الملك محمد السادس: الأعمال الانتقامية في غزة تتعارض مع القانون الدولي    موظفو الجماعات الترابية ينسحبون من الحوار مع وزارة الداخلية    ميارة يشيد بالشراكة المغربية البرتغالية    الأمن الإقليمي بسلا يحتفي بالذكرى ال68 لتأسيس المديرية العامة للأمن الوطني    سعر الذهب يتراجع بعد مكاسب الدولار    "إعلان البحرين" يشيد بأدوار المغرب في لجنة القدس وأزمة ليبيا والتصدي للإرهاب    القمة العربية تدعو إلى نشر قوات دولية في الأراضي الفلسطينية المحتلة لحين تنفيذ حل الدولتين    أمن وجدة يوقف 66 ألف شخص في سنة    اختناقات في صفوف عشرات التلاميذ بالبيضاء .. والسلطات تشكل لجنة للتقصي    ميناء طنجة.. تراجع كمية مفرغات الصيد البحري بنسبة 30% حتى متم أبريل    الملك: التهجير القسري للفلسطينيين أمر مرفوض وقطاع غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية الموحدة    محمود عباس يتهم حماس ب"توفير ذرائع" لإسرائيل لتهاجم قطاع غزّة    مقترح "إلغاء الفار" ينتظر تصويت الأندية الانجليزية    تقرير: إحداث أزيد من 42 ألف مقاولة ذات شخصية معنوية نشطة بجهة الشمال    برئاسة المغرب .. مجلس حقوق الإنسان الأممي يرفض الإعادة القسرية للمهاجرين    بسبب عدم الامتثال.. شرطي مرور يشهر سلاحه والسلطات تحقق    حادثة غريبة.. استخراج جثة شابة بعد أكثر من سنة على وفاتها    المغاربة أكثر العمال الأجانب مساهمة في نظام الضمان الاجتماعي بإسبانيا    طقس الجمعة.. أمطار ضعيفة و متفرقة وتشكّل سحب بالشمال وحرارة بالجنوب    المغرب يثير من جديد موضوع استقلال الشعب القبايلي في الامم المتحدة    القمة العربية: الملك محمد السادس يعتبر محاولة إسرائيل فرض واقع جديد في غزة "أمرا مرفوضا"    على هامش تكريمه.. البكوري: مهرجان الريف يسعى لتقريب الإبداعات الناطقة بالأمازيغية إلى الجمهور التطواني    عائلات "مغاربة ميانمار" تحتج بالرباط .. وناجية تكشف تفاصيل "رحلة الجحيم"    هذه حجم الأموال التي يكتنزها المغاربة في الأبناك.. ارتفعت بنسبة 4.4%    وفاة الفنان أحمد بيرو أحد رواد الطرب الغرناطي    "حماة المال العام" يستنكرون التضييق على نشاطهم الفاضح للفساد ويطالبون بمحاسبة المفسدين    أخنوش يتباحث مع رئيس الحكومة اللبنانية    هذه العوامل ترفع خطر الإصابة بهشاشة العظام    إطلاق مجموعة قمصان جديدة لشركة "أديداس" العالمية تحمل اللمسة المغربية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    تصفيات مونديال 2026: الحكم المغربي سمير الكزاز يقود مباراة السنغال وموريتانيا    بعثة نهضة بركان تطير إلى مصر لمواجهة الزمالك    كأس العرش.. مولودية وجدة يضرب موعدًا لمواجهة الرجاء في النصف النهائي    السعودية تطلق هوية رقمية للقادمين بتأشيرة الحج    إيقاف مسؤول بفريق نسوي لكرة القدم ثلاث سنوات بسبب ابتزازه لاعباته    يوفنتوس يتوّج بلقب كأس إيطاليا للمرّة 15 في تاريخه    مانشستر سيتي يهدد مشاركة جيرونا التاريخية في دوري الأبطال    ظاهرة "أسامة المسلم": الجذور والخلفيات...    