الأمن الوطني يطلق منصة "إبلاغ" للتبليغ عن المحتويات غير المشروعة على الإنترنت    تعيين مفتقر مديرة للكتاب والخزانات والمحفوظات بوزارة الثقافة "بعد 6 أشهر من النيابة"    الحكومة تؤكد فتح تحقيق قضائي في فاجعة الكحول المسمومة    جلالة الملك يراسل عاهل السويد    الأولى من نوعها.. وحدة صناعية ضخمة لإنتاج البطاريات بالقنيطرة لخلق 17.000 منصب شغل    مجلس الحكومة يتتبع عرضا حول برنامج التحضير لعيد الأضحى    مانشستر يونايتد يفاجئ الجميع بهذا القرار الذي يحدد مصير أمرابط    أساتذة العلوم يحتجون في كلية تطوان    الحكومة تؤكد فتح تحقيق قضائي في فاجعة "الماحيا"    بنموسى يسعى إلى إبقاء المدارس مفتوحة إلى غاية يوليوز    هذه أسباب نفوق 70 من أضاحي العيد    إقصائيات كأس العالم.. أسود الأطلس من أجل استعادة الفعالية الهجومية    غزة.. مقتل عشرات الأشخاص في غارة تبنتها إسرائيل على مدرسة للأونروا تؤوي نازحين    مبيعات الإسمنت تتجاوز 5,52 مليون طن    خطة جديدة للركراكي أمام زامبيا وهذه تشكيلة المنتخب الوطني    ارتفاع عدد قتلى حريق "قيسارية فاس"    ضبط سيارة بمخدرات في القصر الكبير    في وداع حقوقي مَغربي    ريد وان ينتج أغنية رسمية لريال مدريد للمرة الثانية    الإجهاد الفسيولوجي يضعف قدرة الدماغ على أداء الوظائف الطبيعية    هل يحصد الدولي المغربي إبراهيم دياز الكرة الأفريقية؟    أونسا يكشف أسباب نفوق أغنام نواحي برشيد    إسبانيا تنضم رسميًا لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام العدل الدولية    طنجة تستعد لاستقبال المصطافين بتهيئة وتجهيز الشواطئ    توقعات أحوال الطقس غدا الجمعة    قرض ألماني بقيمة 100 مليون أورو لإعادة إعمار مناطق زلزال "الحوز"    تكريم مدير المركز السينمائي عبد العزيز البوجدايني في مهرجان الداخلة    "الأسود" يختتمون تحضيراتهم بالمعمورة ويتوجهون إلى أكادير لملاقاة زامبيا    أولمبياد باريس 2024 : ارتفاع أسعار السكن والإقامة    مقتل قرابة 100 شخص بولاية الجزيرة في السودان إثر هجوم    توقيف شخص بطنجة وثلاثة بمدن أخرى موالين لتنظيم "داعش" الإرهابي للاشتباه في تورطهم في التحضير لتنفيذ مخططات إرهابية    أزمة القيادة العالمية ولحظة الحسم..    أمسية شعرية تسلط الضوء على "فلسطين" في شعر الراحل علال الفاسي    هشام جعيط وقضايا الهوية والحداثة والكونية...    الإعلام الجزائري.. مدرسة المدلّسين    الصناعة التحويلية .. أرباب المقاولات يتوقعون ارتفاع الإنتاج    ارتفاع أسعار الذهب مع تراجع الدولار وعوائد سندات الخزانة    الصحة العالمية: تسجيل أول وفاة بفيروس إنفلونزا الطيور من نوع A(H5N2) في المكسيك    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم ليوم الخميس    مجددا.. إسرائيل تقصف مدرسة بغزة تأوي اللاجئين ووسائل إعلام تعلن مقتل 27 فلسطيني    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولات الافتتاح على وقع الارتفاع    عموتة يحسم الجدل بخصوص عودته لتدريب الوداد الرياضي    مقتل 37 شخصا في قصف مدرسة بغزة    ولي العهد الأمير مولاي الحسن يترأس حفل تخرج الفوج 24 للسلك العالي للدفاع والفوج 58 لسلك الأركان بالقنيطرة    اليونيسف: 90% من أطفال غزة يفتقرون إلى الغذاء اللازم للنمو السليم    الممثلة حليمة البحراوي تستحضر تجربة قيادتها لأول سربة نسوية ل"التبوريدة" بالمغرب    هزة أرضية ترعب ساكنة إقليم الحسيمة    نور الدين مفتاح يكتب: آش غادي نكملوا؟    "التسمين" وراء نفوق عشرات الخرفان المعدة لعيد الأضحى بإقليم برشيد    طبيب مغربي يبتكر "لعبة الفتح" لتخليص الأطفال من إدمان الشاشات    انطلاق فعاليات المهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    حكومة الاحتلال واعتبار (الأونروا) منظمة إرهابية    المخرج عزيز السالمي يترأس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة بمهرجان الرباط كوميدي    قوافل الحجاج المغاربة تغادر المدينة المنورة    مبادرة بوزان تحتفي بزي "الحايك" الأصيل    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (15)    السعودية تحذر من درجات حرارة "أعلى من المعدل الطبيعي" خلال موسم الحج    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإصلاح السياسي عند المهدي بن بركة ضرورة تاريخية


تقديم لا بد منه:
من أشهر كتابات الشهيد المهدي بن بركة لدى المناضلين والمواطنين «الإختيار الثوري» و«التغلغل الصهيوني في افريقيا» وما عدا ذلك عرف الشهيد عبر خطبه وتصريحاته السياسية، خاصة بعد انتفاضة 25 يناير 1959 التي مهدت لتأسيس الإتحاد الوطني للقوات الشعبية ،الإتحاد الاشتراكي حاليا..
يتساءل اليوم العديد من الشباب المغربي عن هذا القائد من خلال ملف اختطافه واغتياله الذي يطرح سنويا قضائيا وإعلاميا ، ويتساءلون أيضا عن أسباب إصرار وعناد الاتحاديين لمعرفة أسرار ذلك الاختطاف والاغتيال بعد خمسة وأربعين سنة من وقوعهما.وبالتالي يتساءلون عن أسباب هذا التعلق الوجداني والفكري لجزء من شعبنا بهذا المناضل الثوري.
ولكي يتعرف شبابنا عن بعض ملامح هذه الشخصية الرائعة ، رأينا من المفيد أن نقدم لهم هذا النص الذي كتبه الشهيد المهدي في صيف1957 كتمهيد لكتاب الأخ الدكتور محمد الحبابي حول «الحكومة المغربية في مطلع القرن العشرين». وقتها كان، رحمة الله عليه ،عضوا قياديا في حزب الاستقلال ورئيسا للمجلس الوطني الاستشاري،مجلس كان إلى حد ما عبارة عن برلمان مؤقت أنشئ بعيد الاستقلال ليكون صوت الشعب في انتظار إجراء انتخابات وتشييد صرح مؤسسات تمثل الشعب المغربي.
فالنص المشار إليه أعلاه يبرز عدة أوجه للمهدي بن بركة ،فهو قارئ منتبه وناقد مقترح، مُلم بتاريخ شعبه وأمته العربية الإسلامية، محترم للتقاليد المغربية الأصيلة التي تشجع على التطور وتربي المغربي على تشبثه بوحدة وطنه واستقلاله ، ويبين أن المرحوم ،كلما وجد عملا جديا، أحاطه بكل جوانبه وبنى عليه متوجها دائما نحو الأمام،ينوه بدون تملق وينتقد مع تقديم الحجج والاقتراحات. وإلى جانب تكوينه العلمي وحسه العمَلي و السياسي استطاع بحق أن يكون دينامو الحزب قبل وبعد يناير1959 .
