كالمعتاد، أوقف يوسف المكلف بتوزيع مادة الزيت من طرف احدى الشركات شاحنته بموقف السيارات، وتوجه راجلا في اتجاه الوكالة البنكية، قصد ايداع المبالغ المحصلة من بيع هذه المادة في حساب الشركة، إلا أنه قبل أن يصل بابها اصيب بأزمة صحية فقد معها الوعي جزئيا، اذ التمس من حارس الدراجات هناك المناداة على زميله الموجود بالشاحنة بالموقف، واثناء عودة الجميع كان يوسف قد فقد الوعي كليا اذ تم نقله الى المستشفى عن طريق سيارة الاسعاف ياسين زميله في الشركة وجد نفسه في حيرة قادته الى الاتصال بالمسؤول عن التوزيع بالجديدة، حيث اخبره بما حدث. وماهي الا لحظات حتى حل بالمستشفى. وبعد لحظات استرجع يوسف وعيه وغادر المستشفى رفقة زملائه. وبمنزله أخبر مساعده باختفاء المبلغ المالي الذي كان يود ايداعه بحساب الشركة والذي يوازي تقريبا (70.000 درهم) كانت موضوعة بكيس بلاستيكي لحظة إصابة بالازمة الصحية.. هاتف ياسين المكلف بالمنطقة حيث تم اخباره بالموضوع فلم يجد صلاح الدين بدا من اخبار مسؤولي الشركة المركزية بالحادث. هل الأمر حالة إغماء أم مجرد لعبة؟ وجد يوسف نفسه في ورطة هو الذي اصبح يواجه منذ خروجه من المستشفى قرار الشركة بارجاع المبلغ المسروق، فما كان امامه سوى التقدم بشكاية امام مصالح الامن، حيث صرح انه تعرض لعملية سرقة من طرف مجهول قرب مقهى (..) عندما كان متوجها الى وكالة بنكية قصد ايداع مبلغ مالي في حساب الشركة(..) حيث كان موضوعا في كيس بلاستيكي الا ان احساسه بفقدان جزئي لوعيه قاده الى مطالبة حارس الدراجات القريب منه بالمناداة على زميله الذي كان في الشاحنة. واثناء العودة كان قد فقد الكيس البلاستيكي الذي يضم مبلغا ماليا يصل الى حوالي 70.000 درهم الا انه اثناء سريان مسطرة التحقيق التمهيدي، كان قد حل السيد المكي الممثل القانوني للشركة بمصلحة الشرطة حيث صرح في محضر قانوني انه يتابع يوسف من اجل السرقة وخيانة الأمانة، حيث انه يعمل موزعا لمواد الشركة وقد ادعى ان مبلغا ماليا قد سرق منه لحظة اصابته بأزمة صحية، وهو متوجه الى الوكالة البنكية قصد ايداعه في حساب الشركة. وفي طريقه تعرض لأزمة نتج عنها فقدانه الوعي، وهي اللحظة التي تعرض فيها لسرقة المبلغ المذكور، الذي هو من مبيعات الشركة. ومن خلال ادعاءاته يتبين انه استحوذ على المبلغ وحاول خلق السيناريو للتغطية على فعلته، واصر على متابعته أمام العدالة. كل الاحتمالات ممكنة حارس الدراجات اكد أن يوسف فعلا نادى عليه بالقرب من المقهى قصد المناداة على زميله ياسين الموجود بالشاحنة لمساعدته لأنه بدأ يحس بأزمة صحية وأثناء العودة كان يوسف قد فقد وعيه، مؤكدا ان يوسف لم يكن يحمل اي شيء في يده لحظة الاغماء عليه. كما ان زميله أخرج مبلغا ماليا من جيبه عبارة عن اوراق نقدية. صاحب المقهى عبد الكريم اكد انه حضر الواقعة لكنه لم يكن من الأوائل. فقد خرج من مقهاه في لحظة قصد المناداة على النادل الذي كان قد تأخر عن عمله في الوقت الذي كان قد سلم مساعد يوسف كأس ماء وقطعة سكر. مؤكدا انه لم يكن يحمل أي كيس في يده. أما حسن النادل بالمقهى فقد صرح انه شاهد يوسف وهو مغمى عليه، لكنه لم يشاهده وهو يحمل الكيس البلاستيكي الذي يقول انه كان يضم المبلغ المالي، وان مهمته انحصرت في مد زميل المغمى عليه بكأس ماء وقطعة سكر. ياسين مساعد يوسف اكد ان حارس الدراجات الكائن قرب وكالة البنك نادى عليه وأخبره أن زميله اغمي عليه فتوجه نحوه حيث كان ملقى على الارض. وقد كان ساعتها يتواجد بالقرب منه الحارس المذكور!؟ مضيفا انه في تلك الاثناء لم ير النقود التي كان يتحوز بها في كيس بلاستيكي قصد ايداعها بالبنك ولم ينتبه لها لكونه ظل مشدوها بأمر الاغماء وقد كان الحارس اول من وجد قرب الضحية واضاف انه فعلا قام بإخراج مبلغ مالي كان بجيب الضحية عبارة عن أوراق نقدية، واتصل بالمسؤول عن المنطقة لإخباره بالامر. الظنين ينفي السرقة ويتشبث بفقدان الوعي أحيل الملف على النيابة العامة التي، وبعد ان استمعت الى المشتبه فيه، ارجعت الملف الى الشرطة القضائية قصد تعميق البحث مع الجميع وخاصة حارس الدراجات وبعد الاستماع من جديد الى كل الاطراف وإجراء مواجهة بينهم، حيث تشبث كل واحد من المصرحين بأقواله، أحيل الملف من جديد على النيابة العامة التي استمعت الى اطراف القضية، وقررت الحفظ في حق ياسين مساعد الموزع يوسف فيما تابعت هذا الاخير من اجل خيانة الامانة طبقا للفصلين 544 و 549 من القانون الجنائي مع إحالته على المحكمة في حالة اعتقال لانعدام ضمانات الحضور وأثناء مثوله امام الغرفة الجنحية، وبعد ان تأكد الرئيس من هويته التي جاءت مطابقة لمحضر الضابطة القضائية، أشعره الرئيس بالمنسوب اليه، حيث نفى ذلك جملة وتفصيلا، مؤكدا انه كان متوجها الى البنك قصد ايداع مبلغ مالي في حساب الشركة الا انه اصيب باغماء جزئي فاستدعى زميله عن طريق حارس الدراجات الا انه كان لحظتها قد فقد وعيه كليا وفقد معه الكيس البلاستيكي الذي يحوي مبلغ (70.000 درهم) تقريبا وبعد ان اعتبرت المحكمة القضية جاهزة للمناقشة، التمس الدفاع استدعاء المصرحين ومن بينهم حارس الدراجات الذي كان اول من حضر الواقعة الا ان المحكمة رفضت الملتمس، مكتفية بما جاء في اقواله بمحاضر استماعه فتناول الكلمة دفاع الشركة الذي التمس ادانة الظنين طبقا لفصول المتابعة وفي الدعوى المدنية الحكم عليه بإرجاع المبلغ مع تعويض مدني لا يقل عن 100000 درهم ستة أشهر حبسا نافذا وإرجاع المبلغ دفاع الظنين وبعد أن تطرق الى ظروف النازلة، اكد ان موكله لم يثبت في حقه انه قام باختلاس المبلغ، وان المبلغ سرق منه اثناء توجهه الى البنك قصد ايداعه واصيب بوعكة صحية أفقدته وعيه وافقدته ايضا الكيس البلاستيكي الذي كان يحوي المبلغ. والتمس استدعاء المصرحين وإن ارتأت المحكمة عكس ذلك، القول ببراءة موكله واحتياطيا جدا تمتيعه بأوسع ما يمكن من ظروف التخفيف وبعد ان كان الظنين اخر من تكلم، انسحبت الهيئة للمداولة وعادت بعدها للقول بادانة الظنين يوسف من أجل المنسوب اليه وادانته بستة (06) اشهر حبسا نافذا وغرامة نافذة مع إرجاع المبلغ الى الشركة مع تعويض مدني، وهو الحكم الذي أيدته محكمة الاستئناف.