بلينكن يحذر إسرائيل من "الوقوع في فخ القتال مع حماس والانزلاق إلى الفوضى إذا لم يكن هناك خطة لحكم غزة في مرحلة ما بعد الحرب"    فوز غير مطمئن لنهضة بركان على الزمالك والحسم الأحد القادم في القاهرة    اقتلاع شجرة يغضب ساكنة الدار البيضاء    3 نقاط تفصل فريق الدفاع الجديدي للكرة الطائرة لتحقيق الصعود للقسم الممتاز    مطلب ربط الحسيمة بشبكة السكة الحديدية على طاولة وزير النقل    رصيف الصحافة: سمك فاسد في "جامع الفنا" يودع 3 أشخاص الحراسة النظرية    المنتخب المغربي للتنس يتوج بطلا لإفريقيا    الجيش المغربي ونظيره الأمريكي ينظمان الدورة ال20 من مناورات "الأسد الإفريقي"    تحويل ميزانية اصلاح الطرق لشراء سيارتين للرئيس ونائبه يدفع سكان امزورن لصيانة الشوارع من مالهم الخاص        النصيري في ورطة بإسبانيا وعقوبة ثقيلة تنتظره    تفاصيل محاولة فرار "هوليودية" لمغاربة بمطار روما الإيطالي    "إيقاعات تامزغا" يرفع التحدي ويعرض بالقاعات السينمائية الأسبوع المقبل    جيتكس إفريقيا المغرب 2024.. وكالة التنمية الرقمية في خدمة النهوض بالابتكار والتكنولوجيا الجديدة    عاصفة شمسية قوية تنير السماء بأضواء قطبية في عدة دول    باريس سان جيرمان يودع مبابي أمام تولوز بالدوري الفرنسي الليلة    وفاة 5 تلاميذ غرقا بأحد شواطئ الجزائر    بونو: هدفنا إنهاء الموسم بدون خسارة وتحقيق كأس الملك    أردوغان: نتنياهو بلغ مستوى يثير غيرة هتلر    حل مجلس الأمة الكويتي: إنقاذ للبلاد أم ارتداد عن التجربة الديمقراطية؟    وفاة أول مريض يخضع لزرع كلية خنزير معدل وراثيا    افتتاح فعاليات الدورة الثالثة للمعرض الدولي للأركان بأكادير    معرض الكتاب.. لقاء يحتفي بمسار الأديب أحمد المديني    أسعار الطماطم تقفز بأسواق المغرب .. ومهنيون: تراجع الإنتاج وراء الغلاء    "أسبوع القفطان".. فسيفساء من الألوان والتصاميم تحتفي بعبق الزي المغربي    "كوكب الشرق" أم كلثوم تغني في مهرجان "موازين" بالرباط    توقعات أحوال الطقس غدا الاثنين    الدرهم يرتفع بنسبة 0,44 في المائة مقابل الأورو    ارتفاع حصيلة القتلى في غزة إلى 35034 منذ اندلاع الحرب    اليوتوبر إلياس المالكي يمثل أمام النيابة العامة    زلزال بقوة 6.4 درجات يضرب سواحل المكسيك    عرض "قفطان 2024" في نسخته الرابعة و العشرين بمراكش    الإمارات تستنكر دعوة نتنياهو لها للمشاركة في إدارة غزة    المغرب الفاسي يبلغ نصف النهائي بفوزه على المغرب التطواني    الصويرة : دورة تكوينية لفائدة أعوان التنمية بمؤسسة إنماء    الحسيمة تحتضن مؤتمر دولي حول الذكاء الاصطناعي    طانطان.. البحرية الملكية تقدم المساعدة ل59 مرشحا للهجرة غير النظامية    ورشة حول التربية على حقوق الانسان والمواطنة    الصين تطور أول نظام للهيدروجين السائل المركب بالسيارات من فئة 100 كيلوغرام    المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.. تقديم نتائج مشروع دراسة مكتب العمل الدولي المتعلقة بالتقييم الاكتواري لمنظومة التعويض عن فقدان الشغل بالمغرب    بعد إلغاء حفل توقيع رواياته.. المسلم يعد جمهوره بجولة في المدن المغربية    مذكرة توقيف تلاحق مقدم برامج في تونس    الهلالي يشارك في الاجتماع الاستثنائي للمجلس العالمي للتايكوندو بكوريا الجنوبية..    