القنوات الفضائية في عصر السماوات المفتوحة واقع لا يمكن تجاهله، أو مقاومته بالمنع أو التشويش، وخطورته تتركز حول مضامينه المحملة بقيم وعادات وسلوكيات غريبة على المجتمع العربي وخاصة بالنسبة إلى الشباب والفتيات، الأمر الذي يحدث معه تغيير جوهري في السلوك يصيب الأسرة خاصة في سنواتها الأولى بالخلل الاجتماعي ويهدد بتفككها، وإذا كانت مقاومتها بالأساليب التقليدية تدخل في نطاق المستحيل، فإن خلق حائط صد قيمي في نفوس الأجيال العربية والمسلمة يصبح ضرورة حتمية يفرضها واقع لا يمكن السيطرة عليه أو ضبطه. وأفادت دراسة حول "القنوات الفضائية وعلاقتها بالطلاق" أن الفضائيات تؤثر في إدراك الفرد للواقع الاجتماعي، ولاسيما الأفراد الذين يتعرضون لتأثيرها بشكل مكثف ولفترات زمنية طويلة، وتنطلق هذه الدراسات من الإطار النظري، إذ تربط هذه النظرية بين كثافة التعرض للفضائيات واكتساب المعاني والمعتقدات والأفكار والصور الرمزية حول العالم. وأثبتت الدراسة أن هذه الخلافات تؤدي إلى تراكمات بعد فترة تطول أو تقصر إلى أن يتم الانفصال أو الطلاق، وقد ساعد على تفاقم هذه الأوضاع والمشاكل بين الزوجين تدخل الفضائيات، وإبراز العديد من الاتجاهات والأفكار الخاصة بالعلاقة الزوجية التي تقوم على تشجيع الندية والعناد والتمرد والاهتمام بالماديات والمصالح الخاصة، والتأثر بكل ما يظهر منها من أشكال وأنماط نسائية ورجالية مثيرة لكلا الطرفين، من حيث الشكل والسلوك والأفعال والعلاقات العاطفية التي لا تتواءم مع الواقع الحقيقي للأسرة، وقد تدفع كل هذه الصور الفضائية كلا الزوجين إلى إجراء مقارنة بين ما يشاهدانه في التليفزيون والواقع الذي يعيشانه. وتناولت الدراسة أيضا أثر الفضائيات على اتجاه الزوجة نحو الانفصال باستخدام دعوى التطليق أو الخلع، فكما يكون الرجل عرضة للتأثر بما يشاهده من سلوكيات واتجاهات ومشاهد وأفكار مختلفة عبر الفضائيات، والتي بدورها قد تؤدي إلى خلافات زوجية تصل في بعض الأحيان إلى الطلاق، تؤثر أيضا مشاهدة المرأة للفضائيات وما تثيره من أفكار على سلوكياتها في حياتها الزوجية، فهناك على سبيل المثال صورتان مختلفتان للرجل في الفضائيات، فتارة تصوره على أنه الزوج المتسلط العنيف المستبد على زوجته، وتارة أخرى تصوّره على أنه الزوج المثالي المفيض للعواطف والأحاسيس تجاه زوجته، وكلتا الصورتين تسبب مشاكل للزوجة، فالأولى تدفع الزوجة إلى التمرد والإحساس بالظلم في حياتها الزوجية، وهو ما يؤدي إلى ممارسة سلوك عنيف مضاد تجاه الزوج كعملية دفاعية لا شعورية، خوفا من ممارسة الزوج لمثل هذه السلوكيات التي تشاهدها، والصورة الثانية تدفع الزوجة إلى المقارنة بين ما تراه من مشاعر رومانسية في الفضائيات ومعاملة الزوج لها في الواقع الفعلي، التي قد تفتقر إلى إظهار المشاعر والتعبير عنها أو قد تكون خالية منها تماما، مما يدفعها أيضا في هذه الحالة، كرد فعل، إلى التمرد على حياتها، وبناء على ذلك رصدت الدراسة بعض هذه النماذج، كاتخاذ أساليب قانونية لإنهاء حياتها الزوجية باللجوء إلى المحكمة لطلب الطلاق، ومن جانب الشرع فقد أجاز ذلك وأباح استخدام المرأة لحقها في إنهاء العلاقة الزوجية، حرصاً على عدم استخدام العنف داخل الأسرة.