تغير مفاجئ.. هكذا نشرت قناة "فرنسا 3" خريطة المغرب    فلقاء الخطاط مع وزير الدفاع البريطاني السابق.. قدم ليه شروحات على التنمية وفرص الاستثمار بالأقاليم الجنوبية والحكم الذاتي    مجلس المنافسة كيحقق فوجود اتفاق حول تحديد الأسعار بين عدد من الفاعلين الاقتصاديين فسوق توريد السردين    برنامج "فرصة".. عمور: 50 ألف حامل مشروع استفادوا من التكوينات وهاد البرنامج مكن بزاف ديال الشباب من تحويل الفكرة لمشروع    الغالبية الساحقة من المقاولات راضية عن استقرارها بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة    أول تعليق من الاتحاد الجزائري على رفض "الطاس" طعن اتحاد العاصمة    جنايات الحسيمة تدين "مشرمل" قاصر بخمس سنوات سجنا نافذا    خلال أسبوع.. 17 قتيلا و2894 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية    نشرة إنذارية.. أمطار قوية أحيانا رعدية مرتقبة بتطوان    طابع تذكاري يحتفي بستينية السكك الحديدية    مقتل فتى يبلغ 14 عاماً في هجوم بسيف في لندن    الأمثال العامية بتطوان... (586)    المهمة الجديدة للمدرب رمزي مع هولندا تحبس أنفاس لقجع والركراكي!    نقابي: الزيادة في الأجور لن تحسن القدرة الشرائية للطبقة العاملة والمستضعفة في ظل ارتفاع الأسعار بشكل مخيف    الدوحة.. المنتدى العربي مع دول آسيا الوسطى وأذربيجان يؤكد على ضرورة الالتزام باحترام سيادة الدول واستقلالها وضمان وحدتها    محطات الوقود تخفض سعر الكازوال ب40 سنتيما وتبقي على ثمن البنزين مستقرا    لأول مرة.. "أسترازينيكا" تعترف بآثار جانبية مميتة للقاح كورونا    هجرة/تغير مناخي.. رئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا يشيد بمستوى التعاون مع البرلمان المغربي    من يراقب محلات بيع المأكولات بالجديدة حتى لا تتكرر فاجعة مراكش    في عز التوتر.. المنتخب المغربي والجزائري وجها لوجه في تصفيات المونديال    ليفاندوفسكي: "مسألة الرحيل عن برشلونة غير واردة"    بلينكن يؤكد أن الاتفاقات الأمنية مع السعودية لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل شبه مكتملة    مساء اليوم في البرنامج الأدبي "مدارات" : المفكر المغربي طه عبد الرحمان.. بين روح الدين وفلسفة الاخلاق    ستة قتلى في هجوم على مسجد في هرات بأفغانستان    وزارة الاقتصاد: عدد المشتركين في الهاتف يناهز 56 مليون سنة 2023    توقيف نائب رئيس جماعة تطوان بمطار الرباط في ملف "المال مقابل التوظيف"    دل بوسكي يشرف على الاتحاد الإسباني    مساعد الذكاء الاصطناعي (كوبيلوت) يدعم 16 لغة جديدة منها العربية    تعبئة متواصلة وشراكة فاعلة لتعزيز تلقيح الأطفال بعمالة طنجة أصيلة    الدورة ال17 من المهرجان الدولي مسرح وثقافات تحتفي بالكوميديا الموسيقية من 15 إلى 25 ماي بالدار البيضاء    مقاييس الأمطار بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    استهداف المنتوج المغربي يدفع مصدرين إلى التهديد بمقاطعة الاتحاد الأوروبي    توقيت واحد فماتشات البطولة هو لحل ديال العصبة لضمان تكافؤ الفرص فالدورات الأخيرة من البطولة    تم إنقاذهم فظروف مناخية خايبة بزاف.. البحرية الملكية قدمات المساعدة لأزيد من 80 