تدفع ليبيا هذه الأيام وبقوة وسرعة متناهية, إلى أتون حريق لا يبقي ولا يذر، هناك تخوف أميركي غربي ومن دول الجوار الليبي أن تتحول ليبيا إلى صومال جديد، وأن تشكل التنظيمات الإسلامية وغيرها من القوى المختلفة خطرا يتهدد المصالح الأميركية والغربية في القارة الأفريقية، ما يغذي فكرة التدخل التي رفضتها أخيراً دول الجوار. إن التهويل الأميركي والغربي عن التخوف من أن تصبح ليبيا حاضنه للإرهاب وأنها ستؤثر بذلك على دول المنطقةوتشكل تهديدا مباشرا للعالم هو ضمن ما يتم التخطيط له للتدخل العسكري المباشر في ليبيا وإدخال قوات أميركية وغربية تحت مظلة البند السابع من ميثاق الأممالمتحدة والتي يشرعن التدخل في الشؤون الداخلية الليبية، ولا بد من التفريق بين التدخل الأجنبي أيام الثورة ضد الزعيم الراحل معمر القذافي والتدخل في الوقت الراهن، ، فالتدخل السابق أتى في ظل توافر إرادة دولية لنصرة شعب بدا موحداً في تصميمه على بناء دولة عادلة وديمقراطية، ما أكسبه تعاطفاً عالمياً، تغلّب على شبكة المصالح التي كان القذافي قد نسجها. الرأي الواحد إن الاقتتال والتدمير الممنهج لليبيا الحاصل اليوم على يد أبنائها وبكل أسف هو نتاج طبيعي لثقافة الرأي الواحد والشخص الواحد واحتكار الحقيقية التي مارسها الزعيم الراحل معمر القذافي وجذّرها في عقول الاجيال على مدى أربعة عقود من حكمه، وها نحن نعيش اليوم ونشاهد هذه الثقافة تمارس وتطبق على أرض الواقع. بحيث إن لغة السلاح هي التي تحتكر أي خطوة في اتجاه السلم. وكانت موجة العنف الأخيرة التي احتدمت في العاصمة طرابلس وفي بنغازي، منذ قرابة ثلاثة أسابيع، زادت المخاوف - القائمة أصلاً - من اتجاه ليبيا نحو الصوملة وتحوّلها إلى دولة فاشلة، فضلاً عن إجبارها آلاف السكان على الفرار ومغادرة البلاد، بما في ذلك الطواقم الدبلوماسية الأجنبية العاملة في ليبيا. بعد أن أدى القتال الناشب إلى إغلاق المطار الدولي في العاصمة، في حين كانت مدينة بنغازي تشهد قتالاً شرساً بين مجموعات إسلامية والوحدات الخاصة في الجيش الليبي التابعة للواء خليفة حفتر. وهو ما أكد، في نظر المراقبين، على إمكانية تحوّل ليبيا إلى قنبلة موقوتة تتهدّد الداخل والدول المحيطة بها، مثلما تتهدّد مصالح العديد من الدول الغربية والآسيوية، بعد أن باتت مهمة بسط سلطة الدولة الليبية أكثر صعوبة وأبعد منالاً من أي وقت مضى. منطق الميليشيات وما يجعل الحالة الليبية أكثر خطورة من غيرها من التجارب العربية، هو في كونها أسست لمنطق الميليشيات التي لم تنته مهامها بانتهاء المواجهة مع النظام السابق، بل كرست لحالة جديدة يصبح فيها الوطن بأسره »غنيمة حرب« فيما تبدو مؤسسات الدولة هياكل بدون روح لا تصمد أمام أي تحرك كتيبة من كتائب الميليشيات الجهوية، حيث حمّل المتابعون الغرب مسؤولية انحدار ليبيا إلى وضع اللادولة بالتدخل العسكري لحلف شمال الأطلسي لإسقاط نظام القذافي ثم تخليه عنها وتركها لقمة سائغة للتنظيمات المتشددة. وإذا كان لابد من حلّ أمني, فإنه يكون داخلياً بتشكيل قوة من مختلف المناطق الليبية يقودها ضباط حياديون لحماية المرافق العامة، فإن الحل الأمثل لإطلاق حوار بين الليبيين هو استبعاد الأطراف المتحاربة منه، ليقتصر على أعضاء البرلمان، ولذلك أعتقد أن المرحلة الحالية تتطلب الاستقرار الأمني والسياسي في ليبيا وبسط سلطة الدولة على الجميع، ومن ثم التفكير في شكل القالب السياسي الذي يرغب فيه الشعب الليبي ويتفق عليه. 150000 عبر نحو 150 ألف شخص فروا من أعمال العنف في ليبيا معبر رأس إجدير الحدودي بين ليبيا وتونس، وأكد مصدر أمني تونسي تسجيل أكثر من 147 ألف شخص من 74 جنسية، عبروا معبر رأس إجدير قادمين من ليبيا، حتى يوم أمس وسجل المعبر مرور عشرات الآلاف من الليبيين، وأكثر من 12 ألفًا و300 مصري تم إجلاؤهم إلى بلدهم عبر جسر جوي أقامته شركة مصر للطيران، انطلاقًا من مطارات جربة وجرجيس وقابس ومطماطة بالجنوب التونسي.