الاستعادة الخلدونية    المغربي محمد وسيل ينجح في تسلق أصعب جبل تقنيا في سلوفينيا    العسري يدخل على خط حملة "تزوجني بدون صداق"    وزارة "الحج والعمرة السعودية" توفر 15 دليلًا توعويًا ب16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    "أديداس" تطلق قمصانا جديدة بلمسة مغربية    كلاب ضالة تفترس حيوانات وتهدد سلامة السكان بتطوان    من أجل خارطة طريق لهندسة الثقافة بالمغرب    أشجار عتيقة تكشف السر الذي جعل العام الماضي هو الأشد حرارة منذ 2000 عام    مدريد في ورطة بسبب الإمارات والجزائر    أكاديمية المملكة تُسائل معايير تصنيف الأدباء الأفارقة وتُكرم المؤرخ "هامباتي با"    محكي الطفولة يغري روائيين مغاربة    زيلنسكي يلغي زياراته الخارجية وبوتين يؤكد أن التقدم الروسي يسير كما هو مخطط له    "تسريب أسرار".. تفاصيل إقالة وزير الدفاع الروسي    المشروع العملاق بالصحراء المغربية يرى النور قريبا    زعيم المعارضة في إسرائيل: عودة الرهائن أهم من شن عملية في رفح    ما حاجة البشرية للقرآن في عصر التحولات؟    "الصحة العالمية": أمراض القلب والأوعية الدموية تقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    جمعية علمية تحذر من العواقب الصحية الوخيمة لقلة النوم    دراسة: الحر يؤدي إلى 150 ألف وفاة سنويا على مستوى العالم    السعودية: لاحج بلا تصريح وستطبق الأنظمة بحزم في حق المخالفين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أشخاص من ذوي النفوذ نهبوا المخطوطات النادرة من الخزانة الوطنية

{ أستاذ إدريس خروز، بعد عقد من الزمن من تحمل المسؤولية على رأس المكتبة الوطنية للملكة المغربية، ما هي المياه التي جرت تحت النهر؟ كيف كان حال المكتبة؟ وما هو وضعها اليوم؟
أولا العمل الذي أعتز به هو أن المكتبة الوطنية التي كانت خزانة عامة، كانت مؤسسة مهملة، بدون ميزانية، بدون تكوين وبدون مشروع وبدون مقر. لقد كانت خزانة عامة موروثة عن الحماية، وأدَّت دورها إلى نهاية الخمسينيات. ومباشرة بعد الاستقلال بدأت الخزانة تنهار على مستوى التمويل والميزيانية، وعلى مستوى الإمكانات البشرية.
مع الحماية، بعد الجنرال الفرنسي «ليوطي»، أُعطيت للخزانة مكانة هامة في معرفة المغرب أنتثروبولوجيا، ثقافة ودينا. وهي المهمة التي كانت تقوم بها كلية الآداب ومهد الدراسات الإسلامية العليا. كل هذا تُرجم في الخزانة العامة كمؤسسة مكلفة، من طرف الفرنسيين، بخلق ذكاء ثقافي ومعرفي في خدمة المغرب.
الدليل على هذا الأسماء التي كانت مسؤولة في الخزانة العامة مثل: ليفي بروفنسال، ونحن نعرف أن أسماء مثل روبير مونتاني وجاك بريرك... باحثون كانوا يشتغلون في المخابرات الفرنسية. هؤلاء كانوا يشتغلون في الإطار الذي خلقته الخزانة العامة والأرشيف، مثل دوكاستري الذي كان ليوتنا في المخابرات الفرنسية. لكن ما بقي للتاريخ هو أنه من أحسن المؤلفين في البحث تاريخ المغرب. لا يمكن للمرء أن يشتغل على تاريخ المغرب دون الرجوع إلى هذه الأعمال، لقد بدأ «دو كاستري»مساره في الجيش الفرنسي ثم انتهى باحثا في تاريخ المغرب.