بعد استغلالها لمصالحه الشخصية.. الوزاني يسحب سيارة الجماعة من مستشار بالاغلبية.. ومضيان يثمن القرار    مركز متخصص في التغذية يحذر من تتناول البطاطس في هذه الحالات    مطالب نقابية بإقرار منحة لعيد الأضحى    ماذا يقع بالمعرض الدولي للكتاب؟.. منع المئات من الدخول!    عائلات "المغاربة المحتجزين بتايلاند" تنتقد صمت أخنوش وبوريطة    النخبة السياسية الصحراوية المغربية عنوان أطروحة جامعية بالقاضي عياض    انعقاد الدورة ال12 لمهرجان الدولي "ماطا" للفروسية من 17 إلى 19 ماي    الأمثال العامية بتطوان... (596)    العنف الغضبي وتأجيجه بين العوامل النفسية والشيطانية!!!    القضاء المغربي يصدر اول حكم لصالح مواطنة اصيبت بمضاعفات صحية بسبب لقاح كورونا    المغرب يسجل 26 إصابة جديدة ب"كورونا"    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    الأمثال العامية بتطوان... (595)    بتعليمات ملكية.. تنظيم حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية لحج موسم 1445 ه    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«صحفي أم مناضل؟» ..الاستقلالية والنزاهة

بعيدا عن فيروس كورونا المستجد وتداعياته وهمومه، خصصت «مجلة الصحافة» التي يصدرها معهد «الجزيرة للإعلام» عددها الأخير لمقاربة سؤال «صحفي أم مناضل؟»، أفادت في تقديمه، أن الصحافة والنضال بالنسبة «لحراس المهنة»، يوجدان على طرفي نقيض، ولا يمكن الجمع بينهما، لكون البحث عن الحقيقة «يتعارض مع وظائف الإيديولوجيا المدموغة، بالإقصاء والحذف والإخفاء.
صاحبة الجلالة في حضرة ثلاثة صحفيين
فإذا كانت الحدود بين الصحافة والنضال مسلمة قديمة، يتعايشان ويتنافران، دون تنازلات مثيرة، فإن الحدود، بقيت رمادية جدا، فتحولت مفاهيم من قبيل « الحياد» و» الموضوعية» إلى مفاهيم مجردة قابلة للقياس أمام تحول الصحافة في الكثير من الدول العربية إلى «أداة لممارسة المعارضة بسبب تدجين الأحزاب والمجتمع المدني»، ترى المجلة في تقديمها للملف الذى ساهم في مقاربة مواضيعه عدد من الصحافيين من بينهم مغاربة.
فتحت عنوان «الصحافة والنضال.. الحدود الرمادية»، لاحظ أنس بنصالح، أنه كلما عاد السجال عن الحدود الفاصلة بين الصحافة والنضال إلى دائرة الأضواء، إلا « وطفا على السطح طرحان متباينان حد التنافر، يؤشران على صعوبة الجزم بوجاهة أحدهما أو غلبته على الآخر». ولئن ذهب البعض، إلى أن مهمة الصحفي الأصلية، تختزل ضرورة في البحث عن الخبر، ونقله إلى الناس، يتداولونه في ما بينهم، ويستقرون على رأي بشأنه، بمعزل عن أي تأثيرات خارجية، في حين يرى البعض الآخر- يضيف مدبج المقال – أن الصحفي، لا يمكن أن يضع مسافة بينه وبين الشأن العام، ولا يسعفه الخوض في قضايا تهم عموم الناس دون أن يكون له نصيب في النقاش الدائر بشأنها، يؤثر فيه بقدر ما يتأثر به.
