"بنك المغرب": احتياجات البنوك من السيولة تتجاوز 118 مليار درهم    70 شركة يابانية في المغرب تشغل حوالي 50 ألف شخص    أضواء قطبية ساحرة تلون السماء لليوم الثالث بعد عاصفة شمسية تضرب الأرض    النيابة العامة التونسية تمدد التحفظ على إعلاميَين بارزَين والمحامون يضربون    جائزة الحسن الثاني ل"التبوريدة" من 27 يونيو الجاري إلى 3 يوليوز المقبل بدار السلام بالرباط    غابوني يتفوق على حكيمي في "الليغ 1"    المركز الثقافي بتطوان يستضيف عرض مسرحية "أنا مرا"    السكر العلني والإيذاء العمدي يُوقفان عشريني بأكادير    ميناء طنجة المدينة.. إحباط محاولة للتهريب الدولي ل 4750 قرص طبي مخدر    صحيفة "ماركا" الإسبانية: إبراهيم دياز قطعة أساسية في تشيكلة ريال مدريد    المندوبية العامة لإدارة السجون تنفي وجود تجاوزات بالسجن المحلي "تولال 2" بمكناس    المغرب يحتفي بالذكرى ال68 لتأسيس القوات المسلحة الملكية    إضراب يشل المؤسسات العمومية يوم غد الثلاثاء    طقس الثلاثاء.. عودة التساقطات المطرية بعدد من الأقاليم    مباراة توظيف 139 منصب بوزارة التربية الوطنية 2024    تحليل آليات التأثير الثقافي في عصر الرقمنة    هذه تفاصيل العقوبات الصادرة في حق الأساتذة الموقوفين : مولاي امحمد الشهيبات: خروقات قانونية شابت المجالس التأديبية من حيث الشكل كما انعدمت فيها الضمانات التأديبية    رشيد الطالبي العلمي في زيارة عمل برلمانية لجمهورية الصين الشعبية    شح الوقود يهدد خدمات الصحة بغزة    الزمالك يشهر ورقة المعاملة بالمثل في وجه بركان    مبيعات الاسمنت تتجاوز 4,10 مليون طن نهاية شهر أبريل    هام لتلاميذ البكالوريا بالناظور.. هذه هي تواريخ الامتحانات والإعلان عن نتائجها    الطلب والدولار يخفضان أسعار النفط    المهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة يحتفي بالسينما المالية    محامو المغرب يدخلون على خطّ اعتقال محامية في تونس.. "اعتقال الدهماني عمل سلطوي وقمعي مرفوض"    من البحر إلى المحيط.. لماذا يتحول مسار الهجرة من المغرب إلى أوروبا؟    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    إضراب وطني يفرغ المستشفيات من الأطباء والممرضين.. والنقابات تدعو لإنزال وطني    سي مهدي يثور في وجه بنسعيد    الارتفاع يطبع تداولات بورصة الدار البيضاء    تحقيق السيادة في مجال الذكاء الاصطناعي    قنصلية متنقلة لفائدة مغاربة إسبانيا    كأس الكونفدرالية الإفريقية: نهضة بركان يفوز على الزمالك المصري في ذهاب النهائي (2-1)    مصر تُهدد بإنهاء "كامب ديفيد" إذا لم تنسحب إسرائيل من رفح    تليسكوب "ليزا"...    الأساطير التي نحيا بها    الدرس الكبير    السينما في الهوامش والقرى تشغل النقاد والأكاديميين بالمعرض الدولي للكتاب    هل انفصلت فاطمة الزهراء لحرش عن زوجها؟    تراجع صرف الدولار واليورو بموسكو    "المراهنة على فوضى المناخ".. تقرير يفضح تورط المصارف العالمية الكبرى في تمويل شركات الوقود الأحفوري    الاشتراكيون يفوزون في انتخابات إقليم كتالونيا الإسباني    فيلم الحساب يتوج بالجائزة الكبرى في برنامج Ciné Café    نقابة تُطالب بفتح تحقيق بعد مصرع عامل في مصنع لتصبير السمك بآسفي وتُندد بظروف العمل المأساوية    لماذا قرر حزب بهاراتيا جاناتا الهندي الحاكم أن لا يخوض الانتخابات في إقليم كشمير؟    ما الذي قاله مدرب نهضة بركان بعد الانتصار على الزمالك المصري؟    "إغلاق المعبر يعني أن أفقد قدمي الثانية" شهادات لبي بي سي من مرضى ومصابين في رفح    كرة اليد.. اتحاد طنجة يتأهل لربع نهائي كأس العرش    إبراهيم صلاح ينقذ "رين" من خسارة    وفاة أول مريض يخضع لزرع كلية خنزير معدل وراثيا    مركز متخصص في التغذية يحذر من تتناول البطاطس في هذه الحالات    العنف الغضبي وتأجيجه بين العوامل النفسية والشيطانية!!!    الأمثال العامية بتطوان... (596)    القضاء المغربي يصدر اول حكم لصالح مواطنة اصيبت بمضاعفات صحية بسبب لقاح كورونا    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    الأمثال العامية بتطوان... (595)    بتعليمات ملكية.. تنظيم حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية لحج موسم 1445 ه    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في انتظار أزهار حراك الريف !
