اليمين المتطرف يحقق مكاسب "غير متوقعة" في انتخابات البرلمان الأوروبي    الحج ب "التهريب": "اضطررنا إلى التحايل لأداء الفريضة"    الركراكي يتقدم بطلب خاص للصحافة قبل مواجهة الكونغو    توقعات أحوال الطقس لنهار اليوم الثلاثاء    مديرية الحموشي توضح بشأن فيديو "ابتزاز شرطي لمبحوث عنه"    استطلاع: ثقة المغاربة في مؤسستهم الأمنية تصل الى 80 في المائة    اجتماع يُنهي أزمة فريق المغرب التطواني    من طنجة.. أطباء وخبراء يدقون ناقوس الخطر حول أوضاع مرضى السكري بالمغرب    مجلس الأمن يدعو إلى وقف فوري تام وكامل لإطلاق النار في غزة    منظمة الأمم المتحدة للطفولة تشيد بتكامل جهود السلطتين القضائية والتنفيذية لحماية الطفولة بالمغرب    المغرب يستعرض بواشنطن تجربته في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية    سيدة أعمال تعلن ترشحها لانتخابات الرئاسة الجزائرية    ارتفاع نسبة الاعتقال الاحتياطي للأحداث    "الأسود" يختتمون التحضير للقاء الكونغو    جثة إطار بنكي تستنفر السلطات بطنحة والامن يتحرى أسباب الوفاة    جمهورية إفريقيا الوسطى تعرب عن تشبثها بالوحدة الترابية للمملكة المغربية وتعتبر    كأس العرش (نصف النهائي) .. تأجيل مباراة الرجاء الرياضي أمام مولودية وجدة إلى 25 يونيو الجاري    وليد الركراكي : "هدفنا هو البقاء على رأس مجموعتنا والاقتراب من التأهل"    اللجنة المؤقتة تُراضي أبرون وتنجح في مهمة معقدة    أطعمة تخفض خطر الإصابة بقصور القلب    مجلس الأمن يتبنى قرارا أمريكيا بوقف إطلاق النار بغزة وحماس ترحب    الصغيري يكتب: مأزق الديمقراطية الداخلية للأحزاب المغربية    رقم قياسي لزوار معرض الاقتصاد التضامني والاجتماعي بتطوان    هل تخدم الجزائر مخططات التقسيم الاستعمارية؟    الأغلبية تحمل الحكومات السابقة مسؤولية أزمة التشغيل وتربط حل البطالة بتحفيز الاستثمار    أخنوش: نمتلك الشجاعة لمواجهة معضلة التشغيل ولن يمنعنا أحد من التواصل مع المغاربة    المعارضة تشتكي "التضييق" عليها وتنتقد الاعتماد على برامج "ظرفية وهشة" للتشغيل    السجن المحلي عين السبع 1 : 129 مترشحة ومترشحا من النزلاء يجتازون امتحانات البكالوريا    رسميا.. ريال مدريد يعلن المشاركة في كأس العالم للأندية    بعد إغلاق باب الترشيحات.. 3 أسماء تتنافس على رئاسة نادي الوداد الرياضي    الأمثال العامية بتطوان... (621)    الحكومة تدرس حل العصبة الوطنية لمحاربة أمراض القلب    عناد نتنياهو.. هل هو ضعف أم استبعاد لنهاية المشوار السياسي؟    الحصيلة العددية لانتخابات البرلمان الأوروبي تضع القارة وسط "زلزال سياسي"    الأحمر يُغلق تداولات بورصة الدار البيضاء    بوانو: أخنوش قام بتخفيض رسوم الاستيراد لشركات أقربائه ورفع من نسبة تضريب المقاولات الصغرى    أطباء يستعرضون معطيات مقلقة حول مرضى السكري بطنجة    الناظور.. لقاء تشاوري حول مستقبل الأمازيغية بالمغرب    «شهادة أداء مناسك الحج» ثانية للحجاج المغاربة، وحواجز ومداهمات وعقوبات على المخالفين    وزير الخارجية اللبناني يشدد على موقف بلاده الدائم الداعم لسيادة المملكة ووحدة ترابها    مجلس الحكومة يدرس إعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي    الوفد الرسمي المغربي للحج يحط بجدة    لارام تستعد لاقتناء 200 طائرة جديدة    الصندوق المغربي للتقاعد يعلن صرف معاشات المتقاعدين قبل عيد الأضحى    طيب حمضي ل"رسالة24″: احتمال إنتشار