حراك كانوا باغيين يمشيو لجزر الكناري    "الظاهرة" رونالدو باع الفريق ديالو الأم كروزيرو    الريال يخشى "الوحش الأسود" بايرن في ال"كلاسيكو الأوروبي"    "أفاذار".. قراءة في مسلسل أمازيغي    أفلام بنسعيدي تتلقى الإشادة في تطوان    الملك محمد السادس يهنئ عاهل السويد    ثمن الإنتاج يزيد في الصناعة التحويلية    صور تلسكوب "جيمس ويب" تقدم تفاصيل سديم رأس الحصان    دراسة علمية: الوجبات المتوازنة تحافظ على الأدمغة البشرية    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و535 شهيدا منذ بدء الحرب    التنسيق الوطني بقطاع الصحة يشل حركة المستشفيات ويتوعد الحكومة بانزال قوي بالرباط    فرنسا تعزز أمن مباني العبادة المسيحية    العثور على رفاة شخص بين أنقاض سوق المتلاشيات المحترق بإنزكان    عرض فيلم "الصيف الجميل" للمخرجة الإيطالية لورا لوتشيتي بمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    فيلم من "عبدول إلى ليلى" للمخرجة ليلى البياتي بمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    "النهج" ينتقد نتائج الحوار الاجتماعي ويعتبر أن الزيادات الهزيلة في الأجور ستتبخر مع ارتفاع الأسعار    مدينة طنجة توقد شعلة الاحتفال باليوم العالمي لموسيقى "الجاز"    تكريم الممثل التركي "ميرت أرتميسك" الشهير بكمال بمهرجان سينما المتوسط بتطوان    توقعات طقس اليوم الثلاثاء في المغرب    حمى الضنك بالبرازيل خلال 2024 ..الإصابات تتجاوز 4 ملايين حالة والوفيات تفوق 1900 شخص    المفاوضات بشأن اتفاق الاستعداد للجوائح بمنظمة الصحة العالمية تدخل مرحلتها الأخيرة    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف يمكن علاج المصاب بلسعة العقرب: استعمال الأمصال أو الإنعاش الطبي؟
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 07 - 09 - 2013

كثر الحديث مؤخرا عن التسمم الناتج عن لسعات العقارب ولدغات الافاعي وما تشكله من خطر على حياة الإنسان وسلامته بشكل عام، كما تضاربت الآراء بين مؤيد و معارض لإنتاج الأمصال لمواجهة التسمم و بين الإنعاش الطبي، فنجد خبراء يؤكدون على أهمية الأمصال في علاج المصاب بلسعة العقرب بينما موقف وزارة الصحة من خلال تصريح وزيرها الذي يعلن من خلاله عدم فاعلية الأمصال في معالجة السموم، وأن العناية المركزة للمصاب بالمستشفيات هي الحل الأنجع.
جريدة الاتحاد الاشتراكي أنجزت هذه الورقة نظرا لأهمية الموضوع وما تشكله الظاهرة بجهة دكالة عبدة حيث ساكنة الجهة تواجه ضرر لسعات العقارب ولدغات الافاعي بنسبة 6,1 في المئة محتلة بذلك المرتبة الرابعة على الصعيد الوطني.
مع حلول فصل الصيف، تشهد العديد من القرى ظهور أنواع مختلفة من الحشرات خاصة السامة منها حيث يكثر الناموس و الذباب والعناكب و العقارب... بفعل الحرارة حيث تكون الظروف المناخية مناسبة لتوالدها و تكاثرها و كذا انتشارها بشكل كبير بعد خروجها من جحورها بفعل عامل الحرارة، وتعد العقرب من أخطر هذه الحشرات التي تتسم بالخطورة نظراأولا لتركيبتها الجسمانية التي تساعدها على تسلق الجدران والوصول إلى أي مكان وثانيا لما تحمله من سموم خطيرة غالبا ما تؤدي إلى الوفاة حين يصاب الإنسان بلدغة منها .
