ولي العهد يترأس مأدبة غداء بنادي الضباط    هيئة تطلب طي ملف الأساتذة الموقوفين    الخط الأخضر للتبليغ عن الفساد يسقط 299 شخصا    "أكديطال" تفتتح مستشفى ابن النفيس    الاتحاد الأوروبي يرحب بميثاق الهجرة    ارتفاع حصيلة قتلى العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 35173 منذ بدء الحرب    بركان تحاكم مقتحم "مباراة الزمالك"    الجامعة تعين مساعدا جديدا لطارق السكتيوي    بسبب إياب نهائي الكونفدرالية.. تأجيل مواجهة نهضة بركان والرجاء إلى يوم 23 ماي القادم    إدارة السجن المحلي بتطوان تنفي تعرض سجين لأي اعتداء من طرف الموظفين أو السجناء    وزارة الداخلية وجماعة طنجة يعملان على توسعة شبكة نظام المراقبة بالكاميرات بالفضاء العام    مركز السينما العربية يصدر العدد 22 من مجلة السينما العربية        بدء أعمال مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية تمهيدا للقمة العربية بالبحرين    عجز الميزانية في المغرب يفوق 1,18 مليار درهم    اجتماع عمل لوضع خارطة سياحية لمسارات المدينة العتيقة لتطوان    طبعة ثانية من « أوراق من دفاتر حقوقي «مهنة الحرية « للنقيب محمد الصديقي    يعود تاريخها إلى 400 مليون سنة.. المغرب يتسلّم 117 قطعة نادرة من الشيلي    "أطلنطا سند" تطلق التأمين المتعدد المخاطر منتوج "برو + المكتب"    ميارة يرأس أشغال الجمعية العامة ال18 لبرلمان البحر الأبيض المتوسط    الباحث البحريني نوح خليفة: جهود المغرب تأتي موازية لتطلعات العالم الإنساني وعالم الطبيعة    قُصاصة حول إصدار    بعد القضاء.. نواب يحاصرون وزير الصحة بعد ضجة لقاح "أسترازينيكا"    ظهور "منخفض جوي" يتسبب في تراجع درجات الحرارة بشمال المغرب    هاشم تقدم مؤلف "مدن وقرى المغرب"    السعودية والكويت بأدنى خصوبة شرق أوسطية في 2050    بيع لوحة رسمها الفنان فرنسيس بايكن مقابل 27.7 مليون دولار    دعوات متزايدة عبر الإنترنت لمقاطعة مشاهير يلتزمون الصمت حيال الحرب على غزة    هل تكون إسبانيا القاطرة الجديدة للاقتصاد الأوروبي ؟    المغرب يفكك خلية إرهابية موالية ل"داعش" ينشط أعضاؤها بتزنيت وسيدي سليمان    تفاصيل مثول لطيفة رأفت أمام قاضي التحقيق بالدار البيضاء    توظيف مالي لمبلغ 3,8 مليار درهم من فائض الخزينة    10 لاعبين يحرجون ريال مدريد قبل انطلاق الميركاتو    الجمعية الرياضية السلاوية للدراجات تتوج بسباقي القصر الكبير وأصيلا    اختتام البطولة الوطنية المدرسية لكرة اليد كرة الطائرة والسلة 5*5 والجولف والرماية بالنبال    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    الصين تدعو لعلاقات سليمة ومستقرة مع كوريا    هذا الثلاثاء في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية: جلسة فكرية مع الناقدة والباحثة الأدبية الدكتورة حورية الخمليشي    السعودية: لاحج بلا تصريح وستطبق الأنظمة بحزم في حق المخالفين    أسعار النفط تواصل الارتفاع وسط توقعات شح الإمدادات    دراسة: البكتيريا الموجودة في الهواء البحري تقوي المناعة وتعزز القدرة على مقاومة الأمراض    جامعة شعيب الدكالي تنظم الدورة 13 للقاءات المغربية حول كيمياء الحالة الصلبة    الدورة الثالثة للمشاورات السياسية المغربية البرازيلية: تطابق تام في وجهات النظر بين البلدين    بطولة فرنسا: مبابي يتوج بجائزة أفضل لاعب للمرة الخامسة على التوالي    تبون يلتقي قادة الأحزاب السياسية.. هل هي خطوة لضمان دعمها في الاستحقاقات الرئاسية؟    اعتقالات و"اقتحام" وإضراب عام تعيشه تونس قبيل الاستحقاق الانتخابي    إسطنبول.. اعتقال أمين متحف أمريكي بتهمة تهريب عينات مهمة من العقارب والعناكب    العثور على باندا عملاقة نادرة في شمال غرب الصين    قناة أرضية تعلن نقلها مباراة الإياب بين بركان والزمالك    إسبانيا ترد على التهديد الجزائري بتحذير آخر    بنموسى يعلن قرب إطلاق منصة رقمية لتعلم الأمازيغية عن بعد    لماذا يجب تجنب شرب الماء من زجاجة بلاستيكية خصوصا في الصيف؟    الأمثال العامية بتطوان... (597)    نقابة تُطالب بفتح تحقيق بعد مصرع عامل في مصنع لتصبير السمك بآسفي وتُندد بظروف العمل المأساوية    وفاة أول مريض يخضع لزرع كلية خنزير معدل وراثيا    العنف الغضبي وتأجيجه بين العوامل النفسية والشيطانية!!!    الأمثال العامية بتطوان... (596)    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشريك يستمد اجرامة من الفاعل الأصلي