ما يهمنا راهنا في هذا النص، إلى جانب تطرقه لقضية الإصلاح السياسي وضرورته، هناك إلحاح الشهيد بن بركة على قراءة تاريخ المغرب. فمن لم يفهم دور دار المخزن في التصدي للإرهاصات الأولى للإصلاح التي تزعمها سلاطين المغرب أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ، ومن لم يعرف الحماية أيضا ودورها المخرب لتلك الإرهاصات بهدف إرساء هياكل المخزن الاستعماري أيام الحماية الفرنسية ، لن يستطيع بكل تأكيد أن يفهم ما جرى بعد الاستقلال إلى يومنا هذا، ولن يدرك في الحاضر القوى التي تناهض كل إصلاح سياسي، سواء من «أبناء»المخزن العتيق أومن المغاربة «أبناء» ليوطي مؤسس المخزن الاستعماري ، أنٌا كان المتربع على عرش البلاد ومهما كانت له نزعة نحو الديمقراطية أم لا.
وبقدر ما أحاط الاتحاديون والمغاربة هذا السياسي الممتاز بإعجابهم واحترامهم، بقدر المرارة التي يتجرعونها بفقدانه وهو في أوج عطائه وعلى كل حال سيظل مصير ملفه شوكة في حلق الدولة المغربية والدولة الفرنسية.
فكل الاغتيالات السياسية التي وقعت ، وجدت من يفك طلاسمها ، ملف تشي غيفارا نموذجا، بدءا بالعثور على رفاته ودفنها في قبر معروف لدى عائلته ورفاق دربه من الأحياء. لقد آلمتني، في أكتوبر المنصرم ، تلك الصرخة الإنسانية لأحد أقرباء الشهيد على إحدى الفضائيات، وقد بلغ من العمر عتيا، لما قال : كل بني آدم في هذه الدنيا يعرفون قبور موتاهم، يزورونها للترحم ، إلا نحن أسرته الصغير والكبيرة فمجبرون ، أكثر من 40 سنة ،على الترحم على المهدي بن بركة في الشوارع هنا بالرباط أو هناك بباريس.
صرخة إنسانية، بعيدا عن السياسة ، وكأنه يتساءل هل قست قلوب البعض إلى هذا الحد.
فلتكن البداية من هنا ،إنسانيا، بالكشف عن رفات الشهيد ووضعها في قبر يحمل اسمه حتى يتمكن محبوه من الترحم عليه.
ولتكن البداية، إنسانيا أيضا من هنا، برفع كابوس نشأ في أحضانه أبناء الشهيد ورفيقة عمره وعائلته، وهاهم أحفاده ، في مقتبل عمرهم ، يعيشون نفس الكابوس.فأين الإنسانية منكم أيها البشر؟
إلى ذلك الحين وارتباطا بالكتاب ، ماانفك مؤلفه ،المناضل الغيور والاتحادي الصبور المتفائل رغم سنه المتقدم، يطرق أبواب المسؤولين، ومنذ زمان، بدون ملل أو كلل ، حول ملف الشهيد . وحمدا لله أن الرجل لم يعدم جوابا من لدن كل من تزال تجري في عروقه دم الإنسانية من هؤلاء المسؤولين مغاربة وأجانب.
هنيئا للدكتور محمد الحبابي بعمله هذا وبمثابرته ، فها هو يضيف لرصيده النضالي صفحة جديدة ، لقد رفض أن يكون وزيرا للتعاون سنة1983 واعتذر أن يكون نائبا للكاتب الأول سنة1991 رغم صداقته بالراحل عبد الرحيم بوعبيد- فهو الوحيد من الأحياء الذي يعرف خبايا الاتصالات بين المرحوم السي عبد الرحيم والقصر ، كما تعفف سنة1993 ولم يترشح من جديد في الانتخابات التشريعية وأخيرا وليس آخرا قرر أن لا يترشح لعضوية المكتب السياسي سنة2001 فاسحا المجال أمام شباب الإتحاد .بورك نضاله وبارك الله في عمره.
عندما يبدأ شعب بكتابة تاريخه يدل على أن هذا الشعب أصبح راشدا. فخلال القرون الماضية ،استفرد الأوربيون ببحث وكتابة تاريخنا تماما، كما بحثوا وكتبوا عن الهند والصين، بل واعتبر بعض هؤلاء الباحثين أن عملهم ذلك يجسد التفوق الغربي. واليوم جاء دورنا للحديث عن هذا الغرب للحكم على أفعاله وبذلك رُد الاعتبار للتساوي التاريخي.