«الصحافة والنضال.. الحدود الرمادية»
هي إذن حدود مبهمة، ملتبسة، وقد تكون مضللة، وقال في هذا الصدد «لا أحسب أن الجدل بخصوصها حسم لهذا الطرف أو ذاك، متسائلا أين يقع مفهوم الحياد؟ وكيف نحافظ على الموضوعية؟ ليجيب بالقول « لاريب أننا حيال حقل ألغام، يصعب تلمس السبيل في دروبه».
وبعدما اعتبر أن هذا النقاش على أهميته وراهنيته، لم ينخرط فيه العالم العربي إلا في وقت متأخر، وتحديدا مع التحولات التي أتى بها «الربيع العربي»، خلص إلى القول، إن الصحفي في نهاية المطاف، يعد جزءا من المجتمع يتفاعل مع قضاياه، ويتألم لهمومه ويشاركه تطلعاته، إذ من غير المنصف تجريده من إنسانيته، بحجة الدفاع عن الحياد والموضوعية والاستقلالية، خاصة وأنها جميعها مفاهيم تكاد تكون هلامية ومغرقة في النسبية إلى أبعد حدود، حسب رأيه.
لا تصدقوا الحياد
في الصحافة!!
وإذا كان بنصالح قد أقر بوجود منطقة رمادية مابين الصحافة والنضال، فإن زميله في المهنة محمد البقالى فطرح في بداية مقاله بعنوان «لا تصدقوا الحياد في الصحافة!!» سؤالين هما، أين ينتهى دور الصحفي؟ وأين يبدأ دور المناضل؟ قبل أن يوضح أن « بين الطرفين تبدو خطوط التماس مشتبكة، ومساحات ظل كبيرة»، وأن «خطيئة الولادة» ما تزال تطارد الصحافة، ولا يبدو أنها قادرة على الحسم في هويتها: هل تحافظ على صرامة المهنة؟، أم تميل الى نبض المجتمع ؟
غير أنه اعتبر أن القراءة التاريخية تقول إن «علاقة الصحافة بالسياسة عند لحظة الولادة، كانت أشبه ما تكون بمولود سيامي»، مرجحا في هذا الصدد أن «عملية الفصل (هاته) لم تنجح تماما حتى الآن»، رغم إقراره بأنه «ليس ثمة من هو معنى بالإجابة عن عملية الفصل، بين السياسة والصحافة، أكثر من الصحفيين أنفسهم».
إلا أنه في اللحظات الديمقراطية الكبرى، لابد أن ينحاز الصحافي لصوت الشعوب، لأن هناك تداخلا جدليا بين الصحافة كمهنة وحرية التعبير كقيمة، عندما تختل السلطات الأخرى، تبرز الصحافة كسلطة، تحظى بنوع من التفويض الشعبي غير المعلن علاوة على أن ثمة تداخل بين الصحافة كمهنة، وحرية التعبير كقيمة، حسب البقالي.
وعبر عن اعتقاده بأن الرؤية التي تعتبر أن الصحفي مجرد وسيط يتولى نقل العالم الحقيقي بكل أمانة وتجرد، « تبدو مثالية إن لم تكن ساذجة» مؤكدا على أن « اللبس المرتبط بتصور الصحفيين لأدوارهم في المجتمع، يجد أثره في المجتمع أيضا».
الصحافيون ..
