منذ أول أمس الخميس بعد التعيين الجديد لوزيرها أنيس بيرو خلفا لعبد اللطيف معزوز، ضمن النسخة الثانية لحكومة عبد الإله بنكيران، لن تهتم وزارة الجالية في القادم من الأيام بمغاربة المهجر فقط، بل أيضا سوف ينصب اهتمامها أيضا على المهاجرين القادمين من دول أخرى قصد الاستقرار بالمغرب. لقد فرضت التحولات التي عرفها ملف الهجرة، خاصة بعد تقرير المجلس الوطني لحقوق الانسان، أن تأخذ الحكومة توصية المجلس الذي اعتبر «أن الوقت قد حان لكي تباشر الحكومة بشكل رسمي إعداد وتنفيذ عملية للتسوية الاستثنائية لوضعية بعض الفئات من المهاجرين في وضعية إدارية غير نظامية». كما أن حمل وزارة أنيس بيرو لعنوان «الوزير المنتدب المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة»، يأتي في سياق شدد على أن المغرب يعد أرض هجرة بامتياز منذ موجة الهجرة الأولى التي انطلقت مع الحرب العالمية الأولى، وأرض استقبال وتوافد، رغم أن الوعي الجماعي لم يستوعب بعد هذا المعطى التاريخي. لربما اليوم وعت حكومة، بعد جلسة العمل الملكية التي خصصت لتدارس مختلف الجوانب المرتبطة بإشكالية الهجرة، بأن المقاربة الأمنية وحدها لم تعد ناجعة في حل إشكالية الهجرة والمهاجرين بعدما أصبح المغرب بلد إقامة بامتياز، وأن «سياسة جديدة في مجال الهجرة» تقتضي تدبيرا يحمل مسحة إنسانية يتم تبنيها خارج ردهات مديرية الهجرة بوزارة الداخلية وبتنسيق مع الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة. فمن خصائص الدينامية الجديدة، التي تروم تنفيذ رغبة ملكية سامية تهدف إلى «وضع سياسة وطنية جديدة ذات بعد إنساني وشمولي في مجال الهجرة واللجوء»، المعبر عنها بشكل واضح في جلسة العمل الملكية التي خصصت لتدارس مختلف الجوانب المرتبطة بإشكالية الهجرة، أن هيكلة جديدة لمديرية الهجرة بالوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة أصبحت ضرورية لأجل التنسيق أيضا مع مديرية الشؤون القنصلية والاجتماعية بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون خاصة بعد إعادة فتح مكتب اللاجئين وعديمي الجنسية. إن شؤون الهجرة سوف تقارب، دون شك، برؤية ثلاثية الأضلاع:أساسها وفق الرؤية الحالية، الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة كمركز لتجميع المعطيات والمتابعة، وأطرافها المكملة هي مديرية الهجرة بالداخلية كمتحكم في دخول الاجانب والاقامة على التراب الوطني، وأيضا مديرية الشؤون القنصلية والاجتماعية بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون كمتدخل في تسوية وضع اللاجئين بتنسيق مع المؤسسات الدولية من خلال مكتب اللاجئين وعديمي الجنسية. أما وضع المغاربة المقيمين بالخارج فلا يمكن أن يتحرك إلا من خلال تفعيل «اللجنة الوزارية لشؤون المغاربة المقيمين بالخارج» التي انبثقت عن «إحياء» لجنة وزارية لشؤون المغاربة المقيمين في الخارج كانت قد توقفت صيغتها الأولى سنوات بعد إحداثها من قبل الاستاذ عبد الرحمان اليوسفي، تعمل على دراسة وتتبع تنفيذ التدابير المتعلقة بمختلف القطاعات التي من شأنها النهوض بأوضاع المغاربة المقيمين في الخارج، وذلك بتنسيق مع مختلف القطاعات العمومية والخاصة المعنية بالموضوع. وتقوم «اللجنة الوزارية لشؤون المغاربة المقيمين بالخارج»، التي يجب أن تكون من أولويات الحكومة الحالية، على الخصوص بالتنسيق بين مختلف المصالح الحكومية والمؤسسات العمومية والقطاع الخاص في المجالات ذات الصلة بالنهوض بأوضاع المغاربة المقيمين في الخارج، والسهر على تحقيق الالتقائية بين السياسات العامة التي تضعها وتنفذها القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية في المجالات المتعلقة بشؤون المغاربة المقيمين في الخارج. إن الاختصاصات الجديدة التي أنيطت بالوزير المنتدب المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، أنيس بيرو والوضع الحالي الذي يحتم عليه التنسيق بين مختلف المصالح الحكومية والمؤسسات العمومية والقطاع الخاص من أجل فعالية أكبر، يفرض إعادة النظر في مشروع الهيكل التنظيمي للوزير السابق وأيضا رسم حدود الاختصاصات بين كل المتدخلين من أجل سياسة ناجعة تضع المكون الانساني في صلب الرقي بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية للمهاجرين الوافدين إلينا والمغاربة المغادرين لآفاق أخرى.