يود جمال في كتابه «في ظل رشيدة»، الذي احتفت بصدوره المكتبات الفرنسية الاسبوع الماضي ، أن لا يضيف شيئا إلى الحقيقة أو الكذب.. فهذا الكتاب أنجزه ليحكي نظرتة عن الأسرة، عن وجوده، كتاب يتحدث عن حياته بشكل عام وأخته رشيدة،وزيرة العدل الفرنسية السابقة، تشكل جزءا منه. تحمل الصحافي كزافيي بينيروسو، نائب رئيس التحرير السابق لإذاعة «إر.تي. إل»، معد برنامج حول «العدالة مغامرة» إنجاز هذا الحوار المطول مع جمال، فكانت النتيجة هي كتاب حمل عنوان «في ظل رشيدة» صادر عن دار النشر كالمان ليفي، رصد فيه جمال فضاء للحي الذي عاش فيه ، حيث تحدث عن انتشار استهلاك المخدرات وترويجها ، ووضعية السجن والسجناء، إضافة إلى بورتريهات متقاطعة لآل داتي. «إن انحراف القاصرين لا يمكن تحمله بتاتا». رشيدة داتي، بخصوص تعديل مرسوم سنة 1945، موقع وزارة العدل، 3 يونيو 2008 كم كان سنك، عندما اقترفت أول سرقة؟ كان سني ما بين 15 و18 سنة. لقد اقترفت الكثير من السرقات ومثلت أكثر من مرة أمام قاضي الأحداث. كنا عصابة نتكون من أربعة أو خمسة أصدقاء. وكنا نصرف المال المتحصل عليه من السرقات في حضور حفلات الأسواق المتنقلة حيث نشتري الجعة. لم أكن ولن أكون أبدا مدمنا على شرب الخمر. دخنت بشكل كبير الحشيش، وفيما بعد حين قارب سني 25 سنة، كنت أتردد، بين الفينة والأخرى، على المراقص الليلية منها «كوكو نايت» بمنطقة «سان ريمي»، كما كنا بالمقابل نقضي معظم أوقاتنا بحانة صغيرة بالقرب من ساحة «لو بيليسك» ب«شالون سير ساون»، التي أغلقت منذ ذلك الوقت، كانت على شكل مقهى نهارا، وملهى ليلا. كنت أذخن لماما السجائر، وكنت أقضي جل وقتي في معاكسة الفتيات. أي نوع من السرقات كانت؟ السرقة خلسة من المتاجر، سرقات الدراجات الهوائية والنارية الموضوعة بالقبو. كنا، بعد أن نتجول بها بعض الشيء، نعيد بيعها ب«شالون». كنت أحصل على حوالي 100 فرنك فرنسي مقابل بيع كل دراجة هوائية. أما الدراجة النارية فكان ثمن بيعها يتراوح ما بين 300 و400 فرنك. لا أذكر أول سرقة لي، فقد اقترفت الكثير من السرقات. سرقة السيارات أىضا كنت أود أن أجرب حظي فيها... كنتم بعض الشيء.. ذرية غير صالحة؟ كنت متعنتا. وكنت رفقة أصدقائي دائمي البحث عن طريقة معينة لإثبات الذات.. عشرون سنة، بعد كل هذا، وجدت صعوبة في إيجاد تفسير لسبب «انحرافي» المبكر. أحسست بصعوبة في الحياة رفقة أسرتي، مما دفعني للهروب في سن الرابعة عشرة من العمر. كنت أغادر البيت لعدة أيام، غير أنني كنت أعود إليه في آخر الأمر. كان يستضيفني بعض الأصدقاء بمنازلهم ب«شالون»، وكان آباؤهم على غير علم ذلك، مع أنني هارب من البيت ليومين أو ثلاث أيام. إن هذا الإحساس بضيق العيش لايزال يصاحبي إلى الآن كرجل.. فأنا مازلت أجهل الأسباب، وأتحدث إلى حدود الآن بهذا الشأن لطبيبتي النفسانية. لو كان سلوك والدي أكثر ديبلوماسية لكان الأمر بدون شك مغايرا.. عندما يفتحون باب الحوار معي تسير الأمور على شكل أحسن.. على أي وضع تكون والدتك عندما يبلغ إلى علمها ما ترتكبه من «حماقات»؟ كانت تبكي، غير أنها في الأخير تسامحني، كنت ابنها المدلل. وكيف تفسرون طبيعة العلاقة المتوترة مع والدك؟ كان منطلق هذا التوتر سببا واضحا و بديهيا. كنت أرغب في الخروج أنى ومتى شئت، غير أن والدي يمنعني من ذلك. كما حدث مرة حينما صادفت فتاة، بل سيدة في ال30 من العمر، مطلقة ولها أطفال. كانت تستضيفني عندما أهرب من البيت حين كان سني 14 سنة.. فقد قدمت لي أول جرعة شراب «الريكار»، لكن والداي كانا ينفران من هذه العلاقة.. في أحد الأيام اقترحت علي هذه السيدة: أذهب للقاء القاضي. وقل له أن والدك يسيئ معاملتك. والمحكمة ستعيدك إلى البيت، وبعدها ستتمتع بالحياة الجميلة والحرية». مباشرة بعد ذلك توجهت إلى المحكمة لرفع شكوى ضد الوالد. عندما تم سؤالي من قبل القضاة حول السبب في لجوئي إلى المحكمة، أجبت « كي أحصل على حريتي». تم استدعاء والدي، غير أنه لم يفض الأمر إلى نتيجة. بعد العودة إلى البيت، حقد علي والدي لسنوات، وإن لم يواجهني بذلك قط. وطلب من إخوتي وأخواتي أن يكونوا شهودا على سلوكي: «انظروا كيف يتصرف أخوكم». أما والدتي فكانت تدافع عني. «إنه غير ناضج بعد، إنهم يأثرون عليه..» ألا تحتفظ من تعامل والدك إلا بما ساء به معك ؟ لا، كل يوم سبت كنا نتوجه إلى إحدى الضيعات بمنطقة «ڤارين أو غران» لجلب الحبيب، كنا في فرحين نحن الإثنين.. كان كل مرة يصطحب أحدنا إلى هذه الضيعة.. كانت تربطه علاقة جيدة بأحد الفلاحين الذي كان يبيع لنا خرفان عيد الأضحى، وكنا نذبحها لديه وفق تعاليم الإسلام.. فبفضل الوالد تعلمت «سلخ» جلد الخروف..