الPPS: جوانب إيجابية في حصيلة الحكومة لا تبرر ادعاءها المتعالي بإنجاز كل شيء وبشكل غير مسبوق    سي إن إن: خلية أمريكية بإسرائيل ساهمت في "تحرير 4 رهائن" بغزة... وحماس: 210 شهداء في العملية    حكيمي يتفوق على صلاح في سباق "الأغلى"    تفاصيل اعتذار زياش والنصيري للمدرب وليد الركراكي    وفاة سجين أغمي عليه لحظة تنظيفه مجرى للصرف الصحي بسجن الأوداية.. ومندوبية "التامك" تعلق    السعودية تعلن جاهزية منظومتها الصحية لموسم الحج    السعودية تعلن جاهزية منظومتها الصحية لموسم الحج    القصر الكبير.. مصرع ثلاثيني غرقا بعدما توجه إلى واد للسباحة    الفنان خالد بدوي يستحضر فلسطين في المهرجان الدولي للعود في تطوان    أربع أندية أوروبية تتنافس على نجم البطولة المغربية    بتنسيق مع "الديستي".. أمن برشيد يتمكن من إيقاف ثلاث "بزناسة"    توقيف 3 مستبه بهم في ترويج المخدرات بالراشيدية    مقترح حزب إسباني يُنذر بتوتر دبلوماسي بين مدريد والرباط        الأمن يشن الحرب على مروجي "الماحيا"    خبراء برنامج "نخرجو ليها ديريكت": المغرب مقبل على أغلى عيد أضحى في تاريخه بسبب ارتفاع الأسعار    السلاح المغربي المتطور يغري الرئيس التونسي قيس سعيد    توقعات أحوال الطقس غدا الأحد    22 إصابة جديدة ب "كوفيد-19" (النشرة الأسبوعية)    الغلوسي: فاس تعيش التهميش والإهمال ومسؤولوها الفاسدون اغتنوا بشكل غير مشروع    وفاة الفقيه الدستوري عبد الرزاق مولاي رشيد    مصنع السيارات المغربي الأول يفتتح صالته للعرض بالرباط    الإيسيسكو تستضيف أمسية فنية للاحتفاء بمدينة شوشا عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي لسنة 2024    بعد منعها من الغناء بتونس.. نادي الفنانين يكرم أسماء لزرق    الباحثة أمينة الطنجي تحصل على شهادة الدكتوراه بميزة مشرف جدا بتطوان    الأمم المتحدة تقرر إدراج جيش الاحتلال الإسرائيلي على "قائمة العار"    استئناف المساعدات إلى غزة عبر الرصيف الأمريكي سيتم في الأيام المقبلة    بووانو: ما قامت به الحكومة ليس إصلاحا للمقاصة بل زيادة في الأسعار فقط    مطالب للحكومة بصرف الدعم الاجتماعي قبل عيد الأضحى    الامتحانات الجهوية للباكالوريا.. ضبط 66 شخص في حالة غش    بنعبد الله: حكام الجزائر يُغَذُّون العداء والكراهية ضد كل ما هو مغربي مؤسساتيا وشعبيا    وزارة الصحة تعلن عن تسجيل حالة وفاة بفيروس كورونا    المغرب يسجل 22 إصابة جديدة ب "كوفيد-19" وحالة وفاة واحدة    وزارة الأوقاف: عيد الأضحى يوم الإثنين 17 يونيو 2024    صدام مباشر بين الدفاع والكوكب لحسم تأشيرة دوري الأضواء وأربعة فرق تتشبث بالبقاء    بنكيران مهاجما وهبي..لا نريد أن تصبح فنادقنا أوكارا للدعارة والفجور وإشاعة الفاحشة    مشروع مبتكر .. اطلاق أول مشروع مبتكر الالواح الشمسية العائمة بسد طنجة المتوسط    الدورة ال 12 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة: "متى يحل عهد أفريقيا" لدافيد بيير فيلا يتوج بالجائزة الكبرى    أداء "روبوتات الدردشة" كأداة تعليمية يسائل الفرص والعقبات    هل يرحل إبراهيم دياز عن ريال مدريد؟    