المغرب يعبر عن تعازيه الصادقة للشعب الإيراني عقب حادث سقوط مروحية أودى بحياة الرئيس الإيراني    السيد لوديي يتباحث مع مساعدة وزير الدفاع الأمريكي لشؤون الأمن الدولي    رئيس البرلمان الفنلندي…المغرب شريك "مهم للغاية" بالنسبة للاتحاد الأوروبي    تنغير.. سعر بيع الخبز لم يعرف أي تغيير    وزيرة السياحة…الحكومة تشتغل على رهان تشجيع السياحة الداخلية طيلة السنة    أيام الأبواب المفتوحة للأمن الوطني.. استعراض التجربة المغربية في تدبير التظاهرات الكبرى    بايدن يصف طلب إصدار الجنائية الدولية أوامر اعتقال لقادة إسرائيليين بأنه شائن    ماكرون يبعث رئيس وزراء فرنسا في مهمة خاصة إلى المغرب    جريمة صادمة.. ذبح تلميذة أثناء توجهها إلى المدرسة    "الكاف" يدين "الانتهاكات الأمنية وتصرفات الجماهير" في نهائي الزمالك ونهضة بركان    وزير الفلاحة: الطلب على الأضاحي يقدر ب6 ملايين رأس والاستيراد هدفه الحفاظ على استقرار الأسعار    مطالب بالكشف عن نتائج التحقيق في اختناق 60 تلميذا بالبيضاء    اختتام فعاليات الدورة الثانية عشر من المهرجان الدولي لفروسية "ماطا"    تحقيق يتهم سلطات بريطانيا بالتستر عن فضيحة دم ملوث أودت بنحو 3000 شخص    أكادير.. الانطلاق الرسمي للدورة العشرين من تمرين "الأسد الإفريقي"    "الحصيلة الحكومية" تقسم نواب الاستقلال واتهامات لحجيرة ب"التنكر" لعباس الفاسي    في زيارة رسمية.. رئيس الوزراء الفرنسي يحل بالمغرب الشهر القادم    المغرب يعزي الشعب الإيراني في وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي    هذه خطة إسبانيا لانجاح احتفال الجالية المغربية بعيد الأضحى في بلدها    جامعات مغربية في وضعية "شبه جمود" بسبب عدم التوصل بميزانية التسيير    المغرب يعزي "الشعب الإيراني" إثر مصرع رئيسه في حادث مروحية    السلطات بتنغير تنفي الزيادة في سعر الخبز    مبادرة لإعادة تأهيل دور السينما التاريخية المقفلة في بيروت    وزارة الثقافة تضع شكاية لدى اليونسكو ضد سرقة الجزائر ل"القفطان الفاسي"    الحكومة تشرع في الرفع من سعر قنينات غاز البوتان    الدوري الماسي-لقاء مراكش: البقالي يحسم سباق 3 آلاف موانع    اختتام فعاليات الدورة ال29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط    حمضي يطلق مبادرة هدفها إخماد فتيل الأزمة بين الحكومة وطلبة الطب    جبهة التحرير الفلسطينية ترفض تماما نشر قوات عربية ودولية في قطاع غزة    ظريف يحمل أميركا "مسؤولية" وفاة رئيسي    الذهب يقفز إلى ذروة جديدة والفضة عند أعلى مستوى في 11 عاما    دعم متواصل للمغرب ووحدته الترابية في لجنة ال24    نهائي كأس الكونفدرالية.. اشتباكات وجدل في التحكيم والإخراج    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    المنتدى العالمي للماء ببالي.. افتتاح الجناح المغربي    صراع الصعود.. صدام مباشر بين "الكوديم" المتصدر والكوكب الوصيف    تسليم جائرة الحسن الثاني للماء لمنظمة "فاو"    نجم الزمالك يعترف بعدم حيادية مخرج مباراة نهضة بركان    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    "عدم جدية" الزلزولي تجر عليه سخط بيليغريني    المغرب يضع رقما هاتفيا رهن إشارة الجالية بالصين    مؤتمر دولي يقارب شمولية الترافع عن مغربية الصحراء    «ذهبنا إلى الصين .. وعدنا من المستقبل»    في لحظة استثنائية كرمت المفكر كمال عبد اللطيف: صراع التأويلات ضرورة, ومغادرة الأزمنة القديمة بوابة الحداثة    مع قرب الامتحانات.. ما السبب وراء ارتفاع الطلب على "الساعات الإضافية"؟    