و تتنوع العقارب المتواجدة بمنطقة دكالة نظرا لتلاؤم المناخ الذي يتميز بالرطوبة الجافة و ارتفاع درجة الحرارة مع تواجد أراض رملية وأخرى صخرية مما يشكل موطنا مفضلا لها ، كما أن لها القدرة العالية على مقاومة الجفاف حيث بإمكانها تحمل درجة حرارة قد تصل إلى 48 درجة.
المستشفى الاقليمي المتعدد التخصصات بإقليم سيدي بنور كان وجهتنا صباح يوم الثلاثاء الماضي ، كان الباب الرئيسي يعج بالمواطنات اللواتي كن ينتظرن حلول فترة الدخول لزيارة أقاربهن و الاطمئنان على صحتهم ، بالجانب الأيمن كانت الدراجات النارية ذات الثلاثة عجلات ترسم طابورا في انتظار نقل أحد المرضى أو الزوار دون تدخل يذكر للسلطات المحلية التي تبقى عنصرا متفرجا في مثل هذه الحالات التي تمثل تسيبا حقيقيا و خطرا على سلامة المواطنات و المواطنين ، و نحن نستعد لعبور المدخل الرئيسي للمستشفى تشد انتباهنا سيدة حامل ممددة فوق عربة مجرورة بحصان يبدو أن مخاض الولادة قد فاجأها و لم تجد أسرتها من وسيلة لحملها إلى المستشفى سوى تلك العربة المتآكلة ، مما يدل أن صحة الأم بإقليم سيدي بنور لاتزال دون التطلعات المنتظرة خصوصا بالقرى التي تبعد عن المدينة بأكثر من عشرين كلم كما هو الشأن بساكنة خميس لقصيبة و أولاد عمران و امطل و الجابرية ... وغيرها من المناطق الصعبة الولوج .
داخل المستشفى التقينا بالدكتور كريم رئيس قسم المستعجلات الذي استقبلنا بمكتبه ، و فتحنا معه نقاشا حول ظاهرة التسمم بلسعات العقارب و ما يمكن أن ينجم عن ذلك من أضرار ، و ما هي الإجراءات العلاجية أو الوقائية المتخذة في هكذا حالات ...؟ حيث أفادنا بكون المستشفى الإقليمي بسيدي بنور يستقبل أحيانا ما بين 15 إلى 20 حالة في اليوم خصوصا في فترة الصيف ( شهري يوليوز و غشت ) ، و أن غالبية ممن يتعرضون للسعات العقارب هم الأطفال الذين غالبا ما يتم توجيههم إلى المستشفى الإقليمي محمد الخامس بالجديدة قصد تلقي العلاج، وأكد الدكتور كريم للجريدة على أنه لا يوجد دواء للسم وأن الوسيلة الوحيدة المتبعة هي وضع المصاب تحت العناية المركزة و متابعة حالته بانتظام و لفترة تزيد عن أربع ساعات، وعن الأسباب و الدواعي التي تجعل المستشفى يوجه المصابين إلى مدينة الجديدة، أفادنا كون قاعة الإنعاش أو العناية المركزة بالمستشفى غير مجهزة و بالتالي فهي غير مؤهلة لاستقبال مثل هكذا حالات ناهيك عن النقص الحاد في الموارد البشرية ، و عن الأسباب التي تؤدي إلى فقدان حياة المصاب أوضح بأن هناك عدة عوامل تتقاطع فيما بينها منها وصول المصاب في فترة زمنية متأخرة إلى المستشفى نتيجة قلة أو انعدام وسائل النقل بالإضافة إلى عامل البعد عن المستشفى و من جهة أخرى اعتماد بعض الأسر على أمور غير استشفائية و ليست ذات جدوى كالذهاب عند فقيه الدوار أو استعمال غاز البوتان أو غيرها من الوسائل التي تجعل من فرص علاج المصاب ضئيلة جدا ، وعن الأمصال و مدى نجاعتها ، أكد الدكتور كريم انه لا يوجد دواء للسم بمعناه الحقيقي و بالتالي فالأمصال ليست بدواء مضاد للسم لذلك فالعلاج الذي يتلقاه المصاب يكون عن طريق مراقبته و تتبع حالته الصحية عن طريق العناية المركزة و بالتالي فلم يعد هناك مجال لاستعمال الأمصال منذ سنوات ، ونحن نواصل نقاشنا مع الدكتور كريم استقبل قسم المستعجلات في حدود الساعة الحادية عشرة صباحا سيدة تعرضت للسعة عقرب على مستوى يدها اليسرى ، السيدة تقطن بالقرب من مركز الكدية الذي يبعد عن المستشفى بحوالي 14 كلم ، رافقنا الدكتور و تتبعنا معه مراحل علاج السيدة البالغة من العمر حوالي 35 سنة حيث تم حقنها بمادة من شأنها تخفيف آلام لسعة العقرب و ليس علاجا ، كما ان العملية يقول الدكتور كريم تكتسي أهمية بالغة على المستوى النفسي للمصاب ، وعن الفترة الزمنية لمتابعة المصابة فهي تتراوح مابين أربعة ساعات إلى خمسة .