رئيس الأرجنتين يتجنب "ممثل فلسطين"    السلطات الدنماركية توقف رجلاً اعتدى على رئيسة الوزراء في كوبنهاغن    لاغارد: مصاعب ترتبط بكبح التضخم    كيوسك السبت | المغرب سيشرع رسميا في إنتاج الغاز المسال مطلع 2025    كأس أوروبا 2024: كوبارسي ويورنتي وغارسيا خارج القائمة النهائية لمنتخب اسبانيا    بطولة إنجلترا: فاردي يمدد عقده مع ليستر سيتي    ارتفاع مؤشر أسعار الأصول العقارية بنسبة 0,8 في المائة برسم الفصل الأول من 2024    الأشعري في قصص "الخميس".. كاتب حاذق وماهر في صنع الألاعيب السردية    بن كيران يدعو إلى حل حزب الأصالة والمعاصرة    إدارة الرجاء تلعب ورقة المال للفوز بالبطولة    المخابرات المغربية تفكك لغز تحركات شخص خطير في إسبانيا        الأمثال العامية بتطوان... (619)    دراسة: السكتة القلبية المفاجئة قد تكون مرتبطة بمشروبات الطاقة    افتتاح فعاليات الدورة المائوية لمهرجان حب الملوك    فيتامين لا    الدكتورة العباسي حنان اخصائية المعدة والجهاز الهضمي تفتتح بالجديدة عيادة قرب مدارة طريق مراكش    "غياب الشعور العقدي وآثاره على سلامة الإرادة الإنسانية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مستقبل البلاد : الاستفهام المطلوب دائما ...
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 24 - 07 - 2009



مما لا شك فيه ، أن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس ، و أن الغد سيحمل بدوره حالا آخر مغايرا ، لكن السؤال الذي يفرض نفسه ، و نحن نتأمل في طبيعة التحولات التي تشهدها بلادنا ، يكمن في قوة الإحساس المحيل على زمن مغربي مضى ، المتمثل في ذلك القلق الذي يحكم رؤيتنا لجوهر ما يحاك في الكواليس ، ارتباطا بما هو سياسي ، اقتصادي و اجتماعي ، في هذا الوطن المقيد بحبل المصالح الفئوية المتجددة . إن الواقع اليوم ، دون أية قراءة عدمية ، يؤكد بأننا أمام مسلسل خطير من التراجعات اللصيقة بكافة مناحي الحياة ببلادنا ،
والأخطر من ذلك ، أننا أمام شعب لم يعد يثق في أي أحد ببلادنا ، شعب يتأثر سلبا بمعيشه الصعب و القاسي ، يكتم غضبه في دوخة البحث عن كسب القوت اليومي ، يبتعد يوما بعد آخر عن الشأن العام و الحقائق المتحكمة في تحولاته سلبا و إيجابا ، يراقب في صمت مستفز ، يشبه سكون اللحظات القليلة السابقة للعواصف، تواتر العبث المتفشي في المشهد السياسي الوطني ، يسقط أحكامه السلبية ، المشروعة ، على جميع المؤسسات ببلادنا ، من باب الاعتقاد بأن الكل طالح في هذه البلاد من جهة ، و كنتيجة لسياسة من يهمهم اجترار أخطاء العهد القديم من جهة ثانية. و ينتظر ، كما ننتظر جميعا ، تبعات هذا الغموض المصاحب للعبث في تمثل الشأن الوطني أمام أعيننا ... إنه واقع يصعب علينا تجاهله ، ولا يمكن بتاتا أن نضعه في خانة الانتظارية السلبية ، خاصة بالنسبة لمن يؤمن بقدرة الإرادة الجماعية على التغيير ، الامر الذي يستدعي