نشر في الجسور يوم 22 - 05 - 2017

يعيش المغاربة وهم على مشارف استقبال شهر الصيام والغفران رمضان، لحظات عصيبة على وقع قلق مؤرق، جراء تطور احتجاجات مدينة الحسيمة ونواحيها، متوجسين خيفة من أي انفلات أمني أو انزلاق خطير، يمكن أن يعصف بمنطقة الريف، في ظل وجود بعض المتربصين وأعداء الوطن، الذين يعملون جاهدين بكل الوسائل الدنيئة على زرع بذور الفتنة وزعزعة استقرار البلاد والمس بأمنها.
وكانت الشرارة الأولى للحراك الشعبي، قد انطلقت مع المصرع التراجيدي للسماك محسن فكري رحمه الله، عند محاولة استرجاع بضاعته المصادرة من داخل شاحنة لشفط النفايات بمدينة الحسيمة، حيث خرجت جماهير غفيرة في تظاهرة عفوية، تندد بالجريمة الشنعاء وتطالب بفتح تحقيق نزيه، وتقديم المتورطين للعدالة.
وفي تقديرنا المتواضع، أنه ليس من معنى لتنامي الاحتجاجات وتواصلها لمدة تزيد عن نصف عام، وما ترتب عنها من استياء عارم وارتفاع منسوب الاحتقان، سوى أن النخب السياسية وكبار المسؤولين لم يعد بمقدورهم اجتراح حلول ناجعة، للحد من فورة الغليان واحتواء الأزمة القائمة، مكتفين بالمراهنة على تسرب السأم للمحتجين، والعودة إلى بيوتهم خائبين بعد أن ينال منهم العياء.
لكن، يبدو من خلال ما يردد من شعارات قوية، أن سكان المنطقة عازمون على مواصلة نضالاتهم واحتجاجاتهم مهما كلفهم الأمر من تضحيات جسام، حتى يرفع عنهم ما لحقهم من حيف وتهميش وعسكرة منطقتهم على مدى عقود مضت. وأنهم سيستمرون في المطالبة بحقوقهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بكل مسؤولية، وفق ما تخوله لهم المواثيق والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، ومنها الحق في التعليم والصحة والشغل والسكن… فما كان لغيظهم أن يحتد ويتواصل بهذا الزخم، لو أن القائمين على الشأن العام المحلي، قاموا بواجباتهم وتجاوبوا في حينه مع مطالبهم وهبوا لتلبية حاجياتهم، بدل التجاهل والاستخفاف والقمع المركزي والمحلي.