أمام هذه المعطيات تبقى العقرب تهدد ساكنة المنطقة في ظل غياب تواجد أمصال مضادة للسموم بالمستوصفات و أقسام غير مجهزة لمتابعة المصاب ما يدفع هذا الاخير إلى البحث عن العلاج في مستشفيات أخرى بالمدن المجاورة الأمر الذي يتطلب وقتا طويلا ، يفقد معه المصاب حياته وهو غالبا في الطريق ، كما أن دور الجماعات لم يعد يعتني بهذه القضية كونها تدخل ضمن انشغالاته في توفير الحماية للساكنة باتخاذ الإجراءات الوقائية ضد هذه الحشرات الخطيرة علما أن نوع العقرب المتواجد بمنطقة دكالة عبدة من الأنواع الخطيرة التي يفتك سمها بالإنسان في وقت قصير خصوصا في صفوف الأطفال والشيوخ .
مؤخرا كشفت وزارة الصحة عن أرقام يتوفر عليها مركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية التابع لوزارة الصحة أن سنة 2012 سجلت فيها 23776 لسعة عقارب، توفي منها 65. ومنذ بداية سنة 2013 إلى غاية 16 يوليوز سجل المركز 2900 لسعة منها 13 حالة وفاة.
وأفاد بيان توضيحي للوزارة أنه بعد انطلاق الحملة الوطنية الأولى لمحاربة لسعة العقرب سنة 2002 ، وإتباع البرتوكول الذي لا يتضمن المصل، تم تسجيل انخفاض في نسبة الوفيات الناتجة عن لسعة العقرب من 400 حالة وفاة سنويا إلى حوالي 50 حالة في السنوات الخمس الأخيرة، وهو ما يدل، حسب الوزارة، على أن التكفل بالمريض في المستشفيات و في بعض الأحيان بأقسام الإنعاش الطبي هو أساس العلاج وليس المصل ، من جانبها أشارت دراسة للمركز المغربي لمحاربة التسمّم ولليقظة الدوائية ، ضمن نشرته الأخيرة حول "مكافحة لسعات العقارب"، إلى أن الاستراتيجية الوطنية، التي وضعتها وزارة الصحة، مكنت من تتبع دقيق للحالة الوبائية بالمغرب، إذ يسجل سنويا خلال السنوات الأخيرة حوالي 30 ألف حالة لسعة عقرب. وتعتبر منطقة مراكش تانسيفت الحوز الأكثر تضررا بتسجيل 30.2 في المائة، متبوعة بسوس ماسة درعة (17.7 في المائة)، والشاوية ورديغة (14.7 في المائة)، وتادلة أزيلال (10.2 في المائة)، ثم دكالة عبدة (6.1 في المائة). ويمثل العالم القروي، حسب الدراسة، ما مجموعه 70 في المائة من هذه الحالات، مع الإشارة إلى أن 77 في المائة تحدث داخل البيوت نظرا لطبيعة السكن وهشاشة البنية التحتية.