فيروس انفلونزا الطيور ضعيف جدا    الدورة ال 12 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة.. الفيلم الكونغولي «متى يحل عهد أفريقيا» لدافيد بيير فيلا يتوج بالجائزة الكبرى    العشرات يشاركون في كاستينغ المهرجان الوطني للمسرح والكوميديا ببنسليمان    يوسف القيدي مبادرة فردية شديدة التميز في مجال الفن التشكيلي    "الحياة حلوة" عن معاناة فلسطيني من غزة في الغربة…فيلم مشاركة في مهرجان "فيدادوك"    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    استعمالات فلسفية معاصرة بين الهواية والاحتراف    «نقدية» الخطاب النقدي الأدبي    رابع أجزاء "باد بويز" يتصدر الإيرادات السينمائية الأميركية    أسعار النفط ترتفع بدعم من آمال زيادة الطلب على الوقود خلال الصيف    جسور التدين في المهجر.. لقاء مع الدكتور عبد النبي صبري أستاذ جامعي في العلاقات الدولية والجيوسياسية    أعراض داء السكري ترفع خطر الإصابة بالكسور العظمية    أزيد من 300 حاج مغربي استفادوا من مبادرة "طريق مكة" إلى غاية 9 يونيو الجاري    بنحمزة يوضح موقف الشرع من الاشتراك في أضحية واحدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد السلام أزدم تبادل المعنى بين النحت والتشكيل
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 27 - 06 - 2014

«يظهر لي أن الصورة الثابتة في السينما قد يكون لها عمق
شبيه بالمنمنمة، وعلى جمالية تشكيلية، وديناميكية داخلية...»
(المخرج الروسي بارادجانو? «Paradjanov»).
-1-
يشتغل الفنان المغربي عبد السلام أزدم بشكل فني مزدوج، فهو نحات وتشكيلي دون مفاضلة، إلا أن اللافت في تجربته ذلك التداخaل بين الفنين: تحسه ينحت داخل اللوحة، ويرسم (أو يُشَكِّل) منحوتاته.. يمسك الإزميل عوض الريشة.. يبحث عن ظل المنحوتة وضوئها عبر سَبْر تجاويفها الغائرة كي تصير نيرة وبارزة، ويحفر في بواطنها كي يخرجها من عَالَمِ السكون إلى الحركة، ومن الصمت إلى الضجيج، وكأنه ينفخ في أجساد بعضها الطاقة التي تلزم للكلام...
نطرح هذه المسألة للإحالة على تلك العلاقة الخاصة للنحت بالصوت رغم أن صورة المنحوتة تؤجج المشاعر، وتتوغل عبر علاقات مرئية ولامرئية بين المادة وتجلياتها، فغالبا ما ينشغل المُشَاهِد بالجانب الإيكونوغرافي ولا يهتم بما يمكن أن يصدر عن العمل الفني بعد عرضه في فضاء خاص؛ إذ تتبدى مجموعة من العلاقات المتولدة عن ذلك الوضع: تنتج كل منحوتة أصواتها الخاصة أو وموسيقاها الذاتية التي تنبثق من تخيلاتنا لحركاتها وسكناتها سيما وأن منحوتات عبد السلام أزدم تقترب حركاتها من الإيماء الذي يتحول داخل اللوحة إلى تعبيرات تكاد تكون ناطقة رغم أنه ظل ينوع الوضعيات على نفس المنحوتة، ففي كل مرة يختطف حالة، وما لم يصل إليه نحتا يُتْمِمُه رسما...
-2-
تحمل الفنون البصرية الثابتة (تشكيل، نحت، فوتوغرافيا، إرساء...) حركتها في ذاتها، وتتجلى من خلال طرق الاشتغال، وترويض المواد، والقدرة على خلق الانسجام بين مكونات العمل الفني.. نعثر في منحوتات عبد السلام أزدم على حركة موحية تتعلق بالرأس لأنه يفضل الاشتغال على الجزء الأعلى من الجسد الذي يتضمن الرأس والكتفين والصدر، وفي ذلك أكثر من دلالة، فبقية البدن لا تهمه لأن ما يشتغل عليه يختصر الإنسان: بنحت الصدر الذكوري، والأنثوي، وصدرا آخر للإنسان، ولكل صدر أسراره أو خباياه ما دام الصدر مرتبطا لدى المؤمنين بذلك البعد الروحاني والميتافيزيقي المشحون بالمجهول...