يجب توجيه تحية قوية لمحمد الحبابي، لأنه احد الأوائل إن لم يكن الأول، الذي انكب من زاوية القانون العام على موضوع التواجد الفرنسي وهو تواجد معقد بالضرورة يدعونا يوما ما أن نحكم عليه، مادام قد أصبح جزءا من الماضي.الكتاب الذي نقدمه لكم اليوم لا يطمح لذلك وحكمه ليست حكما شاملا ونهائيا ، انه كتاب لحقوقي متخصص اختار معالجة الأمور من أحد الزوايا، وهي بلا شك زاوية واضحة وعميقة في نفس الآن .
من هنا تنبع راهنتيه في وقت أخذ المغرب المستقل يعيد بناء هياكله الإدارية والسياسية، وإنها لأمر هام معرفة تركيبة المغرب قبل 1912 لأنها في مكان ما تشكل عربون استمرارية. فالكتاب هو من بين الأعمال التي تُرجع وتُعيد الثقة .
حكومة المغرب قبل الحماية، رغم غلو بعض آليتها في التقاليد وعدم توافق بعض أجهزتها، لم تكن لا منطقية ولا ضعيفة كما تصور بعض خصومنا. فعدد من السلاطين الأذكياء خلال القرن التاسع عشر وحتى ليلة بداية الحماية، كانوا متشبثين جدا بالإصلاح إلى حد صياغة تصور للدستور.
ومن الوفاء لهؤلاء أن نعمل وبحزم على تشيد دولة حداثية وديمقراطية .
في هذا الأفق شكلت أطروحة محمد الحبابي قوة اقتراحية، وهي خير برهان على أن مطالبتنا بالديمقراطية ليست استعارة من الخارج مملاة من طرف بعض المثقفين غير الملمين بواقع الحال ولأهداف ديماغوجية ، بالعكس إن مطالبتنا هو تعبير عن رسالتنا الوطنية العميقة ، التي لم تستطع أن تنسينا عنها السنوات الخمسون من المخادعة والظلامية في عهد الحماية أو إبان المناورات الاستعمارية التي سبقته ، وكل صفحات الكتاب التي تناولت البيعة ودلالاتها الحقيقية وكذلك الصفحات التي استعرضت سياسة ليوطي، بقدر ما كانت عميقة كانت أيضا كاشفة .فمن ما كان يرغب في إقامة ديمقراطية حقيقية ؟ أهم العلماء الذين عزلوا السلطان عبد العزيز أو ليوطي ومن تعاقبوا بعده من الممثلين لسلطة الجهورية الفرنسية ؟إن الديمقراطية ليست كلمة جوفاء بل هي مستمدة من تاريخنا ومن ممارساتنا « الدستورية».
لقد كان نظام الحماية تراجعا إلى الوراء على المستويين السياسي والإداري، إذ حور وشوه نظامنا الحكومي وعمل، على المستوى الدستوري، على تحطيم نواة التمثيلية الوطنية التي كان يشكلها مجلس الأمة ، وما المجلس الاستشاري الوطني الاستشاري اليوم إلا نوعا من الانبعاث أو الإحياء كمرحلة أولى نحو ملكية دستورية .
وإذا أردنا ان نشيد بلادنا، فلابد من تجاوز فترة ضياع الشخصية أيام الحماية، ولا بد أن نرتبط أكثر ببعض الواقع الذي لم يسقط بين مخالب سلطة الاستعمار الهدامة .وهذا بالضبط ما أبرزته أطروحة هذا الكتاب .
فالسلطان يستمد سلطته بتفويض من الأمة وتتويجه كانت عبارة عن عقد. كذلك للسلطان حقوق وواجبات محددة ويختار معاونيه ويمنحهم تفويضا محددا لا ينقص لا من حقه في التقرير ولا من حقه في المراقبة.
وتغير الأمر في فترة الحماية والتي قدمت السلطان في صفة حاكم مطلق يفوض كل سلطاته، بما في ذلك سلطات الأمة نفسها، لأي كان بما في ذلك للأجنبي.انه تعبير موسع ومبالغ فيه لمبدأ التفويض، و المقصود منه الوصول إلى إدارة مباشرة والى خلط السلط ، وبالتالي إرساء دكتاتورية مقيمة ، تبحث عبثا عن شرعية بتفكير غريب وبعيد عن القانون الإسلامي وعن التقاليد المغربية .