وأفادت الدراسة أن اللسعات تحدث طيلة شهري ماي وشتنبر، بنسبة 81 في المائة من الحالات. وتقع هذه اللسعات غالبا بين السادسة مساء والسادسة صباحا بمعدل 67 في المائة، بسبب خروج العقارب من مخابئها في هذه الأوقات غير الحارة. وتهم هذه اللسعات، حسب الدراسة، الذكور والإناث بدون استثناء، ويشكل الأطفال دون 15 سنة 26.5 في المائة. ويلسع العقرب أطراف الأيدي والأرجل على الخصوص بنسبة 70 في المائة، وتشير الدراسة أيضا إلى أنّ لسعات العقارب في 90 بالمائة منها لا تؤدّي إلى أيّ حالة مرضية، لعدّة عوامل، من بينها أنّ العقارب ليست كلها سامّة، إذْ لا يوجد سوى نوع واحد من العقارب السامة من بين 30 نوع الموجودة في المغرب.
و جاء في الدراسة أنه يمكن للعقرب كذلك أن لا يحقن سمه عند اللسعة، وأيضا لأن التسمم لا يقع إلا إذا كانت كمية السم المحقون كبيرة، مقارنة مع وزن الضحية ما يجعل الأطفال أكثر عرضة للتسمم، و أن من بين 30 ألف لسعة عقرب المسجّلة سنويا، تكون حوالي 3000 لسعة، من بين هذه الحالات سامّة، من بينها 500 حالة تشكل خطورة على الحياة وتستلزم العلاج في أقسام الإنعاش .
بينما أكدت وزارة الصحة، أن علاج لسعة العقرب لا يرتبط بالأمصال، التي وقع الاستغناء عن استعمالها لفائدة الإنعاش الطبي، يرى الأستاذ محمد كريم، بيولوجي سابق بمعهد باستور بالدارالبيضاء، أن هناك ضرورة لإنتاج الأمصال المضادة للسعات العقارب ولدغات الأفاعي للإسراع في إنقاذ المصابين مرتكزا في طرحه على أبحاث أنجزها باحثون وخبراء دوليون ومدراء بمعهد باستور، توصلوا من خلالها إلى ضرورة فتح وحدات إنتاج الأمصال المضادة للسعات العقارب، ولدغات الأفاعي بمعهد باستور، من أجل التخفيف من نسبة الوفيات، مؤكدا أهمية استعمال الأمصال الخاصة بتسممات العقارب متسائلا كيف يمكن علاج المصابين بلسعات العقارب بالعناية المركزة، علما أن المستوصفات والمراكز الصحية في المناطق النائية تفتقر إلى التجهيزات الضرورية الخاصة بالإنعاش؟ و أضاف البيولوجي السابق الذي التقته الجريدة بسيدي بنور كون عملية توقيف إنتاج الأمصال بمعهد باستور ضرب لأزيد من ربع قرن من أعمال الدكتور والخبير الألماني ألبير سنة 1894 الذي أنتج الأمصال المضادة لسموم الأفاعي والعقارب، ومن ثمة اعتبر المصل العلاج الأساسي لسم العقارب ، وفي هذا الصدد مدنا الخبير كريم بنسخ من مجلة لمعهد باستور بالمغرب تتضمن دراسات لبعض الدكاترة و الخبراء و تبرز أهمية المصل في مقاومة السم ، كما أشار أن هناك دول متقدمة مثل فرنسا مازالت تنتج الأمصال المضادة للسعات العقارب و لدغات الأفاعي .
جدل يبقى مفتوحا على مصراعيه بين وزارة الصحة و المركز المغربي لمحاربة التسمم و لليقظة الدوائية و معهد باستور و مجموعة من الخبراء و الدكاترة كل في مجال اختصاصه ، بينما الحقيقة الوحيدة و التي تهم المواطنات والمواطنين هو اعتماد وزارة الصحة الإنعاش الطبي في معالجة المصاب بلسعات العقارب عوض الأمصال ما يحيلنا على المعاناة التي ستتحملها اسر المصاب في ظل غياب التغطية الشاملة لأقسام الانعاش بالمستوصفات القروية وحتى المستشفيات الإقليمية كما هو الشأن بالنسبة للمستشفى الإقليمي بسيدي بنور .