{ ماذا أصبح دور مؤسسة الخزانة العامة بعد استقلال المغرب؟
مباشرة بعد الاستقلال بدأت الخزانة العامة تعرف مشاكل كثيرة، لأنها كانت مهملة، المخطوطات نهبت والمجموعات سُرقت وأُهديت.
{ من سرق المخطوطات؟
السرقة كانت تتم على المستوى الرسمي. ناس في مستوى عال كانوا يأخذون المخطوطات وينهبونها ويقدمونها هدايا.
{ مخطوطات مثل ماذا؟
مثل مخطوطات الملحون التي نعرف من أخذها ولكننا لا نعرف إلى أين ذهبت أو لمن أُهديت. إلى أن جاء سي أحمد التوفيق وحاول العمل في مجال المخطوطات. ورغم قلة الإمكانات عمل مجهودات جبارة على مستوى المخطوطات إلى حدود وصول حكومة التناوب التي أخذت على عاتقها العمل على إخراج المكتبة الوطنية إلى الوجود.
{ ماذا عن جمعية أصدقاء المكتبة الوطنية؟
نعم، جمعية أصدقاء المكتبة الوطنية التي تضم سي أحمد التوفيق، وأعضاؤها اشتغلوا إلى جانب محمد الأشعري الذي كان وزيرا للثقافة آنذاك. وذلك لقي استجابة من طر ف الحسن الثاني. تم اتخاذ القرار في سنة 1999 وأعطي لها اسم «المكتبة الوطنية للمكتبة المغربية». صدر الظهير المؤسس وتم تعييني في سبتمير 2003.
{ ما هي المستويات التي انطلق منها المشروع؟
انطلق المشروع على أربعة مستويات:
1 - على المستوى المؤسساتي المكتبة الوطنية مؤسسة عمومية تحظى بالاستقلال المادي والقانوني، تابعة لوزارة الثقافة على مستوى المجلس الإداري، لكنها مستقلة، بمعنى أن ميزانيتها تُناقش مع وزارة المالية، ومعناه أيضا أن المدير مسؤول ويحاسب. أي أنها مؤسسة قائمة الذات. أما مهامها فهي في جمع وحفظ والتعريف بالتراث المغربي المكتوب وغير المكتوب بصفة عامة خدمة للقراء، وهذا مستوى جد مهم.
المستوى الثاني هو أن المغرب نجح في بناء مقر جديد انطلق في بداية 2004، وكان حظ المكتبة الوطنية أن المدير المعين أشرف على بناء المؤسسة الجديدة. لقد ساهمتُ في تهيئ المشروع على المستوى النظري، الذي على أساسه وضعنا تصورا للبناية كي تكون بناية ذات قيمة تليق بمكانة المغرب وبتاريخه. فكان من أولى مهامي وضع تصور للبناية، بمعنى جعل المكتبة الوطنية تنخرط في مغرب ما بعد 1999، مابعد اعتلاء محمد السادس العرش.
ثالثا، يمكن الحديث على مستوى الطموح والأمل الذي كان عندنا بعد حكومة التناوب في بداية 2003. وهذا ما جعل البناية من الطراز العالمي.
المستوى الرابع هو مستوى التجاوب مع حركية القراء والباحثين، ومستوى انفتاح المكتبة كبناية على مدينة الرباط، على حدائقها وبهوها. فهي بناية مفتوحة لا يحيط بها سور، بل الحدائق، والزجاج يعطي الشفافية والهدوء والهيبة مما يفرض على القارئ والباحث احترام المؤسسة.
{ يمكن الحديث هنا عن دور المهندسين وكفاءتهم؟
نعم، التصور كان بناء على تجاوب المهندسين والمكتبيين والباحثين والمثقفين. فالجمعية تضم باحثين وفنانين ورسامين. كما قمنا بزيارات للمكتبات العالمية لأخذ أحسن نموذج وتكييفه مع واقع الرباط.
{ ذلك معناه أنكم صرفتم ميزانية كبيرة.
