتبدأ الحكايات والأساطير، لتأتي الأجيال وتقول كلمتها باللغة التي تريدها. وتعتبر الأناضول في تركيا من أكثر مناطق العالم ثراء بالآثار التاريخية، وتأثرت حضارتها بمزيجها العرقي الفريد على مر التاريخ الذي شارك في نسج خيوطه الأكراد والإغريق والعرب واليهود. وأسست فرقة «نيران الأناضول» نهاية التسعينيات وسجلت على مر السنين في موسوعة «غينيس للأرقام القياسية» مرتين إحداهما لأكبر عدد من المشاهدين بلغ 400 ألف متفرج، والثانية كأسرع فرقة للرقص في العالم بمعدل 241 خطوة في الدقيقة. وتضم الفرقة حوالي 120 راقصا وراقصة، واستمرت عروضها في تركيا طيلة ثلاث سنوات، وفي 3 ماي سنة 2001 انطلقت الفرقة في جولة حول العالم.