منا ضرورة الإنكباب المتواصل على بسط الحقائق ، حتى و إن اتسمت بنوع من القسوة على الذات و الوطن . طيب إذن ، فلنتأمل قليلا في تبعات انتخابات 12 يونيو ، الخريطة السياسية المنبثقة عنها ، رؤساء الحواضر و القرى الخارجين من رحم مسرحيتنا المغربية العجيبة ، زعيق الغربان السياسويين المتواصل ، شطحات قيادة حزب الردة وتهديداتهم للخصوم شرقا و غربا ، بيان وزارة الداخلية حول ما راج في لجنة الداخلية و اللامركزية و البنيات الأساسية بمجلس النواب . و لنتساءل : لماذا كلما تقدمنا خطوة نحو الأمام ، يسارع مرتزقة الدولة للدفع بنا و بالبلاد عشر خطوات للوراء ؟ لن أفشي سرا إذا ما قلت بأن أهم شيء يمكن أن نقوم به اليوم لبلادنا ، هو أن نعيد بصيص الأمل في تعاطي المواطن مع الشأن العام الوطني ، و لن أجانب الصواب إذا ما قلت بأن البعض ، في وطننا العزيز ، يسابق الزمن من أجل الوصول بنا ، جميعنا ، إلى مغرب الستينيات من القرن الماضي ، مثلما لن أبتعد عن الحقيقة إذا ما قلت بأن المسؤولية ، مسؤوليتنا ، قائمة حقا و واجبا. إن المغرب اليوم مقيد بضبابية تقتل كل ما هو جميل فيه ، إذ بالرغم من كل الإمكانات الهامة التي جاءت بها حكومة التناوب ، و التي مست كافة مناحي الحياة ببلادنا ، و بالرغم من إرادة دمقرطة البلاد و تحديثها و تحقيق التنمية الاقتصادية و الاجتماعية المعبر عنها من طرف عاهل البلاد ، تظل دار لقمان على حالها ، في ظل عدم القطع النهائي مع ممارسات الماضي ، من قمع سياسي و اقتصادي و اجتماعي قد لا يكون بنفس صورة الأمس القريب ، ولكنه ، قطعا ، مشابه له في عدة تفاصيل... سياسيا ، هناك عبث حقيقي ، غياب إرادة حقيقية لعقلنة المشهد السياسي الوطني ، تمثل السياسة في أبشع صورها لدى المواطن بفضل مرتزقة الدولة/المخزن ، حكومة شبح لا حول لها و لا قوة أمام سلطة الحكم ، و لا سند شعبي لها ، بل و الطامة الكبرى ، حتى مناضلات و مناضلي بعض أحزابها ، و منهم كاتب هذه السطور ، يعتبرونها مجرد أزمة أو زلة حزبية عابرة ، برلمان لا طعم تشريعي له ، مؤسسات منتخبة محليا و إقليميا ، جهويا و وطنيا لملء الفراغ الديمقراطي بما لا يناسب , وغير ذلك من مظاهر الدوخة المغربية المعاصرة ... اقتصاديا و اجتماعيا : غنى فاحش و فقر مدقع ، استمرارية اقتصاد الريع ، مشاريع ضخمة برؤى تجارية أكثر منها اجتماعية تنموية ، تحكم المخزن/الدولة في حركية الاقتصاد و سحنته الليبرالية الصرفة ، دوخة العقار و جشع المتحكمين في مفاتيح أسعاره ، عدالة ضريبية مفتقدة ، عطالة متواصلة لآلاف الشباب المقيد بسلطة الفقر من جهة ، و فقر مقترحات الدولة و القطاع الخاص من جهة ثانية ، و اللائحة طويلة ... ثقافيا : أو لنقل تربويا ، ارتباطا بمعطى التنشئة الاجتماعية ، و كخلاصة جد طبيعية لخلطة العبث المغربي المتشكل من كل ما هو سياسي اجتماعي و اقتصادي ، يمكن القول بأن الواقع المغربي المعيش ، يقدم لنا صورة أولية عن طبيعة الثغرات الكبرى التي ستحكم مستقبل البلاد ، لأنه ، و بكل بساطة ، لا يمكن بأي حال أن نتحدث عن