إن التركيز على هذا الشكل، رسما ونحتا، يجعلنا ندرك بعده الإشكالي والمفهومي في آن، فقد يخدعنا تكراره إن جردناه من انكفاءاته وانعكافاته.. ميلانه وثباته.. امتلائه وضموره.. صلابته ورهافته...
إن التكرار الشكلي مجرد لعبة فنية تسعى إلى تجاوز الظاهر للوصول إلى الباطن والانتباه إلى الجانب اللامرئي في المنحوتة التي يكون لشكلها تجليات أخرى حينما يتحول إلى قماش اللوحة التشكيلية، فيصبح الحارس الدائم لفضاء اللوحات أو فارسها الأبدي.. يراقب من إحدى الجوانب، أو يندحر نحو الأسفل، أو يتموقع في الوسط.. تحتفي الفنان به بشكل خاص فيعدد بورتريهاته، ونصبح أمام لوحة داخل اللوحة.. وتلك تقنية أخرى تدمج التشكيلي بالنحتي، وتوغل في البحث البصري بشكل مزدوج...
تشتغل تجربة الفنان التشكيلي عبد السلام أزدم بطريقة تحاول تكسير الحدود الفاصلة بين التشكيل والنحت مما يجعلها تجربة تُتَاخِمُ الحدود الرهيفة بين الفنين، وتطرح إشكالات إبستيمولوجية على الفنان والناقد معا: كيف يمكن التخلص من التقنية وتطويعها أثناء الانتقال من فن إلى آخر؟
-3-
تتحول اللوحة إلى ما يشبه الفضاء الذي يحتضن المنحوتة، ويكسر أبعادها الطبيعية، فتتكيف اللوحة شكلا مع كافة المعطيات الفنية التشكيلية التي يضيفها الفنان لها والمتمثلة، خصوصا، في الجوانب الأيقونية التي تتموضع بشكل جديد على حَيِّزٍ من القماش؛ إذ يتخذ الجزء الأعلى من الجسد الإنساني صورا متعددة تتميز بالميلان أو الانعكاف، وباختفاء الملامح أو التشويه حيث نعثر، مثلا، عين واحدة وسط الرأس تشبه شكل السِّيكْلُوب الأسطوري...
لا يهتم الفنان بشكل المنحوتة فقط، بل تليه عمليات صباغية مكثفة تُخْضِعُهُ لسلسة من اللمسات والوضعيات الدالة التي لا تُعْتَبَرُ مجرد تنويع هندسي على رقعة اللوحة، وإنما هي تعبير عن حالات وجودية تسعى في عمقها إلى القبض عن تبدلات الكائن، وتعقد مساراته داخل الحياة...
تختلف المقاربة التشكيلية عن نظيرتها النحتية إذا ما انتبهنا إلى التحولات التي تطرأ على الإطار العام لذلك الجزء الحيوي من جسد الإنسان في أعمال الفنان عبد السلام أزدم، فالظلال تصنع الثَّنَايا التي تُحَوِّلُ بدورها الظل إلى مؤثر بصري يخدع العين، ويعطي للأبعاد دلالات متعددة تنضاف إلى حمولة أحجامها...
-4-
عرف النحت انزياحا شكليا يختلف من حيث التعبيرية عن العصر السومري الذي كانت فيه المنحوتات مسطحة تقريبا، بينما صارت - عبر الزمن - ممتلئة، مفعمة بالحركة في العصر اليوناني وما بعده، فعضلات الكاتب عند «روادن» تتماشى ووضعيته التأملية.. أما منحوتات «جياكوميتي» فنحيفة وضامرة وكأن الحركة قد أزالت عنها امتلاءها...
إذا كانت الحركة عنصرا أساسيا في النحت المعاصر فإن الاشتغال المزدوج على حركة المنحوتة ونقلها إلى اللوحة التشكيلية، هو العنصر الذي يطبع العمل الفني لدى الفنان عبد السلام أزدم الذي يشتغل بنوع من التصنيع الفني على منحوتاته في حين تطبعها لمسة تتسم بالقطع والتخطيط والتصميم وغيرها من التقنيات المتعلقة بالرسم والصباغة...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.