نشر في الجسور يوم 19 - 06 - 2015

إن الجرائم تتعدد بقدر عدد من أسهموا فيها ، فكل جان من الجناة يعتبر مرتكبا لجريمة مستقلة تماما عن جريمة غيره ، والحجة هنا إن كلا من الجناة المتعددين يباشر سلوكا ماديا خاصا به ، كما إن لكل منهم إرادته وقصده الشخصي ومن ثم يتوافر في حق كل منهم الركن المادي والركن المعنوي لقيام الجريمة قانونا مستقلا عن غيره في ذلك . يكون فاعلا للجريمة من يأتي (وحده) السلوك المكون لركنها المادي ، وذلك سواء في صورته التامة أم في صورته الناقصة (الشروع) ، إما الحالة الثانية وهي حالة من يرتكب الجريمة (مع غيره) ، وهي تتحقق بأكثر من شخص يمارس السلوك المكون للركن المادي في الجريمة بأكمله علي قدم المساواة مع غيره من المساهمين وينطبق علي سلوك كل منهم علي حده النموذج التشريعي للجريمة التامة ، فجميع من ساهموا في الجريمة علي هذا النحو يكونوا فاعلين فيها . قد تقع الجريمة بفعل فاعل واحد لا يشاركه فيه أحد، كما أن يساهم عدد من الأشخاص في ارتكاب هذه الجريمة. وهؤلاء المساهمون قد يشاركون كلهم قصدا في إتيان الأفعال المادية المكونة للجريمة , وعندئذ يسأل الواحد منهم كما لو كان قد ارتكب الجريمة بمفرده، إذ أن كلا منهم يعد فاعلا أصليا في الجريمة طالما توافر لديهم جميعا قصد الاشتراك فيها بهدف إبرازها إلى حيز الوجود،وقد يقوم أشخاص – عن قصد – بإتيان أفعال لا تعتبر في حد ذاتها من الأفعال المكونة للركن المادي للجريمة، ولكنها على جانب من الخطورة والأهمية بحيث لولاها، لما أمكن للفاعل الأصلي أن يرتكب جريمته، كما لو تدخل شخص وقدم للفاعل الأصلي سلاحا أو أدوات أو إرشادات مما يساعد على ارتكاب الجريمة، ومن المتصور أيضا أن يتخذ التعاون الإجرامي شكلا آخر وهو التحريض على ارتكاب الجريمة كما هو الحال حين يحرض شخص شخصا آخر على ارتكاب جناية أو جنحة .
وعلى ذلك، فإن المساهمة الجنائية يمكن أن تقع في صور متعددة، حين توزع الأدوار بين الشركاء، فيقوم كل منهم بالدور المادي الموكل إليه، ويكون لكل منهم إرادته الإجرامية التي تتجه نحو الاعتداء على الحق الذي يحميه القانون، إي نحو تحقيق الجريمة وإبرازها إلى حيز الوجود . الفاعل في هذه الحالة هو من يقترف الركن المادي للجريمة فيصدر منه السلوك الاجرامى الذي يؤدى إلى النتيجة الإجرامية، فالقاتل هو من طعن المجني عليه فارداه قتيلا. لا بد من توافر القصد الجنائي لدى الشريك، بان يكون عالما بان من شان سلوكه (التحريض أو الاتفاق أو المساعدة) إن يؤدى إلى النتيجة الإجرامية. وان يكون هذا السلوك إراديا فمن أهمل في المحافظة على سلاحه فاستخدمه أخر في جريمة قتل لا يعد شريكا. إن التحريض هو بث فكرة الجريمة في ذهن الغير وخلق التصميم الإجرامي لدية، وتفترض هذه الرابطة علم طرفيها بالصفة الإجرامية للفعل وبالغاية المستهدفة به، ولا يستطيع أن يتصور أن تنشا هذه الفكرة، وأن يخلق التصميم الإجرامي إلا إذا وجه التحريض على شخص يستطيع أن يدرك دلالته الإجرامية وأن يقدر خطورة الأفعال التي يطلب منه الإقدام عليها. والمحرض هو من يزرع الفكرة الإجرامية في عقل شخص مدرك مختار بعده طرق: منها الإقناع على ارتكاب الجريمة، أو التهديد، أو الوعيد وهذا يستوجب توافر الوعي والإدراك والعلم بما سيرتكب من فعل وما سينتج عنه. ومن ثم تقتضي الملاحظة غلى أن الفاعل المعنوي للجريمة الجنائية الذي ينفذ جرمه بواسطة الغير هو صاحب المشروع الإجرامي، وليس المنفذ المادي للجريمة بينما في التحريض صاحب المشروع الإجرامي هو الفاعل الأصلي المدرك لما يفعله وبإرادته الحرة.