مستقبل جميل لشعب تتحكم فيه ثقافة القبح ، شعب تتربى أجياله الصاعدة على مرتكز الأنا ، تتحدد فيه علاقته بالوطن و بذاته في معطى المصلحة الشخصية الآنية دون غيرها ، تصبح فيه نظرته للقانون نظرة اتهام و رفض في مقابل التشبث بمنطق الخضوع لحسابات الوقت كما يقال ، شعب يتجه نحو الفردانية مع رفض متواصل ، غير مفهوم ، للقيم الجماعية المشتركة ، يعانق الشكل في معيشه القاسي دون القدرة على الخوض في الجوهر ، و أخيرا و ليس آخرا ، شعب باتت نخبته تلوك لسانها دون أن تعبر عن موقف واضح ، يميط اللثام عن حقيقة ما تشهده البلاد من تراجعات و مسبباتها ... إننا بذلك أمام مغرب تفتك به هشاشة الانتماء ، أي ، وبصيغة أخرى ، مغرب مطوق شعبه بسؤال المعيش اليومي القاسي ، المفتقدة فيه صور المواطنة و تجذرها في ذهنية المواطن ، خاصة في ظل تواتر النكسات ، إذ كلما برزت على السطح بوادر تغيير مرتقب ، إلا و سارعت العقلية المخزنية المتحكمة في دواليب القرار إلى عرقلة التحول ، و كبح أية إرادة تروم تسريع وتيرة التحول بما يخدم المصلحة العليا للوطن ، الأمر الذي يبعث في عمق الوعي الجماعي المغربي ، نوعا من الإحساس بلا جدوى الرهانات المطرحة على البلاد ، و لا جدوى المشاريع المراهن عليها من اجل تحقيق التغيير المنشود ، و لا مصداقية الأفكار و المواقف المعبر عنها من طرف القوى الحية بالبلاد ، أي ، و باختصار صادم ، لا جدوى من المستقبل المغربي نفسه. و لعل ما سبق ذكره ، و هو وجهة نظر شخصية على أي حال ، يستوجب منا أن نضع الأصبع على الداء ، بكل جرأة و دون تملق ، و هو أمر أكرره عند كل مقال ، لأن إحدى أهم ركائز التغيير تكمن في القدرة على البوح بما يوجد في الواقع ، لا أن نتغاضى عنه خوفا أو تملقا أو بحثا عن منفعة شخصية أو أسرية أو عائلية ضيقة ، لأن الوطن اليوم ، هذا الذي نعتز بالانتماء إليه ، يحتاج إلى ثورة فكرية تقطع مع السائد ، لتفسح المجال أمام جيل جديد من القراءات المواكبة لتحولات البلاد و واقعها ، بقوة النقد البناء و جرأة التعبير الحر الصادر من الإحساس بهموم الوطن و الشعب المغربيين . فعندما نكتب و نعبر عن القلق الذي يؤرق مضجعنا ليل نهار ، و يكون مبعث قلقنا متعلق بالعبث المتحكم في شؤون البلاد يوما بعد آخر و سنة بعد أخرى ، لا نكون ، فقط ، بصدد دق ناقوس الخطر لتدارك ما يمكن استدراكه بحثا عن مستقبل مشترك ، تنعم فيه بلادنا بالاستقرار السياسي ، الاقتصادي و الاجتماعي ، و لكن ، أساسا ، نذكر كل من يهمه الامر ، بأن أرض المغرب الحبيب خصبة ، ولادة ، و لا يمكن أن يطالها العقم و إن تكالب عليها المتكالبون ، إذ ، و لا شك ، يشكل ذلك أول واجب اتجاه الوطن ، و لو من باب الاستفهام و زعزعة الثوابت الهشة ، أو كما يقول احد الأصدقاء استفزاز من يتوهمون أفول النضال في زمن يطبق فيه المخزن المغربي المتجدد المقولة الكورية : أحرس الباب جيدا حتى لا يلج منه أمثالك و لنا في ذلك قراءة أخرى في موعد آخر...
عضو المجلس الوطني للإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.