صحيح، لقد صرفنا ميزانية كبيرة. خاصة أن هذه البناية جاءت غير بعيدة عن البناية التاريخية الأم التي بنيت سنة 1926، وهي بناية عتيقة ومهمة تقع بين كلية الآداب، وهي اليوم ملحقة بالمكتبة الوطنية.
هناك أيضا مستوى مهم، فمباشرة بعد تعييني، وأنا في الأصل أستاذ باحث متخصص في الاقتصاد، وكممارس للسياسة وكباحث في العلاقات الأرومتوسطية، سبق أن شاركت في العديد من المجالات، هذه العلاقات والخبرات وظفتها لصالح المكتبة. وأعتبر أن علاقاتي يجب أن تكون في خدمة المكتبة.
{ تقصد العلاقات التي تربطك بشخصيات ومؤسسات دولية؟
بالضبط، فهذه العلاقات ساعدتني على عقد اتفاقيات التعاون مع جامعات في فرنسا وألمانيا وإسبانيا وبلجيكا وهولندا وانجلترا. مما جعلنا مباشرة، منذ 2005 نبدأ في تطبيق الاتفاقيات وتكوين الموارد البشرية. فسنة بعد تعييني بدأنا في تكوين الموارد البشرية. لأن من قبل كان موظفو الخزانة العامة، للأسف، لا يأتي إليها من تربطهم علاقة بأشخاص لهم نفوذ أو غير مرغوب فيهم، أي أن المكتبة كانت مجالا للتهميش. لقد وجدت عقلية عند الموظفين جعلتهم يشعرون بعدم الاهتمام بالعمل. فتكوين الموارد البشرية كان يقتضي إعطاء الاعتبار لهؤلاء الذين انخرطوا في مجال الكتاب. والنتيجة ظاهرة اليوم.
{ في ماذا ساعدهم التكوين؟
التكوين ألزمهم الانخراتط في المشروع لاكتساب قناعة مقاولة الثقافة، بمعنى أن المكتبة تحاسب على مستوى المردودية، وهذا يقتضي أن يكون للمدير مشروع يترجمه إلى برامج وعمليات، حتى ينخرط كل موظف في جزء من هذا المشروع حتى تكون المشاريع متكاملة خدمة للمشروع الشمولي للمكتبة الوطنية.
ساهم أيضا هذا التكوين على مستوى العطاء والمحاسبة، أن الموظف أصبح يعتبر المكتبة منتمية إليه، وليست للمدير أو للوزارة. وهناك أيضا التكوين على مستوى المجال المكتبي. آنذاك كنا بعيدين حتى عن تونس أو الجزائر. لكن التكوين على مستوى الفهرسة والمنظومة المعلوماتية، وعلى مستوى الرقمنة، ومعالجة المجموعات، تطلّب منا عددا من السنين المتلاحقة. وقد كان التمويل كان على مستوى عالمي.
{ كيف كان عملكم على مستوى مجموعات الكتب، خصوصا وأنها كانت مهملة كما أشرتم.
كانت المجموعات مهملة، وغير معروفة، وأطنان الجرائد توضع على الكتب في مختلف المعارف، باستثناء المخطوطات التي عمل عليها الأستاذ التوفيق. فأعطينا أهمية للعمل في مجال تنظيف المخازن وإعادة بناء الرفوف واقتناء رفوف جديدة، مع أن الميزانية ضعيفة. وقد استعملت علاقاتي وشرعت في البحث عن الدعم. فالمخازن التاريخية كانت في وضع يرثى له. فكان من الضروري التنظيم على مستوى التسلسل التاريخي للمجموعات. هذا تطلب منا عملا جبارا.
{ إذن العمل الأولي كان هو إنقاذ ما هو موجود.
نعم، لقد بدأنا العمل في 2004 من أجل حماية الشيء الموجود. كانت الكتب تُسرق، وهناك من يرشي الموظف ليخرج له الكتاب، والأناس الذين لهم نفوذ هم من قاموا بذلك.
