تصوير: زليخة في معرضه الأخير بقاعة صندوق الإيداع والتدبير بالرباط قدم الفنان التشكيلي عبد العزيز اللعبي أضمومة من أعماله المتوزعة، إنجازا، من بداية التسعينات وحتى سنة 2008، وهي أعمال إذ شاء الفنان أن يأتي عرضها تحت عنوان «روح الأشكال» ، فإنها أعمال مشكلة ومصاغة ومصبوغة بعين طفولية تنظر إلى الأشياء والأحياء تلك النظرة الأولى لبهجة اللون والشكل، حيث كل الألوان يمكن أن تتعايش وتتجاور في تناغم لا تخطئه العين حتى داخل اللوحة الواحدة، ألوان يحركها حس طفولي فتغوص عميقا في التفاصيل والدقائق والجزئيات بنوع من التكثيف الذي يجعل اللوحة ممتلئة ومفعمة، لكنه امتلاء لا يغالي أو يبالغ لأنه لا يخطئ تناغم الكل، ولا يضيع ما يحاول أن يلامسه من مواضيع. وحتى حينما تكون اللوحة قائمة على بؤرة واحدة أو على بضع بؤر متشابهة ومتقاربة أو قائمة على خلفية لونية واحدة، فإن التفاصيل وتعدد الألوان داخل هذا الشكل أو الأشكال أو قريبا منه أو منها كل ذلك يمنحها امتلاء الاكتمال وامتلاء التناغم والتوهج. إن سؤال الجمالية في أعمال الفنان عبد العزيز اللعبي ينبع أصلا في هذه اللوحات من توهجات هذه الألوان المسكونة بالطفولة، وما يشع منها من فرح، وما تمنحه من إيقاعات وتناغم حتى حينما تبدو بعض التوزيعات وكأنها تنطوي على خلل ما، لكن مع ذلك فإن لا أحد يستطيع أن يدعي أن هذا العمل، أو هذه اللوحة التي أمامه هي عمل غير مكتمل أو ينقصه «شيء» ما هنا أو هناك. وفي لوحات الفنان عبد العزيز اللعبي تتعايش الوجوه مع الازهار حد التطابق احيانا، ويطغى الزهر والنبات على خلفيات اللوحة وفي تفاصيلها أحيانا، وتشكل الخضرة مساحات كبيرة على امتداد اللوحات حتى وإن جاءت خلفياتها بألوان مغايرة كالأزرق المائي أو السماوي أو بالأحمر أو بالأصفر. وإذ يتخد الزخرف في أعمال الفنان كثيرا شكل النباتات، فإن الحروفية - كنبات الأبجدية - تأبى هي الأخرى إلا أن تبرز في بعض لوحات الفنان بايقاعات وتوزيعات تكاد تغادر أبجديتها لتعانق الحروف الموسيقية. ولأن أعمال الفنان اللعبي لا يمكن تصنيفها إلا كأعمال تجريدية - رغم أن الفنان يقول في كاتالوغ هذا المعرض أنه لا يريد أن يوحي باتجاه مدرسة معينة، ولا حتى بتعريف محدد - إلا أن تجريديته مع ذلك، لا تغفل سؤال المعنى، وما ينبغي أن تقوله اللوحة أو توحي به على الأقل، لذلك فإن الكثير من لوحات المعرض تبسط موضوعا أو تفكر في قضية أو توحي بمعنى على الأقل، ولعل هذا بالضبط، ما يبعدها عن أن تكون أعمالا تزينية، لأن البعد الفنى كامن في كل مكون من مكونات رغم الزخرف التزيني الذي لا يمكن انكاره. لقد استطاع الفنان عبد العزيز اللعبي في معرضه الأخير، أن يقدم أعمال فنية تزرع الفرح والابتهاج وتعيد الزائر إلى طفولته الخاصة، وتمتع عينه بكل ألوان الحياة، وتمنحه هذا الامتلاء وهذا الاشباع الذي لاتقدمه عادة إلا أعمال فنية مكتملة.