كاس الكنفدرالية الافريقية لكرة القدم: الزمالك المصري يتوج باللقب    إعلان وفاة الرئيس الإيراني بشكل رسمي في حادث تحطم طائرة    مؤلف "البصمة الموريسكية" يدعو إلى استثمار الأندلس في رؤية مستقبلية    رغم خسارة اللقب.. منحة دسمة من "الكاف" لنهضة بركان    الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تستعد للاستحواذ الكامل على قناة "ميدي1"    معرفة النفس الإنسانية بين الاستبطان ووسوسة الشيطان    شركة تسحب رقائق البطاطس الحارة بعد فاة مراهق تناوله هذا المنتج    لماذا النسيان مفيد؟    أطعمة غنية بالحديد تناسب الصيف    الأمثال العامية بتطوان... (602)    السعودية تطلق هوية رقمية للقادمين بتأشيرة الحج    وزارة "الحج والعمرة السعودية" توفر 15 دليلًا توعويًا ب16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    العسري يدخل على خط حملة "تزوجني بدون صداق"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تداعي النص الشعري في ديوان « سماء جاحدة » للشاعر مصطفى قلوشي
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 10 - 05 - 2017

تنطوي التجربة الشعرية المغربية على مجموع التراكمات الكمية و النوعية التي تزخر بها المكتبات ، وعلى عمق الاشتغال وفسحة المعنى التي أسسها عبر تاريخ طويل ، تنقل من ردهات الصور وأقبية الانزياح ورصع تيجان الكلمات بملايين من المجازات و الاستعارات مستجيبا للثورات الشعرية التي شهدتها الذائقة المشرقيىة والأندلسية و الغربية ، ومستلهما الأثر الاجتماعي و السياسي والاقتصادي و الانتروبولوجي و التاريخي و الحقل المفاهيمي الواسع .
لقد اندلق كأس الشعر المغربي حتى أصبح من الصعب لجم تشكلاته وحصر معانيه و تذويب صخرة المجاز المستعصية ، حتى وجد النقد الشعري عسرا في المصاحبة وانشغل بعض النقاد بتدارس فنون أخرى . قد لا نحتاج إلى جهد تمحيصي للوصول إلى مدركات القصيدة لدى الشاعر مصطفى قلوشي فيكفي تذويب علاقتك بالنص ومحاولة استغوار تجلياته التي ينبني عليها المتن الشعري .
الشاعر مصطفى قلوشي صاحب " غارات الجنون " سنة 1999 و زنابق سوداء سنة 2011 ، أصدر مؤخرا ديوانه الثالث " سماء جاحدة " ، مصطفى يكتب منذ سنوات طويلة ويراكم تجربة شعرية مهمة ، شاعر يعيش القصيدة ، يتنفسها ، بل يسكنها حتى تصبح طرفا من عائلته اللغوية الرصينة ، كتبت عنه سنة 1997 ، وكنت متيقنا أن هذا المتشبع بالتجربة الأدونيسية و الحلاجية و بأنسي الحاج سوف يمتشق عباب القصيدة ويجذف في محيطهاالهادر .
كان الشاعر مصطفى قلوشيومنذباكورته الشعرية الأولى " غارات الجنون " مسكونا بالبناء الشذري في الشعر ، بل جعل الشذرة مشروعا ينطوي على اللغز الشعري و التداعي النصي في مساحة تبدو ظاهريا ضيقة . في ديوانه " سماء جاحدة " استطاع أن يؤسس ورشة شعرية تشتغل بدقة على الشخوص و الأمكنة . لكن ليس كما نعتقد ، إذ عمد على إضفاء طابع الانفلات من المعنى الظاهر / المحدود، إلى الباطن / الممتد . فانتقل الشعر إلى تجربة تحويلية ممنهجة من أجل إبدال الذات المنفعلة إلى ذات متفلسفة ، باعتبار أن القلب مستقر الانفعال والعقل مستقر التفلسف .
