بنبرة حائرة ومتوترة تقر نساء دوار المعلم عبد الله، التابع لمقاطعة بوسيجور، حي السلام، في الدارالبيضاء، أن منعهن من الحصول على شهادة السكنى لإعداد الوثائق الإدارية، خاصة البطاقة الوطنية، ليس أمرا مقبولا، مادمن اقتنين دورهن بمبالغ، تتراوح ما بين 30 ألف درهم و50 ألف درهم ل"البراكة" الواحدةسكان دوار المعلم عبد الله أثناء رصد مشاكلهم وذلك على مرأى من المسؤولين، منذ ما يقارب 11 سنة، ليتلقين اليوم، الصد من قبل المصالح الإدارية، كلما طالبن بشهادة السكنى. تتحدث النساء بعبارات مؤكدة، أن أوضاعهن الحرجة وسط "براريك"، أكبرها لا تتجاوز 30 مترا، تزداد سوءا مع توالي السنوات، واستمرار منعهن من شهادة السكنى، في وقت هن مطالبات بإنجاز أو تجديد البطاقة الوطنية، وكذا تسجيل أبنائهن في المدارس، إلى جانب إعداد كنانيش الحالة المدنية للأطفال الجدد، ما عبرن عنه بالقول: "كان نولدو في الدوار ونسجلو ولادنا في جهة أخرى، وشوف على حالة". في فضاء مليء بالخردة والنفايات، توجد "براريك" دوار المعلم عبد الله، حيث تستقر أسر أثقلتها مستحقات الكراء، لتلجأ إلى هذا الدوار بعد أن كان أرضا خلاء، قسمت إلى أجزاء صغيرة، وبيعت بأثمنة متفاوتة حسب مساحة "البراكة" وموقعها في الدوار، هكذا تفيد النساء بلهجة جادة، توحي على أن عملية البيع والشراء كانت علنا، فاعتقدن بذلك أن دفعهن للمال، والسماح لهن بالاستقرار في الدوار، كاف حتى يتمتعن بحقهن في الوثائق الإدارية، بينما الواقع أثبت لهن عكس ذلك. تهافت على المراحيض يفتقر الدوار إلى قنوات الصرف الصحي، ما عدا بعض الترقيعات، التي أنجزها السكان طواعية، قصد خلق مجاري تخفف عنهم حدة المياه المتعفنة، التي تمتلئ بها "البراريك" كلما تساقطت الأمطار. ولأن هناك من "البراريك" ما لا يتعدى ثلاثة أمتار مربعة، فالمتضررون من اقتحام المياه الملوثة، يضطرون إلى تكديس حاجياتهم (أغراض بسيطة ومتقادمة)، درءا لتلفها، مقابل تجندهم لتفريغ "البراريك" والأزقة الضيقة من المياه، بشكل يعكس أن الأطفال والنساء والرجال معنيون بتخليص الدوار من الغرق في مياه عادمة. بينما يتحايل السكان على الظروف المزرية، التي يعيشونها في كنف دوار يخلو من شروط العيش الكريم، يجد هؤلاء أنفسهم أمام محك غياب مراحيض خاصة بكل "براكة" على حدة، ما يدفعهم إلى انتظار أدوارهم في استعمال مرحاضين (واحد للنساء والآخر للرجال)، تابعين لسوق شعبي يجاور الدوار، الأمر الذي يثير سخط النساء، اللواتي قلن إن "موقفهن وهن يتزاحمن أمام المرحاض غير إنساني، ومحرج إلى حد أن التهافت على المرحاض أصبح أمرا بديهيا لدى سكان دوار المعلم عبد الله. أما النفايات والفضلات فتنتشر على مساحة مهمة بمحاذاة "البراريك"، إذ أكد السكان أنهم لا يملكون بدا غير تحمل نتانة روائحها ومنظرها المقزز، بعدما ضاقوا درعا بالمطالبة بضرورة إزالتها، قبل أن تتكدس على شكل أكوام مثيرة للاشمئزاز. واقع مهترئ لم يكن أمام الأسر خيار غير صرف ما ادخرته لسنوات، في اقتناء بعض الأمتار القليلة من دوار المعلم عبد الله، وإصلاح ما يمكن إصلاحه في "البراريك" المهترئة، تطلعا إلى الاستقرار الاجتماعي والنفسي، لكن مشاكل المكوث في مساكن عشوائية لا تستند إلى معايير بناء سليم وصلب، يجر على سكانها ويلات متعددة، أهمها مشكل "القطرة"، إذ تشتكي النساء من تلك الثغرات والشقوق، التي تعتري أسقف "البراريك"، ليصعب عليهن الحيلولة دون تسرب المياه إلى أغراضهن "البسيطة"، مستعملات أواني منزلية لجمع ما استطعن من المياه، فحسب قول بعضهن إن "الحياة في "البراريك، ليست بحياة وإنما مجاراة للحياة". الميلودة فكاك، أم لطفلين، تؤكد بإلحاح أن "مشاكلها الاجتماعية إلى جانب جيرانها، متضخمة باستمرار، والقائمون على الشأن المحلي يعمقون هذه المأساة حينما يمنعون السكان من الحصول على شهادة السكنى، بدعوى وجودهم في الدوار غير قانوني"، ويكفي النسوة أن يسمعن في كل مرة أن لا أحقية لهن في شهادة السكنى، حتى يحتجن على أنه لو كان الأمر كذلك، فلم "سمح بعض المسؤولين للأسر بشراء "البراريك"، في وقت كان تجزيء القطعة الأرضية للدوار تجري بمباركة من بعضهم". نريد شهادة السكنى حياة أبا تراب، أم لبنتين، تفيد أن "زوجها معاق، وهي المسؤولة اليوم عن توفير لقمة العيش اليومي، وحرمانها من شهادة السكنى، يعد إقصاء حقيقيا لها من المجتمع، وبالتالي فهي تستنكر هذا الواقع، بعدما حرمتها الحياة من العيش في الرفاهية والهناء"، الرأي نفسه تؤكده فاطنة علاقة، أم لأربعة أبناء، التي ما فتئت تتحسر على حالها وأبنائها، بعدما أزالت إحدى كليتيها واضطرت للتوقف عن العمل في حمام شعبي". فيما تذكر فاطمة كندر أم لخمسة أبناء، أن "عدم توفرها على بطاقة وطنية، يضيق عليها الخناق إلى جانب أبنائها في القيام ببعض المصالح الإدارية، خصوصا في ما يتعلق بتسجيل أبنائها في المدارس"، بينما تدلي فاطمة مزوار، أم لثلاثة أبناء، أن "زوجها يفتقر إلى عمل قار، إذ يبيع السجائر ذات الدخل الهزيل، ومن ثمة لا يمكن للمسؤولين حرمانها وجيرانها من أبسط الحقوق، وهي شهادة السكنى". ودعا سكان دوار المعلم عبد الله، إلى "تمكينهم من الحصول على شهادة السكنى، باعتبارها حقا مشروعا، في تأكيد منهم أن تشبثهم بهذا الحق لا مناص منه".