{ هل هناك حادثة معينة يمكن ذكرها في سياق ذوي النفوذ؟
حين بدأت أحارب عملية نهب المكتبة من طرف ذوي النفوذ، جاء أحد النافذين ليحتج ويطلب الولوج إلى المخازن. لكننا أقنعناه بضرورة إنهاء التسيب حماية لثروتنا الثقافية والحضارية، فاقتنع وأصبح يلج المكتبة كالآخرين. هكذا انتهى التسيب. في 2006، بدأنا عملية نقل وترحيل المجموعات من الملحقة إلى المقر الجديد. وهذا أيضا تطلب الأخذ بعين الاعتبار القاعات.
{ ما هي مفاهيمكم الكبرى في مجال تنظيم مكتبة من حجم عالمي؟
هناك أربعة مصطلحات، أما الأول فهو الولوج المباشر للقاعات قصد البحث بشكل منظم. ثم مصطلح البرج: الذي يضم 12 طبقة، مجهزة ومكيفة بجميع الوسائل لحماية النوادر والإيداع القانوني. في مجال النوادر نملك نسخا قليلة ونعمل على إعادة نشرها من طرفنا أو نعمل على رقنها أو يرممها. المصطلح الثالث هو المخازن التي توجد تحت القاعات. هناك مخازن فيها كتب لم تعد تنشر وهي خاصة بالباحثين. المصطلح الرابع هو القاعات المتخصصة في السمعي البصري، في مجال المكتبة الرقمية المغربية، هناك خرائط وصور، والسمعي البصري يدفع إلى تعلُّم اللغات و الانكباب على الوثائق. هذا ما جعلنا إلى حدود 2008 نشتغل في كل هذا. وطبعا كي تنسجم هذه المستويات الأربعة لابد من مصاحبة. وأقصد الحكامة والتسيير، كما لابد من تطبيق الوسائل الحديثة للتسيير، وخاصة على مستوى اقتناء نظام معلوماتي جديد ومتطرو وهو باهظ الثمن، وقد اقتنيناه في 2007، وهيأنا له الظروف قبل ذلك.
{ الفهرسة، أي فهرست الكتب والمجلات هي أيضا عملية كبرى.
بعد سنة، أي في أواخر 2009، انخرطنا في فهرسة الكتب والمجلات طبقا للنمط الجديد للنظام المعلوماتي. واليوم وصلنا إلى مستوى نقارن أنفسنا فيه مع المكتبات العالمية. والفهرس معروف ويقرأ عن بعد، ومتواجد في المجال العلني، ولكن جميع الكتب لم تفهرس لحد الآن نظرا لقلة الموارد البشرية. لكننا منخرطون فيه. هذا ما جعلنا اليوم أصبحنا مكتبة حديثة على المستوى التقني، حديثة كذلك على مستوى اقتناء مجموعة الكتب والمجلات الحديثة وكذلك على مستوى المشاركة في الروابط الالكترونية. لأن المكتبة عانت مابين 1965 إلى 2007، لم تكن هناك ميزانية للاقتناءات، الرصيد الوحيد كان يدخل من الإيداع القانوني. وبما أن المغرب لا ينشر كثيرا من العناوين فقد قمنا بمجهود كبير للاقتناء، وبدأنا نقتني كتب المعرفة العامة، وليس الكتب الموجهة للطلبة أو التلاميذ. وما زلنا نقتني وقد وصلنا مستوى عال: مابين 3 مليون إلى 8 مليون درهم، وهذا غير كاف ولكنه جد مهم مقارنة بالسابق. نحن نقتني طبقا للميثاق التوثيقي: التوازن بين اللغات والمواد، تعطى الأسبقية للتراث المغربي، وما كتب للمغرب وعن المغرب، ولكننا كذلك نعتبر أن دورنا هو توفير اللقاء بين ما هو مغربي وبين ما هو مهم على مستوى الكوني، فليس للثقافة حدود.