تتلمس الشخوص في تجربة قلوشيخطواتها من خلال استنطاق الحاضر والماضي ، وذلك في عملية استذكاريةوتساؤلية محضة لرموز الشعر العربي من جهة ثم لبعض الأسماء التي أثثت ذاكرة مصطفى قلوشي كإنسان يعيش في الزمكان المغربي وقد حصرنا ذلك من خلال الجدول التالي :
الرمز التاريخي هو كما نرى رمز شعري ، ولنتأمل الروابط التي تجمع هؤلاء سنجد أن الثورة و الرفض والاكتواء بالفكر السائد هي الغالبة :
و يبدو أن اختيار هؤلاء الكبار الذين أزاحوا النظم القديمة سواء بدخولهم في مواجهة العرف القبلي أو العرف الشعري له أسباب تتجلى في إيمان الشاعر مصطفى قلوشي بضرورة تأسيس تجربة تحرك القيم التي تؤمن بالجماعة في مواجهة الفرد .
لقد سمى قصيدة الشخوص هاته ب " المعلقات " ثم يتساءل عبر إهداء قائلا : " لماذا يموت مثل هؤلاء الذين يصنعون فينا القدرة على الحياة ؟ " فالمعلقات تحيلنا على التجربة الشعرية الجاهلية الممتدة والتي لم تمت بموت أصحابها ، إذن فالامتداد الشعري يأخذ مشروعيته من هؤلاء الشعراء ، و نكاد نلمس في المعلقات التضاد عبر تيمتين ظاهرتين و هما : الموت والحياة
إن المشروع الذي راهن عليه قلوشي هو تحويل الشعر إلى سيرة لاقتناص معاني الصراع التي كانت علامة فارقة للشعر العربي ، ولم تقف عملية الاقتباس التاريخي ولعبة الرمز هنا على الرمزية الشعرية بل تعداها إلى الشخصية المعيشة و التي ركز كما أشرت في دراسة سابقة على :" شعرية السلالة " حيث يعمد الكثير من الشعراء خاصة بالمغرب إلى الكتابة عن شخوص عايشوها سواء من زمرة الأصدقاء أو الأسرة ، بل هناك دواوين تحفل بهذا اللون الشعري أو مايمكن أن أطلق عليه السيرة الشعرية ، ولقد خضت تجربة مماثلة في ديوان مقامات رفقة الشاعر منير باهي و الأستاذ محمد نجاح و كان ذلك سنة 1997 . لقد وظف مصطفى شخصيتين رئيسيتين : الزوجة ثم هبة .
في قصيدة " يد تتهجى الصمت " المهداة إلى زوجة الشاعر يعمل مصطفى على التشخيص الشعري للقاء الأول " في لقائنا الأول " حيث يذكر الحبيبة بجمالية هذه اللحظة و التي يعجز الكلام عن اختزال معانيها ، وتقف اللغة حائرة بين الوجود وعدمه ، مستغلا معجما شاعريا مطرزا بالرومانسية التي افتقدناه في الشعر العربي والمغربي : " النظرات – الفراشات – العصافير – الصباح – أغنيات …" .
في قصيدة " هذه السماء ظل لخطاي وهذا البحر صورة من أحب " يعنون الشاعر قصائده بأسماء معينة ونحصرها رفقة محدداتها اللغوية :
هبة : نهر – قبلة
خديجة : حرائق – وجه –واحة –حدائقي –دهشة – سماء
فيروز : حدائق – دهشة – سماء –عطش
منير بشير : أصابع – غيم – حمامة بيضاء
هذه الصفات جلها ترتبط بمتلازمات خبرية تكمل معناها وتقوي الصورة الشعرية ، ونرى أن الاستذكار هنا يأخذ منحى الوصف الشعري مما يؤسس لرؤية غزلية داخل نص شذري ، عكس الشخصية الرمزية التي تؤسس لقوة التأثير الجمعي المنتقل من الماضي إلى الحاضر ، لكن قيمة السلالة الشعرية هنا تتضح عندما يصبح الآخر مناهضا للألم في مقابلة مع الارتواء والسعادة .
إن الشعر عند مصطفى قلوشي ينخرط في معين السلالة الأدبية والأسرية ، يصبح معادلة للبحث عن توازن و حلم ما ، وسط ضجيج الانكسارات ، وهذا فقط جانب من الورش البلاغي الذي يشتغل فيه ، إنه نقل غير مباشر للانفعالات وترجمة مجازية للداخل عبر نظام لغوي ينبني على الانزياح الخالص . لقد كان مصطفى قلوشي في الموعد وحول ديوانه إلى عرس لغوي أثرى الخزانة المغربية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.