وكذلك تعد المصلحة في التحريض هي للشخص المحرض الفاعل المباشر للجريمة، أما الذي يقوم بالتحريض فلا يوجد لدية مصلحة وإن وجدت لا تعد أن تكون مصلحة ثانوية غير رئيسية أما الفاعل المعنوي فتعد مصلحته رئيسية وهو صاحب المشروع الإجرامي وكذلك المساعدة تفترض وجود رابطة ذهنية تجمع بين من ينفذ الجريمة وبين من يقدم له العون ، وتفترض هذه الرابطة أيضاً علم طرفيها بالصفة الإجرامية للفعل والغاية المستهدفة ، الأمر الذي يختلف تماماً في الفعل المعنوي الذي لا يوجد العلم لدى المنفذ المادي للصفة الإجرامية للفعل المرتكب.
وكذا الشريك يختلف على الفاعل المعنوي للجريمة الجنائية أنه يقف وراء عملية التنفيذ ولا يجعل له على هذه العملية سيادة وسيطرة ، فإن موقف الفاعل المعنوي يختلف كونه صاحب المشروع والسيادة والسيطرة على الجريمة الجنائية لدرجة أن الإنسان الذي ينفذها مادياً يكون محض آلة مسخرة بين يديه فمعنى ذلك أنها بينما تكون السيادة على عملية التنفيذ تكون في الفرض العادي ثانية للفاعل المباشر إذا ما قورن بالشريك فإنها في الفرض الخاص في الفاعل المعنوي تسير على العكس بالنسبة للشريك إذا ما قورن بالفاعل وقد يحدث تحول من الفاعل المعنوي إلى الفاعل المباشر في نفس الجريمة ومثال ذلك قيام الطالب بوضع السم على الشراب وقدمه للأستاذ يكون بذلك فاعلاً معنوياً لكن إذا رفض الأستاذ شرب هذا الشراب وقام الطالب وأجبره على الشرب يكون بذلك فاعلاً مباشر وبذلك اتضح لنا الفعل معنوياً والفعل مباشرة.
فإذا نفينا عن نشاط الفاعل المعنوي أنه تحريض أو مساعدة أو اشتراك، واعترافنا في الوقت نفسه أنه مساهمة في الجريمة، فلا مقر أن تعتبره مساهماً أصلياً فيها.
وقد يتعدد الفاعلين المعنويين حيث يشتركوا في عمل إجرامي ويكونون مساهمين أصليين في وقوع الجريمة الجنائية ونمثل لذلك قيام عدة أشخاص بدفع طفل ومجنون على ارتكاب جريمة القتل فيكونون فاعلين معنوياً لهذه الجريمة الجنائية، أو قيام عدد من الأشخاص بتوجيه شخص حسن النية أو وضع شخص موضع يفقده صوابه مما يضطر لارتكاب جريمة أو وضع السبب المهلك من قبل هؤلاء المساهمين فيعدون فاعلين أصليين في ارتكاب الجريمة. ونكون بذلك قد أوضحنا بأن موقع الفاعل المعنوي في نظرية المساهمة الجنائية مساهماً أصلياً في ارتكاب الجريمة الجنائية بحيث نجد أن النتيجة الإجرامية مرتبطة ارتباط وثيق بعمله حيث نقول لولا فعل هذا الفاعل لما وجدت جريمة أو تحققت النتيجة الإجرامية.
وعلى رأي في الفقه إن الاشتراك في الاشتراك لإعقاب عليه باعتبار إن نص القانون جاء بصيغة من حرض, من اتفق, من أعطى الفاعل, وهذه عبارات تفيد صراحة إن نشاط المحرض والمتفق كان مع فاعل الجريمة نفسه وان المساعدة كانت له. وعلى رأي أخر في الفقه وهو الغالبية إن القانون لايستلزم إن تكون العلاقة مباشرة بين الشريك وبين الفاعل الأصلي إذ العبرة بقيام علاقة السببية بين فعل الشريك وفعل الفاعل , فإذا كان فعل الشريك غير المباشر أدى إلى ارتكاب الجريمة فانه يعد شريكا فيها وهو في هذه الحالة يستمد صفته بحسب " الأصل من فعل الاشتراك الذي ارتكبه ومن مقصده منه ومن الجريمة التي وقعت بناء على اشتراكه فهو على الأصح شريك في الجريمة لأشريك مع فاعلها وحيث يقع فعل الاشتراك في الجريمة على النحو الذي يبينه القانون فلا يصح القول بعدم العقاب عليه بمقولة انه لم يقع مع الفاعل بل وقع مع شريك له " .




*الدكتور عادل عامر
*
*دكتوراه في القانون وخبير في القانون العام
*
*ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية
وعضو بالمعهد العربي الاوربي للدراسات السياسية والاستراتيجية بجامعة الدول
العربية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.