س: الذي يزور المكتبة يلاحظ أن هناك مواكبة من طرفكم للوسائل الحديثة.
{ كان لابد من هذه المصاحبة وهي مواكبة التحولات في التقنيات الحديثة. أي العلاقة بين التراث والثقافة والمعرفة وبين الاقتصاد الرقمي العالمي والثقافة الرقمية العالمية. منذ 2010 انخرطنا في مجال الاقتصاد الرقمي والثقافة الرقمية، لماذا؟ لأن ذلك يُعرّف العالم والمغاربة بالتراث المغربي بطريقة أسهل وبتكلفة أبسط. ثانيا ما هو مرقمن يساعدك على الاحتفاظ بالأصل
لقد خطونا مراحل مهمة، بعد تكوين الموارد وبعد تهيئ مختبر، إذ قمنا أولا برقمنة المخطوطات النادرة والمتلاشية عبر القرون، والتي لا يمكن أن تُقرا بطريقة مبارشة، فتم ترميمها والاحتفاظ بها في البرج. إلى حدود اليوم قمنا برقمننة مليوني صفحة. وفي أخر 2015 سنرقمن أكثر من أربع ملايين ونصف صفحة، أي 35 ألف عنوانا ستكون كلها مرقمنة. بمعنى أنها عندما تكون مرقمنة ستُقرأ في الحاسوب من طرف القارئ عبر ولوجه إلى بوابة المكتبة، وهذا أمر جد مهم.
{ ماذا عن رقمنة المجلات ؟
رقمنا عددا مهما من المجلات النادرة، ما يقرب خمسين مجلة. مثلا أنفاس، لاماليف، هسبريس...و 42 مجلة تارخية مهمة مرقمنة، بعد شراء حقوق التأليف أو الحقوق الحرة، هذا أمر مهم بالنسبة للمغرب. لقد كان حلما.
كذلك بدأنا في رقمنة بعض الكتب النادرة كي تتواجد المكتبة على مستوى الشبكات العالمية: غوغل، اليونسكو والشبكات الأخرى. وسنبدأ في رقمنة الجرائد التاريخية. للمكتبة الوطنية رصيد من الجرائد يبدأ من القرن 19، إضافة إلى الجرائد المعروفة. هذا كله مرتب وموجود في علب حسب المعايير الحديثة في الترتيب. لكنه غير مرقمن بسبب التكلفة الهائلة، إضافة إلى أنه في المغرب لا وجود لمن يقوم بعملية الرقمنة، إذن، لا بد من رقمنتها داخليا. كما أننا نساعد العديد من المكتبات على رقمنة رصيدها.
منذ 2008 انخرطنا في الشبكة الفرانكفونية للرقمنة، وهي تجمع عددا من المكتبات العالمية، وكنت قد دخلت إلى مكتب الشبكة منذ سنتين وتم انتخابي كاتبا عاما للشبكة في الجمع العام الذي تم في سويسرا. وهذا اعتراف عالمي بكون المكتبة المغربية دخلت إلى العالم، بسبب رصيدنا ومجهودنا.
{ بالإضافة إلى أن ذلك يدفع المكتبة إلى استغلال مشروعها الكبير.
نعم، هذا يدفع المكتبة إلى أن تستغل مشروعها في ثلاثة اتجاهات:
الاتجاه الأول هو خدمة القراء، المكتبة الوطنية توفر ظروفا جد حسنة للقراء وتوفر مجموعات مهمة بواسطة تكنولوجيا حديثة. لكننا أصبحنا نعاني من قلة المقاعد، في غياب أدوار مهمة للمكتبات الجامعية. فالمكتبة الوطنية هي آخر لجوء. وهذا دليل على أن المغاربة يقرؤون، لذلك جعلنا من المكتبة فضاء مفتوحا، وهناك قانون داخلي على الجميع احترامه. وهذه التجربة يجب أن تدفعنا إلى خلق فضاءات جديدة، هذه هي روح الديمقراطية. فمن حق الجميع أن تكون بقربه مكتبة.