حين تصبح العقارب مصدر عيش
للبعض ومصدر علاج للبعض الآخر !
شكلت و مازالت تشكل العقارب فزعا في صفوف البشر نظرا لطبيعتها العدوانية و الغدر حيث يمكنها أن تهاجم في أي لحظة تشعر فيها بالخطر أو بالجوع لذلك فهي محط فال سيء و بما أنها تثير شغف الإنسان و فضوله فقد اتخذها العد يدون و سيلة للتجارة و سببا لمصدر عيشهم , حيث نجدهم يصطادونها ثم يخلقون بها فرجة للمواطنين حيث يقومون بعمليات مثيرة تجذب انتباههم و تجعلهم مشدودين إلى ما يجري داخل " الحلقة " كما هو الحال بمدينة مراكش بساحة جامع الفناء حيث يوجد أحد الأشخاص يداعب العقارب , فتارة يضعها على و جهة و تارة أخرى على أنفه و جبهته ... , مناظر تبعث عن المغامرة و تثير اندهاش المتتبعين الذين تسخى قلوبهم مع تلك المناظر لكي تصل أيديهم إلى الجيوب قصد إخراج مساهمة بسيطة لهذا الرجل الذي اتخذ من العقارب مصدر عيشه , و في جانب آخر , و بما أن المعتقدات و الشعوذة لازالت ضاربة جذورها في مجتمعنا ، نشر البعض العديد من الأعشاب والحيوانات والزواحف بما فيهم العقارب فمنهم من يدعي على أن العقرب مهمة في إبطال السحر وإبعاد ( العين ) والحسد ... لذلك تجد دكاكين العطارين لا تخلو من العقرب خاصة السوداء اللون فمنهم من يحنطها ليبيع كل جزء منها على حدة حسب الغرض والمطلوب ومنهم من يهتم فقط بذيلها لأجل استخدامه في أمور الشعوذة ونظرا لطلبها من طرف البناء ( غالبيتهم من النساء ) فإنهم يتكلفون باصطيادها لكي يوفر عنهم شقاء البحث والمغامرة فيبيعها لهم بأسعار متفاوتة لتصبح بذلك مصدر ربح له .
يقول السيد العربي أحد العطارين على أن للعقرب دور كبير في دفع العين وإبطال السحر واستبعاد الجن ، وأن العضو المهم في العقرب والمستعمل بكثرة هو الذيل أما ما تبقى من الأعضاء فلا قيمة له ، لذلك فهو يقوم باصطياد العقارب وقطع ذيلها وتجفيفه ليستعمل في البخور أو يدق دقا ناعما ليوضع وسط " حرز " يعلق بمدخل الباب ... وفي التداوي من لسعة العقارب هناك شائعات كثيرة منها أن العقرب إذا حرقت وبخر البيت بها هربت العقارب منه وإذا طبخت بزيت ووضع على لسع العقرب سكن الوجع ، ورماد العقرب يفتت الحصى وان طبخت بالسمن وطلي به مكان لسعتها سكنها ، ومن أقوال ابن السويدي إن دقت العقارب وألصقت على لسعتها أبرأتها ... وتلك أدلة على أن زمان الخرافة لازال طاغيا لدرجة أصبحت معه العقارب تنجي من العديد من المصائب ، ومن الشائعات أنه اذا جففت العقرب السوداء وعجنت بالخل ثم وضعت على موضع البرص أزالته ومن المعتقدات كذلك أنه من نازع عقربا في الحلم فانه ينازع رجلا نماما ومن قتلها في الحلم عاد ماله المفقود ... أمثال كثيرة قد نجدها في الكتب القديمة وهي عبارة عن أسطورة فقط صيغت للتعبير عن قوة وشراسة العقرب لاغير كما قال الشاعر :
لاتحتقر كيد الضعيف فربما
تموت الأفاعي من سموم العقارب.
انتحار العقرب بين الواقع والخيال !