ومن الغرائب المعهودة لدى صناع القرار ببلادنا، أنه في الوقت الذي كان فيه المغاربة يأملون أن تبادر الجهات المعنية إلى اعتماد مقاربة اجتماعية، للحد من تداعيات الأزمة والحيلولة دون امتدادها إلى مناطق أخرى، بمباشرة حوار جاد ومسؤول مع نشطاء الحراك وتهدئة الأوضاع، والشروع في إعادة الثقة للسكان عبر توفير ظروف العيش الكريم وتحقيق عدالة اجتماعية ومجالية دون مراوغة أو مماطلة. فضلوا المقاربة الأمنية والهروب إلى الأمام، وسارع قادة وممثلو الائتلاف الحكومي بدعوة من وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، إلى عقد اجتماع طارئ يوم الأحد 14 ماي 2017، خرجوا منه بتصريحات استفزازية وضعت الملح على الجرح، متهمة الحراك الشعبي بتجاوز المطالب الاجتماعية إلى خدمة أجندات أجنبية وتلقي تمويلات خارجية، لدعم المسيرات والاحتجاجات والمس بالثوابت والمقدسات الوطنية. وحذر رئيس الحكومة سعد الدين العثماني من مغبة الانزلاق وراء النزوع الانفصالي، مؤكدا على أن المغرب لا يمكنه التسامح مع المسخرين من الخارج لإشعال الفتنة والتخريب…
وإذا كان من واجب الأحزاب السياسية القيام بدورها في تأطير المواطنين والوساطة بين الشعب والمسؤولين، فلماذا بقيت واقفة تتفرج من بعيد عما يجري حولها، غير آبهة بالعواقب الوخيمة؟ وما السر وراء دعوة أحزاب الأغلبية الحكومية للقاء بوزير الداخلية وإقصاء أحزاب المعارضة؟ غير أن رد المحتجين لم يتأخر كثيرا وجاء صارما عبر الدعوة إلى إضراب عام ومسيرة غاضبة وحاشدة. شددوا على سلميتها، وعدم خروج مطالبهم عن موضوعيتها، حيث تجمهر آلاف الغاضبين يوم الخميس 18 ماي 2017 بساحة الشهداء في الحسيمة، منددين بالمواقف المخزية للأغلبية الحكومية، رافضين بقوة اتهامهم بالعمالة، معتبرين أن الغدر والخيانة من شيم الجبناء والمفسدين، الذين يستنزفون ثروات العباد ومقدرات البلاد دون موجب حق. وأن مطالبهم لا تتعدى رغبتهم في ضمان العيش بكرامة أو الموت بشجاعة دفاعا عن حقوقهم، ماداموا يعتزون بوطنيتهم، معبرين عن استعدادهم الدائم لمواجهة الأفكار الهدامة والتصدي لكل ما من شأنه إثارة الفوضى وخلق البلبة. كما يرفضون بشدة أن تظل منطقتهم مرتعا للفساد من قبل بعض المنتخبين وأباطرة العقار وتجار المخدرات، لا مجال فيها للمصانع ولا الجامعات والمستشفيات… فمتى ستصبح مدينة الحسيمة قطبا تنمويا، كما دعا إلى ذلك الملك محمد السادس في خطاب له عام 2004؟
وهل من الحكمة أن تتواصل الاحتجاجات لأزيد من نصف سنة، وأن تتناقلها مختلف الوسائل الإعلامية الوطنية والدولية، ليكتشف صناع القرار فجأة أن مطالب المحتجين مشروعة، وتسارع الحكومة في مجلس حكومي، انعقد بتزامن مع مسيرة يوم الخميس 18 ماي 2017، للتعبير عن تفهمها لعدالة الملف المطلبي لسكان منطقة الريف؟ من حق السلطات اتخاذ ما تراه ضروريا في حفظ الأمن والاستقرار وحماية الأرواح والممتلكات العامة والخاصة، لكن ليس من حقها تخوين المواطنين بدون براهين، ونشر الرعب بينهم بتسخير "البلطجية" والإخلال بالتزامتها تجاه الساكنة. ألم يكن من الأجدر، التعجيل بإتمام المشاريع العالقة وإنجاز تلك المدرجة في مخطط "الحسيمة منارة المتوسط"، وإطلاق أوراش أخرى للنهوض بالمنطقة وأبنائها، تفاديا للاحتقان الداخلي والاستغلال الخارجي؟
وإذ نحيي نساء ورجال إقليم الحسيمة على روحهم النضالية، ونضجهم الكبير وانضباطهم للقانون، ونثمن عاليا غيرتهم الوطنية، فإننا نعلن عن تضامننا معهم، وندعو كافة المنظمات الحقوقية والنقابية والهيئات السياسية وجمعيات المجتمع المدني ووسائل الإعلام… إلى مناصرتهم ومؤازرتهم. فليست العبرة بالوعود الكاذبة والزيارات الميدانية الصورية، بل في التسخير الفوري والأمثل للإمكانات المادية واللوجستيكية والبشرية، لتسريع وتيرة تنفيذ جميع المشاريع الحيوية الهامة داخل المنطقة وخارجها، حتى لا يتحول ربيع الريف إلى خريف مخيف…
اسماعيل الحلوتي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.