لقد سلطت دراسة محمد الحبابي الضوء على ذلك ولا يمكن التقليل من مساهمته من الزاوية العلمية ومن الزاوية السياسية أيضا. فوجب التنويه وشكر الكاتب على عمله المتكامل وعلى التوجيه الذي سار فيه .
هذا لا يمنع أن نشير إلى أن نفس الدواعي التي أعطت قيمة لهذه الدراسة تدعونا لإبراز بعض التحفظات.
فهذه الدراسة، دراسة قانونية لها ايجابيات وسلبيات .وقد تناولت الأمر بشكل منعزل دونما ارتباط بأمر آخر. فهي إذ تصف آليات الحكومة المغربية ، فهي في ذات الوقت لم تصنفها. وما نعرفه الآن ، فقط ، هو أن هذه الحكومة لم تكن لا حكومة فيودالية ولا حكومة ثيوقراطية .ولم تقترح علينا أي تعريف آخر غير سلبي.
هل كان بالإمكان تعميق البحث في المعطيات السوسيولوجية والتاريخية وصولا للقيام بدراسة مقارنة مع أنظمة أخرى كالتي عرفها الغرب أو عرفتها آسيا في القرون الوسطى . وبمعنى آخر إن إبعاد التخصص كان سيغني البحث أكثر. وبالتالي نتساءل: أليست الأطروحة سوى بداية لعمل متقدم ؟
الملاحظة الثانية آتية من الأهمية المبالغ فيها لنظرية الماوردي والمتعلقة بالتفويض الوزاري . أكيد أن الحبابي أشار فعليا إلى عبث نظام الحماية بمفهوم التفويض ليتيسر للمستعمر استبدال المقيم العام والإدارة الفرنسية محل السلطان ومساعديه ، ومع ذلك نرى انه لم يكن من الضروري الوقوف طويلا على تحليلات الماوردي في هذه النقطة .المؤلف يعرف ، وقد برهن على أن رسالة الماوردي جعلت من واقع محدد وضعا مثاليا ، نتاج ضعف الخلفاء العباسيين عندما سُلبت السلطة منهم على يد بعض الوزراء الأقوياء .فنظرية الماوردي غير المنطقية والمتناقضة لم تنهل دائما من الإسلام ، وبالتالي لا نجد لها أي تأثير على التقاليد المغربية .
للكاتب الحق أن يرد على قولنا هذا، بأنه ببساطة لم يعمل سوى على تحطيم الحجة النظرية لنظام الحماية فقط. في هذه الحالة فهو محق .
إن الملاحظات السابق ذكرها، تتجاوز النقد وتتوخى تحريض شبابنا على البحث والمزيد من البحث لفهم وبعث ماضينا من جديد.ويبقى للمؤلف الاستحقاق الكبير إذ تمكن من فتح هذه الطريق وبذكاء. فمؤلفه مليء بمقتطفات قصيرة تصلح موضوعا لأطروحات جديدة : سياسة السلطان مولاي الحسن الأول ضد الفيودالية ، الأخطاء الأساسية للدبلوماسية المغربية التي اعتمدت مواجهة الاستعمار بالاستعمار، الحركة الدستورية في عهد السلطان مولاي حفيظ والتي لم يتم الإشارة إليها ...
ويبقى من المكتسب لدينا ذلك الوصف الدقيق للمخزن القديم حتى نفهم اليوم إلحاحنا بضرورة الإصلاح والتعلق العنيد بوحدة الوطن وباستقلاله.
يدعونا محمد الحبابي أن نكون غير ظالمين مع هؤلاء الرجال الذين عملت إدارة الحماية على احتقارهم بشكل منهجي . ويظل هذا العمل حافزا جديدا للثقة ووعدا للمستقبل .
الرباط 20 غشت 1957
المهدي بن بركة
رئيس المجلس الوطني الاستشاري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.