يتناقل الناس فيما بينهم كثيرا موضوعا محيرا مفاده أن العقرب ينتحر إذا وقع في مأزق أو إذا وضعناه في وعاء لا يستطيع الخروج منه خصوصا حين مواجهته للنار حيث يبدأ العقرب في البحث عن مخرج من المأزق الذي وضع فيه، لكن عندما يفقد الأمل ينهي حياته بالانتحار حيث يقوم بلدغ نفسه بنفسه فيموت.
حكاية ظلت ترويها وتتناقلها الأجيال منذ القدم على لسان الرواة والعارفين وكبار السن. غير أن الأبحاث العلمية التي تناولت حياة الحيوان بالدراسة المفصلة تنفي قطعيا هذه الخرافة الشعبية كون الشرح المنطقي لهذه الظاهرة ووجهة النظر من الناحية العلمية هو أن العقرب وبتأثير الحرارة العالية تبدأ عضلاته بالتهيج مثله مثل أي كائن حي يتعرض لمثل هذه الحرارة، فيبدأ بعدها بالركض محاولا الهروب ويظهر ذلك من خلال حركة ذيله الذي لايفتأ يتحرك يمنة ويسرة وإلى الأعلى والأسفل ... وجراء هذه الحركات بالإضافة إلى الركض بسرعة نتيجة لتأثير الحرارة بالإضافة إلى ضعف التحكم بحركة الذيل فينتج عن ذلك أن يلدغ العقرب نفسه صدفة أو بالخطأ ، بعد ذلك تبدأ مرحلة الشلل الحراري أي بتأثير الحرارة العالية مما يتسبب في شلله وليس الشلل بسبب التسمم ، ونتيجة ذلك يعتقد الناس أن العقرب لدغ نفسه وانتحر. بل تضيف بعض الدراسات أن العقرب إذا لم يحترق تماما، من الممكن أن يعود للحياة مرة أخرى.
في عام 1735 نفى عالم الطبيعيات الفرنسي بيير لوي الشكوك حول انتحار العقرب. والآن يقوم علماء الكيمياء الحيوية الفرنسيون وعلماء آخرون من دول أخرى بدراسة العلاقة بين العقرب الضخم اندروكتونوس« الاوسترالي والذي يعيش في شمال إفريقيا أيضا وبين سمومه! إذ أن هذا العقرب يلدغ سنويا آلاف المواطنين من دول شمال إفريقيا وقد قام الباحثون بأخذ عقرب من هذا النوع الضخم وحقنوه بجرعة من السم أخذت منه علما بأن هذه الجرعة تكفي لقتل حوالي 500 فأر من فئران المختبرات فلم يلحظ العلماء الباحثون أية آثار تذكر على هذا العقرب حيث بقي بنفس الحيوية مما يعني أن العقرب لا يسمم نفسه المعروف أن التركيبة الكيماوية لسم العقرب تحتوي على 5,10% زلال وبيبتيد وان جزءا صغيرا من هذا الزلال يكون ساما للحشرات والزواحف وحتى الحيوانات الصدفية وان لسعة بعض أنواع العقارب الكبيرة مميتة بالنسبة للإنسان على الفور. فإذا أردنا أن نشرح آلية التأثير فإن سم العقرب يؤثر على الخلايا العصبية والعضلات ويحدث فيهما خللا في عملية إعطاء النبض التهيجي بسبب إغلاق قنوات الخلايا التي تجري فيها أيونات الصوديوم والبوتاسيوم. واتضح أن هذه القنوات لدى العقرب موجودة في الغشاء الخارجي للخلية وذات بنية مختلفة تماما عن بقية الحيوانات. وهكذا تبين أن العقرب لا يمكن أن يسمم نفسه ولا أن يتأثر بسم عقرب آخر أثناء الصراع الذي يحصل دائما من اجل الفوز بأنثى في مواسم التزاوج لتبقى حكاية انتحار العقرب لا أساس لها في الواقع العلمي بل هي مجرد أسطورة من نسج الخيال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.