«أبطال بلا مجد»
وعلى خلاف بنصالح والبقالى، مراسلو قناة «الجزيرة» الإخبارية، على التوالي بكل من بروكسيل وباريس، اقتبس زميلهما جمال بودمة عنوان «أبطال بلا مجد» لمقاله اعتبر فيه أن «الصحفي شاهد، يبحث عن الحقيقة، ومن شروط الشهادة، المهنية والموضوعية، لكن حينما بتأثر السياسي بالصحافة، تتقلص مساحة الحرية، وتبدأ الأيديولوجيا التي من وظائفها معاداة الحقيقة».
كما أنه عندما يسيطر السياسي على الصحفي، «يضيق أفق الحربة، ويتقلص هامش التعبير، لأن الأول يدافع عن معسكر بعينيه، عن حزب، عن مصلحة، بينما يهتم الثاني، بملاحقة الوقائع وتحليلها، ونشر الحقائق، أو ما يعتبره كذلك، يقول بدومة الصحفي ب»فرانس24».
وأوضح أنه إذا كان الصحفي محكوم بضميره وأخلاقيات مهنته، والسياسي محكوم بالتوازنات والمصالح، فإن بين الصحفي والسياسي، علاقة معقدة، تتأرجح بين التوجس الإعجاب، بين التبرير والتغيير مؤكدا أن السياسي باستطاعته أن يتحول إلى بطل، وأن يكون له أنصار وأتباع ومؤيدون بخلاف الصحفي، الذي يمكن أن يكون له قراء وأن يؤثر فيهم، لكنه يظل شاهدا ومعلقا على ما يجرى، إذ أن الصحافي يحاول أن يفهم، وأن يساعد الآخرين على الفهم، «بلا بطولة ولا مجد».
استقلالية الصحفي ونزاهته على المحك ببلدان الهشاشة الديمقراطية
غير أن الاجابة على ما وصفته» مجلة الصحافة» بالسؤال الكبير: صحفي أم مناضل؟، يظل مرتبطا أيضا بإشكاليات متعددة ترتبط بطبيعة المهنة، كأحد واجهات حريات التعبير، منها سؤال استقلالية الصحفي الذى تزداد أهميته في بلدان الهشاشة الديمقراطية، رغم أن هذه الاستقلالية لا تتنافى مع حق الصحفي في أن يكون له رأي سياسي، أو توجها وقناعة فكرية خاصة به. كما أن استقلالية أي منبر إعلامي، لا يمكن أن تتحقق بشكل سليم، إلا إذا رافقتها، أيضا، استقلالية الصحفي نفسه، لأن الصحفيين هم من يصنعون هذه الاستقلالية، عبر مقاومة كافة أشكال التدجين والضغوط، التي تمارس عليهم إبان أداء مهنتهم. فالاستقلالية بقدر ما لا تعني الحياد، فإنها التزام بقواعد المهنة وبأخلاقياتها وبحث متواصل عن الحقيقة، وانتصار لقيم الحرية والديمقراطية والمواطنة والكرامة.
فالصحفي ليس مطلوبا منه، أن يكون يساريا، أو يمينيا، أو «إسلاميا»، وإنما صحافيا نزيها، لأن الصحافة مهنة، والنضال مهنة أخرى، لكن ثمة بالعالم العربي، من لا يريد أن يستوعب، لحد الآن، هذا الواقع على بساطته.
تجدر الإشارة إلى أن ملف مجلة الصحافة يضم أيضا مقالات أخرى منها «من ميادين الثورة إلى غرف التحرير» و«الصحافة وسيلة للدعاية الايديولوجية» و«أين ينتهى عمل الصحفي ويبدأ دور الناشط ؟» و» كيف أصبحت الصحافة تحت رحمة الشبكات الاجتماعية؟» ومن «ساعة الصفر إلى حافة الهاوية» و«مستقبل الصحافة في التنوع والتعاون والتعاون والتعلم» و«كيف تدمر الصحافة حياتك في 88 يوما؟» و«الإعلام الغربي.. الاستشراق عدوا للحقيقة» للصحفي المغربي محمد أحداد، عضو هيئة تحرير بالمجلة ذاتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.