الاتجاه الثاني هو أنني كأستاذ جامعي يمارس السياسة أعتبر أن المكتبة مدخل إلى المواطنة، بما يعني احترام الثقافة والتراث الوطني. لذلك هيأنا مشروعا ثقافيا للمغرب. فالقضايا الكبرى تناقش في المكتبة الوطنية. هذا نقوم به وقد قمنا بأكثر من 250 نشاطا سنويا. كما استقبلانا شخصيات: صاحب الجلالة، خوان كارلوس، هولاند،...وهذا بفضل مشاريعها التي فتحت الثقافة على الشارع المغربي بالمعنى الإيجابي.كما أنني أعتبر أن من مهام المكتبة تربية الشاب المغربي على مناقشة الأفكار واحترام الرأي. وأنا أعتز بنجاحي في هذه التجربة رفقة زملائي. كل شيء يناقش، وأنا أسهر على هذا الأمر وسنستمر فيه، و90 بالمائة من أنشطتنا تتم عبر الشراكات، شريطة الجدية والجدة والمسؤولية. العديد من الجمعيات مارست هنا النقاش في جل الحقول السياسية والدستورية والدينية. وأنا أدعو الجامعات إلى الانخراط فيه.
{ ماذا عن الشراكات الدولية؟
على مستوى العلاقات الدولية الشراكات موجودة بطريقة إيجابية. كما أن تواجد على المستوى العالمي. المكتب الشريف ، اتصالات المغرب، لاماندا...الرقمنة مثلا تمت بمساعدة المكتب الشريف للفوسفاط، كما أننا نساعد الشركاء أيضا، فمنذ سنة انخرطنا في تكوين المكتبيين وتقنيي المكتبات، كما هيكلنا أحسن في هذا المجال. كما انخرطنا في تنسيق الشبكات من خلال تكوين الخبراء، ولنا برنامج وطلبات كثيرة، ففي الكوت دي فوار كونا الإفواريين والمكتبة الايفوارية اليوم تشتغل بالنظام المغربي.
كما انخرطنا مع مكتبة آل سعود في مشروع إنجاز الفهرس المغربي الموحد. فكل باحث يمكنه وهو في بيته الولوج إلى العمل في جميع الفهارس والباحث يجدها في أي مكان. وفي أكتوبر المقبل سيكون الفهرس المغربي الموحد جاهزا. وقد اتفقنا على مسطرة هي مسطرة الفهرس المغربي الموحد.
اليوم المكتبة أوفت جميع شروطها.
{ الأستاذ إدريس خروز، في نهاية الحوار ما هي توصياتك؟ أحلامك؟
أجمل توصياتي وأحلامي في أربع نقط:
1 المكتبة الوطنية نجحت وبينت العديد من النواقص الموجودة في المغرب، يجب أن تكون مكتبات حديثة في المغرب
2 الشاب المغربي يقرأ لا بد من إعطاء أهمية كبيرة للنشر والقراءة.
3 بناء المكتبات على جميع المستويات الجهوية والبلدية لا اختيار فيه. الإصلاح يبدأ من الثقافة والفكر والمعرفة. لابد من بناء المكتبات داخل المدارس والجامعات، تحت مسؤولية أشخاص لهم تكوين في هذا المجال.
4 المغرب لم يع بعد مسألة الرقمنة والقراءة عن بعد.
وأخيرا أعتبر أن المكتبات مجال لتدعيم الثقافة والثقافة ذكاء، وبدونهما لا وجود لسياسة، بدون ثقافة أو ذكاء لا يمكن إدماج المغاربة في العمل السياسي. والمواطنة سلوك يومي وقيّم، في المجال الديني والمؤسساتي، كما في معرفة المغرب ومعرفة العالم. لهذا المكتبة الوطنية مشروع رائد ووحده لا يكفي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.